المشانق بدل الأراجيح.. “إسرائيل” تختطف أحلام الفلسطينيين!

وسط تصعيد دموي غير مسبوق، تواصل قوات الاحتلال الصهيوني عدوانها الوحشي على الضفة الغربية والقدس المحتلة، في مشهد يعكس فصلًا جديدًا من القمع والاستهداف الممنهج للشعب الفلسطيني. فبين اقتحامات متكررة، وعمليات هدم وتهجير قسري، وحصار يخنق الحياة، تتفاقم معاناة الفلسطينيين الذين باتوا بين مطرقة الاعتقال وسندان التهجير. وفي خضم هذا العنف، يبرز استهداف الاحتلال للأطفال الفلسطينيين، حيث يُزجّ بالقاصرين في المعتقلات، ويُحرمون من طفولتهم ومن أبسط حقوقهم، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية. وبينما تسيل دماء الأبرياء، وتتصاعد الاعتقالات، وتُغلق المدارس، يستمر الاحتلال في فرض واقع قاسٍ على الفلسطينيين، يرسّخ سياسة التطهير العرقي والقمع الممنهج، في ظل صمت دولي مخزٍ.

تواصل قوات الاحتلال الصهيوني عدوانها الإرهابي على الضفة الغربية والقدس المحتلة، حيث دفعت بتعزيزات عسكرية من حاجز الجَلَمة إلى مخيم جنين، وسط استمرار الحصار الخانق للمدينة والمخيم لليوم السادس والخمسين على التوالي. ووفقًا لوسائل إعلام فلسطينية، اقتحمت قوة من “جيش” الاحتلال المخيم من دوار العود، وسط إغلاق محكم لجميع المداخل بالسواتر الترابية، بالتزامن مع تنفيذ عمليات هدم وإحراق لمنازل الفلسطينيين داخل المخيم، الأمر الذي زاد من معاناة السكان وأجبر العديد منهم على النزوح القسري.

وامتدت حملات القمع إلى مختلف أنحاء الضفة الغربية، حيث شنت قوات الاحتلال عمليات دهم واعتقال واسعة، استهدفت عدة مدن وقرى ليل الأحد إلى الاثنين، وأسفرت عن اعتقال عدد كبير من الفلسطينيين، بينهم أسرى سابقون. وشملت هذه العمليات اقتحام مدينة بيت لحم ومخيم الدهيشة ومنطقة وادي السمن ومدينتي دورا ويطا جنوب الخليل، حيث تم اعتقال عدد من الفلسطينيين، من ضمنهم طفل.

وامتدت الاعتداءات إلى مدينة رام الله ومخيم الجلزون وبلدتي المزرعة الغربية وجِفْنا وقرية نِعلِين وسط الضفة الغربية، حيث قامت قوات الاحتلال باعتقال عدة فلسطينيين من تلك المناطق. وفي ظل هذا التصعيد، أجبرت القوات الصهيونية أكثر من 200 عائلة فلسطينية على النزوح من مخيم طولكرم والأحياء المجاورة له خلال اليومين الماضيين. وتواصلت الضغوط على السكان، حيث أُجبرت العائلات المتبقية في حارة “قَاقون” على مغادرة منازلها، كما تعرض مواطنون آخرون في حارة “أبو الفول” للاعتداء أثناء محاولتهم العودة إلى منازلهم لأخذ بعض المستلزمات الضرورية.

ويُذكر أن قوات الاحتلال الصهيوني أطلقت الرصاص الحي وقنابل الصوت على الفلسطينيين، بمن فيهم النساء والأطفال، الذين حاولوا دخول المخيم ليلاً، في مشهد يعكس القمع الممنهج الذي تتبعه سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين العُزَّل. كما اقتحمت دوريات راجلة تابعة لحرس الحدود الصهيوني مخيم شعفاط في القدس المحتلة، حيث شنت حملة دهم وتفتيش لمنازل الفلسطينيين، إضافة إلى اقتحام بلدة قفين شمال طولكرم وبلدة يعبد جنوب جنين، واعتقال عدد من سكانها قبل الانسحاب منها.

