تعرض الكيان الصهيوني لأضرار جسيمة – على المستوى الاقتصادي – وارتفعت ديونه إلى الضعف خلال العام الماضي، وتكبّدت مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والأسواق وفروع العمل لدى الكيان خسائر مالية فادحة، وكل هذا جاء نتيجة لمعركة “طوفان الأقصى” التي حقّقت انتصارها على كلّ الجبهات، وما زاد الكيان الصهيوني بلة، هو ضربة إيران الأخيرة التي كلّفت الاحتلال – خلال محاولات التصدي لها – نحو 1.35 مليار دولار، في ليلة واحدة.
=== أعدّ الملف: حميد سعدون – سهام سوماتي – منير بن دادي ===
الصحافة العبرية نقلت عن “رام أميناخ” – المستشار الاقتصادي السابق لدى رئاسة الأركان الصهيونية – أنّ سلطة الكيان أنفقت ما قد يصل إلى 5 مليارات شيكل (نحو 1.35 مليار دولار) خلال ليلة واحدة من أجل التصدي للهجوم الذي أطلقته إيران باستخدام مئات المسيرات والصواريخ.
وقال رام أميناخ إن هجوم إيران كلف ما بين 4 و5 مليارات شيكل (بين 1.08 و1.35 مليار دولار)، وأوضح أن التكلفة تشمل فقط التصدي للمسيرات والصواريخ دون إدراج الخسائر الميدانية، والتي ادعى (الجيش) الصهيوني في وقت سابق أنها طفيفة.
وأوضح أميناخ أنّ كل صاروخ من “نظام آرو” الذي يستهدف الصواريخ الباليستية يكلّف نحو 3.5 ملايين دولار، بينما تدفع سلطة الكيان نحو مليون دولار لكل صاروخ في نظام “مقلاع داود” الخاص باعتراض صواريخ كروز، إضافة إلى تكاليف تشغيل الطائرات المكلفة باستهداف المسيرات. وفي المقابل، يرى أميناخ أنّ إيران أنفقت نحو 10% فقط مما تكبّده الكيان من خسائر.
لكنّ تقارير أخرى أكثر دقة تشير إلى أنّ الكيان تحمّل حوالي مليار دولار في شكل نفقات استهلكتها منظومة “حيتس” الدفاعية فقط، خلال محاولات اعتراض الهجوم الإيراني ليل السبت إلى الأحد، حين نفّذ الحرس الثوري الإيراني عملية جوية ضد أهداف صهيونية بـ170 مسيّرة وأكثر من 100 صاروخ وفق حصيلة (الجيش) الصهيوني، وذلك ردًا على استهداف قنصلية طهران في دمشق.
وخلال عملية التصدي للرد الإيراني استخدم (جيش) الاحتلال منظومة “حيتس” وهي واحدة من أحدث منظومات الدفاع لدى الكيان، والتي توصف بلغة الخيال الصهيوني الجامح أنها منظومة قادرة على اعتراض صواريخ بالستية حتى من خارج المجال الجوي للكرة الأرضية.
وبغض النظر عن هذه المبالغة الدعائية فإن الحديث يدور الآن حول الفاتورة الباهظة التي تكبدها الكيان، إذ تعد تكلفة هذه المنظومة مرتفعة جدًا، فكل صاروخ اعتراضي يطلق من “حيتس” يكلف الاحتلال الصهيوني مليون دولار، وفق المتخصصين.
وهكذا فإن تكلفة اعتراض هذه الصواريخ البالستية التي أطلقت من إيران، وحتى الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز الإيرانية تقدر بنحو مليار دولار، بحسب المراسل العسكري لصحيفه ماكور ريشون الإسرائيلية نقلًا عن تقديرات إسرائيلية.
مسيّرات اعتراضية
أما عن طريقة عمل هذه المنظومات الدفاعية فيما يتعلق بالصواريخ البالستية أو الصواريخ التقليدية، فهي تبدأ برصد انطلاق الصاروخ ومساره، وبعدها تحديد النقطة التي سيسقط فيها، قبل صدّه. لكن المشكلة الأساسية – وفق الخبراء – تتعلق بالطائرات المسيّرة، إذ لا توجد طريقة واضحة لاعتراضها، لذلك كان سلاح الجو الصهيوني موجودًا في الهواء طوال فترة الهجوم من أجل كشف واعتراض الطائرات المسيّرة الإيرانية”.
يأتي ذلك أيضًا لأن الطائرات المسيّرة الإيرانية تحلق على علو منخفض، وبالتالي ستكون الرادارات التقليدية غير قادرة على رصدها، وهذا الأمر دفع (الجيش) الصهيوني إلى اللجوء لمسيّرات صهيونية وأميركية، من أجل الكشف عنها واعتراضها.
من جانب آخر، انتقد محافظ بنك “إسرائيل” المركزي، أمير يارون – أولويات الموازنة لدى الكيان، مشيرا – في حديث لصحيفة اقتصادية عبرية – إلى تأثير سلبي لتصاعد المواجهة مع إيران ما أثار حالة من عدم اليقين الجيوسياسي فزادت عوائد السندات، ومبادلات العجز الائتماني (علاوة المخاطر على السندات الحكومية) كما تأثر سعر صرف الشيكل، لذلك تم تثبيت الفائدة في اجتماع السياسة النقدية الأخير.
الاقتراض ثم الاقتراض لتمويل حرب الإبادة..
“إسرائيل” تغرق في الديون
تعترف وزارة مالية سلطة الكيان الصهيوني – في تقرير – أنّ الحرب على غزة رفعت ديون الكيان إلى المثلين العام الماضي، بعد ملامسة سقف 160 مليار شيكل (43 مليار دولار) في سنة 2023، من بينها 81 مليار شيكل (21.6 مليار دولار) منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، وبالمقابل فقد اقترضت سلطة الكيان 63 مليار شيكل (16.78 مليار دولار) في عام 2022 بأكمله.
وقال المحاسب العام يالي روتنبرغ إنّ عام 2023 استلزم زيادة حادة في احتياجات التمويل وإنه “تطلب تعديلات تكتيكية وإستراتيجية” في خطة الحكومة للاقتراض. وبلغ إجمالي الدين 62.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023، ارتفاعا من 60.5% في 2022 بسبب ارتفاع الإنفاق الحربي، ومن المتوقع أن يصل إلى 67% في 2024.
وجمعت سلطة الكيان الشهر الماضي مبلغا قياسيًا بلغ 8 مليارات دولار في أول بيع لسندات دولية منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، مع تسجيل طلب مرتفع للغاية حتى بعد أن خفضت وكالة موديز تصنيف “إسرائيل” الائتماني السيادي لأول مرة على الإطلاق في فيفري الماضي.
