أكد وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، أن الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره التونسي قيس سعيد تحدوهما إرادة مشتركة للارتقاء بالعلاقات إلى أفضل المراتب في جميع المجالات.
جاء ذلك في لقاء مع عثمان الجرندي، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج على هامش القمة الإفريقية الاستثنائية في مالابو بغينيا الاستوائية.
وذكر بيان لوزارة الخارجية التونسية، أن رمطان لعمامرة أكد أن “الجزائر ستظل دائما سندا لتونس كما كانت تونس وما تزال سندا للجزائر بناء على ما يجمعهما من ماض وحاضر ومستقبل ومصير مشترك”.
من جانبه، أكد وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي ارتياحه التام لتطابق الرؤى حول القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية في هذه الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية التي تضاعفت فيها التحديات وتعقدت مما يستوجب العمل سويا على مجابهتها بكل ثبات.
وذكر المصدر أن الوزيرين استعرضا البنود المطروحة على جدول أعمال القمة وتبادلا وجهات النظر بشأنها ومدى استجابتها لما يواجه القارة الإفريقية من تحديات لا سيما فيما يتعلق بالاستجابة للأزمات الانسانية ومكافحة الارهاب والتطرف العنيف.
كما جدد الوزيران التأكيد على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين معربين عن ارتياحهما لمستوى التنسيق والتشاور بينهما حيث منحت العلاقات الأخوية التي تجمع قائدي البلدين والتواصل المستمر بينهما للتعاون الثنائي بعدا استراتيجيا.
وتم خلال اللقاء التحاور حول الاستحقاقات الثنائية المقبلة ومن ذلك انعقاد اللجنة العليا المشتركة والمشاركة في مختلف المواعيد الإقليمية والدولية متعددة الأطراف.
وأكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، يوم 26 مايو، استعداد الجزائر وإيطاليا لمساعدة تونس على الخروج مما وصفه بـ”المأزق”، ولأجل ما اعتبره “العودة إلى الطريق الديمقراطي”، وكشف عن توافق جزائري إيطالي بشأن ضرورة إجراء انتخابات نيابية في ليبيا.
وقال الرئيس تبون، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا في روما: “نتقاسم مشكلات تونس، مستعدون للمساعدة لكي تخرج من المأزق الذي دخلت فيه، وترجع إلى الطريق الديمقراطي”، مضيفا: “نفس الشيء بالنسبة لليبيا، نحن مستعدون للمساعدة في ليبيا على استقرار أكثر (..) لكي تبنى ليبيا من جديد على أساس الديمقراطية”.
وتأتي تصريحات رمطان لعمامرة وعثمان الجرندي لتضع حدا لتأويلات بعض المنابر الإعلامية التي فسرت تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأخيرة بخصوص تونس باعتبارها تغيرا في موقف الجزائر إزاء التطورات السياسية في تونس، وإعادة الجزائر “تقدير موقفها” من خيارات الرئيس قيس سعيد، بعد فترة أولى كانت أظهرت فيها الجزائر حماسة لهذه القرارات.
واعتبر مراقبون تصريحات تبون الأخيرة بمثابة “تبدل نوعي” في الموقف الجزائري تجاه الرئيس قيس سعيد، وخاصة أنها المرة الأولى التي يتحدث فيها تبون عن “عودة الديمقراطية” إلى تونس، خاصة أن تبون عبّر في مناسبات عدة عن “تفهّمه” للتدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد، كما أنه زار تونس قبل أشهر والتقى سعيد، حيث أعلنت بلاده تقديم قرض بقيمة 300 مليون دولار لدعم الاقتصاد التونسي المتعثر.
ويقول متابعون إن العلاقات الجزائرية التونسية دخلت مرحلة “عدم اليقين”، يعزوها دبلوماسيون ومحللون إلى خيارات الرئيس التونسي قيس سعيد التي لا تحظى بإجماع داخلي.
وبعد الإعلان عن إعادة فتح الحدود البرية التي أغلقت بين البلدين لدواع صحية في خضم تفشي فيروس كورونا عام 2020، مازال الترقب يسود تجسيد هذا القرار عمليا، لاسيما أن تونس تراهن على السياح الجزائريين لإنعاش اقتصادها الذي يمر بأسوأ أزماته.
ويوحي عدم فتح الحدود رغم زوال خطر الوباء، ورفض الجزائر زيادة إمدادات إضافية من الغاز إلى تونس، بأن السلطات الجزائرية بصدد إرسال إشارات سياسية لقيس سعيد، وفق متابعين.
وتحمست الجزائر في تموز/ يوليو 2021 لقرارات سعيد، لكنها ظلت تراقب عن كثب التطورات، وهو ما تعبر عنه الزيارات التي أجراها مسؤولون كبار مثل وزير الخارجية رمطان لعمامرة في أكثر من مناسبة منذ ذلك الحين إلى تونس. غير أن الزيارات وعملية التنسيق بين الطرفين خفت في الفترة الأخيرة، إذ تعد آخر زيارة قام بها الجانب الجزائري إلى الجارة تونس، هي زيارة الرئيس تبون في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وكذلك زيارة رئيس الحكومة الجزائرية أيمن عبد الرحمن إلى ولاية الكاف الحدودية لإحياء أحداث ساقية سيدي يوسف في شباط/ فبراير الماضي.