أبرز عضو في تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية (CODESA)، العربي بكاي، أنّ الحديث عن انتصارات القضية الصحراوية خارج إطارها الجغرافي وخارج محيطها الجيوسياسي، يُحيلنا مباشرة إلى التأكيد على أنّ قضية الشعب الصحراوي اليوم ليست بمنأى عن المتغيرات الإقليمية والدولية، بداية بتلك المتعلقة بتوتر الأوضاع بين الجانبين الروسي والأوكراني، مرورا بإعلان العلاقة الموجودة أصلا منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي بين الاحتلال المغربي والكيان الصهيوني الغاصب، والتنسيق المعلن في كافة المجالات العسكرية، الاستخباراتية والسياسية والاقتصادية، وذلك في إطار التطبيع تحت مقولة “الاعتراف بالكيان الصهيوني مقابل الاعتراف بالصحراء”، انتهاء بعملية “طوفان الأقصى” بتاريخ السابع من أكتوبر 2023، وما أحدثته من تداعيات حشرت الاحتلال المغربي في الزاوية، كل هذه المعطيات كان لها أثرها المباشر وغير المباشر على القضية الصحراوية ومسارها العادل.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ بكاي في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ الاحتلال المغربي يعيش اليوم أسوأ مرحلة في تاريخه، في ظل الانتصارات التي تحقّقها القضية الصحراوية على كافة الأصعدة والمستويات، بداية بالمستوى العسكري، حيث أنّ وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي تحقّق مكاسب ميدانية هامة مخلفة بذلك خسائر معتبرة في العتاد والمعدات وفي صفوف جنود الاحتلال، الأمر الذي فاقم من حدّة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المغرب بسبب التكاليف الباهظة للحرب على الصحراء الغربية، وما تخلفه من خسائر مادية وبشرية بشكل يومي يستنزف جيش الاحتلال المغربي، وخزينة الدولة المغربية التي سجّلت ديونها في السنوات الثلاثة الأخيرة أرقاما قياسية.
في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أنّ الجيش الصحراوي يبقى هو المنتصر ميدانيا بالنظر إلى حالة الارتباك التي يعيشها جيش الاحتلال المغربي، هذا الارتباك وهذا الاستنزاف الذي جعل نظام المخزن يعيش حالة من التدهور في الميزانية بسبب ارتفاع معدلات التضخم، الأمر الذي أحدث موجة من السخط في المملكة احتجاجا على موجة غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات، إلى جانب تدهور القدرة الشرائية للطبقة العاملة، في ظل استمرار الغلاء وارتفاع لجوء الدولة إلى المديونية، ويبقى كل هذا نتاجا لحالة الحرب التي يخوضها الاحتلال المغربي ضد مغاور الجيش الصحراوي الذي يواصل كفاحه ونضاله إلى غاية استرجاع سيادة أراضيه.
على صعيد متصل، وفي حديثه عن المكاسب الديبلوماسية التي حققتها القضية الصحراوية، أبرز عضو تجمع (CODESA)، أنّه وعلى الرغم من كل المحاولات البائسة واليائسة التي يقودها الاحتلال المغربي ضد القضية الصحراوية من خلال سياسة شراء الذمم وغيرها من الأساليب الخبيثة التي يتقنها نظام المخزن ويتفنّن فيها، إلاّ أنّ القضية الصّحراوية قطعت أشواطا هامة في التأثير على المواقف الدولية والإقليمية، خاصة على مستوى القارة الإفريقية، فبعد فترة من غيابها عن التأثير على الموقف الأممي بالقضية الصحراوية الآن أصبح ذلك متاحا، وباتت إفريقيا في موقع يمكّنها من دعم القضية في الأمم المتحدة.
أمّا على المستوى الإعلامي، فنجد أنّ القضية الصحراوية ما فتئت تحقّق جملة من المكاسب الإعلامية الكبيرة على الصعيدين الإقليمي وحتى الدولي، انطلاقا من كونها قضية عادلة منطلقاتها واقعية مقارنة بالإعلام المغربي الذي يستند إلى معطيات مزيّفة ووهمية واستعمارية إمبريالية، وبالتالي فلا مجال للمقارنة بين الإعلام الصحراوي وإعلام الاحتلال المغربي، فالإعلام الصحراوي المقاوم هزم إعلام النظام المخزني القائم على الكذب وتزييف الوقائع والحقائق، يؤكد محدث “الأيام نيوز”.