وتفصيلا، اقترضت حكومة سلطة الكيان في عام 2023 نحو 116 مليار شيكل، أو 72% من إجمالي الدين محليا، و25% من الخارج والباقي في شكل ديون محلية غير قابلة للتداول. وقالت الوزارة إن الدين العام الصهيوني زاد 8.7% العام الماضي إلى 1.13 تريليون شيكل (نحو 300 مليار دولار)، مدعوما جزئيا بارتفاع التضخم وأسعار الفائدة. ولم تتغير نسبة خدمة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي عند 2.4%.
وعند خفض التصنيف الائتماني للكيان إلى “إيه 2” (A2)، أشارت وكالة موديز إلى المخاطر السياسية والمالية المادية بسبب الحرب على غزة. وأعطى نواب البرلمان الصهيوني قبل شهر موافقتهم النهائية على الموازنة المعدلة لعام 2024 التي أضافت عشرات مليارات الشيكلات لتمويل حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 6 أشهر مع المقاومة الفلسطينية، مع إنفاق إضافي على الدفاع وتعويضات للأسر والشركات المتضررة من الحرب.
وكان الشيكل (عملة الكيان) قد انخفض مقابل العملات الرئيسية في أعقاب صدور بيانات رسمية مثيرة للقلق أظهرت انكماشا حادا في اقتصاد سلطة الاحتلال خلال الربع الأخير من العام 2023. وتراجعت هذه العملة بـ0.7% أمام كل من الدولار واليورو لتعمق خسائرها إلى أكثر من 1.5% منذ بداية العام الحالي، وذك بسبب تداعيات الحرب على غزة.
وأظهر تقدير أولي لمكتب الإحصاءات الصهيوني المركزي أواخر فيفري الماضي أن الاقتصاد انكمش 19.4% على أساس سنوي في الربع الرابع من العام الماضي، متضررا من الحرب على قطاع غزة.
في الأثناء، أعرب يوسي فرايمان الرئيس التنفيذي لشركة بريكو لإدارة المخاطر والتمويل والاستثمار عن قلقه، وقال لصحيفة متخصّصة في الاقتصاد الصهيوني إنّ “سعر صرف الشيكل مقابل الدولار سيظل متقلبا في المستقبل القريب”. وأضاف “تنتظر الأسواق قرارات أسعار الفائدة لدى الكيان وفي الولايات المتحدة”، موضحا أنّ التقديرات تشير حاليًا إلى أنه “بسبب أحدث بيانات الاقتصاد الكلي، وخاصة الطلب في سوق العمل، فمن غير المتوقع أي تخفيض في أسعار الفائدة بالربع الأول”.
خسائر فادحة..
طوفان الأقصى يلون الاقتصاد الصهيوني بالأحمر
ألحقت الحرب الصهيونية على غزة أضرارا جسيمة في اقتصاد الكيان، وكبّدت مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والأسواق وفروع العمل خسائر مالية فادحة، بالإضافة إلى إجلاء ما يقارب 250 ألف إسرائيلي من جنوب وشمال الأراضي المحتلة – حوالي 40% منهم لم يعودوا إلى منازلهم حتى اليوم – حيث تم إيواؤهم في 438 فندقا ومنشأة إخلاء، وهو ما كلف الوزارات الحكومية لدى الكيان 6.4 مليارات شيكل (1.8 مليار دولار)، بحسب بيانات وزارة الرفاه والسياحة الصهيونية.
وبمرور أكثر من نصف سنة على حرب الإبادة يقف الاقتصاد الصهيوني أمام مفترق طرق، مع انهيار وشلل شبه تام وخسائر فادحة بقطاع البناء والعقارات، وبالصناعات والزراعة والسياحة الداخلية، وذلك مع استمرار الارتفاع في كلفة الحرب وتداعياتها على الموازنة العامة للكيان، التي تعاني عجزا بقيمة 6.6% من الناتج المحلي، بحسب ما أفاد تقرير “بنك “إسرائيل”.
سياسات ومخاطر
من وجهة نظر محلل الشؤون الاقتصادية في صحيفة “كلكليست” أدريان بيلوت، فإنّ حكومة سلطة الاحتلال تتصرف بتهور وبانعدام مسؤولية في كل ما يتعلق بنفقات الحرب وتداعياتها على الاقتصاد الصهيوني.
بيلوت أشار إلى أن محافظ “بنك (إسرائيل)” أمير يارون يعتمد سياسات الإبقاء على سعر الفائدة في الاقتصاد دون تغيير عند 4.5%، على الرغم من تباطؤ التضخم الذي بلغ 2.5%، ويتوقع أن يبلغ 2.7% بنهاية 2024.
ويعتقد المحلل الاقتصادي أن تركيبة العجز المتفاقم في الموازنة -الذي وصل بالفعل إلى 6.2%، من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن يصل 6.6% بنهاية 2024- تظهر أن القفزة في الإنفاق الحكومي لا تتعلق فقط بالحرب، وإنما أيضا بالسياسات الاقتصادية الخاطئة للحكومة.
وأوضح بيلوت أن “بنك (إسرائيل)” وبسبب تداعيات الحرب على الاقتصاد الصهيوني، يتوقع ارتفاع التضخم المالي، وتفاقم العجز بالموازنة للعام 2024 والديون العامة للحكومة، التي لا تكلف نفسها عناء إشراك المحافظ في مباحثاتها وسياساتها الاقتصادية.
ويقول المحلل الاقتصادي إن “الوضع أسوأ بكثير مما بدا، حيث تحدث محافظ “بنك (إسرائيل)” كثيرا عن المخاطر الجديدة للتضخم المالي، بسبب تطور الحرب وتأثيرها على النشاط الاقتصادي، وانخفاض قيمة الشيكل، والقيود على النشاط بسوق العمل خاصة بفرع البناء والعقارات”. وأشار إلى أنه لا يزال هناك طريق طويل لتحقيق التعافي الكامل للاقتصاد الصهيوني بسبب الحرب.
خسائر وتداعيات
يعاني الاقتصاد الصهيوني من تداعيات الحاجة إلى تجنيد (الجيش) الصهيوني مئات الآلاف من جنود الاحتياط، إلى جانب إجلاء مئات الآلاف من الإسرائيليين من منازلهم في مستوطنات “غلاف غزة”، والنقب الغربي، والحدود اللبنانية، وتعطيل العمل بالمدارس والجامعات، والمرافق الاقتصادية، بما في ذلك السياحة والمطاعم والمقاهي وأماكن الترفيه.
وكانت الضربة الاقتصادية محسوسة بشكل جيد في مطار بن غوريون، وذلك في الفترة من أكتوبر 2023 إلى مارس 2024، حيث مرت عبره حوالي 38 ألفا و500 رحلة دولية، مقارنة بحوالي 70 ألفا في الفترة المقابلة من 2023/2022، بحسب سلطة المعابر والمطارات الصهيونية.
