يتعمّد قادة الاحتلال استخدام أسلوب التهويل وتصريحات التهديد لرفع معنويات الداخل الإسرائيلي وابتزاز الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وكل الداعمين لهم، وذلك من خلال التهديد باجتياح رفح وتهديد لبنان كذلك، إلا أنّ التطوّرات الموجودة على الأرض بما فيها عودة قوات البحرية اليمنية للنشاط النوعي في البحر الأحمر، وتوسيع دائرة القصف والاستهداف من عدة نواحي، بالإضافة إلى تطورات أخرى، تؤكّد بما لا يدع مجالا للشك أنّ هؤلاء الصهاينة يتوعدون ويهدّدون دون أي قدرة على الفعل.
=== أعدّ الملف: حميد سعدون – سهام سوماتي – منير بن دادي ===
يواصل الاحتلال غاراته العشوائية على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، لكن، دون أن يحقّق أي نتائج ملموسة على الأرض، فيما تتواصل التهديدات باقتراب لحظة بدء الهجوم البري على المدينة، مع إطلاق التصريحات المتناقضة من أفواه مسؤولي سلطة الكيان الغارقين في الفوضى والخلافات فيما بينهم.
فقد هاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، رئيس وزراء سلطة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قائلا إنه لا يريد صفقة تبادل “لأنه يخشى تفكّك ائتلافه الحاكم”. وأكد لبيد أنه يستحيل أن تبدأ عملية تعافي ما يسمّى بـ”المجتمع الإسرائيلي” دون عودة الأسرى الذين تحتجزهم فصائل المقاومة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وقال إنه لو كان رئيسا للوزراء لرفض شنّ عملية عسكرية في رفح مقابل إعادة المختطفين، مشيرا إلى أنه كان يمكن إبرام صفقة تبادل في ديسمبر الماضي لو لم تتشدّد حكومة نتنياهو في موقفها.
وأضاف “كل يوم ننتظر فيه موت مزيد من المختطفين واحدا تلو الآخر”، مشيرا إلى أنّ “هذه الحكومة لا تفعل شيئا سوى التسبّب في إلحاق الضرر بصورة الكيان في العالم”، حسبما نقلت عنه وسائل إعلام من داخل الكيان.
ويحبس الإسرائيليون أنفاسهم انتظارا لما ستتمخض عنه جولة المفاوضات الأحدث في عمر الحرب الدائرة على قطاع غزة منذ نحو 7 أشهر، والتي وصفت بـ”الفرصة الأخيرة”، إذ أعلن وزير خارجية الكيان يسرائيل كاتس أنه “إذا تم التوصل إلى اتفاق فسيتم تعليق العملية العسكرية (المزمعة) في رفح”.
وعلى وقع التطورات الأخيرة، تواصل عائلات المحتجزين الإسرائيليين، التظاهر في مدن عدة، للضغط على نتنياهو من أجل إبرام الصفقة. وتفاعلت هذه العائلات مع مقطع فيديو نشرته كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لإثنين من الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها يتحدثان فيه عن ظروف احتجازهما في غزة.
وعلّقت عائلات المحتجزين – على الفيديو – بالقول إنّ الجيش الصهيوني تسبّب في “مقتل عشرات الأسرى الذين كانوا بأيدينا فيما تم حرمان البقية من الاحتفال بعيد الفصح مع ذويهم”. وبعد نشر الفيديو، قالت عائلات المحتجزين إنه “يتعيّن على سلطة الاحتلال الاختيار ما بين رفح والصفقة”. وأضافت أنه “يجب إنهاء الحرب ودفع الثمن لإعادة المحتجزين”.
الاعتراف بالفشل
ولا تزال وسائل إعلام إسرائيلية تتحدّث عن شكوك أكيدة تواجه المسؤولين السابقين في نظام الاحتلال بشأن فعالية الاجتياح العسكري المحتمل في رفح جنوبي قطاع غزة، الأمر الذي يعكس الأزمة الإستراتيجية التي تواجهها سلطة الكيان في إدارة حرب عبثية ضد أطفال ونساء وغزة.
وقال موقع “إسرائيل نيوز 24″، إنّ المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين أعربوا عن شكوكهم حول قدرة “جيش” الاحتلال على تحقيق أهدافه في أي هجوم محتمل على رفح. وأضاف الموقع أنّ النقاشات التي تجري في الأوساط الإعلامية والاستخباراتية “تعكس هول التحديات التي تواجه القيادة الصهيونية في التعامل مع حركة حماس”.
في هذا السياق، نقل الموقع عن الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الصهيوني “الموساد”، يوسي كوهين، تأكيده أنّ الإعلانات الرسمية الصهيونية بشأن “العزم على دخول رفح: قد تكون “مبالغاً فيها”.
وشدد كوهين على أنّ “التصريحات (المثالية) لا تعكس دائماً الواقع العملياتي أو الاستراتيجي”، مستبعداً القدرة على النيل من سلطة حماس في غزة بشكل كامل، إذ إنّ “التصفية الكاملة للحركة هي غير واقعية”.
حركات مقاومة جديدة
وبدل أن تقضي على حماس، تسببت سلطة الكيان في بروز حركات مقاومة جديدة، على غرار كتيبة “كُفر دان” التي نشرت مقطعا مصوراً تستعرض فيه تدريبات عسكرية لأفراد الكتيبة التي تحمل اسم البلدة الواقعة شمال غربي مدينة جنين، وتزامن مع ظهور الفيديو كان اثنان من مقاوميها يشتبكان مع جنود الاحتلال الصهيوني المتمركزين على حاجز سالم العسكري “غرب جنين”.
وسريعاً جاء بلاغ عن حدث أمني على الحاجز، وتوجهت سيارات الإسعاف الفلسطيني بعد أخبار بوجود إصابات في المكان، قبل أن يتم الإعلان عن استشهاد الشابين أحمد شواهنة (الشرعة) ومصطفى عابد، وتبنت “كفر دان” عملية الشهيدين، وقالت إنهما استشهدا خلال قيامهما بمهمة جهادية على الحاجز.
ورغم إعلان انطلاقها كمجموعة مسلحة في بلدة كفر دان، تُعتبر المجموعة امتداداً لكتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، حيث سبق أن شارك عدد من أفرادها في اشتباكات مسلحة مع جيش الاحتلال الصهيوني بالاقتحامات المتكررة لمدينة جنين ومخيمها، إضافة إلى تنفيذ عمليات إطلاق نار على الحواجز الصهيونية.
