تزايدت وتيرة التوتّر في الضفة الغربية ـ خلال الأسابيع الماضية ـ بين جيش الاحتلال الصهيوني والفلسطينيين، بعد أعوام من هدوء نسبي شهدته مدن الضفة التي احتلتها «إسرائيل» في عام 1967.
وتعيد الصور ومقاطع الفيديو، المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعية، إلى الأذهان، في مدن وشوارع وأزقة الضفة الغربية، مشاهد الأيام الأولى لانتفاضة الأقصى التي بدأت في عام 2000.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، إن جرائم الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية أدت إلى تصاعد مقاومة أبناء الشعب الفلسطيني، مضيفا في حديث مع «الأيام نيوز» أنّ الفعل المقاوم في الضفة الغربية يشهد تطوراً غير مسبوق، من حيث حجم العمليات أو الأدوات المستخدمة، منوهاً أن الأسلحة الرشاشة أصبحت الوسيلة الأكثر استخداماً في ساحة المقاومة الفلسطينية.
وأشار إلى أنّ (عرين الأسود)، وهي مجموعة فلسطينية مسلّحة من الفصائل الفلسطينية، تعمل وفق مخططات منظّمة ومدروسة جيداً، يتبعها أعمال أمنية دقيقة، ما أدى إلى نجاح العمليات التي تنفّذها، مع تسجيل قتلى في صفوف الاحتلال الصهيوني.
ومنذ بداية العام الجاري، استشهد ما لا يقل عن 100 فلسطيني بنيران جنود الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
ويرى «الصواف» أنّ المقاومة الفلسطينية، أصبح لديها وعي بأهمية التخطيط ووضع الترتيبات الأمنية، في البحث عن الأهداف وتحديد الأماكن وسرعة الانسحاب بعد تنفيذ العملية، دون استطاعة الاحتلال الصهيوني الإمساك بمنفذي العمليات أو أعوانهم.
ونوّه إلى أنّ أغلب منفذي العمليات في مرحلة الشباب، مؤكداً أن إيمانهم بقضيتهم العادلة هو الدافع الأساسي لهم للانضمام في العمل المقاوم.
ولفت «الصواف» إلى محاولات استفزاز المستوطنين لمشاعر أبناء الشعب الفلسطيني من خلال ارتفاع وتيرة الاقتحامات للمسجد الأقصى، والانتهاكات المستمرة له من خلال تنفيذ طقوس صهيونية بحجة الأعياد.
وذكر أنّ الشباب الفلسطيني الثائر نشأ بعد اتفاق أوسلو الذي أقرّ الفلسطينيون بفشله، منوهاً إلى أنّ هذا الاتفاق كان من الأسباب التي أدّت لضياع القضية الفلسطينية، وتمادي الاحتلال الصهيوني في جرائمه بحق المقدسات الدينية.
وفي سياقٍ متصل، قال الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، إن المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية أخذت منحى جديد عبر الفعل المنظّم، وتحديداً في جنين ونابلس.
وأضاف قاسم لـ«الأيام نيوز» أن المقاومة في الضفة، تشهد حالة من الوحدة الميدانية الحقيقية لجميع الفصائل الفلسطينية، لمواجهة جرائم الاحتلال الصهيوني المتزايدة بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الدينية، مشيرا إلى أنّ الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية زادت من قوتها، لافتاً إلى الأحداث الجارية في مخيّم شعفاط بعد عملية إطلاق النار، وحصار الاحتلال الصهيوني لأهالي المنطقة.
وأكّد «قاسم» أنّ الاحتلال الصهيوني، يعيش حالة من التخبّط والارتباك في الضفة الغربية، بعد تصاعد الفعل المقاوم بشكل غير مسبوق، ضدّ جنود الاحتلال والمستوطنين في مختلف المناطق الفلسطينية، مشدّدا على أنّ المقاومة الفلسطينية ستواصل توسّعها في كافة المدن، ولن تهدأ إلا بكسر الاحتلال الصهيوني وتحقيق الحرية.
ومن جانبه، قال المتخصّص في الشأن الصهيوني، سعيد بشارات، إنّ الضفة الغربية ستشهد تصاعدا في الحالة النضالية، وقد ترتقي المرحلة القادمة إلى الانتفاضة الفلسطينية التي حدثت عام 2002.
ومنذ مارس الماضي، جرى مقتل وجرح عشرات الصهاينة في عمليات نفذّها فلسطينيون احتجاجاً على استمرار اعتداءات الاحتلال الصهيوني خاصة لما يحدث في المسجد الأقصى.
وتابع «بشارات» لـ«الأيام نيوز» إن انتفاضة 2002، بدأت بالحصار الصهيوني لبعض المخيّمات والمناطق، كما يحدث في الوقت الحالي بمخيّم شعفاط، منوهاً إلى حالات الإضراب العام المتكرّرة من قبل أبناء الشعب الفلسطيني في نابلس والقدس، رفضاً لهذه الإغلاقات.
ويرى أنّ الاحتلال الصهيوني دخل في مرحلة المعركة الشاملة مع الفلسطينيين، من خلال إغلاقه لأهم الحواجز في الضفة الغربية، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة المقاومة الفلسطينية، رفضاً لجرائم الاحتلال وانتهاكاته بحق المقدّسات الدينية.
وتطرّق «بشارات» إلى العمليات الفلسطينية التي قال إنها أصبحت منظّمة، بانضمام بعض العناصر التي أدت إلى تطوير المقاومة ميدانياً وأمنياً، مستدركا بالقول: إنّ “العناصر الأمنية الفلسطينية استطاعت تنفيذ عمليات خارج أماكن تحصّنهم، في جنين ونابلس وشعفاط، أدّت إلى وقوع خسائر بشرية في صفوف الاحتلال الصهيوني”.
وأشار «بشارات» إلى أنّ منظمة (عرين الأسود) أصبحت نموذجا مؤثرا أدى إلى توسّع سياسة المقاومة العامة في فلسطين، ما سيشجّع على انضمام عناصر ومجموعات جديدة في مناطق أخرى من الأراضي الفلسطينية المحتلة.