بعد أن جعلوا منها “وجبة” دموية لأشهُر من الإبادة.. إنزال “رغيفي” على مائدة غزة!

على مرّ الأزمنة، كانت الحروب مرتبطة بتاريخ من المآسي وما تخلّفه من آثار وخسائر متعدّدة الأوجه والأبعاد، لكن، ربما، لأول مرة في سجلات الصراعات والنزاعات والصدام الدولي، يُسجّل التاريخ بين صحائفه، أنّ “القذارة” يمكن أن تسمّى حربا، كما أنّ العالم بعربه قبل عجمه يمكن أن يكون هو العنوان الثابت لتلك “القذارة” في أخسأ صورها وأكثرها استخفافا، ليس فقط بالحياة، ولكن بشرف الحروب وماهيتها وكل مفهوم سياسي أو عقائدي لها..

أقذر صورة يمكن أن تختزل الوضع الحالي بساحة القتل الوسخ في نحر غزة المحاصرة والصامدة معا، أنّ أمريكا ومن ورائها عالمها المتحضر، لم تكتف بدورها كجلاد عديم الرحمة والإنسانية والقيم، وذلك بعد أن اصطفت مع المحرقة الصهيونية دعما وإسنادا وتحصينا من يومها الأول، ولكنها تعدّت ذلك، بأن أضافت لإجرامها بإجرام الكيان الذي تؤيّد وتحمي، إلى رسم وتسويق صورة قذرة عمن يبقر بطن طفل وامرأة وشيخ ثم يقف أمام أطرافهم المبعثرة، ويرمي للبطون المبقورة برغيف خبز، متباكيا على جثثها بلسان الإنسانية، التي تعامت على الطائرات النفاثة وهي تبقر البطون، لتصفّق للطائرات الغذائية لنفس الجلاد بعد أن تكرّم على الجثث التي فحمها بقطع من “رغيف” جوي، فترى، أي بؤس وأية سخرية أكثر من التي نرى؟ وهل يمكن أن نسمي ما يحدث الآن من ضحك على الأذقان وعلى البطون المبقورة من طرف أمريكا “الرغيفية”، سوى بعبارة، أنّ أقذر من هذه الحرب ومن هاته “الأمريكا”، لم تر قط عين ولا خطر على بال تاريخ أو بشر.

في خبر، يتجاوز كل عار إنساني يمكن أن يعيشه العالم بخذلان عربه وتآمر عجمه، ذكرت وكالة “أسوشيتد برس”، أنّ طائرات “عسكرية” أمريكية أسقطت نحو 38 ألف وجبة على غزة، كما نقلت قناة الـ”سي إن إن” عن مسؤولين أمريكيين، أنّ المساعدات الأمريكية التي تمّ إنزالها جوا، عبارة عن وجبات غذائية ولا تشمل مياه أو إمدادات طبية، وهو ما يعني في لغة “القذارة”، أنّ أمريكا التي حصّنت المذبحة الصهيونية بالفيتو الأممي في تحد لأيّ قرار إنساني بوقف إطلاق النار، وأنّ أمريكا التي كانت بوارجا حربية وطائرات نفاثة وعدة وعتاد عسكريين في حرب الإبادة الصهيونية، وبعد أن قضت وطرها من تدمير وقبر غزة شجرا وحجرا، إنسانا وحيوانا، جاءت بنفس الطائرات التي جعلت من غزة “وجبة” دموية، لترمي للبطون التي بقرتها وشتت أمعاءها وإنسانها بوجبات إنسانية “!!”

وكل ذلك في ترقيع يتجاوز بشاعة الإجرام بركوب جثثه إنسانه وبطنه المبقور، والمضحك المبكي في رقم 38 ألف وجبة التي أسقطتها أمريكا على غزة، أنها حملت تقريبا نفس رقم تعداد شهداء المحرقة المقدّرين بأكثر من 35 ألف ضحية، والرسالة الواضحة والفاضحة هنا، أنّ قلب عجوز أمريكا “الحنون” جو بايدن، لم يطاوعه على أن تُدفن الجثث المتفحّمة وهي جائعة، فقرّر أن يهدي كل بطن “مبقورة” وجبة غذائية تؤنّسها في تربتها، وذلك، تحت طابع إنساني، ألغى كل مفهوم للمنطق والعقل وحتى محاولة الإدراك، والمحصلة أنه رغم كل ما هو مفضوح من تآمر، ورغم أنّ “نتنياهو” وشلّة كيانه الإجرامي، ليسا إلا يدّ أمريكا وقاعدتها الأمامية في الشرق الأوسط، ورغم أنّ كل العالم، شاهد على أنّ حرب الإبادة، حربا أمريكية بوكالة صهيونية، إلا أنّ مفارقة البيت الأبيض في مسمّى المساعدات الغذائية الجوية، تجاوزت الضحك على جثث غزة للضحك على أذقان العالم والاستخفاف بكل المفاهيم الإنسانية..

