في وقت يترقب فيه الكثير من الساسة والمسؤولين الفرنسيين بوادر انفراج للأزمة بين فرنسا والجزائر بحسب تأكيدات رئيس الوزراء الفرنسي السابق، دومينيك دو فيلبان، أطلّ وزير خارجية ماكرون بتصريحات استفزازية تجعل من منتحل صفة الكاتب المدعو بوعلام صنصال من ” مصالح فرنسا “.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الإثنين إن بلاده لا يمكنها القبول بأي تصريحات أو مواقف الجزائر التي تتعارض مع المصالح الفرنسية فيما يتعلق بالقرارات بين البلدين.
وذكر بارو خلال مقابلة مع قناة” تي أف”1 أن فرنسا ترفض أي خطوة من السلطات الجزائرية تتعارض مع مصالحها بداية بالإبقاء على الكاتب بوعلام صنصال رهن الحبس.
وجاء في حديث الوزير بارو” عندما نتناول موضوع علاقتنا مع الجزائر فإننا نهتم أكثر بصالح فرنسا والفرنسيين تلك التي تكمن في التحكم بالهجرة غير النظامية بالإضافة إلى علاقات اقتصادية وطاقوية ومحاربة الإرهاب ومن أجل هذا حاولنا الدفع بالعلاقات في 2022 “.
وأفادت غرفة التجارة والصناعة الجزائرية – الفرنسية بأن عضو مجلس الشيوخ الفرنسي رشيد تمال يزور الجزائر منذ السبت، “بهدف قياس التغيرات الاقتصادية في البلاد، والديناميكية الصناعية التي أُطلقت بفضل الفاعلين الاقتصاديين، وآفاق التنمية”.
فرنسا تترقب!
وفي سياق الأزمة التي لن تزيدها هذه التصريحات إلا حِدّة، أكد رئيس الوزراء الفرنسي السابق، دومينيك دو فيلبان، أن هنالك أملًا كبيرًا في الأوساط الفرنسية بخصوص تسوية الأزمة مع الجزائر.
وصرح دومينيك دو فيلبان في حوار خص به قناة الجزائر الدولية، “ما يمكنني قوله، بعد أن التقيت بالكثير من المسؤولين من مختلف الأوساط السياسية والاقتصادية بفرنسا، أنه توجد حالة من الترقب والأمل في أن تنفرج الأمور.”
وبخصوص مسألة الذاكرة، أشار دومينيك دو فيلبان إلى أن فرنسا يجب أن “تعمل على الاعتراف بالتاريخ”، موضحًا أن “ذلك سيحدث عندما يجب اجتياز هذه المرحلة”، مبرزًا ضرورة القيام بذلك “بشكل يساير وتيرة الذاكرة والشعوب للمضي قدمًا ومواصلة البناء.”
وفي رده على سؤال حول استعداده لأن يكون وسيطًا لحل الأزمة بين الجزائر وفرنسا، أكد دومينيك دو فيلبان أن الجميع مستعد “للمساهمة في ذلك.”
وأردف بالقول: “كلنا مستعدون لنجعل من أسباب الخلاف دافعًا لاستئناف الحوار”، مذكرًا بضرورة ضمان الاعتراف بالتاريخ المأساوي.
وتابع رئيس الوزراء الفرنسي السابق قائلاً: “أشعر يوميًا وأنا ألتقي بالأشخاص، أن هناك أملًا من كلا الجانبين، فنحن نتطلع بشدة لأن نخطو هذه الخطوة ونعمل على تحقيق المصالحة ونضع مُثُلًا وأهدافًا مشتركة.”
عودة العلاقات
كما تطرق الدبلوماسي الفرنسي السابق إلى الفرص الكبيرة لاستئناف العلاقات بين الجزائر وفرنسا، داعيًا إلى عدم الانسياق وراء أحاسيس “الألم” و”الامتعاض”، وإلى تضافر جهود البلدين ومقدراتهما.
وأكد أن “هناك تحديات كبيرة في الشراكة الممكنة بين فرنسا والجزائر، فالجزائر تملك قدرات وثروات، أما فرنسا فلديها مقومات يمكن أن تشكل، إن اجتمعت، فرصًا للنمو والانفتاح على العالم، بل فرصًا للاستقرار في أفريقيا وكذلك مناطق أخرى من العالم.”
كما أشاد بالحوار الذي أجراه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مؤخرًا مع صحيفة “لوبينيون” الفرنسية، أكد الدبلوماسي أنه يرى بأن “الأمور تسير في الاتجاه الصحيح”، داعيًا إلى تضافر الجهود من أجل “الخروج من هذه الأزمة الصعبة بأفضل طريقة ممكنة.”
وقال رئيس الدبلوماسية الفرنسية السابق: “لقد قرأت بعناية مقابلة الرئيس تبون، وإني أعتقد أن الأمور تتحرك، وأود هنا أن أؤكد أنها تسير في الاتجاه الصحيح.”
أما بخصوص تراجع الحكومة الفرنسية عن موقفها بشأن الصحراء الغربية، قال رئيس الوزراء الفرنسي السابق إنه “يتفهم تمامًا عدم استيعاب السلطات الجزائرية والجزائريين”، متمنّيًا أن تتمكن فرنسا والجزائر من العمل معًا للمضي قدمًا في هذا الملف.
افتراق غير قابل للإصلاح..
في حواره لجريدة “لوبينيون” الفرنسية، شدد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على ضرورة معالجة ملف الذاكرة بشكل جدي قائلا “مُخلفات الذاكرة يجب معالجتها جديا، ولن نقبل بحلول وضع آثارها كالغبار تحت البساط”.
وفي نفس السياق ألح، على ضرورة تنظيف النفايات النووية بالجزائر قائلا أن” تنظيف النفايات النووية بالجزائر إلزامي على فرنسا، من الناحية الإنسانية والأخلاقية والسياسية والعسكرية”.
كما أكد رئيس الجمهورية أن مناخ العلاقات مع فرنسا أصبح ضارا، وبأن الكرة الآن عند الإليزيه لتجنب السقوط في افتراق غير قابل للإصلاح.