ومع اندلاع الحرب علّقت عشرات شركات الطيران العالمية عملها لدى الكيان، وألغت مئات الرحلات اليومية إلى مطار بن غوريون، حيث لوحظ التراجع الحاد في الحركة والتنقل في المطار الصهيوني، إذ بلغ أعداد الركاب نحو 4.3 ملايين مسافر منذ بداية الحرب، مقابل نحو 10.1 ملايين بين أكتوبر 2022 ومارس 2023. ومع إعلان حالة الطوارئ عقب معركة “طوفان الأقصى”، شهدت الغالبية العظمى من المرافق الاقتصادية والمصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة لدى الكيان ركودا، حيث حولت ووظفت جميع الموارد والميزانيات الحكومية لأغراض الحرب.
عجز تراكمي مستمر..
صناعة الموت في غزة تكلّف الاحتلال 73 مليار دولار
تعطّل الاقتصاد الصهيوني وتكبّد خسائر فادحة، إذ أظهرت معطيات (بنك “إسرائيل”) ووزارة المالية الصهيونية أن تكلفة الحرب منذ 7 أكتوبر الماضي حتى نهاية مارس 2024، بلغت أكثر من 270 مليار شيكل (73 مليار دولار).
وبحسب بيانات وزارة الأمن الصهيونية، فإن كلفة الحرب اليومية منذ 7 أكتوبر حتى نهاية ديسمبر 2023، بلغت مليار شيكل يوميا (270 مليون دولار)، قبل أن تنخفض خلال العام 2024 لتصل إلى 350 مليون شيكل (94 مليون دولار).
وجراء التداعيات والعواقب الاقتصادية للحرب، اضطرت الحكومة الصهيونية إلى توسيع الموازنة العامة للعام 2024، حيث بلغت 584 مليار شيكل (158 مليار دولار)، بزيادة قدرها حوالي 14% مقارنة بحد الإنفاق الأصلي الذي تم تحديده في العام الماضي كجزء من ميزانية السنتين 2023-2024.
ولمواجهة التكلفة الباهظة للعملية العسكرية وبغية منع العجز التراكمي بالموازنة العامة لوزارة الأمن، تمت زيادة الميزانيات المخصصة لوزارة الأمن، بإضافة 30 مليار شيكل (8.1 مليارات دولار)، وبذلك بلغ الحجم الإجمالي لميزانية الأمن خلال الحرب حوالي 100 مليار شيكل (27 مليار دولار).
وبسبب الإنفاق العسكري والخسائر المباشر للاقتصاد الصهيوني، حدث ارتفاع في تكاليف ديون سلطة الاحتلال لتصل إلى 62% من الناتج المحلي الإجمالي للاحتلال بعد أن كانت 59% في العام 2023/2022.
وبلغ حجم عجز الموازنة حتى نهاية مارس الماضي 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن يستمر العجز بالنمو ليبلغ حوالي 6.6% بنهاية العام 2024، بحسب بيانات المحاسب العام بوزارة المالية الصهيونية.
ومنذ بداية العام الحالي تم تسجيل عجز تراكمي بالموازنة العامة بقيمة 26 مليار شيكل (7 مليارات دولار)، علما أنه في الأشهر الـ12 الأخيرة وصل هذا العجز إلى رقم قياسي جديد قدره 117.3 مليار شيكل (31.7 مليار دولار)، وهو الأعلى في تاريخ الكيان.
وبخصوص الأضرار والخسائر الناجمة عن تعرض الجبهة الداخلية الإسرائيلية لقصف صاروخي، أظهرت تقديرات سلطة الضرائب الإسرائيلية أن حجم الأضرار المباشرة للمباني والمنشآت التي تكبدتها مستوطنات “غلاف غزة” بلغت 1.5 مليار شيكل (405 ملايين دولار)، بحسب بيانات سلطة الضرائب الإسرائيلية.
ويُستدل من تقارير سلطة الضرائب أن قيمة الأضرار غير المباشرة والتعويضات للمتضررين في مستوطنات الغلاف والنقب الغربي وصلت 12 مليار شيكل (3.35 مليارات دولار)، حيث تشمل الخسائر والأضرار التي تكبدتها فروع الزراعة، والسياحة الداخلية، والترفيه والمطاعم والمقاهي، والصناعات الخفيفة.
أما بخصوص الأضرار والخسائر في الجليل الأعلى والغربي والبلدات الصهيونية الحدودية مع لبنان والجولان المحتل، لا يوجد هناك بيانات رسمية وجرد للإضرار من قِبل سلطة الضرائب، وذلك بسبب خطورة الأوضاع والقتال مع حزب الله.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الخسائر الأولية في شمال أراضي فلسطين المحتلة جراء صواريخ حزب الله، تقدر بحوالي ملياري شيكل (540 مليون دولار)، حيث تضررت أكثر من 500 منشأة سكنية زراعية وصناعية وتجارية، على ما أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” التي لا تستبعد أن يكون حجم الخسائر والأضرار مضاعفا.
بالأرقام..
تعويضات لفائدة المصابين بضربة “طوفان الأقصى”
أظهرت معطيات مؤسسة التأمين الوطني أن 65 ألفا و32 إسرائيليا فتحت لهم ملفات تعويضات بالمؤسسة، وذلك جراء إصابتهم بما يسمى “أعمال حربية وعدائية”، حيث تم تحويل حوالي 22 مليار شيكل (6 مليارات دولار) مخصصات تعويضات للمدنيين المصابين، وكذلك دفع 4.2 مليارات شيكل (1.1 مليار دولار)، زيادة إضافية في كلفة خدمة الاحتياط بسبب التغيب عن أماكن العمل.
وأنفقت حكومة الاحتلال في شهر مارس الماضي 56.5 مليار شيكل، ومنذ بداية العام بلغت النفقات 147 مليار شيكل (39.7 مليار دولار)، مقارنة بـ106.5 مليارات فقط (28.7 مليار دولار)، في الربع الأول من عام 2023، وهي زيادة تراكمية قدرها 38.1%. وبلغت تقديرات نفقات الحرب منذ بداية عام 2024، 27.6 مليار شيكل (7.5 مليارات دولار)، حيث بلغت الزيادة التراكمية في النفقات للحرب تحديدا 12.2%، وفقا لمعطيات نشرتها صحيفة “كلكليست” الاقتصادية.
وشهدت أعمال البناء والبنية التحتية لدى الكيان شللا شبه كامل بعد أن جمدت حكومة الاحتلال تصاريح العمل لحوالي 80 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية، وتقدر خسائر فرع البناء حوالي 150 مليون شيكل يوميا (40 مليون دولار)، بينما تخشى شركات المقاولات من مصير القروض التي تقدر بنصف تريليون شيكل، بحسب ما أفادت القناة 12 الإسرائيلية.