ومن جهته، حذر رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” إسماعيل هنية، من إقدام الجيش الصهيوني على اجتياح مدينة رفح، مؤكدا في الوقت ذاته – خلال مقابلة أجراها هنية مع الأناضول على هامش زيارته التي يجريها إلى تركيا- على جاهزية فصائل المقاومة على الأرض. وقد جاء
وقد حماس، يوم السبت، مع حركتي “الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، الجهود المبذولة لوقف الحرب الصهيونية على قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين لدى الاحتلال.
جاء ذلك خلال لقاء هنية، ونائب الأمين العام للجبهة الشعبية جميل مزهر، ونائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، وفق بيان صدر عن “حماس” نشرته على منصة تليغرام. ولم يذكر البيان مكان الاجتماع الذي يأتي بعد ساعات من إعلان حماس تسلمها ردا من تل أبيب بشأن صفقة تبادل أسرى محتملة.
وقال البيان إن المجتمعين بحثوا الجهود المبذولة لوقف العدوان الصهيوني على غزة وتحقيق الانسحاب الفوري الكامل والشامل من القطاع، وإطلاق سراح الأسرى، والسبل الكفيلة للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، و”تعزيز صمود الجبهة الداخلية أمام غطرسة الاحتلال وعنصريته”.
وشدد المجتمعون، وفقا للبيان، على “ضرورة تطوير العمل الوطني والميداني لإجهاض مخططات الاحتلال وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وتطلعاته بالحرية والاستقلال والعودة”.
استثمار الصمود الأسطوري
وأكدوا “ضرورة التواصل الوطني في سبيل تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني، واستثمار هذا الصمود الأسطوري لينعكس إيجاباً على بنية المؤسسة الوطنية الفلسطينية الجامعة، وعلى قيادة وأدوات النظام السياسي والعمل الوطني الفلسطيني المشترك”.
واتفق المجتمعون “على استمرار وتوسيع التشاور مع باقي الفصائل الفلسطينية في الداخل والخارج”. وأكدوا ضرورة الوصول إلى صفقة تبادل أسرى مع سلطة الكيان “جادة ومشرفة”، بحسب البيان.
ويوم السبت، أعلنت “حماس” تسلمها رد سلطة الاحتلال الرسمي على موقف الحركة حول صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، الذي سلمته للوسيطين مصر وقطر في 13 أفريل الجاري.
وتقدر سلطة الاحتلال وجود نحو 134 أسيرا إسرائيليا في غزة، في حين أعلنت “حماس” مقتل 70 منهم في غارات صهيونية، بينما تحتجز سلطة الاحتلال في سجونها ما لا يقل عن 9100 أسير فلسطيني، زادت أوضاعهم سوءا منذ أن بدأت حربها على غزة، وفق منظمات فلسطينية معنية بالأسرى.
قصف مستوطنات العدو
نشر الإعلام الحربي في سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، يوم الأحد 28 أفريل، مشاهد من قصف مستوطنات غلاف غزة برشقات صاروخية، وذلك بالاشتراك مع كتائب الأنصار. وأظهرت المشاهد تجهيز السرايا وكتائب الأنصار للصواريخ قبل إطلاقها نحو مستوطنات الغلاف، بتاريخ الرابع والعشرين من أفريل الجاري.
ويأتي ذلك بعد مرور نحو 7 أشهر على الحرب، حيث تواصل المقاومة الفلسطينية التصدّي لقوات الاحتلال ومواقعها في مختلف محاور القتال، وأيضاً، استهداف المستوطنات بالصواريخ. وقبل ذلك، أعلنت سرايا القدس استهداف تجمّعٍ لجنود الاحتلال في محور القتال في “نتساريم” جنوبي مدينة غزة، وذلك “بوابل من قذائف الهاون من العيار الثقيل”.
بدورها، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، الخميس، دكّها موقعاً إسرائيلياً مستحدثاً للمراقبة والتجسس شرقي جحر الديك وسط قطاع غزة، وذلك بقذائف “الهاون”.
كذلك، تبنّت كتائب شهداء الأقصى استهداف تجمّعٍ لجنود الاحتلال وآلياته في محور القتال نفسه، كما استهدفت حشود آليات صهيونية بقذائف “الهاون” شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
من جهتها، أكّدت كتائب المجاهدين، الجناح العسكري لحركة المجاهدين، دكّ مجاهديها مقرّ قيادة تابعاً لفرقة غزة في “جيش” الاحتلال في مستوطنة “ريعيم”، وذلك برشقة صاروخية، معلنةً أنّ الاستهداف جاء رداً على العدوان الصهيوني المتواصل بحق الشعب الفلسطيني.
كما أطلق حزب الله اللبناني عشرات صواريخ الكاتيوشا على منطقة ميرون في الجليل الأعلى، ليل السبت، في أعقاب قصف صهيوني على عدة بلدات في جنوب لبنان. وقال الحزب في بيان إن مقاتليه “قصفوا بعشرات صواريخ الكاتيوشا مستوطنة ميرون والمستوطنات المحيطة”.
وأضاف أن القصف جاء “ردا على اعتداءات العدو الصهيوني على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل المدنية وخصوصا بلدات القوزح ومركبا وصربين”. وقال مراسلون إن حوالي 30 صاروخا أطلقت من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأعلى. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن انفجارات عنيفة دوّت في منطقة ميرون بعد دقائق من تفعيل صفارات الإنذار.
ودخل حزب الله في مواجهة مع الاحتلال الصهيوني في أعقاب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، واندلاع الحرب الصهيونية على غزة. واضطرت سلطات الاحتلال إلى إجلاء عشرات آلاف الإسرائيليين من المستوطنات والبلدات القريبة من الحدود مع لبنان.
وأعلنت جماعة أنصار الله باليمن، في وقت متأخر من مساء الجمعة، استهداف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر، وإسقاط مسيّرة أمريكية، ردا على استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، في خطاب مصور، إن الجماعة استهدفت سفينة النفط البريطانية “أندروميدا ستار” في البحر الأحمر، وذلك بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة، أدت إلى إصابة السفينة بشكل مباشر.
