أثار اغتيال رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي نقاشاً في السوق حول احتمال فقدان الدعم للسياسة النقدية المتساهلة جداً من قبل بنك اليابان المركزي بعد الاندفاع الأولي إلى الأصول الآمنة يوم الجمعة، وفق ما ذكر موقع “الشرق بلومبرغ”.
وارتفع الين جنباً إلى جنب مع سندات الخزانة الأمريكية، حيث ارتفعت العملة بنسبة 0.5% مقابل الدولار بعد توارد التفاصيل حول الهجوم الصادم على آبي خلال مناسبة سياسية في غرب مدينة نارا خلال الحملة الانتخابية يوم الأحد.
ويُعرف آبي بأنه الداعم الرئيسي لسياسة حاكم بنك اليابان هاروهيكو كورودا المتمثلة في الحفاظ على أسعار الفائدة المتدنية لدعم النمو الاقتصادي، وقد وصف البنك المركزي مؤخراً بأنه شركة تابعة للحكومة.
واقترح بعض الخبراء الاستراتيجيين أن الين قد يمدد مكاسبه -وقد تنخفض الأسهم- إذا دفع الهجوم البنك المركزي إلى إعادة التفكير في سياسته النقدية، بينما جادل الاقتصاديون إلى حد كبير بأن أي تأثير سيكون مؤقتاً.
وقلصت الأسهم في طوكيو مكاسبها السابقة عندما أعيد فتحها بعد استراحة وقت الغداء، لكنها ظلت مرتفعة.
واختار آبي كورودا لمنصب رئيس البنك المركزي في عام 2013 عندما أطلق خطته “آبينوميكس” (Abenomics) لإنعاش الاقتصاد الياباني المتعثر، من خلال التيسير النقدي غير المسبوق والإنفاق المالي المرن والإصلاحات التنظيمية. وظلت هذه السياسات سارية إلى حد كبير حتى بعد تنحيه في صيف 2020 وسط مخاوف صحية.
وساهم الموقف الشاذ لبنك اليابان مقارنة بالبنوك المركزية الأخرى التي تتسابق لرفع أسعار الفائدة في المعركة ضد التضخم، في التراجع الحاد للين إلى أدنى مستوى له في 24 عاماً مقابل الدولار.
ويرى تيتسو سيشيمو، مدير المحفظة في شركة “سايسون أسيت مانجمنت” أن “آبي تمتع بصورة قوية في ظل خطته (آبينوميكس) ودعم الحاكم كورودا، وربما ساهم الانطباع بأن آبي “ركيزة روحية للتيسير النقدي “في هذه الاضطرابات الواسعة النطاق”.
وأضاف “لكن آبي ليس رئيساً للوزراء حالياً، ولا ينبغي أن يؤثر ذلك بشكل مباشر على السياسات الاقتصادية والنقدية”،مردفا بالقول “قد يكون لهذا الحادث الصادم تأثير قصير المدى وليس بالضرورة أن يكون له تأثير كبير على الأسواق على المدى الطويل.”
ويُرجّح أن تواجه سندات الشركات اليابانية حالة من عدم اليقين المتزايدة بشأن أسعار الفائدة، بحسب هيدتوشي أوهاشي، كبير محللي الائتمان في شركة “ميزوهو” (Mizuho) للأوراق المالية.
ويوضح أوهاشي: “كانت الأسواق تعتقد أن بنك اليابان لن يكون قادراً على رفع أسعار الفائدة حيث كان تأثير آبي قوياً، ومن الآن فصاعداً، قد تكون هناك تكهنات بأن البنك قد يكون أكثر مرونة بشأن السياسة النقدية”.
وأضاف”إذا أدى هذا الحادث إلى تسريع حال عدم اليقين بشأن مخاطر أسعار الفائدة، فقد يكون لدينا حجم مبيعات أقل من سندات الشركات.”
يرى رودريغو كاتريل، المحلل الاستراتيجي في “ناشيونال أستراليا بنك” في سيدني أن “الين يُظهر طلباً صغيراً للملاذ الآمن بسبب أخبار إطلاق النار على رئيس الوزراء السابق آبي، حيث “تثير المخاطر السياسية علاوة إضافية قبل انتخابات عطلة نهاية الأسبوع”.
ويقول شينيتشيرو كوباياشي من شركة “ميتسوبيشي يو اف جيه” للبحث والاستشارات: “من المستبعد جداً أن يفتح هذا الباب أمام بنك اليابان لرفع أسعار الفائدة أو تغيير مساره الميسّر ليكون متسقاً مع بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي”.
وقد “وضع كيشيدا بالفعل أجندته الاقتصادية الخاصة ودعم بنك اليابان على الأقل حتى الآن. لم يكن آبي السبب وراء تمسك بنك اليابان بالحفاظ على معدلات منخفضة للغاية”.
ويصف هارومي تاجوتشي، الاقتصادي في “اس آند بي غلوبال ماركت إنتليجينس” ما حدث بـ”مروع للغاية، ولكن من منظور السياسة الاقتصادية الواسع” يقول: “لا أعتقد أنه سيكون له تأثير كبير.. كانت الانتخابات تسير بالفعل في اتجاه إيجابي للحزب الديمقراطي الليبرالي، وسياسات كيشيدا ليست بعيدة جداً عن سياسات إدارة آبي”.