وتصاعدت الاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة خلال الأشهر الأخيرة، حيث كثفت قوات الاحتلال عمليات الاقتحام والاعتقالات وإطلاق النار العشوائي في مختلف المدن والبلدات الفلسطينية. وخلال الأسابيع الماضية، شنت قوات الاحتلال عدوانًا واسعًا على مخيمات جنين وطولكرم وطوباس، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء، وتهجير نحو 40 ألف فلسطيني من المخيمات، وتدمير بنيتها التحتية بشكل كبير.

أطفال قيد الأسر

وبالتوازي مع هذه الاعتداءات، يواجه الأطفال الفلسطينيون في القدس المحتلة انتهاكات جسيمة، حيث يقبع سبعة قاصرين فلسطينيين من قرية العيساوية في الأسر منذ اعتقالهم فجر التاسع من مارس الجاري، لينضموا إلى نحو 60 قاصرًا مقدسيًا يقضون شهر رمضان في المعتقلات الصهيونية. ومن بين هؤلاء الأطفال، محمد سامح دعاس (14 عامًا)، الذي اعتُقل للمرة الثانية خلال شهر واحد رغم مكوثه قيد الحبس المنزلي.

ولا تتوقف الاعتداءات عند هذا الحد، فقد اعتقلت قوات الاحتلال الطفلة المقدسية تقى خليل غزاوي (12 عامًا) أثناء عودتها من مدرستها في حي الثوري ببلدة سلوان، بذريعة وضعها ورقة على مركبة شرطة صهيونية. وخضعت الطفلة الصائمة لتحقيق قاسٍ وإهانات، كما تعرض منزل عائلتها للاقتحام والتخريب، واعتُقل والدها لساعات قبل أن يُفرج عنها بشرط الإبعاد عن منزلها ومدرستها لمدة 30 يومًا.

وتشمل الانتهاكات الصهيونية للأطفال المقدسيين فرض الحبس المنزلي عليهم، حيث يُجبرون على ملازمة منازلهم أو منازل أقاربهم لفترات قد تكون مفتوحة، ويُفرض على ذويهم ضمان تنفيذ القرار. كما تُستخدم الأساور الإلكترونية لمراقبة تحركات الأطفال، مثلما حدث مع الطفل علي زماعرة (13 عامًا)، الذي يقبع في حبس منزلي مفتوح في قرية الطور.

وتعكس الاعتداءات الصهيونية على الأطفال حجم الاستهداف الممنهج، فقد وثّقت التقارير الحقوقية استشهاد 16 طفلًا مقدسيًا خلال عام 2024، من بينهم الطفلة رقية أبوداهوك (4 أعوام). بالإضافة إلى ذلك، لا تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثامين تسعة أطفال منذ عام 2021، أصغرهم وديع عليان وخالد زعانين (14 عامًا). كما تم توثيق عمليات إطلاق نار استهدفت الأطفال، مثلما حدث مع الطفلة ميس محمود التي أصيبت في قدمها برصاص قناص صهيوني أثناء لهوها على سطح منزلها في العيساوية.

أكد مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، عايد أبو قطيش، أن الاحتلال الصهيوني صعّد بشكل غير مسبوق انتهاكاته لحقوق الأطفال الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر 2023، مما انعكس بوضوح على حياتهم وتعليمهم وحريتهم. ولم تقتصر هذه الانتهاكات على الاعتقال والقتل، بل امتدت إلى محاولات طمس الهوية الفلسطينية من خلال إغلاق المدارس، بما في ذلك ست مدارس تابعة لوكالة “الأونروا” في القدس، مما يهدد مستقبل آلاف الطلبة الفلسطينيين.

وفي إطار هذه السياسات القمعية، يواصل الاحتلال إصدار أحكام قاسية بحق القُصّر المقدسيين، مثل الحكم على الأسير محمد الزلباني (15 عامًا) بالسجن 18 عامًا، وجعفر مطور (14 عامًا) بالسجن 12 عامًا، بعد اتهامهما بتنفيذ عمليات مقاومة. كما حُكم على الطفل أدهم السلايمة بالسجن 12 شهرًا، بعد أن أمضى 14 شهرًا قيد الحبس المنزلي.