بدورها، ذكرت القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم”، في بيان، أن الحوثيين أطلقوا 3 صواريخ باليستية مضادّة للسفن الساعة 17.49 بالتوقيت المحلي (14.49 بتوقيت غرينتش) من المناطق التي يُسيطرون عليها في اليمن تجاه البحر الأحمر، حيث توجد سفينتان تجاريتان. وأضافت سنتكوم عبر منصة إكس أن السفينة “أندروميدا ستار” قد أبلغت عن أضرار طفيفة لكنها تواصل رحلتها.
وقبلها بساعات، أفادت وكالة “يو كاي أم تي أو” البريطانية للأمن البحري بأن سفينة أُصيبت بأضرار إثر تعرّضها لهجومين متتاليين على بُعد 14 ميلا بحريا نحو جنوب غرب المخا باليمن.
وقالت الوكالة، التي تديرها القوات الملكية البريطانية، إنه “خلال الهجوم الأول شهدت السفينة انفجارا على مسافة قريبة منها، وقد شعر به الطاقم. بعد ذلك، حصل الهجوم الثاني على السفينة بما يُعتقد أنهما صاروخان، ما تسبب بأضرار في السفينة”، ولم تعطِ الوكالة أي معلومات بشأن سلامة الطاقم.
في سياق متصل، قال سريع إن “قوات الدفاع الجوي نجحت في إسقاط طائرة أمريكية نوع “إم.كيو9″ (MQ9) في أجواء محافظة صعدة (شمالا)، وتم استهدافها أثناء قيامها بتنفيذ مهام عدائية بصاروخ مناسب”.
وثمّن المتحدث ما وصفه بـ”الدعم الشعبي الكبير لعمليات القوات المسلحة ضد العدو الصهيوني، وضد العدوان الأمريكي البريطاني المساند له في البحر”. وأكد استمرار قواتهم في تنفيذ المزيد من العمليات العسكرية “حتى رفع الحصار ووقف العدوان عن الشعب الفلسطيني في غزة”، وفق قوله.
ومنذ نوفمبر الماضي، يواصل اليمنيون هجماتهم في البحر الأحمر وبحر العرب، وتقول الجماعة إنها تستهدف السفن الصهيونية والمرتبطة بالكيان أو تلك المتجهة إليها، وذلك “نصرة للشعب الفلسطيني في غزة”.
حماس منتصرة بمعركة الرواية
تطرقت وسائل إعلام إسرائيلية إلى الفيديو الذي نشرته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لأحد الأسرى المحتجزين في غزة، وكذلك الحراك الطلابي الأمريكي الداعم لفلسطين، وإمكانية إصدار محكمة الجنايات الدولية أوامر اعتقال لكبار قادة الكيان الغاصب.
وفي الموضوع، قال المحامي والكاتب الإسرائيلي عوفر بيرتل للقناة 12 الإسرائيلية، إنه “لا يرى في بث فيديو الأسير الإسرائيلي الأخير مؤشرا على أن حماس تحت الضغط”، مضيفا أنه يعتقد بأن حماس منتصرة في معركة الرواية بشكل جنوني.
وقبل ذلك بيومين نشرت كتائب القسام – الجناح العسكري لحماس – مقطع فيديو للأسير الإسرائيلي هيرش غولدبيرغ بولين (24 عاما)، الذي شن هجوما لاذعا على رئيس نتنياهو، منددا بإهمال حكومته للأسرى وطالبها بالعمل للإفراج عنه.
بدورها، أفردت القناة 13 الإسرائيلية مساحة لتناول إمكانية إصدار محكمة الجنايات الدولية أوامر اعتقال في لاهاي ضد نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي. ومن المتوقع ألا تركّز المحكمة على ما يطلق عليهم الجنود والضباط الصغار بل على من يحدد السياسات ومتخذي القرار، بحسب ما نقلت القناة عن مسؤولين إسرائيليين كبار.
وكشفت عن أن سلطة الاحتلال قررت اتخاذ عدة خطوات سياسية لمنع هذه الخطوة مثل عزم نتنياهو الاتصال بعدد من نظرائه في هولندا والتشيك والنمسا وفي دول أخرى. كما يجري وزير الشؤون الإستراتيجية الصهيوني رون ديرمر، وسفير عصابة الكيان في واشنطن مايك هرتسوغ اتصالات مكثفة مع الإدارة الأمريكية والكونغرس لمنع إمكانية صدور أوامر اعتقال ضد نتنياهو وبقية وزرائه.
من جانبه، قال رفيف دروكر المحلل السياسي في القناة ذاتها، إن نتنياهو يأخذ الأمر بغاية الجدية ويخشى منه، مشيرا إلى أن هذه الإمكانية طُرحت قبل سنوات وغير على أثرها سياساته مثل رفضه إخلاء قرية “الخان الأحمر” الواقعة على طريق رئيسي شرق القدس. وأوضح أن نتنياهو لم يقر هدم القرية رغم كل الضغوط السياسية الداخلية “بسبب المخاوف من أن يقوده ذلك إلى المحكمة الدولية”.
حراك أمريكا الطلابي
وبشأن الاحتجاجات الطلابية في الولايات المتحدة الداعمة لفلسطين، نقلت قناة “كان 11” العبرية عن مراسلها هناك، أن الهدوء الحالي في حرم جامعة كولومبيا في نيويورك “ليس مؤشرا على أن التوتر بات وراء ظهورنا بل يقترب من لحظة الحسم حيث المفاوضات مستمرة”.
وأضاف: “حسب التقديرات لا توجد فرصة كبيرة من ناحية الطلبة للتوافق، ولا توجد حوافز قوية لدفعهم للمغادرة وتهديدات الجامعة لا تخيفهم؛ لذلك من المرجح أن يصروا على البقاء في المكان في نهاية المطاف”.
بدوره، تساءل إيلون ليفي المتحدث السابق في جهاز الإعلام الحكومي الصهيوني قائلا: “في الولايات المتحدة يدركون أن العصر الذهبي ليهود أمريكا قد انقضى فما الذي نقوم به ككيان لمساعدة اليهود في الشتات كي يقاتلوا دفاعا عن مواقعهم؟”.
وللعلم، فقد نظم طلاب جامعة العلوم السياسية، إحدى أرقى الجامعات الفرنسية في باريس، يوم الجمعة وقفة احتجاجية للتنديد بالإبادة الجماعية المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وبحضور ودعم من بعض الأساتذة والنواب الفرنسيين، طالب الطلبة المحتجون الجامعة بوقف تعاونها مع المؤسسات والشركات الصهيونية، وإنهاء العقوبات التأديبية بحق الطلاب المشاركين في التعبئة.