مؤشرات الانهزام والسقوط تلوح في الأفق
في سياق ذي صلة، وفي حديثه عن ما إذا كانت لحظة الانتصار النهائي للقضية الصحراوية قد حانت، أفاد الأستاذ بكاي بأنّ هناك جملة من المؤشرات التي تلوح في الأفق عن بداية تدهور قوات الاحتلال المغربية وبداية انهزام وانكسار هذه القوة الإمبريالية المحتلة التوسّعية، حتى أنّها بدت جلية وبدأت تتضح في شكل ارتفاع قياسي في معدلات التضخم، وارتفاع في حجم المديونية لتصبح المغرب واحدا من أكثر البلدان الإفريقية مديونية خلال السنوات القليلة الأخيرة، وهذا نتيجة لغطرسة الاحتلال المغربي خاصة بعد إمعانه في التطبيع وتجاوزه لكل الخطوط الحمراء في علاقاته مع الكيان الصهيوني المحتل، من خلال إبرام اتفاقيات عسكرية والدخول في تحالفات خطيرة، تهدّد مستقبل المملكة والمنطقة برمتها، فلجوء المغرب إلى الاحتلال الصهيوني هو دليل واضح على إفلاسه وضعفه العسكري، السياسي والاقتصادي، كما أنه وبإقدامه على هذه الخطوة أثبت أنّ هدفه ليس الصحراء الغربية وفقط، وإنما له أهداف ومساع مغرّضة يحاول من خلالها استهداف الوحدة الإفريقية، ولم يجد من يسايره في خططه الخبيثة غير الاحتلال الصهيوني الذي يجاريه في المكر والخداع.
فاتفاقية التطبيع بين نظام المخزن و”إسرائيل” لا تعدو أن تكون إخراجا للعلن لخيار إستراتيجي للنظام المخزني والطبقات المسيطرة والأحزاب المخزنية التي يستند إليها، نظرا إلى تاريخه المخزي في التعاون الخياني مع الكيان الغاصب.
في سياق ذي صلة، قال عضو تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية (CODESA): “إنّ انتفاضة الشارع المغربي في ظل الوضع الكارثي الذي يعيشه الشعب المغربي من غلاء في أسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك، إضافة إلى السياسات الضريبية غير العادلة، كل ذلك زاد من معاناة المغاربة وأثقل كاهلهم، زِد على ذلك حالة التذمّر التي يعيشها أفراد جيش الاحتلال المغربي، نتيجة حالة الاستنفار الدائمة على جدار الذل والعار، كل هذه العوامل مجتمعة تبيّن وبدون أدنى مجال للشك بأنّ هذه القوة آيلة للسقوط وآيلة للانهيار لا محال”.
إلى جانب ذلك، اشار المتحدث إلى فشل الكيان الصهيوني في تحقيق أيّ هدف يُذكر من أهدافه المعلنة في حربه الشعواء التي يشنها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزّة، وما حقّقته معركة “طوفان الأقصى” وانعكاس ذلك على قوات الاحتلال المغربي التي كانت تتبجح بتطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي السافر، حيث كانت تعيش حالة من الغطرسة بسبب دعم هذا الكيان لها ودول العالم الإمبريالي، على غرار فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، هذه الدولة التوسعية بالإضافة إلى دعم دول الخليج العربي لها أيضاً، إلا أنّه وبفضل مواقف الجزائر الثابتة في دعم وإسناد الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ومواقف قوية لدول حرّة أخرى على غرار جنوب إفريقيا، كل ذلك مكّن القضية الصحراوية من أن تخطو خطى ثابتة نحو الاستقلال والانعتاق من براثين الاحتلال المغربي الغاشم.
هذا، وفي ختام حديثه، لـ “الأيام نيوز”، وجه المعتقل السابق في سجون الاحتلال المغربي، العربي بكاي رسالةً إلى المجتمع الدولي، قائلا: “نحن كشباب وجيل يعيش تحت وطأة الاحتلال، نناشد أصحاب الضمائر الحيّة الوقوف إلى جانب الحق، إلى جانب قضيتنا العادلة، وإلى جانب هذا الشعب المسالم الذي لا يريد سوى حقه في تقرير مصيره وحقه في العيش بكرامة فوق أرضه أرض الصحراء الغربية”، داعياً في السياق ذاته المجتمع الدولي إلى أن لا يغض الطرف عن تجاوزات قوات الاحتلال المغربي في الأراضي الصحراوية المحتلة، وعن معاناة الأسرى الصحراويين وراء قضبان سجون الاحتلال المغربي هذا الاحتلال الذي يحاول في كل مرة التغطية على إخفاقاته من خلال ممارساته الإجرامية بحق الشعب الصحراوي الأعزل.