بعد ثمانية أعوام، خنَقَ خلالها ثالوث ـ الحرب، المجاعة والحصار ـ كل أسباب الحياة في اليمن، إلا أن الناس هناك ـ في هذا البلد الخليجي جغرافيا ـ وجدت فسحة ضيّقة لالتقاط أنفاس والانخراط في مجريات الحدث العالمي الذي يجري في قطر: عاصمة الساحرة المستديرة.
الرازحون تحت وطأة الحرب وهم أنفسهم الباحثون عن الحرية والسلام، لم تمنعهم الصراعات والأوضاع المأساوية من متابعة الحدث الكروي الأهم ـ كأس العالم ـ المقام في قطر 2022، بل لقد كانوا جزءًا هاما من عوامل ذيوع أصداء فرحة الجماهير الحاضرة في المكان والمتابِعة عبر شاشات التلفزيون.
مبدعون وصحفيون ورياضيون أثروا سجل اليمنيين في مجال صناعة أجواء المنافسة في المحافل الدولية، من خلال الأغاني الشعبية ونشاطات أخرى متنوعة، ترافق مهرجان الشاشات الناقلة للمونديال في عموم المحافظات، وهي كلها براهين على قدرة اليمنيين وصبرهم أمام آلة الحرب المدمرة وشبح الموت المخيم في كل مكان.
منحوتة كأس العالم
فقبل نحو شهرين من انطلاق مونديال قطر 2022، استطاع الفنان التشكيلي ـ من أبناء محافظة حضرموت اليمنية ـ يعقوب هبشان صنع مجسم لكأس العالم مطابق للكأس الذي يصممه الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» ـ وذلك باستخدام جذع شجرة الأثل، فضجّت منصات التواصل الاجتماعي وقنوات التلفزة بهذه العمل المميّز وأشادت به.
ويقول هبشان عبر مقطع نشره على حسابه فيسبوك: “لقد استوحيت فكرة تصميم الكأس بعد أن قمت فيما سبق بتنفيذ وتصميم تمثال كأس الخليج، وقد جاء الوقت ـ بعد مضي عدّة شهور عدة ـ أن أضعكم أمام عمل جديد قمت بإنجازه من خلال نحت جذع الخشب من العود الصلب، إذ رسمت وخططت لتنفيذه بكافة القياسات الدقيقة ثم عملت على تنعيمه من خلال استخدام آلة خاصة لهذا الغرض، ومن ثم وضع طلاء الأساس، وختمت بالطلاء الذهبي الأصلي ليصبح العمل نسخة مطابقة للكأس”.
من اليمن إلى عاصمة المونديال
في زمن الحرب، ومن بين ركام الوطن المقصوف، يبحث اليمنيون عن فسحة من الزمن ولو بفكرة قد تبدو غريبة للغاية، وفيها الكثير من المخاطر والمشاق، وهذا ما ينطبق على عمار العنسي وشقيقه عمرو إضافة إلى محمد القادري، هؤلاء الثلاثة قرروا السفر ـ بدرجات هوائية ـ من صنعاء إلى عاصمة المونديال قطر.
انطلقت رحلة الشبان الثلاثة – عمار العنسي وشقيقه عمرو (نجما الأهلي والمنتخب الوطني للتايكواندو) وكذلك محمد القادري لاعب نادي اليرموك – أواخر سبتمبر الفائت، برًا عبر دراجاتهم الهوائية، من العاصمة صنعاء صوب الدوحة، قاطعين بذلك مسافة تقدر بقرابة 2000 كيلومترا حتى يصلوا الدوحة، وقد حمل اللاعبون الثلاثة مذكرة رسمية من إدارة نادي أهلي صنعاء، لتسهيل إجراءات وصولهم عبر الحدود وتحقيق حلمهم في حضور مونديال قطر.
دهشة المونديال
“همي الوحيد أن أشرف البلد في كل المحافل، وأن أرفع علم اليمن عاليا”، بهذه العبارة يلخص الفنان اليمني ملاطف الحميدي ـ الذي لمع صيته خارج البلد بدءا بمهرجانات السعودية مرورا بمهرجان الطبول بمصر وصولا إلى مونديال كأس العالم بقطر ـ مدى شغفه بحضور المحافل الدولية تمثيلا لوطن يعيش في معزل عن العالم بسبب مآسي الحرب.
