وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء، إلى “إسرائيل”، التي تعتبره صديقا قديما، في مستهل جولة بالشرق الأوسط تنطوي على رهانات كبيرة وتهيمن عليها جهود التقريب بين “إسرائيل” والسعودية وإقناع الحلفاء الخليجيين بزيادة إنتاج النفط.
ولدى وصوله على متن طائرة الرئاسة إلى مطار بن جوريون، الذي سار على مدرجه لأول مرة عام 1973 عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ، صافح بايدن رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي يائير لابيد ووصف في كلمة ألقاها علاقات الولايات المتحدة بـ “إسرائيل” بأنها “عميقة للغاية”.
وأضاف “لست بحاجة إلى أن تكون يهوديا كي تكون صهيونيا”، في حين عاود التأكيد على دعمه لحل الدولتين الذي وصفه بأنه “أفضل أمل لـ ‘إسرائيل’ والفلسطينيين”.
وعبر بايدن عن دعمه للأيديولوجية وراء تأسيس “إسرائيل” على أراض ذات جذور يهودية قديمة وهو ما يرفضه الكثير من الفلسطينيين.
وعاود بايدن تأكيد الرغبة الأمريكية في استئناف المفاوضات المتوقفة بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ عام 2014، واصفا حل الدولتين بأنه “أفضل أمل”.
وبعد اجتماعات منفصلة مع زعماء إسرائيل والفلسطينيين، سيتوجه بايدن يوم الجمعة إلى السعودية لحضور قمة للحلفاء الخليجيين. وبينما يتعرض لضغوط داخلية لخفض أسعار البنزين المرتفعة التي أضرت بشعبيته في استطلاعات الرأي، من المتوقع أن يضغط الرئيس الأمريكي على الحلفاء الخليجيين لزيادة إنتاج النفط.
وهذه أول زيارة لبايدن إلى “إسرائيل” منذ دخوله البيت الأبيض قبل 18 شهرا. ووصف بايدن الزيارة في مقابلة تلفزيونية بأنها “مثل العودة إلى الوطن”. لكن هذه هي عاشر زيارة يقوم بها بايدن لـ “إسرائيل” خلال حياته السياسية الطويلة.
وفي خطاب ترحيبي، وصف لابيد بايدن بأنه “أحد أفضل الأصدقاء الذين عرفتهم “إسرائيل” على الإطلاق”. لكن “إسرائيل” والولايات المتحدة اختلفتا في بعض الأحيان حول الملف النووي الإيراني وآفاق إقامة دولة فلسطينية.
التطبيع بين إسرائيل والسعودية “سيستغرق وقتا طويلا”
يمكن أن تسفر الزيارة عن مزيد من الخطوات نحو تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والسعودية، وهما خصمان تاريخيان لكنهما من أقوى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة ولديهما مخاوف مشتركة تجاه إيران.
وقال بايدن للقناة 12 في “التلفزيون الإسرائيلي” إن إقامة علاقات إسرائيلية سعودية “سيستغرق وقتا طويلا… لكن زيادة التعامل من حيث قبول وجود بعضنا البعض، والعمل معا على أشياء معينة، كل هذا يبدو منطقيا بالنسبة لي”.
وأضاف أن تعزيز اندماج الإسرائيليين في المنطقة يجعل “من المرجح أن تكون هناك وسيلة يمكنهم من خلالها التوصل في نهاية المطاف إلى تسوية مع الفلسطينيين”.
وأكد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان مجددا رغبة واشنطن في إعادة فتح قنصليتها في القدس، التي أغلقتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وكانت القنصلية تعمل على خدمة الفلسطينيين. ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.
وقال واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إنه لا يرى شيئا جديدا من بايدن فيما يتعلق بالقضايا الفلسطينية.
وأضاف “زيارة بايدن تهدف إلى دمج دولة الاحتلال في المنطقة العربية وبناء تحالف ضد إيران. أما عندما يتعلق الأمر بالتعهدات التي أطلقها الرئيس بايدن خلال حملته الانتخابية وفي بداية تسلمه الحكم، لا يوجد أي صيغة عملية لتعكس هذه الأمور على الأرض”.
الموقف من ولي العهد السعودي
سيكون أحد محاور زيارة بايدن المحادثات التي سيجريها في جدة مع القادة السعوديين بمن فيهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي تتهمه المخابرات الأمريكية بالوقوف وراء مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018.
