المغرب جعل منه هدفا سياسيا وليس طاقويا.. لهذه الأسباب يستحيل تجسيد أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا

تحاول المملكة المغربية اللحاق بمشروع الغاز الجزائري النيجيري، ولو على المستوى الإعلامي التسويقي، بعدما تبين لها أن مشروع الغاز المغربي النيجيري، لا يزال مجرد فكرة معقدة تبحث عن الضوء في سيناريو يبدو أبعد ما يكون عن التجسيد للعديد من الاعتبارات.

آخر تصريح لمسؤول مغربي بخصوص هذا الملف، جاء على لسان آمنة بنخضرة‎ المديرة العامة للمكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن، التي تحدثت عن “الطابع الاستراتيجي” للمشروع وفوائده التنموية في دول غرب القارة السمراء، بينما لم تقدم جديدا باستثناء تأكيدها على أن الدراسة متواصلة، وبالمقابل مغازلة أوروبا على أمل تقديمها الدعم المالي لإنجاز هذا المشروع.

ومنذ الاتفاق الثلاثي الموقع في العاصمة النيجيرية، أبوجا، بين كل من الجزائر ونيجيريا والنيجر، في 21 جوان الجاري، والذي وضع خطوات ملموسة على طريق التجسيد، يحاول المسؤولون في المملكة المغربية إعطاء الانطباع بأن مشروعهم المنافس يتقدم، رغم العراقيل السياسية والطبيعية والمالية الكبيرة التي تعترض طريقه.

تحاول الرباط استغلال الظرف الراهن، المشحون بمخاوف أوروبا من أزمة التزود بالغاز في ظل توجهها نحو التخلي عن الغاز الروسي، كما تسعى إلى الاستفادة من أجواء تعاظم المخاوف في إسبانيا من احتمال إقدام الجزائر على وقف تموينها بالغاز بسبب الخلافات الحاصلة بين الطرفين، جراء الانقلاب في موقف مدريد من القضية الصحراوية، من أجل كسب نقاط لصالحها في هذا الملف ولو من باب التشويش على الجزائر ، إلا أن واقع العراقيل التي تفرض نفسها أمام إمكانية تجسيد الأنبوب المغربي النيجيري، جرّد نظام المخزن من أي أوراق لتسويق نفسه بديلًا عن المشروع الجزائري النيجيري الواعد.

وبغض النظر عن الخطوات الجدية التي قطعها مشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري مقارنة بالمشروع الهلامي المنافس (المغربي النيجري)، فإن الواقعية تضع تصريحات المسؤولين المغربيين، في خانة المبالغة المدفوعة بالاعتبارات المتعلقة بالصراع الدائر بين البلدين الجارين.

فالأنبوب المغربي النيجيري يمتد على طول خمسة آلاف و660 كلم وتكلفته نحو ثلاثين مليار دولار ومدة إنجاز لا تقل عن عشر سنوات، في حين أن طول أنبوب الغاز الجزائري  النيجيري أقل من الأول بأزيد من 1500 كلم، وتكلفة إنجاز تقدر بنحو 13 مليار دولار فقط، ومدة إنجاز لا تتعدى الخمس سنوات.

يضاف إلى كل هذا، وجود بنيات تحتية طاقوية جاهزة في كل من الجزائر ونيجيريا، باستثناء الدولة الثالثة النيجر وهذا يربح الطرفين الكثير من الوقت والجهد والمال، فضلا عن الخبرات الطويلة التي تتوفر عليها الجزائر ونيجيريا في الصناعة الطاقوية، وهو ما تفتقد إليه الـ 14 دولة التي يمر عبرها (أو بالقرب منها) أنبوب الغاز المغربي النيجري.

العقبة الأخرى التي يصعب تجاوزها بالنسبة للأنبوب المغربي النيجري، هي أن من بين الشروط التي وضعتها نيجيريا أمام المملكة المغربية والدول المعنية بهذا المشروع، عدم تقديم أي قطرة من الغاز أو مقابل مادي، مقابل عبور الأنبوب عبر أراضي الدول الإفريقية الـ 14، عكس ما كانت تحصل عليه المغرب من الجزائر مقابل مرور الأنبوب المغاربي الأوروبي على ترابها (غاز + مبلغ من المال بالدولار)، ولهذا السبب تشترط نيجيريا مرور الأنبوب في المياه المقابلة لسواحل غرب إفريقيا، وعلى الدول الراغبة في الاستفادة من الغاز الربط على مستوى المياه الدولية، والهدف من هذه الخطوة عدم استعداد “أبوجا” للدخول في أية تفاهمات من هذا القبيل.  

كل هذه المعطيات تجعل من مشروع أنبوب المغرب نيجيريا مجرد مشروع غير قابل للتجسيد على الأقل في الأجل المنظور، في ظل الشروط التي وضعتها نيجيريا، فيما يبقى المشروع الجزائري النيجيري الذي قطع أشواطا، أكثر واقعة وجدية وأفضل من حيث الجدوى، لأن تقديم مستحقات المرور عبر دولة واحدة هي النيجر يمكن حلّه، عكس استفادة 14 دولة، إذ لو اقتطعت كل دولة الكمية التي تريد، لما تبقى لأوروبا قطرة واحدة، في الوقت الذي يستهدف المشروع تموين القارة الأوروبية وليس القارة الإفريقية.

غسان ابراهيم

غسان ابراهيم

محرر في موقع الأيام نيوز

اقرأ أيضا