عكست صورة المسلمين الأمريكيين الذين أدوا صلاة التراويح في أول يوم من عطلة نهاية الأسبوع في بداية شهر رمضان، بميدان التايمز الشهير في ولاية نيويورك، ارتفاع عدد المسلمين بالولايات المتحدة الامريكية، كما أظهرت صفوف مئات المصلين في ميدان “Times Square” تايمز سكوار تعلق المسلمين الأمريكيين بدينهم وحرصهم على أداء فرائضه، في بلد لطالما هُوجم فيه الإسلام ووُصف بالعنف والتطرف والإرهاب.
يُعد الإسلام ثاني أكبر ديانة في العالم بعد الديانة المسيحية، إذ يقدر عدد المسلمين حول العالم وفقا لآخر إحصائيات “The US Census Bureau’s world population” (مكتب الإحصائيات الأمريكي لسكان العالم) بأكثر من 1.9 مليار مسلم عبر مختلف دول العالم، ومن البلدان التي تضم أكبر عدد من المسلمين حول العالم، يذكر المكتب كلا من إندونيسيا، باكستان والهند، كما تُشير الإحصائيات إلى أن الإسلام هو الدين الأسرع نموًا في العالم، ومن المتوقع أن ينمو بوتيرة أسرع من المسيحية بحلول عام 2050.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية فيعتبر الإسلام ثالث أكبر ديانة بعد المسيحية واليهودية، وتشير إحصائيات آخر دراسة نُشرت عام 2017 إلى وجود ما مجموعه 3.45 مليون مسلم في الولايات المتحدة، ومن غير الواضح متى وصل الإسلام لأول مرة إلى الولايات المتحدة، ولكن أغلب المراجع تشير إلى أن ما يقرب من 10 إلى 20 ℅ منهم كانوا من العبيد الذين تم جلبهم إلى أمريكا المستعمرة كمسلمين، وخلال القرن العشرين، شهدت الولايات المتحدة أكبر زيادة في عدد السكان المسلمين، خاصة ما بين عامي 1991 و2012، حيث دخل البلاد دخل ما يقرب من 1.7 مليون مسلم كمقيمين دائمين بصفة قانونية، ويُعد ما يقرب من 72℅ من هم من المهاجرين أو ما يصطلح عليه بـ”Second generation” أو الجيل الثاني.
تقسيم عرقي
يُشكل المسلمون الأمريكيون ـ حسب مكتب الإحصائيات الأمريكي ـ حوالي 1.1℅ من إجمالي سكان البلاد، ويُعتبرون من أكثر الجماعات الدينية تنوعا من حيث العرق، حيث ينقسمون إلى 25℅ سود، 24℅ بيض، 18℅ من العرق الآسيوي، 18℅ من العرب، 7℅ من العرق المختلط، و5℅ من ذوي الأصل الإسباني.
ويتوزع هؤلاء عبر مختلف الولايات الأمريكية، ولكن التركيز الأكبر لهم في ولاية إلينوي، التي يُشير المصدر إلى وجود 2800 مسلم في كل 100 ألف من سكانها، تليها ولاية فرجينيا المتاخمة للعاصمة واشنطن، بـ2663 لكل 100 ألف نسمة، ولاية نيويورك بـ2028 لكل 100 ألف نسمة، نيو جيرسي بـ1827 لكل 100 ألف نسمة، تكساس التي يقطنها 1678 مسلما في كل 100 ألف نسمة، متبوعة بولاية ميشيغان التي يعيش بها 1218 مسلما في 100 ألف نسمة، ولاية فلوريدا حيث يتواجد 877 مسلما في كل 100 ألف نسمة، ولاية ديلاوير ـ الولاية التي ينتمي إليها الرئيس الأمريكي جو بايدن ـ حيث يتواجد 793 مسلما في كل 100 ألف نسمة، وفي المرتبة التاسعة تأتي ولاية كاليفورنيا التي تقدر إحصائيات مكتب تعداد الولايات المتحدة وجود 732 مسلما في كل 100 ألف بها، أما في المرتبة العاشرة فتأتي ولاية بنسلفانيا الواقعة في المنطقة الشمالية الشرقية ومنطقة الأطلسي الأوسط، حيث يعيش فيها 634 مسلما في كل 100 ألف نسمة.
زيادة في عدد المساجد
أظهر آخر تقرير عن المساجد في الولايات المتحدة الأمريكية زيادة مستمرة في عدد المساجد وعدد روادها، وأشارت نتائج المسح الذي أجراه “The Institute for Social Policy Understanding” أو معهد فهم السياسة الإجتماعية عام 2020، إلى وجود 2769 مسجدا في الولايات المتحدة، بزيادة قدرها 31℅ عن عدد المساجد في عام 2010 والتي بلغ عددها آنذاك 2106 مسجدا.
ويُرجع التقرير السبب الرئيس للارتفاع اللافت لعدد المساجد في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى القوة التوسع المطرد لعدد المسلمين بسبب الهجرة وارتفاع معدل الولادات، واللافت للنظر أن التقرير أشار إلى تعلق المسلمين بديانتهم، وحرصهم على زيارة المساجد، لافتا إلى أن هذه الأخيرة ورغم النظرة السلبية للإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية، لم تخسر ما أسماها بـ”معركة القلوب والعقول” خاصة وسط الشباب المسلمين الأمريكيين، حيث تُقدر نسبة رواد المساجد من من تتراوح أعمارهم ما بين الـ18 و34 عاما بـ24℅.
وتجدر الإشارة إلى أن المسلمين الأمريكيين وبعد أكثر من عقدين عن أحداث الـ11 سبتمبر، التي أثرت سلبا على حياتهم في بلد أصبح فيه الإسلام مرادفا للإرهاب والموت، بدأوا يثبتون تواجدهم في المجتمع الأمريكي بالإنخراط في الحياة السياسة، فرغم انتخاب أربعة مسلمين فقط في الكونغرس تاريخيا ـ ثالثة منهم في الكونغرس الحالي ـ إلا أن عام 2022 كان فارقا على المستوى المحلي، حيث فاز 89 مرشحا من المسلمين الأمريكيين بمقاعد محلية على المستوى الولائي، واستطاع 25 مرشحا الحصول على مقاعد ولائية وفدرالية بالسلك القضائي.