المفارقة العجيبة في مرحلة “الوجبات” الجوية التي أمطر بها البيت الأبيض مقابر غزة، أنّ العاهل الأردني، وفي “مسرحية” إنسانية من “جلالته” وسموه وتاريخ “حرمه” المصون، استبق أمريكا لحرب “الرغيف” الجوي، حيث قبل أيام من غزوة الرغيف الأمريكي تداولت وكالات الأنباء الدولية والعربية، صور الملك الأردني، وهو يرتدي زيّ القوات الجوية الأردنية، محلّقا في سماء غزة، والمهمة “الملكية”، لم تكن إلا لعبة إنزال “رغيفي”، أخذ بجواره، صور “سيلفي”، ليقول للعالم وشعبه، أنّه ملك “الرغيف” والوجبات “الجوية” الهمام الذي تحدّى حظر نتنياهو الجوي، ورمى لغزة “جِبنا” وعلب “سردين” وقِطعا من “الكاشير”، والساخر في غزوة “قادمون يا قدس” والسلاح “رغيف”، التي قادها ملك “الجُبن” قبل “الجِبن” والسردين، أنّ القنوات الإسرائيلية والصحف العبرية، قامت في اليوم الموالي لغزوة الإنزال “الرغيفي” العظيمة، بشكر ملك الأردن على كرمه العظيم بعد أن سقطت قنابله “الغذائية” على المستوطنين وسكان “تل أبيب” بدلا من “منكوبي” غزة، كما كان مخططا له من صقور الملك الجوية.

والمهم في لعبة الإنزال الرغيفي من طائرات جو بايدن أو من سلاح الملك حسين الأردني، أنّ “الوجبة” القذرة للجلادين، سواء كانت ملكا عربيا فاشلا حتى في رمي الغذاء من الجو، أو في عجوز أمريكي خرف، توهّم أنّ العالم سينسى أنّ طائرات رغيفه هي طائرات قصفه، قلنا، المهم، أنّ رسالة العار “الرغيفي” وصلت، كما أنّ قاعدة “يبكي مع الراعي وينام مع الذئب”، تجاهلت، أنّ نهاية صاحبها، لن تكون إلا ميتة “جيفة” ستستفيد منها “الثعالب” المتشرّدة، وهو الحال الذي تعيشه تركيا أردوغان أيضا، بعد أن انتفض رئيس حكومتها الأسبق “داود أوغلو” على سلطان الحريم ناصحا إياه أن ينزع الأقنعة من على وجهه، ويوقف المتاجرة الشعبوية بفلسطين وذلك كظاهرة صوتية عرّتها غزة لتكشف الوجه الحقيقي لجندي انكشاري يُدعى “أردوغان” لا زال يعمل بإخلاص لدى نتنياهو وحكومته بأجرة يومية ثابتة مقابل توفير الأكل والملبس وحتى السلاح لجيش الكيان الصهيوني، والنتيجة، أنّه كما فضحت أرض غزة إجرام آل العجل سامري، من خلال مذابحهم العالمية، فإنّ سماء غزة ومن خلال غزوات “الرغيف” الجوي، كشفت كم هو بائس حال الأمة العربية بعد أن حوّلها الجُبّن والخذلان وطعنات الغدر إلى “وجبة” جوية في حرب هي الأقذر على مرّ التاريخ والأجيال والعصور..

آخر الكلام ومجمله، إذا كانت غزّة قد دخلت التاريخ من سماء صمود وثبات وطوفان لم يشهد لهم التاريخ مثيلا، فإنّ الأمة العربية، حكاما وأنظمة وحتى صمت شعوب، خرجوا من الباب الضيق لذات التاريخ وسلاح “ركلهم”، لم يكن إلا “رغيفا” معولما جعل من الأوطان “وجبة” بائسة، ملاعقها حكام وملوك العروش، فلك الله ثم صمود أهلك يا غزة، وعليكم لعنة التاريخ والأجيال، يا سادة العروش ممن رهنتم كل ملاحم الأمة في مهزلة وجبة وملحمة رغيف.

أسامة وحيد - الجزائر

أسامة وحيد - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
وزير الاتصال..الجزائر توسّع بثها الإعلامي دوليًا عبر الأقمار الصناعية سونلغاز تفتح أبوابها لنقل خبرتها إلى بوركينا فاسو قائد الجيش السوداني:"الخرطوم حرة" استنفار وطني لمواجهة أسراب الجراد ومنع انتشارها إلى ولايات جديدة رقمنة الخدمات التجارية.. "مرافق كوم" الحل الذكي لمتابعة مداومة التجار دوفيلبان يتصدر الشخصيات السياسية المفضلة في فرنسا بعد مواقفه من غزة والجزائر هذه أبرز الملفات التي ناقشها اجتماع الحكومة الجزائر في صدارة الدول المصدرة للغاز المسال بإفريقيا ليلة القدر في الجزائر.. نفحات إيمانية وعادات متجذرة الكاردينال فيسكو: "تصريحات روتايو مستفزة والجزائر لن تخضع للخطاب التهديدي"  غزة تشتعل.. تصعيد عسكري ونفير عام ورسائل تهز "إسرائيل" بوغالي يطالب إسبانيا بمراجعة موقفها من قضية الصحراء الغربية القضاء الفرنسي يرفض طلب تعليق قرار طرد المؤثر الجزائري "دوالمن" بشراكة صينية.. نحو إعادة إطلاق مصنع الإسمنت بالجلفة سقوط القصر الرئاسي بيد الجيش.. معركة الخرطوم تدخل مرحلة الحسم ليلة الشك.. الجزائر تتحرى رؤية هلال شهر شوال يوم السبت هذه حصيلة نشاط الرقابة وقمع الغش والمضاربة خلال 24 يوما من رمضان وزارة التربية تنشر جدول التوقيت الخاص بامتحاني "البيام" و"الباك" خيرات الصحراء الغربية.. موارد منهوبة تموّل آلة الإجرام المغربية! مواد مسرطنة في الحلويات الحديثة.. حماية المستهلك تحذّر