ويمثل الاجتماع تغيرا في موقف بايدن السابق بجعل السعودية “منبوذة” بسبب مقتل خاشقجي. وسيُنظر عن كثب إلى كيفية تعامل البيت الأبيض للاجتماع من حيث إذا كان سيتم نشر صور له.
ويقول مساعدوه إنه سيطرح قضايا حقوق الإنسان في أثناء وجوده في السعودية، لكنه مع ذلك تعرض لانتقادات واسعة.
وكتب فريد رايان في مقال رأي بصحيفة واشنطن بوست يوم الثلاثاء يقول “يحتاج بايدن إلى أن يزيد السعوديون إنتاجهم النفطي للمساعدة في كبح أسعار الطاقة العالمية”. وأضاف “ترسل الرحلة رسالة مفادها أن الولايات المتحدة مستعدة لغض الطرف عندما تكون مصالحها التجارية على المحك”.
وستمثل محادثات بايدن مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعلى مستوى من الاتصال المباشر بين الولايات المتحدة والفلسطينيين منذ عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما. وقاطع الفلسطينيون إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بسبب ما رأوه انحيازا منها لإسرائيل.
وتصاعد التوتر بين “إسرائيل” والفلسطينيين بسبب مقتل الصحفية الفلسطينية التي تحمل الجنسية الأمريكية شيرين أبو عاقلة خلال مداهمة للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية في مايو أيار.
ويقول الفلسطينيون إن القوات الإسرائيلية قتلتها عمدا، بينما تنفي “إسرائيل” ذلك. وخلصت واشنطن إلى أنها قُتلت برصاصة من موقع إسرائيلي لكن لم يكن لديها دليل على أنها كانت متعمدة.
وطالبت عائلتها، التي اتهمت الولايات المتحدة بتوفير الحصانة لـ”إسرائيل” بشأن قتلها، مقابلة بايدن خلال رحلته إلى المنطقة هذا الأسبوع. وقال سوليفان إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تحدث مع أسرتها ودعاها إلى اجتماع.
وبينما يقدر الفلسطينيون أهمية استئناف العلاقات في عهد بايدن، فهم يريدون من الولايات المتحدة رفع منظمة التحرير الفلسطينية من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية والحفاظ على الوضع التاريخي الراهن في القدس وكبح التوسع الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية.
وقال “مسؤولون إسرائيليون” إن زيارة بايدن ستتضمن ما سموه إعلان القدس بشأن الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”.
وقال أحد المسؤولين إن الإعلان المشترك “يتخذ موقفا واضحا للغاية وموحدا ضد إيران وبرنامجها النووي وعدوانها في أنحاء المنطقة ويلزم كلا البلدين باستخدام كل عناصر قوتهما الوطنية لمواجهة التهديد النووي الإيراني”.
ومن المرجح أن يواجه بايدن أسئلة من “إسرائيل” ودول الخليج حول الحكمة من محاولاته لإحياء اتفاق إيران النووي.
وتلقى بايدن في مطار “بن جوريون” إفادة من “مسؤولي الدفاع الإسرائيليين” حول منظومة القبة الحديدية الدفاعية المدعومة من الولايات المتحدة ونظام جديد يعمل بالليزر يسمى “الشعاع الحديدي”. كما زار بايدن “النصب التذكاري الإسرائيلي” لضحايا “الهولوكوست” في الحرب العالمية الثانية حيث غالب دموعه بينما كان يتحدث إلى امرأتين من الناجين.
وتشهد “إسرائيل” صراعا سياسيا داخليا مع انهيار ائتلاف رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت في يونيو حزيران. وأدى هذا إلى تولي يائير لابيد رئاسة حكومة تصريف أعمال لحين إجراء انتخابات جديدة في نوفمبر تشرين الثاني المقبل، وهي خامس انتخابات في غضون أقل من أربع سنوات. وسيعقد لابيد مع بايدن مؤتمرا صحفيا مشتركا هذا الخميس.
كما سيلتقي بايدن برئيس وزراء الكيان السابق بنيامين نتنياهو الذي أصبح زعيم المعارضة الآن. وكان “نتنياهو” حليفا وثيقا لترامب ومنتقدا لإدارة أوباما عندما كان بايدن يشغل منصب نائب الرئيس.