وبعد وقوع اشتباكات بين المتظاهرين وجماعات مؤيدة للكيان، وافقت إدارة المؤسسة على لقاء الطلاب للنقاش وتهدئة التوترات، تخوفًا من تكرار السيناريو ذاته الذي تشهده عدة جامعات أمريكية في الوقت الحالي.
التهديد والوعيد دون القدرة على الفعل..
هذا ديدن الاحتلال وأسلوبه المفضوح
أبرز الباحث المصري في الشؤون الإستراتيجية، علي الطواب، أنّ قادة الاحتلال الصهيوني وبما لا يدعُ مجالاً للشك، في كل مرة يُحاولون استخدام أساليب التهويل والوعيد وتوظيف كل الوسائل والسُبل الممكنة وغير الممكنة لأمرين رئيسين وأساسين، الأول يتعلق بالرفع من معنويات الداخل الإسرائيلي وحصد المزيد من التأييد والأصوات في الانتخابات القادمة، دعماً لسياسة الإرهاب، فمن المعروف في الداخل الإسرائيلي أنّ مزيدا من الإرهاب يعني جمع مزيد من الأصوات لعملية انتخابية قادمة.
وفي هذا الصدد، أوضح الطواب في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحارب زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، والأخير يحارب سموتوريتش، وكلهم دون استثناء يحاولون الاصطياد في المياه العكرة، والقاعدة المعروفة لديهم جميعا هي أنّ من يستطيع إراقة المزيد من الدماء الفلسطينية هو الأسرع نحو مقعد رئيس الوزراء الإسرائيلي القادم.
في السياق ذاته، أشار محدثنا، إلى أنّ قادة الاحتلال الإسرائيلي يتعمّدون الكذب للتغطية على فشلهم الذريع في غزّة من جهة، وابتزاز الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وكل الداعمين لهم من جهةٍ أخرى، فالإعلام الصهيوني على سبيل المثال لا الحصر لا يستطيع أن يذكر صراحةً عدد الجنود والضباط الإسرائيليين الذين يسقطون يوميا بين قتيل وجريح في معارك ضارية تخوضها المقاومة الفلسطينية ضد العدوّ الصهيوني على أرض الميدان في قطاع غزّة.
على صعيدٍ متصل، أفاد الباحث في الشؤون الإستراتيجية، أنّ هناك حالةً من التراشق بين المسؤولين السياسيين الإسرائيليين بحثاً عن تحقيق المصلحة السياسية، فمن يستطيع أن يعيش في المشهد أكثر سيكون الرابح لاحقا في الانتخابات القادمة، وسيكون رئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل.
على الجانب الآخر، أبرز الطواب، أنّ هناك من القادة الصهاينة من يستخدم رفح وتهديد لبنان ووعيد حزب الله كورقة للظهور وكسب نوع من التأييد، إلاّ أنّ ذلك على أرض الواقع يدخل في دائرة التصريحات والمعلومات الاستهلاكية من جانب الاحتلال لا أكثر ولا أقل، فالكيان الصهيوني وقادته السياسيون والعسكريون يوقنون جيّدا أنهم الآن في مأزق حقيقي وكل ما يتحدثون عنه مجرد بيع للوهم وذر للرماد في العيون، فالتهديد والوعيد دون القدرة على الفعل ديدنُ الاحتلال وأسلوبه المفضوح.
وأردف محدث “الأيام نيوز” قائلا: “إنّ الاحتلال الإسرائيلي وجد نفسه في موقف محرج للغاية، فكيف لحركة مقاومة إسلامية مهما عظمت قدراتها أن تتصدى لجيش كبير وجهات أمنية كبيرة مدعومة من منظمات عريقة تقدّم لهم المعلومات والتكنولوجيا وكل ما يحتاجونه في هذا الإطار، ورغم ذلك يخرج لهم السنوار مترجّلا من هنا أو هناك أو يخرج عليهم أبو عبيدة متحدثا من هنا أو هناك، هذه الصفعة التي جاءت على وجه آلة الحرب الإسرائيلية لم يستسغها الكيان الصهيوني حتى أنه لم يستفق منها بعد”.
خِتاماً، أبرز الباحث المصري في الشؤون الإستراتيجية، علي الطواب، أنّ قادة الاحتلال الإسرائيلي وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يعلم علم اليقين أنه أخفق وفشل فشلا ذريعاً في إدارة الحرب في قطاع غزّة، كما يدرك جيّدا أنه سوف يعاقب ويحاسب سياسيا وتصويتيا خلال الفترة المقبلة، حتى هذه اللحظة لا يزال مصرا على المتاجرة بالدماء الفلسطينية وهذا هو المعروف عنه، وهنا تم استخدام أساليب مختلفة ومتعددة بما فيها الحديث عن توسيع دائرة القتال ودائرة القصف والاستهداف، إضافةً إلى اعتماد أسلوب الوعيد والتهديد دون وجود قدرة حقيقية على الفعل وهذا ما تؤكده المعطيات والمستجدات الموجودة على الأرض، لافتاً في السياق ذاته، أنه من المرجح أن تشهد الفترة القادمة هدوءً نسبيا إن أراد قادة الحرب ذلك وتمكنوا من إقناع نتنياهو نفسه بأنّ المشهد ليس في صالح الكيان الصهيوني بقدر ما هو في صالح حركة المقاومة الإسلامية “حماس” دون الإفصاح عن هذه النقطة رسميا وصراحةً أمام الجميع.
رفح عاصمة المقاومة..
“إسرائيل” تقترب من إعلان هزيمتها
بقلم: ميخائيل عوض – محلل سياسي فلسطيني
صار العجزة في “إسرائيل” كحال العرب عندما كانوا مهزومين، يهدّدون ويتوعدون ويطلقون ألسنتهم وحناجرهم للهواء بلا حول أو قوّة أو فعل، نتنياهو وتابعة غالانت يكثرون من التهويل والتصريحات وتهديد لبنان ورفح وكأنهم يملكون القدرة على الفعل، والتطورات المتسارعة تكشف حجم الاكاذيب والتهويل.