وتسبب الشلل بفرع البناء والعقارات في خسائر للمصارف وتراجع أرباحها، حيث بلغ حجم القروض العقارية التي حصل عليها مشترو الشقق 71.3 مليار شيكل (19.2 مليار دولار) في عام 2023، وذلك وفقا لبيانات “بنك (إسرائيل)”. وهذا يمثل انخفاضا بنسبة 39.6%، مقارنة بحجم القروض العقارية الجديدة الممنوحة في عام 2022، التي بلغت 117.6 مليار شيكل (32.7 مليار دولار). ويعتبر حجم القروض العقارية الممنوحة في عام 2023 هو الأدنى منذ عام 2019، عندما بلغت القروض العقارية الجديدة 67.7 مليار شيكل (18.2 مليار دولار).
وفي المجمل، فإنّ الاقتصاد الإسرائيلي يواجه قائمة من الأزمات الكبرى لا نهاية لها، بسبب تأثيرات “عملية طوفان الأقصى” والكلفة الباهظة لحرب الإبادة على غزة، وتداعيات تفاقم المخاطر الأمنية والجيوسياسية على الميزانية الإسرائيلية التي تشهد عجزا غير مسبوق، وكلفة الاستدانة لتمويل نفقات (جيش) الاحتلال المتصاعدة، وهروب المستثمرين من الأصول الإسرائيلية، وارتفاع الديون وكلفة خدمتها، إضافة إلى كلف الشحن والتأمين على السفن والبضائع المتجهة للموانئ الإسرائيلية وسط ضربات صواريخ ومسيّرات اليمنيين المتواصلة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب،
لكن الدعم الخارجي الاستثنائي لـ”إسرائيل” لن يخفي حقيقة أن الكيان الغريب اقتصادياً أوهن من بيت العنكبوت، وأن الاقتصاد الإسرائيلي لن يعود كما كان مطلقاً، إذ تهاوت فكرة أن اقتصاد الكيان لا يتأثر بالحروب، فقد أثبتت معركة “طوفان الأقصى” أن الفلسطينيين لديهم القدرة على الضرب في العمق لإلحاق الهزيمة الكاملة بعدوهم: عسكريا، سياسيا، إعلاميا واقتصاديا:
- بلوغ الانكماش الاقتصادي في الربع الأخير من العام 2023 نسبة 19.4% على أساس فصلي، وهذا أسوأ بكثير مما كان متوقعاً.
- تراجع الاستهلاك بنسبة 26.9% في الفصل الأخير من العام الماضي.
- تقلص استهلاك الخدمات بنسبة 52%.
- انخفاض استهلاك السلع بنسبة 58%.
- تهاوي الاستثمارات الثابتة بنسبة 67.8%.
- توقف النشاط العقاري بنسبة 95%.
- تراجع الصادرات بنسبة 18.3%.
- انخفاض الواردات بنسبة 42.4%.
- ارتفاع نفقات الحكومة بنسبة 88.1%.
- تخلّف 377 ألف مدين عن سداد قروضهم.
- انهيار السياحة الداخلية بنسبة 80%، والخارجية بنسبة 100%.
- توقف 40% من قطاع نقل المواد عن العمل.
- إقفال 50% من مصانع المواد الغذائية.
تراجع مستمر في القطاع الزراعي، وبدء الكلام عن الحاجة إلى الاستيراد بشكل فوري قبل الأزمة الكبرى.
فشل في كل القطاعت وعلى كل الأصعدة..
“إسرائيل” تقف على عتبة الإفلاس الاقتصادي
أبرز الخبير الاقتصادي الدولي، البروفيسور فارس هباش، أنّ أثار العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزّة لِما يزيدُ عن ستة أشهر على التوالي، ألقى بظلاله وبشكلٍ لافت على اقتصاد “إسرائيل”، وعلى مختلف الأصعدة والمجالات، بالرغم من محاولات حكومة نتنياهو التكتم والتستر عن هذه الإخفاقات والهزات التي تعصف بالاقتصاد الإسرائيلي والتي تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية على غرار قطاع الصناعة، الفلاحة، السياحة، المؤسسات الناشئة، الصغيرة والمتوسطة، قطاع المال والأعمال وكذا قطاع الإعمار والبناء، إضافةً إلى قطاع التجارة سواء البينية الداخلية أو التجارة الخارجية.
وفي هذا الصدد، أوضح البروفيسور هباش في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ كل الأرقام تُشير إلى أنّ اقتصاد الكيان الصهيوني أمام مفترق طرق وهو على عتبة الإفلاس، فلولا المساعدات التي يتلقاها بطرق مباشرة وغير مباشرة من الدول الداعمة له لكان قد انهار تماماً وقُضي أمره، حيث أنّ الخسائر التي تحملها الاقتصاد الصهيوني بسبب تداعيات العدوان على قطاع غزّة بعد ستة أشهر من هذا العدوان الغاشم وصلت إلى حدود 73 مليار دولار وهي ميزانية كبيرة وضخمة جدّا خاصة في ظل الأزمة العالمية التي يعرفها الاقتصاد العالمي ككل.
في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أنّه ومن خلال تمحيص الأرقام والإحصائيات المُتاحة، نجد أنّ اقتصاد الكيان الصهيوني سيسجل عجزا في الموازنة العامة بنسبة 8.6 بالمائة خلال السنة المقبلة أي ما يعادل ما قيمته 33 مليار دولار، في حين تشير التوقعات إلى أن العجز في الموازنة سيستمر لسنوات قادمة ومن المرجح أن يصل إلى ما نسبته 3.9 بالمائة خلال سنة 2025، ومن المرجح كذلك أن يصل إلى مستويات أكبر خلال باقي السنوات القادمة نتيجة عدم قدرته على التعافي من هذه المخلفات الكبيرة، كما أن الإنفاق بالنسبة إلى اقتصاد الكيان الصهيوني في السنة المنقضية ارتفع إلى حدود 12.5 بالمائة وبالتالي فمن المتوقع أن يتم تسجيل عجز في الموازنة مقارنةً بالناتج الإجمالي المحلي بما نسبته 65.7 بالمائة، كذلك تشير التقديرات إلى أنّ الكيان الصهيوني سيتحمّل أعباءً إضافية وخسائر تصل قيمتها إلى حدود 69.7 مليار دولار خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 2023 و2025.
في سياق ذي صلة، يرى الخبير في الاقتصاد أنّ هذه الإحصائيات هي نتاج للتقلبات والهزات الكبيرة جدّا التي يشهدها اقتصاد الكيان الصهيوني والذي يقترب من شلل شبه تام على مستوى العديد من القطاعات والمجالات، فمثلا لو نلقي نظرة على قطاع السياحة الذي كان يعتبرُ أحد أهم روافد الدخل الوطني بالنسبة لاقتصاد الكيان، نجد أن عدد الرحلات خلال الفترة الممتدة من 2023 إلى 2024 قد تراجع مقارنةً بسنة 2022 إلى 2023 من 70 ألف رحلة سنويا إلى 38 ألف رحلة، وهذا فقط عبر مطار بن غوريون، وهذا مؤشر قوي جدا على أن البيئة هناك أصبحت بيئة غير مستقرة تتسم بحالة من عدم الاستقرار، كما أنها تحولت إلى بيئة غير جذابة سواء بالنسبة للسياحة أو بالنسبة حتى لمناخ الاستثمار ومناخ المال والأعمال وما إلى ذلك.
