إسبانيا تفاجئ العالم ومعه الجزائر بقرار غير منتظر بالنظر لعلاقاتها المتوترة مع نظام المخزن المغربي في الأشهر الأخيرة، بالانحياز إلى خصوم جبهة البوليساريو المطالبة بتقرير مصير الشعب الصحراوي، القرار كان صادما دفع بالسلطات الجزائرية إلى استدعاء سفيرها بمدريد “فوريا” من أجل التشاور.
في مؤتمر صحفي عقده خوسي مانويل وزير الخارجية الإسباني مساء الجمعة في برشلونة، قلل من حقيقة عدم وجود بيان مشترك مع المغرب، وأكد أن “كل بلد يقرر ما عليه القيام به. الشيء المهم هو ما إذا كنا نتفق في الروح “. وقال ألباريس إنه تحدث مع النائب الثاني لرئيس الحكومة، يولاندا دياز، ورئيس جزر الكناري ورئيسي سبتة ومليلية، قبل أن تتخذ مدريد قرارها المشبوه.
الهدف من هذا التواصل هو الحد من الخلافات مع حزب بوديموس، شريكه في الحكومة، معترفا بوجود تباين في وجهات النظر داخل الحكومة الإسبانية عندما قال: “الخلافات بين الوزراء أو بين الشركاء الحكوميين طبيعية، وهي موجودة حتى في الحكومات أحادية اللون”، وفق ما أوردته كبرى الصحف الإسبانية “الباييس”.
ولأول مرة منذ اندلاع الأزمة الصحراوية، تعلن الحكومة الإسبانية دعمها لمشروع الحكم الذاتي الذي طرحه نظام المخزن، وجاء في بيان للحكومة الإسبانية: “ندخل اليوم مرحلة جديدة في علاقتنا مع المغرب تقوم على الاحترام المتبادل، واحترام الاتفاقات، وغياب الإجراءات الأحادية، والشفافية والتواصل الدائم”.
كيف سيكون موقف الائتلاف الحكومي من قرار رئيس الوزراء الإشتراكي، وعلى رأسه حزب “بوديموس” المؤيد لجبهة البوليساريو والمتشبث بموقف الحياد الإيجابي لبلاده في هذه القضية؟ الأمور يبدو أنها لا تسير وفق ما كان يتوقعه بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية.
أول رد فعل من “حزب بوديموس”، جاء على لسان زعيمته إيون بيلارا، التي انتقدت بشدة قرار شريكها في الحكومة واعتبرته “تخل منه على موقف الحياد وإجماع قرارات الأمم المتحدة”، الذي تبنته مدريد بخصوص هذه القضية التي انقضى من عمرها أزيد من أربعة عقود.
وقالت زعيمة حزب بوديموس إن إسبانيا “يجب ألا تحيد عن القانون الدولي”، وأن النزاع في الصحراء الغربية يتطلب “حلاً سياسيًا عادلًا ودائمًا ومقبولًا لجميع الأطراف وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، يمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره”.
لكن هل أخذت مدريد في حسبانها ردة فعل الجزائر وهي تقدم على قرار يخص قضية حساسة بالنسبة للدبلوماسية الجزائرية، كقضية الصحراء الغربية؟
صحيفة “الباييس” قالت إن رئيس الدبلوماسية الإسبانية لم يكشف عما إذا كان قد تحدث مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة بخصوص هذه القضية الحساسة، لكنه شدد على أن الجزائر “شريك موثوق به”، وأن العلاقة الإستراتيجية مع ذلك البلد “مقدر لها أن تستمر مع مرور الوقت”، على حد قوله.
غير أن الصحيفة عادت لتنقل عن مصادر حكومية إسبانية، لم تكشف عنها، قولها إن “الجزائر المورد الرئيسي للغاز لإسبانيا، قد تم إبلاغها مسبقًا بتغيير موقف إسبانيا بشأن الصحراء الغربية”، غير أنها لم تكشف عن ردة الفعل الجزائرية، ما يرجح فرضية حدوث انزعاج قد لا يمر من دون تداعيات على العلاقات مع مدريد.
ما قامت به مدريد يشكل انتكاسة لموقفها الموسوم بـ “الحياد الإيجابي” في القضية الصحراوية، ومن شأنه أن يؤثر على استقرار العلاقات مع دولة تعتبر شريكا لا مناص منه على صعيد الطاقة، علما أن الخطوة الإسبانية غير المرحب بها، جاءت بعد أيام من المكالمة التي أجراها رئيس وزراء إسبانيا مع الرئيس عبد المجيد تبون.