فتحت عاصفة التهويل وتبادلت “إسرائيل” ومصر الوفود والعروض وخرجت تسريبات تفيد بقبول “إسرائيل” الانسحاب من نتساريم وسحب قواتها من الشمال وعودة النازحين دون قيود والشروع بتبادل الأسرى بما فيهم المؤبدات ومن العيار الثقيل، لكنها لم تقبل بعد وقف دائم للنار.
يهدّد ويزيد ويتنازل نتنياهو، فالقصة صارت مكشوفه وتهديداته الفارغة يؤكدها أنّ العقبات والتعقيدات في رفح مازالت على حالها ولم تذلّل واحدة بل زادت نوعيا بعد الرد الإيراني والتصعيد المتقن في جبهة الشمال وعودة الحوثي إلى النشاط النوعي وتوسيع دائرة القصف والاستهداف، والعقبات مازالت تتمحور حول:
أولا: الموقف الأمريكي الرافض قبل معرفة اليوم التالي ومصير الكثافة السكانية ولنقل يمكن إنها عقبة قابلة للتذليل فأمريكا هي من يقود الحرب ويمولها ويذخرها.
ثانيا: صلابة المقاومة وكفاءاتها وقدراتها وجاهزيتها وقد زادت قوة ومعنويات واكتسبت مهارات وتدير حرب مقاومتها بحكمة وسيطرة عالية جدا، وتبلي بلاءً حسنا بل وعادت أكثر تنظيما واحترافية إلى الجنوب والمناطق التي دمرتها “إسرائيل” واضطرت للانسحاب منها تحت ضربات المقاومين وبسبب ارتفاع الخسائر والتكاليف، وكلما حاولت العودة تتعرض لكمائن محكمة وتدفع أثمانا باهضه وهذه عقدة لا يمكن تذليلها.
ثالثا: العقدة المستحيل تذليلها تكمن في نقص العدد والعدة والحالة النفسية والتمردات في الجيش الإسرائيلي، وقد أعلنها أولمرت رئيس وزراء سابق بأنه ليس لدى “إسرائيل” إلا لواءين ونتنياهو يكذب كما غالانت، فلا يمكن القتال بهما في الشمال والجنوب واقتحام رفح، علما أن اقتحام مدن الشمال كلفت مشاركة ست فرق هي الأهم والأقوى تجهيزا ورجالا وسبعة ألوية ولم تفلح.
وأزمة التجنيد والنقص في الجيش عاصفة والحريديم هددوا بالرحيل، فمن أين لنتنياهو وغالانت القوة والقدرة على اقتحام رفح وهي أكثر تعقيدا من سوابقها التي فشل فيها الجيش وهو بكامل عدته وتجهيزاته وتعبئته واضطر للانسحاب لتخفيف الخسائر.
رابعا: أما عقدة محور المقاومة وجبهاته المساندة وقدراتها على زيادة الضغط والاستهداف لتأمين رفح فنموذجها في جنوب لبنان واليمن يتحدث عن نفسه وقدراته وبلاغته في إتقان الكمائن والاستهداف وتوسيع مسرح الحرب وتطوير الأداء والاستهداف تتحدث عن نفسها بنتائجها المبهرة.
خامسا: الرأي العام وتحولاته وهو على اتساع وتطور ويستحيل تذليل عقبته كتأمين عديد للجيش الإسرائيلي أو تذليل عقبة دور المحور وجبهاته.
سادسا: الأحكام الجنائية تحوم فوق رأس نتنياهو وفريقه والعدالة الدولية لم تنطق بأحكامها القضائية بعد، وقد لا تنفع نتنياهو مسارعته للطلب من أمريكا وألمانيا والأخريات للتدخل لرفع سيف العدالة عن رقبته وعن رأس “إسرائيل”.
إنّ الزمن يجري سريعاً على ساعة غزة وتوقيت حرب تحرير فلسطين والعلامات كلها والتطورات بمجملها تشهد على اقتراب زمن ‘علان الهزيمة لـ”إسرائيل” ودخولها طور الصراعات الداخلية واحتمال انتقال كتلة المقاومة ومسارحها إلى الضفة والحدود الأردنية وفلسطين الـ 48.
بالحساب الدقيق..
ماذا حقّق الاحتلال الاسرائيلي حتّى الآن؟
بقلم: وليد عبد الحي – كاتب وباحث أكاديمي أردني
للخبراء في “إسرائيل” دور لا ينكر في إعداد وصنع القرار السّياسي الإستراتيجي بالذّات، وعليه يمكن تلمّس المشاريع المستقبلية “الإسرائيلية” من خلال متابعة أدبيات هؤلاء الخبراء، لا سيما أنّ أغلبهم من العاملين في مراكز الدّراسات “الإسرائيلية” كانوا ضبّاطًا كبارًا في الأجهزة الأمنية أو الجيش أو الإدارات السّياسية أو الدّبلوماسية أو في الجامعات، فهم يجمعون بين الخبرة العلمية والخبرة الميدانية، كما أنّ الحرية في التّفكير متاحة لهم بالقدر الكافي لطرح آراء مخالفة لما تتبنّاه السّلطة، كما أنّهم بحكم علاقاتهم ومكانتهم يُطلّون على خبايا الأمور بل وكثيرًا ما كانوا من جلساء الغرف المغلقة.
بناء على ما سبق، تتبّعت التّقرير الذي أعدّه فريق من الباحثين في معهد الأمن القومي “الإسرائيلي” من المتخصّصين في ميادين مختلفة، وموضوعه حول اليوم التّالي لمعركة “طوفان الأقصى”، وسأعرض ملخّص التّقرير دون أيّ تعليق، ثم سأحاول عرض أهم استنتاجاتي من التّقرير.
التقرير يبحث في الآتي:
أوّلًا: ماذا حقّقت “إسرائيل” حتّى الآن في معركتها بعد أكثر من نصف عام: لم يتم الإفراج عن الرّهائن/ لم تتم هزيمة حماس الهزيمة المأمولة/ تراجع نزعة اجتياح رفح بخاصّة أنّ الاجتياح لن يقود لنتائج أفضل، وهذا التّراجع في الحرب يمكن أن يؤدّي إلى الإرهاق المصحوب بالإحباط وخيبة الأمل، ولكن هذا الوضع ينطوي على فرص يمكن البحث في كيفية استثمارها.