إلى جانب ذلك، أفاد البروفيسور هباش، أنّ اقتصاد الكيان الصهيوني في الوقت الراهن يتحمل كذلك تبعات كبيرة جدّا على المستوى الداخلي، فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد تم نزوح أكثر من 240 ألف صهيوني من الجنوب إلى الشمال، الأمر الذي استدعى تأجير نحو 438 فندقا ومركز إجلاء بتكلفة وصلت إلى حدود 6.8 مليار دولار، إلى جانب ذلك تشير التقديرات الأولية إلى أنّ شركات التأمين تلتزم بتقديم التعويضات لما يزيد عن 64 ألف مصاب، تصل قيمتها إلى حدود 6.2 مليار دولار، هذا ما شكّل عبئا آخر على اقتصاد الكيان الصهيوني.
إضافةً إلى حالة الركود التي يعرفها القطاع الصناعي بالنسبة إلى معظم المؤسسات الصناعية الاقتصادية الإسرائيلية على مختلف مستوياتها، وذلك بسبب حالات تغيب العمال الكبيرة، لعدة أسباب أبرزها الهجرة الكبيرة جدا التي عرفها هؤلاء المرتزقة نحو بلدانهم الأصلية بسبب طول أمد الحرب الشعواء التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي السافر ضد الآمنين في بيوتهم في قطاع غزّة.
هذا، وأشار المتحدث إلى أنّ اقتصاد الكيان الصهيوني أصبح يعرف خناقا كبيرا جدا فيما يتعلق بالتزود بالمواد الأولية والمواد النصف مصنعه على اعتبار أنّ معظم الموانئ الإسرائيلية أصبحت تعرف شلالا تاما بسبب رفض المؤسسات الناقلة البحرية الكبرى القدوم إلى موانئ الاحتلال نتيجة الاضطرابات التي تعرفها منطقة البحر الأحمر، بسبب رد فعل الحوثيين على العدوان على قطاع غزة، إضافةً إلى الهجمات الإيرانية التي ضاعفت من حجم الضغط والتوتر الذي تعرفه المنطقة، وبالتالي أصبحت الموانئ الإسرائيلية أو الوجهة الإسرائيلية وجهةً غير مرغوب فيها لما تشكله من مخاطر عالية جدا، ومن هنا أصبحت مختلف المؤسسات التجارية تتجنب الوجهة الإسرائيلية، أما بعض السفن التي تصل إلى موانئ الاحتلال فإنها تُحمّل الكيان أعباءً كبيرة جدا نتيجة ارتفاع تكلفة النقل من جهة وارتفاع تكاليف التأمين من جهة أخرى، وهذا ما ينعكس مباشرة على ارتفاع أسعار المواد النهائية بالنسبة لاقتصاد الكيان الصهيوني ما يؤدي إلى ارتفاعات في معدل التضخم وتراجع في الطلب ومن ثم دخول الاقتصاد الإسرائيلي في حالة ركود شبه تام.
على صعيد آخر، أبرز الخبير الاقتصادي الدولي، أنّ المؤسسات المصدرة للكيان الصهيوني أصبحت لا تجد المسار آمنا لتصدير منتجاتها عبر منطقه البحر الأحمر وهي المنطقة الأقرب والأكثر نفوذا إلى الأسواق الأوروبية والأسواق الآسيوية نتيجة الاضطرابات التي سبق الإشارة اليها، وعليه فإن اقتصاد الكيان الصهيوني حاليا يعرف خناقا على المستويين الداخلي والخارجي معا، وهو في حاله تخبط كبيرة وشديدة جدا ولم يجد مخرجا من هذا المأزق الذي لم تكن سلطات الكيان الصهيوني تتصوره، ولم تحسب حساب أن تستمر هذه الحرب وهذا العدوان إلى حدود أكثر من نصف عام.
وأردف محدث “الأيام نيوز” قائلا: “إنّ الانعكاسات الاقتصادية أصبحت كبيرة ومباشرة وغير مباشرة على اقتصاد الكيان الصهيوني، حتى أنّ البنك المركزي الإسرائيلي قام بطرح سندات خلال شهر فيفري للاكتتاب العام بحثاً عن السيولة المالية، إلى أنّ هذه المبادرة لم تعرف ذلك الرواج والإقبال الذي ربما خططت لها الجهات النقدية الإسرائيلية لاستقطاب السيولة المالية، حيث أصبحت البيئة الاستثمارية ومناخ الأعمال بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي مناخا طاردا للاستثمار ومناخا غير جذاب وغير مستقر، وهذا ما أكدته وكالة موديز للتصنيف الائتماني، هذه الوكالة العالمية التي قامت بتخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد الإسرائيلي في شهر فيفري وهو تخفيض تاريخي لم يعرفه الاقتصاد الإسرائيلي من قبل وهذا ما يشكل الآن حسب التقرير ذاته مؤشرا قويا جدا لهروب العديد من الاستثمارات الدولية التي كانت متواجدة داخل الكيان من جهة وعدم قدرة البيئة والمناخ الاستثماري الإسرائيلي على جذب استثمارات خارجية من جهة أخرى، حيث أن الاستثمار في هذه البيئة وفي هذه الظروف يشكل مخاطرا مالية واقتصادية كبيرة جدا”.
في سياق متصل، أوضح الخبير في الاقتصاد، أنّ استمرار هذا العدوان سيكلف تكاليف حرب إضافية، حيث تشير التقديرات إلى أنه في النصف الأول من العدوان الصهيوني على القطاع، كانت التكاليف تقدر تقريبا بنحو 240 مليون دولار يوميا والآن اصبحت ابتداء من شهر جانفي في حدود 93 مليون دولار يوميا، وهذا مؤشر على تراجع القدرة المالية وتأثر الاقتصاد الإسرائيلي من الناحية المالية ومن الناحية الاقتصادية وعدم قدرته على توفير السيولة المالية اللازمة للاستمرار في هذه الحرب، حيث تشير مصادر مطلعة أن تكلفة الصواريخ التي تم استعمالها لاعتراض المسيرات والصواريخ التي تم إطلاقها مؤخرا من إيران اتجاه الأراضي المحتلة، قدرت بحوالي واحد مليار دولار، تأتي كلها كأعباء إضافية تضغط أكثر على اقتصاد الكيان الصهيوني المُنهك أساسا.
وتابع قائلا: “هناك نقطة أخرى ربما لا ينتبه إليها الكثير، وهي قضية المقاطعة، مقاطعة الشركات العالمية الكبرى التي كانت تشكل دعما للكيان الصهيوني، حيث تراجعت القدرات المالية لهذه الشركات بسبب المقاطعة، ما دفعها إلى التخفيض من مستوى وحجم وقيمة دعمها للاقتصاد الإسرائيلي وهي نقطة مهمة جدا ضاعفت من حجم الضغوط على اقتصاد الكيان الصهيوني وعلى حكومة نتنياهو”.
