يوضح شعيب قماز، أستاذ العلوم السياسية والباحث في جامعة باتنة، أن “نظام المخزن أصبح مجرد فرع تابع لقوى خارج المنطقة، ينفذ أجنداتها على حساب استقرار المغرب العربي”.
ويضيف أن “قرار الجزائر بقطع العلاقات مع الرباط جاء لوضع حد لعناد النظام المغربي، وعرقلته المستمرة لمحاولات بناء اتحاد مغاربي متين”.
ويؤكد الباحث أن “إعادة تقييم الجزائر لعلاقاتها مع المغرب هي نتيجة لتراكم عوامل عديدة عبر السنين”، مضيفًا أن “نظام المخزن لا يكف عن عرقلة إقامة علاقات شفافة مع الجزائر”.
وفيما يتعلق بالعلاقات الدولية، يوضح الباحث أن “الأمن والسيادة يمثلان الأولوية المطلقة للدول، وعليه، قررت الجزائر إغلاق الباب أمام أي رياح مغربية مسمومة”.
الصحراء الغربية: حق مشروع أم ادعاء احتيالي؟
فيما يخص قضية الصحراء الغربية، يوضح الباحث أن “كل طرف تمسك بموقفه الثابت حيالها منذ عقود”، مشيرًا إلى أن “الجزائر ترى القضية كحق غير قابل للتصرف في الاستقلال وتقرير المصير، بينما يتعامل نظام المخزن مع المسألة على أنها مطالبة احتيالية بالسيادة على أراضٍ محتلة بالقوة، مع شيطنة جبهة البوليساريو واعتبارها منظمة إرهابية”.
ويؤكد الدكتور قماز أن “هذا العداء المغربي هو ما يصطدم بأي محاولة لإنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من أربعة عقود، ويعرقل جميع الجهود السياسية المطروحة لحله”.
“إسرائيل” وإشعال الفوضى في شمال إفريقيا
ويشير مراقبون إلى أن منطقة شمال إفريقيا والساحل تواجه اضطرابات أمنية متزايدة، تتصل مباشرة باستراتيجية “إسرائيل” التوسعية في المنطقة، عبر التطبيع مع المغرب وقبولها كعضو مراقب في الاتحاد الإفريقي، قبل تجميد عضويتها نتيجة الضغط الجزائري داخل المنظمة”.
ويؤكد الباحث أن “إسرائيل توجهت إلى المغرب في إطار خلق حرب بالوكالة، كجزء من استراتيجية “الفوضى الخلاقة” التي تعتمدها لضرب استقرار المنطقة”.
ويشرح أن “الكيان الصهيوني يتجنب دائمًا أي مواجهة مباشرة، مفضلًا خلق اضطرابات غير متكافئة عبر تمويل وتجنيد جماعات إرهابية غير معروفة، لضمان استمرار النزاعات”.
بيغاسوس: أداة تجسس “إسرائيلية” لضرب استقرار المنطقة
ويرى الباحث أن “قضية “بيغاسوس” في 2021، كشفت بوضوح أن “إسرائيل” مصممة على زرع الشقاق في المنطقة، مما دفع الجزائر إلى اتخاذ موقف صارم وقطع الطريق أمام المخزن، استنادًا إلى مخاوف مشروعة على أمنها القومي”.
ويضيف أن “الجزائر تبقى الدولة الوحيدة في المنطقة التي تحترم ثوابتها، فحيث يتواجد الكيان الصهيوني، تعمل الجزائر على تجفيف منابع الشر، عبر سد وإغلاق أي قنوات تواصل معه، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر”.
اتحاد المغرب العربي.. بين العرقلة المغربية والتوجه الجزائري
عند سؤاله عن العواقب المترتبة على تعطل آليات التعاون في المنطقة، يرى الدكتور قماز أن “التكلفة الحقيقية لهذا الفشل الإقليمي تعود جزئيًا إلى اختلاف طبيعة الأنظمة السياسية، وعدم ترسيخ الثقافة الديمقراطية داخل الهيئات الإقليمية”.
ويضيف أن “السبب الأهم في إضعاف آليات التعاون المغاربي هو السياسة المغربية، التي تستخدم اتحاد المغرب العربي كأداة لإضفاء الشرعية على احتلالها للصحراء الغربية، بينما تسعى الجزائر إلى تعزيز هذا الاتحاد كإطار للتعاون والانفتاح الاقتصادي والسياسي، من أجل بناء تكتل إقليمي قوي”
الطيب البكوش.. دبلوماسي منحاز ضد الجزائر
للتذكير، أبدى الطيب البكوش، وزير الخارجية التونسي السابق، منذ توليه منصب الأمين العام لاتحاد المغرب العربي عام 2016، خصومة شديدة للجزائر، بلغت ذروتها في ماي 2023، عندما هاجم الدبلوماسي الموالي للرباط الجزائر، مدعيًا أنها لم تدفع اشتراكاتها في الاتحاد المغاربي منذ 2016″.
ورفضت الجزائر هذه الادعاءات، حيث وصفت وزارة الخارجية الجزائرية حينها تصريحاته بـ “العبثية”، واتهمته بمحاولة “تضليل الرأي العام المغاربي، وتزييف الحقائق، وتحميل الجزائر مسؤولية تعثر البناء المغاربي”.