ويقوم الاستشراف “الإسرائيلي” على تصوّر “المدى الطّويل” للشّرق الأوسط، وهو استشراف ينطوي على ضرورات الحصول على تنازلات لـ”إسرائيل” تتوازى مع ما تحمّلته في هذه الحرب مع ضرورة التّنبيه للقيادة “الإسرائيلية” أنّ عليها أن تخطّط لتحقيق مكاسب استراتيجية طويلة الأمد لا مكاسب تكتيكية “قصير الأمد”. وينطوي تقييم الخبراء على التّنبيه إلى أنّ “إسرائيل” تواجه حاليًا واحدة من أصعب فتراتها، سواء من حيث مكانتها الدّولية أو وضعها الدّاخلي. ومن الصّعب تصوّر تحسّن في هذا الواقع دون اتّخاذ قرارات عملية، استجابة لجملة التّحدّيات التي تواجهها..
ثانيًا: الظّروف الميدانية للمعركة: يرى التّقرير أنّ “إسرائيل” تواجه:
أ- انزلاق “إسرائيل” في حرب استنزاف طويلة، وهو ما يجعل احتمال إعادة الرّهائن تتراجع، ويتراجع مع ذلك احتمال إحلال سلطة بدلًا من حماس في غزّة، ولكن هذه السّلطة – أي سلطة حماس – لها بدائل مستقبلية من ناحية، ولكلّ بديل تحدّيات عدّة مثل ما يلي:
1- حكومة عسكرية في غزّة تديرها “إسرائيل”: وهو أمر له تبعات سياسية واقتصادية وعسكرية كثيرة.
2- نقل مسؤولية قطاع غزّة إلى مصر (لكن مصر ترفض ذلك تمامًا).
3- توكيل السّلطة للقبائل والعشائر، لكن الفشل في مثل هذا المشروع سيقود إلى فوضى.
4- إنشاء حكومة بمشاركة عربية ودولية، لكن غياب الدّور الفلسطيني يخلق مشاكل لهذا الحل.
5- إنشاء حكومة فلسطينية مؤقّتة ومنفصلة عن السّلطة في رام الله.
6- إعادة السّلطة الفلسطينية بعد تجديدها للسّيطرة على غزّة بمساعدة عربية ودولية.
والحلّ الأمثل بين هذه البدائل هو الحل رقم 6، مع ضرورة مراعاة ما يلي:
– ضمان مساندة عربية ودولية.
– تسريع إدخال المساعدات الإنسانية على أن تتولّى حركة فتح الإشراف على ذلك بمساعدة عربية ودولية.
– وقف إطلاق النّار مع حزب الله شريطة انسحاب قوّات الرّضوان من الحدود وضمان تفعيل الرّقابة الدّولية لمنع المتسلّلين ومنع وصول الصّواريخ المضادّة للدّروع لحزب الله في هذه المنطقة.
– إنّ الإعلان عن وقف إطلاق النّار في غزّة لا يعني امتناع “إسرائيل” عن استمرار التّخطيط للعمل على تفكيك حماس ونزع سلاحها.
وهذا الأمر يتطلّب تولّي سلطة التّنسيق الأمني السّلطة في غزّة، مع احتفاظ “إسرائيل” بإدارة الشّأن الأمني في القطاع.
ثالثًا: يجب القبول – وبسرعة – بصفقة لإطلاق سراح الرّهائن حتّى لو تطلّب عقد هذه الصفقة وقف الحرب، وعلى “إسرائيل” أن تعمل في هذا الجانب أنّ من حقّها في مرحلة لاحقة أن تتراجع عن أيّ شروط تقتضيها الصفقة (الانسحاب مثلًا وبعد الصّفقة تعود للحرب)، وعلى “إسرائيل” من جانب آخر في هذا الموضوع أن تعطي الأولوية للرّهائن المدنيين وتفصلهم عن العسكريين.
أمّا بخصوص المعتقلين الفلسطينيين العاديين الذين يمكن أن يفرج عنهم في التّبادل فمن حقّ “إسرائيل” إعادتهم للاعتقال إذا استشعرت أيّ خطر منهم. أمّا المعتقلين من الخطرين (القيادات وذوي الأحكام العالية.. إلخ) فيجب ربط إطلاق سراحهم بتنازلات إقليمية مثل توسيع دائرة التّطبيع العربي – “الإسرائيلي” وهو ما يزيد شعور الأمن لدى “الإسرائيلي”.
رابعًا: لا بدّ من تجنّب وقوع كارثة إنسانية في قطاع غزّة، ولابد من دمج تنظيم المساعدات الإنسانية مع عملية إنشاء كيان مدني بديل لحماس، مع منع وقوع المساعدات في أيدي هذه المنظّمة، ومن الأفضل أن تأتي المساعدات إلى ميناء أسدود ثمّ يتمّ نقلها لغزّة، لأنّ إعادة تأهيل ميناء غزّة سيعطي حماس ميزة ومشهدًا من مشاهد السّيادة.
خامسًا: إنّ التّوصية بوقف الحملة الحالية والانتقال إلى نمط عملياتي مختلف لا يمنع من استئناف الحرب في رفح، شريطة اعتماد “إسرائيل” مسار عمل وتوقيت مختلف يخدم الهدف الإستراتيجي المطلوب. وعليه لا بدّ من مراعاة ما يلي:
1- ترتيب الحدود المصرية مع غزّة وبالتّعاون مع أمريكا وإعلام “إسرائيل” بكلّ خطوة، لضمان عدم التّهريب وبخاصّة للأسلحة.
2- إذا لم تهاجم “إسرائيل” رفح يجب أن تبقى مطالبها هي: استسلام السّنوار والضّيف واستسلام كتائب القسّام، وفي حالة الرّفض يتمّ الاستمرار في عمليات اغتيال القيادات وتدمير البنية التّحتية المدنية والعسكرية وإغلاق ممر فيلادلفيا تمامًا.
3- يمكن تحقيق الأهداف السّابقة بالتّنسيق مع مصر والولايات المتّحدة من خلال الضّربات البرية والجوية والعمليات الخاصّة.
4- يتمّ القيام بهذه العمليات بعد الإفراج عن الرّهائن.
سادسًا: إنّ تعزيز القدرة الوطنية على الصّمود في “إسرائيل” من خلال رأب الصّدع الدّاخلي في “إسرائيل” سيمكّن من القدرة على الاستمرار والتّعافي السّريع من الصّدمة الجماعية نحو الرّخاء والنّمو، وهو ما يتطلّب استعادة الرّهائن، وضمان إعادة المهجّرين من المستوطنات شمالًا وجنوبًا، وضمان إعادة التّماسك بين الحكومة والمجتمع.
