أكد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، تورط حكومته في صفقة مع المغرب تُغير بموجبها مدريد موقفها بشأن الصحراء الغربية مقابل غلق الرباط ملف احتلال مدينتي سبتة ومليلية.
وتحدث رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، الأربعاء، أمام الكونغرس الإسباني، عن التغير التاريخي في الموقف الإسباني بشأن الصحراء الغربية، مجددا دعم مبادرة الرباط، لكن في إطار حل مقبول من الطرفين، مشيرا أنه أبلغ ملك المغرب بضرورة غلق ملف احتلال مدينتي سبتة ومليلية.
وأصر سانشيز على أن اقتراح المغرب بشأن “الحكم الذاتي” في الصحراء الغربية هو “الأساس الأكثر جدية ومصداقية وواقعية” لحل “نزاع طويل للغاية”، مشددا على أن الشروط يجب أن تقبل من قبل الطرفين، بما في ذلك جبهة البوليساريو، وفي إطار الأمم المتحدة.
وأضاف رئيس الحكومة الإسبانية بقوله: “نحتاج إلى مخرج توافقي” وأن “إسبانيا لها مصلحة خاصة في حل هذا الصراع” بعد أن أصر على أن تطبيع العلاقات مع المغرب مسألة دولة، لتبرير تغيير الموقف من المستعمرة السابقة.
وبشأن مسألة استفتاء تقرير المصير، قال سانشيز: “نريد بشدة هذا الحل وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق حل”.
ودافع سانشيز عن موقفه مؤكدًا أن دولًا أوروبية أخرى قبلت اقتراح المغرب واستشهد بفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وهولندا والمفوضية الأوروبية نفسها .
غير أن كتل برلمانية أكدت أن ما قاله سانشيز غير دقيق وأنه باستثناء فرنسا، فإن بقية الدول المذكورة، كما فعلت الأمم المتحدة في قراراتها المتعاقبة منذ عام 2007، يحيطون علما بالاقتراح المغربي ويقدرونه ويعتبرونه واقعيا ولكن لا يميزونه على أنه المفضل لحل النزاع في إقليم يخضع لعملية إنهاء الاستعمار.
وحسب الكتل البرلمانية تستمر الأمم المتحدة في جميع قراراتها في التأكيد على أن حل الصحراء يجب أن “ينص على حرية تقرير المصير” لشعبها.
وأصر سانشيز على سريان الإعلان المشترك الذي وقعته إسبانيا والمغرب في 7 أفريل 2022 بعد لقائه مع محمد السادس، وأكد أنه يمثل “إطارا جديدا للتفاهم” مع الجار الجنوبي، حيث تم فتح قناة اتصال “لتوضيح أي سوء تفاهم”، وتم الاتفاق على فتح الحدود في المدينتين المستقلتين وتم الحصول على الالتزام بـ “الاحترام المتبادل، لتجنب كل ما نعلم أنه يسيء إلى الطرف الآخر”، مضيفا: “نوضح أننا لا نقبل أن تكون سبتة ومليلية أراض محتلة”.
موازاة مع ذلك، كشفت صحيفة إسبانية أن الحركة المسماة “صحراويون من أجل السلام” استلمت أموالا معتبرة من المخابرات المغربية، لترويج أطروحاتها الاستعمارية في الصحراء الغربية.
وجاء في تقرير نشرته صحيفة “إل باييس” الإسبانية، أن الحركة التي أسسها الدبلوماسي السابق الحاج أحمد، هي مجرد غطاء لنشاطات المخابرات المغربية.
ومن بين الأعمال التي قامت بها هذه الحركة لصالح النظام المغربي، تحرّكها قضائيا وإعلاميا في أثناء فترة إقامة الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي في إسبانيا للعلاج.
ويوم 27 ماي 2022، رفض البرلمان الإسباني، قرار رئيس الحكومة بيدرو سانشيز حول الصحراء الغربية، مطالبا بالعودة إلى دعم تقرير المصير.
وانتقد البرلمان للمرة الثالثة في شهرين بيدرو سانشيز، وتتحرك الأحزاب الإسبانية بما فيها حزب بوديموس اليساري المنتمي إلى الائتلاف الحكومي للتعبير عن رفضها لقرارات الرئيس سانشيز الأخير حول الصحراء الغربية.
وتزامن التصويت على ملف الصحراء الغربية مع نقاش حول استعمال الاستخبارات الإسبانية لبرنامج بيغاسوس الإسرائيلي وتجسس جهات خارجية على مسؤولين حكوميين منهم بيدرو سانشيز نفسه ثم وزيرة الدفاع مارغريتا روبلس ووزير الداخلية غراندي مارلاسكا.
وفي 28 ماي 2022، كشف رئيس الجمهورية العربية الصحراوية، إبراهيم غالي، أنه تم استهدافه ببرنامج بيغاسوس من قبل النظام المغربي.
وتحدث غالي في مقابلة أجراها مع برنامج “آنا روزا” الذي بث على قناة “تيليسينكو” (القناة الخامسة) الإسبانية، عن فضيحة التجسس عبر برنامج بيغاسوس الصهيوني، حيث أكد أنه “قد تم استهدافه هو أيضا من طرف نظام المخزن”.
كما وصف الرئيس غالي، خلال المقابلة الموقف الأخير للحكومة الإسبانية برئاسة بيدرو سانشيز بشأن النزاع في الصحراء الغربية ورضوخها لشروط نظام المخزن بـ”الخيانة”، مؤكدا أن “مدريد لها ديون سيتعين دفعها في يوم من الأيام للشعب الصحراوي”.
وتساءل رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية خلال المقابلة ذاتها، عن خبايا قرار الرئيس التنفيذي للحكومة الاسبانية، حيث أبرز أن هذا التغيير في الموقف قد أدى إلى “تغيير كامل في سياسة إسبانيا حيال القضية الصحراوية، خلافا لما كانت عليه منذ عقود”، متابعا بالقول: “علاقاتنا الرسمية مقطوعة”.