لم يعد وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريان، خالي الوفاض من الزيارة التي قادته إلى الجزائر، الأربعاء المنصرم، حيث افتك دعما جزائريا للرئيس الفرنسي المنتهية ولايته والمترشح لعهدة ثانية، إيمانويل ماكرون.
فبعد يوم واحد من زيارة لودريان إلى الجزائر، خرج عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيز، بفيديو على شبكة التواصل الاجتماعي، “تويتر”، يدعو من خلاله الجالية المسلمة في فرنسا، إلى التصويت على ماكرون، وقطع الطريق على مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان، في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها يوم 24 من الشهر الجاري.
ويعتبر مسجد باريس الذي تعود ملكيته وتمويله إلى الجزائر، بمثابة رمز ديني للجالية المسلمة في هذا البلد، وقال عميد مسجد باريس في هذا الفيديو: “القوى الخبيثة تتحدث اليوم وتدعو إلى إبعاد المسلمين”.
وأضاف عميد مسجد باريس: “كيف ترد على هذا الحقد الذي يستخف به ويستقر في أذهان الناس؟ بالتصويت في إطار استمرار الجمهورية”، وخاطب شمس الدين حفيز الجالية المسلمة في فرانسا قائلا: “توقف عن المماطلة. توقف عن التضليل. دعونا نصوت لصالح إيمانويل ماكرون”.
ومضى مشددا على ضرورة الوقوف في وجه مرشحة اليمين المتطرف التي نسب لها الأوصاف السالف ذكرها: “دعونا نصوت لروح الوسطية لتتغلب على المتطرفين.. الامتناع عن التصويت والتصويت الأبيض سيقويان اليمين المتطرف”.
وكان رئيس الدبلوماسية الفرنسية قد حلّ بالجزائر الأربعاء المنصرم في زيارة لم يعلن عنها مسبقا، وشدد خلالها على ضرورة إعادة بعث العلاقات الجزائرية الفرنسية، التي تعيش واحدة من أسوأ مراحلها، بسبب تصريحات غير مسؤولة للرئيس الفرنسي.
وفي خضم الأزمة التي عصفت بالعلاقات الجزائرية الفرنسية الخريف المنصرم، دعا سفير الجزائر بباريس، محمد عنتر داود، وكان يومها في الجزائر من أجل التشاور بدعوة من وزارة الخارجية، الجالية الجزائرية إلى لعب دورها السياسي في فرنسا، وقد فهمت حينها على أنها دعوة لقطع الطريق على ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية ردا على تصريحاته المستفزة التي شكك من خلالها في وجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي في العام 1830، وهي الدعوة التي اضطرت الخارجية الفرنسية إلى مطالبة الجزائر بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لفرنسا.
غير أن زيارة لودريان إلى الجزائر في ديسمبر المنصرم، ثم زيارة الأربعاء الأخير، تبدو أنها أزاحت قليلا الغيوم التي تلبد العلاقات الثنائية، وهو الأمر الذي تجلى من خلال بيان عميد مسجد باريس، الذي دعا الجالية المسلمة في فرنسا إلى التصويت على الرئيس المترشح.
ويرى مراقبون أن أمورا أخرى ساعدت على تغيير الموف الجزائري من ماكرون، وعلى رأسها وصول مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان، إلى الدور الثاني، وتعتبر هذه الأخيرة أخطر المترشحين إلى جانب المرشح الخاسر في الدور الأول، إيريك زمور، على مصالح الجالية الجزائرية والمسلمة عموما.
وليست هي المرة الأولى التي تقف الجزائر الرسمية إلى جانب ماكرون في الانتخابات الرئاسية، فقد ساندت الجزائر هذا المرشح في رئاسيات 2017، بعد وعود لم يف بها بعدما أصبح رئيسا، فهل سيكون ماكرون هذه المرة في مستوى الدعم المقدم له؟