سابعًا: إنّ تشكيل وتماسك جبهة المقاومة المكوّنة من إيران ومنظّمات المقاومة الفلسطينية أدّى إلى تآكل الرّدع “الإسرائيلي” وزيادة خطيرة في الشّعور بالثّقة بالنّفس لدى أعداء “إسرائيل” في هذا المحور، لذلك يجب التّعاون مع أمريكا ودفع الحكومة اللّبنانية لترتيبات تعزّز دور القوّات الدّولية وتبعد عناصر حزب الله عن الجنوب.
أمّا بخصوص إيران، لا بدّ من زيادة العقوبات عليها، وزيادة أعداد المراقبين من وكالة الطّاقة النّووية على مشروعاتها النّووية، وربط تخفيف العقوبات بخطوات تراجعية من إيران في مشروعها النّووي، وعدم استبعاد القيام بضربات عسكرية ضدّ المشاريع النّووية الإيرانية.
ثامنًا: العمل على الحفاظ على متانة وتطوّر العلاقات الأمريكية – “الإسرائيلية” بخاصّة أنّ الدّعم الأمريكي في هذه الحرب يتوازى مع الدّعم لـ”إسرائيل” خلال حرب 1973، ولن يكون هناك أزمة كبيرة بين أمريكا و”إسرائيل” إلّا بعد الانتخابات الرّئاسية في نوفمبر 2024، وهناك مشاعر كامنة لدى ترامب ضدّ نيتنياهو، كما أنّ حزب بايدن الدّيمقراطي تتزايد فيه نزعات الموقف السّلبي من “إسرائيل”، وهي أمور يمكن أن تزداد بين الطّرفين على المدى الطّويل، لذا على “إسرائيل” أن تعمل على استعادة الولايات المتّحدة إلى الشّرق الأوسط وأن تكون أكثر حذرًا في خطاباتها السّياسية تجاه الولايات المتّحدة.
ما الذي نخلص منه من هذا التّقرير “الإسرائيلي”:
1- أنّ المعركة مع المقاومة لم ولن تنتهي في المدى المنظور، فقد تعرف هدوءا مؤقّتًا، ثمّ لا تلبث أن تنفجر.
2- أنّ موضوع الرّهائن -وهو ما يتّضح من التّقرير- يشكّل عاملًا ضاغطًا بشكل كبير على الموقف “الإسرائيلي”، وهو ما يستوجب من المقاومة تبنّي “استراتيجية الابتزاز” للحصول على أفضل النّتائج، ولعلّ الإعلان بين الحين والآخر عن مقتل بعض الرّهائن “بسبب القصف الإسرائيلي” هو عامل مهمّ في تأجيج الجبهة الدّاخلية وإحراج صانع القرار الصّهيوني.
3- أنّ الرّهان الاستراتيجي من “إسرائيل” على دور سلطة التّنسيق الأمني كبير للغاية، ممّا يؤكّد أنّ ما خفي من علاقات بين الطّرفين أعمق ممّا يبدو على السّطح، ويستوجب على المقاومة خنق أيّ دور مقترح لسلطة التّنسيق الأمني.
4- أنّ جوهر التّفاوض “الإسرائيلي” يقوم على عدم الالتزام بأيّ التزام مهما كان، ويمكن التحلّل منه في أيّ لحظة مواتية، وهو ما يتّضح في التّوصية باستئناف العلميات العسكرية بعد الانتهاء من صفقة الرّهائن، وهو ما يستوجب على المقاومة أن تجعل موضوع الرّهائن هو آخر موضوع للتّفاوض مهما كانت الظّروف، وعليها أن تماطل في الموضوع إلى أبعد الحدود، وأن توزّع من الرّهائن على تنظيمات المقاومة الأخرى للهروب من الضّغط القطري والمصري لأنّ التّنظيمات الأخرى أكثر تحرّرًا من سياج قطر ومصر.
5- أنّ “إسرائيل تثق بتوجّهات السّلطة المصرية من حيث عداء هذه السّلطة لحركة التحرّر الفلسطيني دينية أو علمانية، وأنّ مصر لا تريد العودة لميدان الصّراع العربي-“الإسرائيلي” مهما كانت الظّروف.
6- على المقاومة أن تسعى لتوسيع أطراف التّفاوض بإشراك دول أخرى لها علاقات مع الجميع، ونعتقد أنّ تركيا يمكن أن تكون أفضل كثيرًا من قطر لأنّ درجة استقلالية القرار التّركي أعلى كثيرًا من درجة استقلالية القرار القطري أو المصري (رغم النّهج الأردوغاني المثير للجدل)، أو يمكن مشاركة إسبانيا أو إيرلندا أو إحياء دور اللّجنة الرّباعية، أمّا الاستمرار في التّفاوض مع الرّباعي الحالي فتكرار “للأيتام على موائد اللّئام”.
7- تعتقد “إسرائيل” أنّ أمنها يمكن أن يبقى في حالة خطر مع استمرار وجود “محور المقاومة”، لذا فإنّها ترى ضرورة شدّ الولايات المتّحدة للتّواجد الأعمق في الشّرق الأوسط ليكون رافعة الضّغط الأهم لشلّ الدّور الإيراني واستعادة “إسرائيل” مكانتها في أولويات السّياسة الأمريكية وتعزيز دورها الوظيفي في الاستراتيجية الأمريكية.
السؤال المخجل..
هل يساعد العرب العدو في اجتياح رفح؟
بقلم: عبد الله المجالي – كاتب وإعلامي أردني
كما هو معلوم فإنّ واشنطن لا تعارض من حيث المبدأ العدوان على رفح، لكنّها تريد تقليل حجم الخسائر في صفوف الفلسطينيين كون المنطقة تغصّ بالنّازحين! ولا ندري ما هي الخسائر التي يمكن أن لا تتحمّلها واشنطن، فهي إلى الآن تدافع عن الكيان ولا ترى أنّه قد ارتكب أيّ جرائم في القطاع!
