في ماي 2021، صادقت الجزائر رسميا على اتفاق تأسيس منطقة التّجارة الحرة الإفريقية، الموقع في مارس 2018، بمدينة «كيغالي» الرواندية، ما اعتبره المحللون “خطوة حاسمة” ستفتح فرصا جديدة للاقتصاد الوطني. وبالفعل، انخرط المتعاملون الاقتصاديون الجزائريون في تحضير أنفسهم لموعد دخول أسواق إفريقية جديدة؛ موعد لم يتأخر طويلا، فقد أعلن وزير التجارة وترقية الصادرات، الطيب زيتوني، أمس السبت بالجزائر العاصمة، عن انضمام الجزائر رسميا إلى مبادرة التجارة الموجهة، في إطار التجسيد الفعلي لاتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية «زليكاف».
وبموجب هذا الانضمام، يمكن للمتعاملين الاقتصاديين القيام بعمليات تبادل تجاري مع نظرائهم من الدول الشريكة في المبادرة بدون قيود جمركية، وفقا لاتفاقية «زليكاف»، حسبما أكده الوزير زيتوني في كلمة ألقاها خلال أشغال الملتقى الاقتصادي حول “مبادرة التجارة الموجهة في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية”، بحضور الأمين العام للمنطقة، “وامكيلي ميني”.
ودعا زيتوني، في هذا السياق، المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين إلى الاستفادة – ابتداء من يوم أمس – من المزايا التي تمنح في إطار المبادلات التجارية مع الدول المنضمة إلى هذه المبادرة، من أجل تعزيز الصادرات الجزائرية خارج المحروقات وتجسيد أهداف اتفاقية «زليكاف» الرامية إلى رفع مستويات التبادل التجاري بين الدول الإفريقية بشكل محسوس.
يذكر أنه تم إطلاق مبادرة التجارة الموجهة خلال الاجتماع الـ10 لمجلس وزراء منطقة «زليكاف» المنعقد في 7 أكتوبر 2022 في العاصمة الغانية أكرا، وتهدف هذه المبادرة إلى اختبار المحيط الإجرائي والمؤسساتي والقانوني لتنفيذ اتفاقية «زليكاف»، من خلال الشروع الفعلي في المبادلات التجارية وفق المزايا التفضيلية المقررة في الاتفاقية المؤسسة للمنطقة، بين الدول الأطراف التي استوفت شروط الحد الأدنى لبدء هذه المبادلات. وانخرطت في هذه المبادرة إلى غاية يوم أمس كل من: تونس، مصر، كينيا، غانا، الكاميرون، رواندا وجزر موريس، إضافة إلى تنزانيا.
نحو تحقيق التّكامل الاقتصادي في القارة
وكان الوزير زيتوني قد استقبل، أمس السبت بالجزائر العاصمة، الأمين العام لـ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية «زليكاف»، وامكيلي مين، مؤكدا ـ خلال هذا اللقاء بمقر الوزارة ـ “جاهزية القوائم الخاصة بالبنود التعريفية الخاضعة للتفكيك الجمركي في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتي تم تحضيرها مع كل القطاعات المعنية في الجزائر، في إطار تسريع هذا الفضاء القاري، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لتشجيع التجارة البينيّة الإفريقية”.
من جانبه، ثمّن “وامكيلي مين” “جهود الجزائر خلال السنوات الأربع الأخيرة بدفع من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لتسريع إجراءات منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، من خلال انخراط الجزائر في المساعي الإفريقية، وانفتاحها على السوق الإفريقية عبر فتح بنوك ومعارض دائمة للمنتجات الجزائرية في كل من موريتانيا والسنغال، وكذا فتح خطوط جوية وبحرية إلى عدة عواصم قارية”، حسب بيان لوزارة التجارة.
ومعلوم أن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية تغطي سوقا تضم 1,3 مليار شخص، ومن المرتقب أن يبلغ الرقم 3 مليارات ساكن في أفق 2050، بناتج داخلي إجمالي قدره 2500 مليار دولار، بما يعني أن هذه المنطقة ستكون أكبر فضاء تجاري حرّ في العالم منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية وفق المعلومات المقدمة خلال الملتقى.
وسبق للخبير في مجال التجارة الخارجية، سعيد جلاب، أن شدّد – في مناسبة سابقة ـ على أن كثافة النسيج الصناعي الجزائري والهياكل التي يتوفر عليها اقتصاد البلاد يعدّان ميزة تنافسية للصادرات الجزائرية بالنظر إلى أن 80 بالمائة من صادرات الدول الإفريقية تتمثل في مواد أولية (منتجات طاقوية – منجمية – فلاحية).
وبشأن الافتتاح المرتقب لعدد من المناطق الاقتصادية الحرة في الولايات الحدودية، وكذا لبنوك جزائرية في عواصم إفريقية، قال الخبير إن هذا “سيسمح بإعطاء دفع لصادرات الجزائر في القريب، داعيا إلى توفير دعم خاص للمؤسسات المصدرة نحو القارة بالنظر إلى خصوصيات السوق القارية”.
وبدورها، أكدت جميلة باشوش، ممثلة عن وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني، أن السوق الإفريقية للمنتجات والتجهيزات الكهربائية تعد “جذابة” بالنسبة إلى المؤسسات الجزائرية الناشطة في هذه الشعبة الصناعية التي تحصي أزيد من 150 شركة عمومية وخاصة، وهذا بالنظر – كما قالت – إلى حاجة القارة إلى استثمارات في هذا المجال، فضلا عن نسبة النمو العالية المرتقب أن يسجلها القطاع قاريا علاوة على التزايد السكاني والتوسع السريع للعمران.
وأبرزت باشوش أهمية التكتل الذي يضم كلّ المؤسسات الجزائرية المتخصصة في تصنيع وتصدير التجهيزات الكهربائية، والذي دخل حيز النشاط العام الماضي، حين وضع خارطة طريق لتعزيز تواجد هذا النمط من المنتجات في الأسواق الإفريقية، كما نوهت المسؤولة بالشركات التي تصدّر منتجاتها نحو القارة منذ سنوات عديدة والمطابقة للمعايير الدولية.