تحوّل سلطات الاحتلال، الأعياد والمناسبات اليهودية ـ كما في كل عام ـ إلى محطّات تصعيد لإجراءاتها العسكرية القمعية عبر الحواجز المنصوبة بين البلدات والأحياء للتضييق على أبناء الشعب الفلسطيني، خاصة في مدينة القدس المحتلة وتكثيف اقتحام الجماعات اليهودية المتطرفة للمسجد الأقصى المبارك.
وفي عيد الغفران اليهودي تتعمّد سلطات الاحتلال التنغيص على حياة المقدسيين بفعل الإجراءات الأمنية المشدّدة التي تؤدي إلى تعطيل مصالحهم وتقييد تحركاتهم وشل القطاعات الحيوية الضرورية مع خنق الحركة التجارية في أسواق القدس.
وبدت المدينة المقدسة يوم الأربعاء 5 أكتوبر، مثل مدينة أشباح، شبه مغلقة وخالية من المارة تماما، فيما استغل المستوطنون المتطرفون هذا الوضع، للتجوّل في أزقة البلدة القديمة بعد خروجهم من باب السلسلة واقتحام المئات منهم لباحات المسجد الأقصى المبارك.
ونصبت قوات الاحتلال الحواجز العسكرية وأغلقت معظم الطرق المؤديّة إلى الشطر الغربي من المدينة معزّزة قواتها بوضْع المكعبات الإسمنتية على مدخل الأحياء الفلسطينية، ما اضطر الموظفون والعمال والطلاب إلى البقاء في بيوتهم دون التوجه إلى أعمالهم ومدارسهم بسبب صعوبة الحركة والإغلاقت.
وبحسب وسائل الإعلام العبرية، فإن هذه التعزيزات الشرطية تهدف إلى منع وقوع مواجهات في البلدة القديمة من القدس المحتلة وتامين الحماية للمستوطنين للاحتفال بأعيادهم.
وطالت عمليات التضييق محافظ القدس «عدنان غيث» الذي اقتحمت قوات الاحتلال صباح يوم الأربعاء، منزله في الحارة الوسطى من بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، وهذا وقد أصدرت محكمة الاحتلال قرارا في الرابع من آب/ أوت الماضي، بفرض الحبس المنزلي على المحافظ «غيث» دون تحديد فترة زمنية للقرار.
واعتقل المحافظ «غيث» 35 مرة منذ تسلمه لمهامه محافظا للقدس في آب/ أوت 2018، ويتعرض للملاحقة ومنع المشاركة في الاجتماعات أو لقاء شخصيات فلسطينية، إلى جانب منعه من السفر أو مغادرة القدس.
ويقول المحلل السياسي المقدسي الدكتور أمجد شهاب لـ«الأيام نيوز» إنه: “في ظل الأعياد اليهودية تبقى القدس على موعد آخر من سلسلة انتهاكات جديدة ومخططات وإجراءات تصعيدية، خاصة في عيد العرش المرتقب الذي يستمر أياما عديدة في ظل تحشيد تشنّه الجمعيات الاستيطانية التي تحصل على دعم سياسي ومالي وقانوني غير محدود”.
وأضاف: “الملاحظة الأهم أن المتطرفين استطاعوا ـ هذا العام ـ تجاوز كل الخطوط الحمراء من ممارسة الصلوات التلمودية ورفع الأعلام والنشيد والرقص… داخل باحات المسجد الأقصى في مشهد يضج بانتهاكات التي لم يشهدها المسجد منذ احتلاله عام 1967″، لافتا إلى أن “الإجراءات القمعية والإغلاقت الاحتلالية تزيد من معاناة المقدسيين إذ أصبحوا يدفعون الثمن بسبب هذه الأعياد المزعومة”.
وتابع يقول: “بانتظار نفخ البوق وزيادة المحاولات الرامية إلى التقسيم الزماني لباحات المسجد الأقصى تبقى القدس عرضة للمواجهات، في غياب تام للمساءلة والمحاسبة على انتهاك حرمة الأماكن الدينية وانتهاك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن”.
وفي أعقاب انتهاء اقتحامات المستوطنين المتطرفين لباحات الأقصى يوم الأربعاء، فرضت قوات الاحتلال قيودا على دخول المصلين إليه، إذ لم تسمح إلا للذين تتجاوز أعمارهم 50 عاما وما فوق بدخوله، في حين فرضت قيودا على دخول المقدسيين للبلدة القديمة.
من جانبه يقول «حجازي الرشق» رئيس لجنة تجار القدس لـ«الأيام نيوز»: “المستوطنون يفرحون بقدوم الأعياد اليهودية لكن الحزن ينتاب المقدسيين بفعل الإجراءات والقيود التي تفرض عليهم وخاصة في عيد الغفران اليهودي”.
ويشير المتحدث إلى أن القدس تصبح “مدينة محاصرة في ظل هذه الأعياد، حيث لا يُسمح لهم بالدخول إلى أو الخروج من مناطق وشوارع محددة ولا حتى تحريك مركباتهم، ما يؤدي إلى ضرب الحركة التجارية بالكامل لعدم تمكن التجار من الوصول إلى محلاتهم ومزاولة أعمالهم”.
ويرى «الرشق» أن: “المسيرات التي ينظمها المستوطنون داخل البلدة القديمة تؤدي إلى استفزاز المقدسيين وتعرضهم للاعتداءات وتوجيه الشتائم لهم، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال تشرع بإغلاق المدينة من الخارج وتصبح أبواب البلدة القديمة ثكنات عسكرية، فيما يقوم أفراد من الجيش المحتل بتسيير وحدات ودوريات راجلة عسكرية وشرطية داخل البلدة القديمة وتوقيف الشبان والتدقيق في هوياتهم وفي بعض الأحيان اعتقال عدد منهم.”
وخلص الرشق إلى القول أن: “تأزم الأوضاع في القدس خلال الأعياد اليهودية وخاصة في «عيد الغفران» اليهودي يؤدي إلى ضرب الحركة التجارية تماما”، فيما ويرى المراقبون أن قوات الاحتلال توظف عدوانها وإجراءاتها المشددة على القدس وأهلها بغية كسب أصوات المستوطنين المتطرفين مع اقتراب انتخابات الكنيست القادمة بداية الشهر القادم.