خِتاماً، أبرز الخبير الاقتصادي الدولي، البروفيسور فارس هباش، أنّ كل هذه المؤشرات سواء المؤشرات المالية أو الاقتصادية أو الاستثمارية المباشرة وغير المباشرة، الداخلية أو الخارجية كلها تصنف في الخانة الحمراء وكلها تدق ناقوس الخطر وتنذر بأن اقتصاد الكيان الصهيوني ومن خلال مواصلته العدوان على قطاع غزة، هو اقتصاد مقبل على الإفلاس وعلى حالة فشل وركود شبه تام، خاصةً أنّ هذه الحالة غير المستقرة وهذا العدوان أعاق التجارة الدولية للكيان الصهيوني وقلل من الثقة بينها وبين معظم الدول مما أثر سلبا على الاستثمارات الأجنبية والتعاون الاقتصادي وهذا ما انعكس على التنمية الاقتصادية المستدامة وأثر بشكلٍ لافت على قدره الكيان الصهيوني على تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لمواطنيه.
“تداعيات العدوان على غزّة تتجاوز كل الحدود..
عدوى الاقتصاد الإسرائيلي المنهار تصيب الاقتصاد العالمي
أفاد الخبير في الاقتصاد والأستاذ الجامعي، مراد كواشي، أنّه لا توجد أرقام دقيقة عن حجم الخسائر الاقتصادية التي تكبدها اقتصاد الكيان الصهيوني منذ بداية عدوانه الجائر على قطاع غزّة، إلاّ أنّ هناك أرقاماً تقديرية تُشير إلى أنّ تكلفة الحرب الصهيونية على القطاع، بلغت نحو 60 مليار دولار، وكان هذا خلال جانفي الماضي ما يعني وحسب مصادر مطلعة أنّ خسائر الحرب بالنسبة للكيان تقدر يوميا بحوالي 270 مليون دولار، فلو قمنا بتمديد لهذه الفترة على اعتبار أن هذه الأرقام تخص بداية السنة الجارية أعتقد بأنه يمكن القول بأن خسائر الاقتصاد الإسرائيلي في الوقت الحالي قد تتجاوز تقريبا 150 مليار دولار.
وفي هذا الصدد، أوضح البروفيسور كواشي في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ هذه الخسائر تتمثل أساساً في التكاليف العسكرية المباشرة وفي تكاليف إصلاح الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية المدنية، والممتلكات الخاصة والعمومية في المجتمع الإسرائيلي والتي تقدر بحوالي 50 مليار دولار، إضافةً إلى التعويضات التي تُمنح إلى الشركات الإسرائيلية، كما أن هناك تعويضات أخرى تقدّم إلى الأسر الإسرائيلية، زد على ذلك نجد أنّ الخزينة العمومية للكيان خسرت إيرادات كبيرة من الضرائب التي تدفعها للشركات العاطلة عن العمل، بالإضافة إلى الرواتب التي تُدفع إلى جيش الاحتلال وهي ميزانية ضخمة جدا، والتكاليف الأخرى التي تدفع إلى جنود الاحتياط، حيث أنّ كل جندي احتياط من المفروض أن تُمنح له تقريباً 80 دولار يوميا.
إلى جانب ذلك، أشار محدثنا إلى أنه من المرتقب أن يسجل معدل نمو الاقتصاد الإسرائيلي معدلا صفريا، ما يعني صفر بالمائة، ومن المرتقب أيضا أن تكون هناك حالة من الانكماش تتجاوز 10 بالمائة في الاقتصاد الإسرائيلي، كما أنّ تداعيات الحرب لم تمس الاقتصاد الإسرائيلي فقط بل تجاوزته إلى الاقتصاد العالمي وهذا بالنظر إلى الأحداث الجارية في البحر الأحمر والتي أثرت كثيراً على حركة الملاحة البحرية وأيضاً على سلاسل الإمدادات ممّا أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، حيث ارتفعت فاتورة التأمين على كل سفينة تقريبا إلى ما نسبته 15 بالمائة، وهذا ما أدى إلى رفع نسب التأمين بنسبة كبيرة جدّا، الأمر الذي أثر في الأخير على أسعار السلع وعلى الأسواق العالمية بما فيها أسواق الطاقة.
وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أفاد الخبير في الاقتصاد والأستاذ الجامعي، مراد كواشي، أنه في حال طال أمد العدوان الصهيوني على القطاع واحتدم الخلاف أكثر بين إيران والكيان الصهيوني، فإن ذلك سوف يلهب المنطقة ويلهب معها أسعار النفط والطاقة مما سيؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وبالتالي نستطيع القول بأنه وبالرغم من أن الكيان ربما قد يجد من يموله ولا يتحمل بشكل كامل كل هذه الأعباء والتكاليف وحده، إلا أن استمرار هذا العدوان المجنون على قطاع غزّة قد يدخل اقتصاد الكيان الصهيوني في مأزق حقيقي أكثر مما هو فيه الآن.
اكتمال دائرة الهزيمة..
“إسرائيل” تطالع سجل خسائرها الاقتصادية
بقلم: الدكتور محمد حيمران – أكاديمي وخبير اقتصادي
إنّ حرب “إسرائيل” في غزّة والصّراع المحدود مع حزب الله على حدودها الشّمالية مع لبنان يؤثّران سلباً على الاقتصاد “الإسرائيلي”. فاستمرار العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزّة المحاصر قد عمّق خسائر تل أبيب على المستويين السّياسي والعسكري ويتزامن هذا مع تقرير معاريف الذي أكّد على أنّ الأضرار النّاجمة عن الحرب على قطاع غزّة أكبر بستة أضعاف من تلك التي خلّفتها الحرب الثّانية على لبنان عام 2006، إنفاقًا مباشرًا يوميًا بسبب الهجمات، منذ 7 أكتوبر، فقد أنفق الكيان الإسرائيلي نحو 300 مليون دولار.
ويمكن تقييم العدوان العسكري على غزّة من خلال التّركيز على أربعة عوامل رئيسية هي: الخسائر في النّاتج المحلّي الإجمالي، والأفق الزّمني للتّعافي، والأثر المباشر على الأنشطة الاقتصادية بسبب الأضرار، والآثار المتوسطة الأجل على الفقر وإنفاق الأسر المعيشية.
ففي الرّبع الأخير من عام 2023، انكمش النّاتج المحلّي لـ”إسرائيل” بنحو 20 بالمائة، وانخفض الاستهلاك بنسبة 27 بالمائة والاستثمار بنسبة 70 بالمائة حسب مكتب الإحصاء المركزي “الإسرائيلي”.
