في مساء الثاني من أكتوبر 2022، انتهت الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة وقد كانت سارية في اليمن منذ ستة أشهر بعد عدم توصّل حكومة صنعاء والاحتلال السعودي إلى اتفاق على تمديدها.
المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ ـ وقبيل موعد انتهاء الهدنة ـ وصل إلى العاصمة صنعاء بحثا عن تمديد آخر للهدنة وهو ما ترفضه صنعاء على لسان مفاوضيها، إذ قالت في بيان لها إننا “كنا حريصين على عدم تفويت أي فرصة يمكن أن تقودنا إلى السلام، لهذا قبلنا بالتمديد مسبقا لعلنا نلمس حسن نوايا من قبل تحالف الحرب على اليمن وأتباعهم تجاه المواطن اليمني”.
وأضاف البيان، أنه: “خلال ستة أشهر من الهدنة لم نلمس جدية من قبل تحالف الحرب تجاه الملف الإنساني باعتباره أولوية يجب أخذه بعين الاعتبار بصورة ملحة وعاجلة”.
من جهته، أعرب السفير الأمريكي في اليمن «ستيفن فاغن» ـ في بيان له يوم السبت 1 أكتوبر 2022 ـ عن قلقه من عدم إحراز تقدم في تأمين تمديد الهدنة، لكنه يأمل أن يتحقّق ذلك وأن ترضخ كل الأطراف لما من شأنه وقف نزيف الدم، والجلوس على طاولة حوار تفضي إلى وقف تام للحرب.
مساع دولية
تحرّكات حثيثة تجريها الأمم المتحدة ومعها أطراف دولية كثيرة بغية الوصول إلى تمديد آخر للهدنة، وهو ما دأبت عليه الأمم المتحدة منذ مسعاها الأول لإيجاد هدنة طويلة الأمد، لكن صنعاء ترفض الهدنة التي لا يلمس فيها الشعب اليمني واقعا إيجابيا على أرضه كفتح الموانئ الهامة وصرف المرتّبات وما شابه ذلك، هكذا تحدّث الناشط الحقوقي سلمان العاطفي لـ«الأيام نيوز».
وفي وقت سابق، ذكرت الخارجية الأمريكية أن الوزير أنتوني بلينكن تحدّث مع المبعوث الأممي لليمن غروندبرغ، معربا عن دعم الولايات المتحدة لكل الجهود الرامية لتوسيع نطاق الهدنة، كما تحدّث بلينكن مع نظيره العماني بدر البوسعيدي حول الهدنة وأهمية السعي إلى تمديدها، فأبدا الأخير استعداد بلاده للدخول في خط تمديد الهدنة، الأمر الذي سيوفّر المزيد من الإغاثات المنقذة لحياة اليمنيين، حسب قولهم.
وحذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من تداعيات عدم تمديد الهدنة قائلا: “إنهاء الهدنة يعيد الأزمة خطوات للوراء”، معربا عن قلقه إزاء الوضع الإنساني في اليمن الذي وصفه بـ”الخطير”.
فيما يؤكد يفغيني كودروف، القائم بأعمال السفارة الروسية في اليمن، دعمه للمبعوث الخاص للأمم المتحدة في اليمن، من أجل تمديد الهدنة بهدف الوصول إلى تسوية سياسية شاملة عن طريق التفاوض.
صنعاء تلوّح بالخيار العسكري
لوّحت صنعاء بالعودة إلى الخيار العسكري، وذلك بعد نحو ستة أشهر من التهدئة النسبية التي تعدّ الأطول منذ اندلاع الحرب قبل ثماني سنوات، وغرّد العميد يحيى سريع الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية بصنعاء عبر حسابه قائلا: “قد نعود مجددًا.. فابقوا معنا”.
وفي بيان نُشر الأحد، حذّرت القوات المسلحة اليمنية، الشركات النفطية العاملة في الإمارات والسعودية من مواصلة أعمالها، وقال سريع: إن “القوات المسلّحة تمنح الشركات النفطية العاملة في الإمارات والسعودية، فرصة لترتيب وضعها والمغادرة ما دامت دول التحالف غير ملتزمة بهدنة تمنح الشعب اليمني حقه في استغلال ثروته النفطية لصالح راتب موظفي الدولة اليمنية، وقد أعذر من أنذر”.
المجلس السياسي الأعلى وفي اجتماعه الأحد، استهجن تلكؤ الأمم المتحدة وطرحها لورقة لا ترقى إلى مطالب الشعب اليمني ولا تؤسس لعملية السلام، كما دعا تحالف الحرب على اليمن إلى إنهاء الحرب والحصار بشكل عاجل وفوري، مؤكدا أن الشعب اليمني وقواته المسلحة لن تقف مكتوفة الأيدي وستضع مطارات وموانئ وشركات النفط التابعة لدول للتحالف في مرمى نيرانها.
مخاوف من عودة الحرب
بقليل من الأمل الضبابي، يقول الصحفي عبد الله اليوسفي لـ«الأيام نيوز» مدّة الهدنة انتهت، ولم يحدث تمديد قبل أوان الانتهاء، بما يعني أنه ـ عمليا ـ “لم يعد هنالك هدنه لكي يتم التجديد، وما يجري حاليا هو صياغة اتفاق جديد ومختلف، لأن استمرار الهدنة بشكلها السابق ليس مشجعا ولا يعطي المرحلة المقبلة بريقها المطلوب”.
فيما يقول الشاب أحمد الخالدي لـ«الأيام نيوز»: “كنا نأمل خيرا في هدنة تتوصل فيها كل الأطراف إلى حل سياسي وصيغة توافقية لمرحلة رئاسية قادمة تخلق جوا من الثقة والتصالح السياسي بين مختلف الأحزاب والمكونات السياسية، لكنْ يبدو أن حربا قادمة سنشهدها، ولن يسلم المواطنون من تبعاتها الاقتصادية القاسية، والخوف من حالة نزوح أكبر، الأمر الذي سيعطّل حياة الكثير من الناس، وسيحرم آلاف الأطفال من التعليم فضلا عن حقهم في الحياة بسلام”.
“الأيام نيوز” وفي نزولها إلى الشارع، شاهدت الكثير من المركبات في طوابير طويلة أمام محطات المشتقات النفطية والتي بدأت في الازدحام ـ قبل موعد انتهاء الهدنة بساعتين ـ وقد تحدّث ناصر المحويتي (سائق باص أجرة) لـ«الأيام نيوز»، قائلا: “هلعنا جميعا من الأخبار التي تُفيد استئناف العمليات العسكرية، لذا توافدنا إلى محطة المشتقات النفطية لنحصل على كميات تكفينا لبضعة أيام قد نشهد فيها بداية لأزمة نفطية، لأننا اعتدنا أنّ كل خبر سيء ترافقه أزمة اقتصادية في مقدمتها المشتقات النفطية”.