يعيش رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، عزلة سياسية بعد تغيير موقفه من نزاع الصحراء الغربية، وتصاعد الأزمة مع الجزائر، حسبما ذكرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية.
ويواجه رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، رفضا لموقفه الجديد حتى من حلفائه في الائتلاف الحكومي، حيث ذكرت الصحيفة أن سانشيز رفض الذهاب إلى البرلمان الأربعاء الماضي لشرح تحول إسبانيا في علاقاتها مع المغرب والصحراء الغربية والجزائر، لكن أغلبية متنوّعة من البرلمانيين الإسبان من اليمين (حزب الشعب) واليمين المتطرف (فوكس) والوسط الليبرالي (Ciudadanos) والقوى الإقليمية التي تدعم عادة السلطة التنفيذية، أجبرت رئيس الحكومة على تقديم مبررات لهذه التحول التاريخي للموقف الإسباني.
واعتبرت “لوفيغارو” أن ظهور سانشيز في البرلمان، سلّط الضوء على وحدته العميقة، فداعمه الوحيد في هذا الموضوع هو تشكيله السياسي، الحزب الاشتراكي (PSOE)، القوة البرلمانية الأولى، لكن من دون الأغلبية المطلقة.
ويواصل حزب “يونيداس بوديموس” (اليسار الراديكالي) الذي يشارك في حكومة سانشيز بخمس حقائب وزارية، تضامنه مع الصحراويين، وفقا للتقاليد السياسية لليسار الإسباني، حيث هاجم المتحدث باسم الحزب، بابلو إشنيك، المغرب واصفاً إياه بـ”القوة المحتلة”، واعتبر في الوقت ذاته، أن الشعب الصحراوي “هو الشعب الذي تعرض للغزو”، مشددا على ضرورة الدفاع عن موقف الأشخاص الذين تعرضوا للهجوم، وهو أيضا موقف الأمم المتحدة، على حد قوله.
وتابعت “لوفيغارو” التوضيح أن الانقسامات كانت سيدة الموقف في صفوف أحزاب اليمين الإسبانية، فقد اعتبرت المتحدثة باسم حزب الشعب، كوكا جامارا، أن ”ما قدمه بيدرو سانشيز ليس موقف الحكومة، بل وجهة نظر الشخص الذي يقود جزءا من الحكومة”، قائلة إن هذا الأخير “ليس لديه الدعم ولا التفويض لتغيير موقف إسبانيا بشأن قضية الصحراء الغربية”.
وفي 9 جوان الماضي، دعا حزب الشعب الإسباني رئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى الإقرار بتعرّضه للابتزاز من طرف المخابرات المغربية، بدلا من تبرير قراره إزاء قضية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية.
وقال حزب الشعب في تغريدة على تويتر: ”بعد الانحراف الدبلوماسي غير المبرّر لسانشيز تجاه المنطقة المغاربية، وما تسبّب فيه من تداعيات ضدّ إسبانيا. أصبح حتميا على سانشيز أن يعترف بأن المعلومات الحسّاسة التي سرقت من هاتفه، كانت وراء هذه القرارات”.
من جهته، قال سانتياغو أباسكال رئيس حزب فوكس اليميني في إسبانيا، إنّه لا ينبغي أن تحدّد “نزوات سانشيز، السياسة الخارجية لمدريد”.
وأضاف أباسكال معلّقا على قرار الجزائر بتعليق معاهدة الصداقة مع مدريد: ”لقد حذّرت سانشيز من مغبّة تصرفاته”. قبل أن يدعو إلى تنحيته لاستعادة “سيادة واقتصاد وأمن ومكانة إسبانيا الدولية”، حسبه.
وقررت الجزائر في أعقاب اجتماع مجلس الأمن القومي، برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، إلغاء اتفاقية الصداقة والتعاون مع إسبانيا، التي كانت قد وُقِّعَت في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2002.
وأكد بيان للرئاسة الجزائرية أن “السلطات الإسبانية باشرت حملة لتبرير الموقف الذي تبنته إزاء الصحراء الغربية، والذي يتنافى مع التزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية”.
واعتبرت الرئاسة الجزائرية أن “السلطات الإسبانية تعمل على تكريس سياسة الأمر الواقع الاستعماري باستعمال مبررات زائفة، وهذه السلطات نفسها تتحمل مسؤولية التحول غير المبرر لموقفها منذ تصريحات 18 مارس 2022، التي قدمت الحكومة الاسبانية الحالية من خلالها دعمها الكامل للصيغة غير القانونية وغير المشروعة للحكم الذاتي الداخلي المقترحة من قبل القوة المحتلة”.
ونشرت صحيفة “ذ أوبجكتيف” الإسبانية المحلية، أن تأكيد رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز على تغيّر موقف بلاده إزاء قضية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، سيكلّف مدريد 6 مليار يورو من المبادلات التجارية مع الجزائر.
وذكرت الصحيفة أن هذه الفاتورة لا تشمل مشاريع الطاقة والبنية التحتية، التي تربط الشركات الإسبانية مع الجزائر، وتصل قيمتها بعدّة مليارات أخرى.
وأشارت إلى قرار جمعية البنوك والمؤسسات المالية في الجزائر، بتجميد عمليات الاستيراد والتصدير بين الجزائر وإسبانيا، ابتداء من الخميس 9 جوان الجاري.
وتستورد إسبانيا من الجزائر ما قيمته 2.5 مليار يورو سنويا، مقابل نحو 2 مليار يورو من الصادرات، وفق أرقام رسمية.