وأدّى اندلاع الحرب إلى تعطيل حوالي 18 بالمائة من القوى العاملة في “إسرائيل”. ففي شهر أكتوبر، تمّ هروب وإجلاء 250 ألف شخص من المستوطنات الحدودية. وفي الوقت نفسه، تم استدعاء حوالي 4 بالمائة من القوى العاملة -أي حوالي 300 ألف شخص- للعمل في قوّات الاحتياط. وبلغ معدّل نمو الاقتصاد “الإسرائيلي” 2 بالمائة في العام الماضي، بعدما وصل إلى 6,5 بالمائة في عام 2022.
في 9 فيفري 2024، قرّرت وكالة موديز لخدمات المستثمرين خفض التّصنيف الائتماني لـ”إسرائيل”، وخفّضت وكالة موديز التّصنيف الائتماني للكيان من A1 إلى A2 مع نظرة مستقبلية سلبية، بعد أن خفّضت التّصنيف من مستقر. وبينما يستمرّ العدوان العسكري، يمكن تقدير عواقبها من خلال الاستعانة بالبيانات والاتّجاهات الاقتصادية التّاريخية. وانخفضت الأسعار لكن التّصعيد قد يؤدّي إلى إعادة ارتفاعها.
وتوقّع مركز تاوب لدّراسات السّياسة الاجتماعية، وهو مركز أبحاث “إسرائيلي”، أن يواصل الانكماش في اقتصاد الكيان الصّهيوني، وذكر التّقرير الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز في ديسمبر الماضي، أنّ نحو 20 بالمائة من القوى العاملة الإسرائيلية كانت مفقودة من سوق العمل في أكتوبر، مقارنة بـ 3 بالمئة قبل بدء الاعتداءات الصّهيونية.
ويعكس الارتفاع الكبير في معدّلات البطالة حقيقة أنّ حوالي 900 ألف شخص من الصّهاينة إمّا مجنّدين في الجيش، أو عاطلون عن العمل في منازلهم، وقد فرّوا من المستوطنات التي تركّزت فيها الهجمات، مثل الحدود مع لبنان وغزّة، أو غير قادرون على العمل بسبب الحرب، بعد أن تمّ تدمير مجالات عملهم.
كما أنّ 22 بالمائة من المواطنين -حوالي 710.000 أسرة- تعاني من انعدام الأمن الغذائي (…). إنّها زيادة مهمّة للغاية للأسر الضّعيفة، حيث وصل عددهم إلى 522000 دولار في عام 2021.
فقد تضرّر الاقتصاد “الإسرائيلي” جراء التّكاليف المرتبطة بتعبئة قوّات الاحتياط في الجيش، وانخفاض السّياحة، وضعف معنويات الأعمال. وانخفض سعر الشّيكل “الإسرائيلي” بشكل حاد في الأسابيع التي تلت 7 أكتوبر، لكنّه ارتفع منذ ذلك الحين بعد أن أفرج البنك المركزي عن 30 مليار دولار من احتياطيات النّقد الأجنبي. ووفّرت المساعدات العسكرية الأمريكية أيضًا درعاً للاقتصاد “الإسرائيلي”.
فالسّبب الرّئيسي للانكماش الاقتصادي هو تأثير الاستهلاك الدّاخلي، الذي يقلّ عن 26.9 بالمائة، بينما انخفضت استثمارات الشّركات إلى 67.8 بالمائة وانخفضت الصّادرات بنسبة 18,3 بالمائة والواردات بمعدل 42 بالمائة بعد البيانات المنشورة من قبل المكتب المركزي للإحصاء “الإسرائيلي”، يعود أساس PIB بشكل أساسي إلى الذي انخفض بنسبة 26,9 بالمائة. وفي نفس الوقت، ارتفعت نفقات الحكومة إلى 88.1 بالمائة لتعويض جزء من الخسائر وبشكل أساسي ما يتعلّق بنفقات الحرب.
أصبح تأثير الحرب على غزّة واضحًا بالفعل على الاقتصاد “الإسرائيلي”، فهذه هي المرّة الأولى التي تخلّت فيها وكالة موديز عن مذكرة التّفاهم “الإسرائيلية” التي تمّ اعتبارها بمثابة انقلاب على الصّورة الدّولية للمدفوعات، وذلك في إطار استخدام المستثمرين للورقة لحساب مخاطر الاستثمار في بعض الأمور.
ويتوقّع البنك “الإسرائيلي” تباطؤ النّمو خلال الأشهر الثّلاثة من عام 2024، حيث قام البنك “الإسرائيلي” بمراجعة توقّعاته لعام 2024 من نسبة 3.5 بالمائة إلى 8.2 بالمائة وزادت نسبة الإيداع بنسبة 0,5 بالمائة بين الأشهر الثّلاثة والرّابع من عام 2023، بما يتراوح بين 4 بالمائة إلى 4,5 بالمائة. وتمثّل هذه البيئة 35000 شخص إضافيين في الاختيار.
ونشر المكتب المركزي للإحصاء “الإسرائيلي” بيانات تشير إلى وجود 22 ألف موظّف في قطاع السّياحة بين أكتوبر 2023 وجانفي 2024. وحسب غرفة التّجارة “الإسرائيلية” ففي نفس الفترة فقد العمال أكثر من 50000 وظيفة في قطاعات مختلفة، مثل السّياحة والصّناعة والبناء. ومن صعوبات التوظيف: تواجه الشّركات “الإسرائيلية” صعوبات منذ 7 أكتوبر 2023 في توظيف موظّفين مؤهّلين في قطاعات معيّنة.
وانخفضت الصّادرات الإسرائيلية إلى 5 بالمائة خلال الأشهر الثّلاثة الأخيرة من عام 2023، ووقع اضطراب في سلاسل التّوريد، ممّا أدّى إلى زيادة أسعار الواردات، وزيادة التّضخّم في “إسرائيل” في عامي 2023 و2024، بنسبة 5 بالمائة على أساس سنوي في جانفي 2024. وتمّ زيادة الفائدة في العديد من المرّات لمكافحة التضخّم.
من جهة أخرى، بلغ إجمالي حجم المساعدات الاقتصادية الأمريكية لـ”إسرائيل” منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 19 فيفري 2024 ما بين 3.8 مليار دولار و18.1 مليار دولار. وتقدّر تكلفة الحرب بحوالي 60 مليار دولار من ميزانية الدّفاع على مدار أربعة أشهر الأخيرة، مع إضافة التّأثيرات الاقتصادية المختلفة. ولقد أدّت الهجمات “الإسرائيلية” إلى زيادة في النّفقات المالية، وزيادة في الرّكود الاقتصادي، ونقص في الإنتاج الدّاخلي الخا، فزادت نفقات الميزانية في “إسرائيل” بنسبة 90 بالمائة منذ بداية الحرب لتمويل النّفقات العامّة.