وقال الإعلامي الرياضي «أحمد السمحي» إن اختيار اللجنة المنظمة لمونديال كأس العالم قطر 2022، الفنان اليمني ملاطف الحميدي ضمن مشاهير العالم لحضور المونديال يعد حدثا استثنائيا، وتقديرا حقيقيا للثقافة والموروث اليمني الأصيل.
ويضيف السمحي لـ«الأيام نيوز»: “يعد «ملاطف» من أمهر الفنانين اليمنيين الذين يجيدون الضرب على الآلة الشعبية اليمنية «الطاسة»، وقد اشتهر بأدائه الخاص وحضوره الملفت وتأديته لمختلف الرقصات الشعبية المعروفة بالبرع”، من جهته توقع الصحفي اليمني سمير النمري عبر صفحته فيسبوك، أن يكون “إيقاع البرع من أجمل الإيقاعات العالمية ولذلك سيكون الإقبال عليه كبير من جمهور المونديال”.
صوت المونديال
كشفت إدارة شبكة قنوات قطر «بي إن» الرياضية، المالكة الحصرية لحقوق بث مباريات كأس العالم قطر 2022، أسماء معلقي مباريات كأس العالم – وعددهم 14 معلقا ـ والذين سيرفقون الحدث الرياضي الذي بدأ الأحد ـ الموافق 20 نوفمبر ـ وينتهي في 18 ديسمبر، ومن من بينهم هؤلاء المعلّقين، اليمني الشهير حسن العيدروس، الذي قال عبر صفحته فيسبوك: “سعيد جدا أن أكون ضمن طاقم العمل لمجموعة bein لتغطية كأس العالم فيفا قطر 2022، بعد كأس العالم 2014، وكأس العالم 2018.
الجدير بالذكر، أن العيدروس بدأ حياته المهنية معلقا عبر إذاعة الجمهورية اليمنية عام 2005، حتى عام 2010، ثم شارك في برنامج معلقي الخليج عبر التصفيات في صنعاء عام 2009، وتأهل إلى النهائيات في البحرين عام 2011، واستطاع أن يحقّق المركز الثاني على مستوى بلدان مجلس التعاون الخليجي واليمن، ونال شهادة معلق رياضي معتمد والتي تمنح من جهاز إذاعة وتلفزيون دول الخليج في العام ذاته، لينتقل عام 2012 إلى قنوات الجزيرة الرياضية (beIN sports) التي ما زال يعمل فيها حتى الآن.
تريند المونديال
من مقابلة عابرة في قناة الكأس، أصبح اليمني عبد الرقيب اليافعي حديث الناس، حين سأله مراسل القناة حول معلومات تخص تاريخ كأس العالم، ليلقب بعدها بعديد المسميات وصفا لقدراته منها “متحدي غوغل، غوغل المونديال، الموسوعة الرياضية، تريند المونديال، حاسوب المونديال، وغيرها من المسميات”.
وقد توالت القنوات القطرية باستضافته، إلا أن استضافته مع الإعلامي السوري أحمد فاخوري في برنامج «شبكات» قد أثارت سخط اليمنيين عبر منصات التواصل الاجتماعي، علق وزير الثقافة الأسبق خالد الرويشان على المقابلة بالقول: “سقط الفاخوري ونجح اليافعي!”.
وشن اليمنيون بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم وفئاتهم العمرية، هجوما عبر منصات التواصل الاجتماعي على مقدم برنامج «شبكات» في قناة الجزيرة أحمد فاخوري الذي حاول التقليل من شأن المعلومات الرياضية التي يمتلكها اليافعي، عقب ذلك، قدم فاخوري اعتذاره لـ«عبد الرقيب اليافعي» الملقب بكمبيوتر المونديال ولليمنيين، مقدما له هدية وبطاقة حضور نهائي كأس العالم المقام في قطر.