تعكس هذه الجرائم واقعًا مأساويًا يعيشه الفلسطينيون في الضفة الغربية والقدس المحتلة، حيث يتفاقم القمع اليومي بين القتل والاعتقال والتهجير القسري وهدم المنازل. ويتجلى ذلك بشكل خاص في استهداف الأطفال الفلسطينيين بانتهاكات جسيمة، في تحدٍّ صارخ لكل المواثيق الدولية التي تكفل حقوق الإنسان، وخاصة حقوق الأطفال في العيش بحرية وأمان.

التصعيد الصهيوني في لبنان

على الصعيد اللبناني، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بتعرض أطراف بلدة يارون، في القطاع الأوسط، لقصف مدفعي صهيوني. كما شنت الطائرات الحربية الصهيونية غارة على أطراف بلدة عيناثا جنوب لبنان، بينما ألقت طائرة مسيّرة قنبلة صوتية في ساحة بلدة يارون دون وقوع إصابات.

وفي سياق الاعتداءات المتواصلة، أطلقت مروحية صهيونية صاروخين على مبنى في بلدة كفركلا، كما ألقت طائرة أربع قنابل صوتية على المنطقة نفسها. كما شنت المروحيات الحربية الصهيونية ست غارات بالصواريخ، مستهدفة عددًا من الغرف الجاهزة في ساحة بلدة يارون. وأشارت مصادر ميدانية إلى أن الاعتداءات امتدت إلى بلدة كفركلا، حيث استهدف الطيران الصهيوني محلًا تجاريًا في محطة وقود حديثة التشغيل، بالإضافة إلى ثلاثة منازل جاهزة.

يذكر أنه في 27 نوفمبر الماضي، دخل اتفاق لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان حيز التنفيذ، متضمنًا انسحاب القوات الصهيونية من القرى والبلدات الحدودية خلال 60 يومًا. وبعد ذلك، وافقت الحكومة اللبنانية على تمديد المهلة حتى 18 فيفري الماضي، لتنسحب قوات الاحتلال من جميع المناطق، باستثناء خمس نقاط ما زالت تحت السيطرة الصهيونية.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
هذا موعد انطلاق الطبعة الثالثة للصالون الإفريقي للأعمال بوهران وزارة التربية تواصل سلسة جلسات دراسة وتدقيق اقتراحات المنظمات النقابية المعتمدة شنڨريحة: العلاقات الجزائرية-الرواندية نموذج للتنسيق السياسي في الدفاع عن إفريقيا اللغة الأمازيغية.. دعم متزايد لإصدارات في مختلف المجالات الثقافية عرقاب.. الجزائر تُشجع التحول نحو نموذج طاقوي مستدام ومتكامل في إفريقيا موانئ.. معالجة أزيد من 31 مليون طن من البضائع خلال الثلاثي الأول من 2025 "لا تذهب للعراق" وسم جزائري يثير الجدل.. ما القصة؟ الحماية المدنية تطلق حملة للوقاية من حرائق المحاصيل الزراعية الجزائر وأذربيجان تجددان التزامهما بتعزيز التشاور السياسي والتنسيق الدولي انطلاق فعاليات الاجتماع الثاني لمنتدى مراكز البحث التطوير والابتكار للبلدان المنتجة للنفط الجزائر تقترح تصنيف الأضرحة النوميدية ضمن التراث العالمي ابتداء من 2026 أسعار النفط تُعاود الارتفاع رغم المخاوف الاقتصادية إنتاج وفير للبطاطا في مستغانم يُبشّر بانخفاض محسوس في الأسعار هل رفضت الجزائر المشاركة في مناورات "الأسد الإفريقي"؟ التوتر يسيطر على المغرب.. هل يكون اليوم العالمي للشغل بداية الثورة ضد المخزن؟ نشرة جوية خاصة.. رياح ورعود وزوابع رملية في هذه الولايات الجزائر تواصل استقبال بواخر الأضاحي استعدادًا لعيد الأضحى وزير التجارة: "البيانات الاقتصادية أداة أساسية لضبط السياسة التجارية الوطنية" برنارد ليفي في مرمى انتقادات المجتمع المدني.. "أيدٍ ملطخة بدماء الأبرياء" من التعاون الاقتصادي إلى الأمن الإقليمي..  ما الذي حققته زيارة فيدان إلى الجزائر؟