ولقد تتسبّب الأضرار النّاجمة عن الهجمات في حدوث تأثيرات مباشرة، مثل عدم الاستثمار بشكل كبير، واضطراب في سوق العمل، وزيادة في تكاليف الإنتاج، بعد أن أدت الهجمات إلى تعطيل السّياحة في “إسرائيل” بشكل كامل، ومشاكل في القطاع البحري، وفي قاعدة الإنتاج الزّراعي والتّكنولوجي.
ستتواصل معاناة قطاع السّياحة في المدى المتوسّط، حيث لن تتمكّن البلاد من الحفاظ على بيئة مواتية للزيارات، ولن تجذب فرصًا مرتفعة للإيرادات، ولن تعود قريبا لـ”إسرائيل” الوجهة السّياحية، ومن هذا فقد أضاعت مقوّمات اقتصادية بعد تلطيخ سمعتها من خلال أعمالها الإرهابية.
قد تخسر “إسرائيل” 400 مليار دولار من الأنشطة الاقتصادية على مدار 10 سنوات متتالية بسبب الصراع. علاوة على ذلك، فإن 90 بالمائة من الأضرار التي لحقت بـ”إسرائيل” تؤدّي إلى آثار غير مباشرة، مثل انخفاض الاستثمارات، وتدهور سوق العمل، وخسارة الإنتاجية، وانخفاض الاقتصاد.
وبشكل عام، فإن عام 2024 سيكون أكثر صعوبة بالنّسبة للاقتصاد “الإسرائيلي”، مع نمو قد يكون أقل من 3 بالمائة. ويمكن أن يؤدّي هذا الوضع إلى عواقب على مستوى حياة “الإسرائيليين”، وعلى التّوظيف في البلاد، وعلى قدرة الحكومة على تمويل نفقاتها.
شبح “السّنة المفقودة” يهدّد الاقتصاد “الإسرائيلي” بحلول عام 2024؛ علاوة على ذلك، فإنّ السّنة الجديدة التي تبدأ بدون ميزانية دولة مكيفة مع اقتصاد الحرب، وهو ما يؤكد سيناريو الرّكود الذي يلوح في الأفق.
عملاء الاحتلال في صدمة..
المقاومة تعبث بـ”هيبة” الكيان الصّهيوني
بقلم: الدكتور عبد الله المَشوخي – أكاديمي فلسطيني
بعد هزيمة العرب أمام الكيان الصّهيوني سنة 1967م والتي سميت بالنّكسة إثر هزيمة منكرة منيت بها الأنظمة العربية خلال بضع ساعات، شاع إثر ذلك مقولة متداولة بين النّاس أنّ “جيش الدّفاع الإسرائيلي” لا يقهر.
وتمّ ترسيخ هذه المعلومة في أذهان النّاس عبر العديد من وسائل الإعلام المختلفة. لا أدري من كان يقف خلف نشر مثل هذه المعلومات لتصبح مسلّمة في عقول العرب.
وعندما قام الرّئيس صدام حسين بدكّ الكيان الصّهيوني بـ 38 صاروخ سكود سنة 1991م وهزّت الكيان الصّهيوني برمّته وجدنا من يروّج بأنّها صواريخ عبثية لا تغني ولا تسمن من جوع، ثمّ تبيّن فيما بعد أنّها أسفرت عن مقتل 14 صهيونيًا وإصابة العشرات بجراح. فمن يا ترى أشاع أنّها صواريخ لا قيمة لها؟
وعندما بدأت المقاومة في غزّة بضرب الكيان الصّهيوني بصواريخ تمّ وصفها بالصّواريخ العبثية لاسيما من قبل سلطة أوسلو. وعندما قامت إيران قبل أيّام بضرب الكيان الصّهيوني بصواريخ زعموا أنّها صواريخ كرتونية (مسرحية) لم تسفر عن أيّ شيء، والسّؤال.. من يروّج لمثل هذه الأقاويل التي تهدف إلى استحالة النّيل من الكيان الصّهيوني أو كسر شوكتهم؟
من يروّج لإبقاء صورة جيش الكيان الصّهيوني بأنّه جيش لا يقهر؟ من يروّج إلى أنّ أيّ مقاومة لمواجهة اليهود تعدّ عبثًا لا جدوى من خلفها؟ هل الهدف من كل ما سبق ترسيخ قناعة في أذهان الشعوب العربية أن جيش الاحتلال اليهودي لا يقهر وذلك من أجل ترسيخ حالة من اليأس والإحباط من مواجهته؟ وأنّ هذا الكيان الدّخيل راسخ على أرض فلسطين كرسوخ الجبال الرواسي على الأرض.
وبالمقابل نجد جيشًا من الذّباب الإلكتروني يروّج للتّسليم بقبول الكيان الصّهيوني وضرورة التّعامل معه كواقع ملموس. وعلى إثر ما سبق تمّ الاعتراف بالكيان وإقامة علاقات متكاملة معه وتطوّرت الأمور إلى تحالف تام بل والأدهى من ذلك وقوف بعض الأنظمة العربية بجانبه ضدّ المقاومة في غزّة العزّة.
هكذا تمّ كيّ الوعي في عقول العرب على مراحل بدءًا من تضخيم قوّة الكيان الصّهيوني وسطوته إلى استحالة مواجهته وأن لا قبل للعرب بمواجهته، إلى التّسليم به كواقع يستحيل إزالته، ثمّ الاعتراف به والتّطبيع معه.
حتّى جاء يوم السّابع من أكتوبر المجيد ليبرهن للجميع أنّه كيان هشّ وأنّه أوهن من بيت العنكبوت وأنّ هزيمته ممكنة ويكفي البرهان على ذلك صمود المقاومة أمام بطش الكيان وسائر الحلفاء لمدّة تزيد عن ستّة أشهر وعجز الكيان عن تحقيق أيّ هدف من أهدافه.
في الختام ما زالت الماكينة الإعلامية الصهيو-عربية تتعامل مع الشّعوب العربية كما أنّها شعوب ساذجة مغفّلة تنقاد كالقطيع. وإذا ما غضبت فغضبها مؤقّت بمثابة (زوبعة في فنجان) كما يقال.
والسّؤال متى يدرك حكّام العرب أنّ شعوبهم بدأت تستيقظ وتدرك ما يحاك حولها من مؤامرات ومكائد وأنّ الشّعوب أصبحت كما يقال (شبّ عمرو عن الطّوق) وبدأت تدرك أنّ زوال الكيان أصبح قاب قوسين أو أدنى متى توافرت الإرادة.
متى يدرك حكّام العرب أنّ حماس ومعها سائر فصائل المقاومة أزالت هيبة الكيان وكسرت شوكته رغم الحصار ورغم محدودية إمكانياتهم ورغم تكالب الجميع عليهم. متى يدرك حكّامنا أنّ الانحياز لشعوبهم وموالاتهم لله أوّل خطوة من خطوات زوال الكيان الصّهيوني.
أسأل الله أن يعجّل بالفرج وأن ينصرنا على اليهود ومن والاهم.