لكنّنا لا نعلم على وجه الدقّة الموقف العربي؛ فهل هو من حيث المبدأ يرفض العدوان على رفح؟ أم أنّه يتقاطع مع الموقف الأمريكي؟ أم أنّه يسعى إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشّعب الفلسطيني؟
على كلّ الحالات فإنّ الموقف العربي الضّعيف إزاء العدوان، وعدم تمكّنه حتّى اللّحظة من الضّغط على الكيان لوقف عدوانه رغم امتلاكه كثيراً من الأدوات، يساعد بطريقة أو بأخرى العدو على ارتكاب عدوانه في رفح كما ارتكبه في شمال القطاع ووسطه وفي خان يونس. ولن تختلف النّتائج في رفح عنها هناك؛ مجازر ومذابح للأطفال والنّساء والشّيوخ، وتدمير للبيوت والمساجد والمدارس، وتجريف للبنية التّحتية والمستشفيات والمراكز الصّحية، واعتقال للشّبان من سن 20 إلى 40 وتقديمهم بحجّة أنّهم مقاتلون في صفوف القسّام والمقاومة.
على أنّ الخدمة الكبرى التي يمكن أن يقدّمها العرب للعدو للتّمهيد لعدوانه بالمواصفات الأمريكية، فهي المساعدة في نقل النّازحين في رفح، لكن ليس إلى بيوتهم ومناطقهم التي هجروا منها، بل إلى مخيّمات في أرض عراء يختارها العدو بنفسه!
بحسب مصادر إعلام عبرية، وإن كنت لا أثق كثيرًا بها، فإنّ المخيمات التي ستقام لاستقبال النّازحين من غزّة هي بدعم من دول عربية.
قد يكون الدّافع العربي إنسانيًا، وقد يكون حرصًا على حياة هؤلاء الفلسطينيين في ظلّ تعنّت الكيان وإصراره على تنفيذ عدوانه في رفح. لكن هذه الحجج لا تستقيم أمام عدّة حقائق لعلّ أقلّها أنّ العرب قادرون إن أرادوا أن يوقفوا العدوان فورًا، فلديهم من الأدوات ليس أقلّها التّلويح الجماعي بطرد سفراء الكيان من العواصم العربية، وإغلاق السّفارات، ومنع وصول البضائع إلى الكيان عن طريقها، وكلّ ما يحتاجه هذا تنفيذ هذا الأمر هو القناعة بأنّ العرب لا بدّ أن يقفوا مع الفلسطينيين في محنتهم، وجرعة من الجرأة في اتّخاذ القرار.
التاريخ يقول:
ارفع رأسك فأنت غزّاوي!
بقلم: عبد الله المَشوخي – أكاديمي فلسطيني
كلمة غزاوي – أي أنّك من أهالي قطاع غزّة – كلمة لها دلالة شؤم واشمئزاز لدى العديد من الدّول العربية لا سيما المطبّعة منها رغم أنّ أهل قطاع غزّة لم يصدر منهم أيّ إساءة تجاه الدّول العربية بل العكس من ذلك فهم ممّن ساهموا في بناء العديد من الدّول بكفاءات علمية رصينة عالية المستوى من مدرّسين مميّزين ومهندسين حاذقين وأطبّاء أكفاء ومستشارين.. إلخ.
لكن الماكينة الإعلامية الصّهيونية المسيطرة على أغلب وسائل الإعلام العربية وأغلب الأجهزة الأمنية المرتبطة بأجندات خارجية أسّست ورسّخت تعاملات مسيئة لكلّ غزّاوي. معاملات يندى لها الجبين وتشمئزّ لها القلوب وتعافها النفوس. معاملات تتّسم بالغلطة والجفاء وسوء الأدب.
وعلى سبيل المثال يمنع الغزّاوي من دخول أيّ دولة عربية إلّا بعد معاناة شديدة ومشقّة وعذاب وطول انتظار لا يعلم مداه إلّا الله.
وإذا ما دخل بعض الدّول فهو بين عدّة مسارات مؤلمة إمّا المنع من الدّخول رغم حصوله على إذن مسبق أو التّحقيق معه أو الدّخول كمجرم حرب حيث يحجر عليه في المطار لعدّة أيّام في غرفة تفتقر لأبسط مقوّمات الحياة ثمّ يسمح له بمواصلة السّفر تحت حراسة مشدّدة في حافلات سيئة.
كما يتعرض الغزّاوي لسوء معاملة حال مراجعته لأيّ مؤسّسة من المؤسّسات الحكومية رغم ولادته ونشأته في تلك البلاد.
وما أن يكشف عن هويته للموظّف حتّى تجد هذا الأخير قطب جبينه وكشّر عن أنيابه وقال بنبرة حادّة: (أنت غزّاوي) وكأنّه مخلوق منبوذ مغاير لسائر البشر وخلاصة الإجابة الفجّة (غير مسموح).
إضافة إلى حرمانه من كافّة الوظائف ومن أغلب المهن ومن كافّة حقوقه كإنسان حتّى وصل الأمر إلى درجة أن الشّاب الغزّاوي إذا تقدّم لخطبة فتاة وعلم أهلها أنّه غزّاوي أعرضوا ونأوا عنه لما يعانيه من مشاكل لا ناقة له فيها ولا جمل سوى أنّه غزّاوي.
حتّى جاء اليوم السّابع من أكتوبر عام 2023 يوم استطاعت ثلّة من العزازوة الأشاوس الأبطال كسر شوكة اليهود وهزّ كيانهم، يومها أفقدوا الكيان الصّهيوني مكانته وهيبته وثقته بأنفسهم حيث انهارت منظومتهم الأمنية.
ذلك اليوم المجيد الذي أسّس لمرحلة جديدة للقضيّة الفلسطينية التي أريد لها أن تصبح مهمّشة ونسيًا منسيًا.
هذه الثلّة الغزّاوية المجاهدة عرّضت الكيان لهزّة عنيفة أفقدته صوابه ممّا جعله يتخبّط يمنة ويسرة وينتقم من الأطفال والنّساء وتدمير البيوت والمساجد والمدارس والجامعات والمعاهد والمستشفيات ويقترف جرائم شنيعة، جرائم نازية، جرائم شوّهت سمعته وأفقدته مكانته لدى العديد من دول العالم الحر، كلّ ذلك بسبب ثلّة قليلة من أهل قطاع غزّة.
وأختم بكلمة قالها غزّي مع بداية المعركة حيث قال:
“أمريكا تحرّك أساطيلها من أجل حماية اليهود من أهل غزة.. ألمانيا فرنسا إيطاليا وبريطانيا والعديد من الدّول الغربية تقف بجانب الكيان الصهيوني لحمايته من أهل قطاع غزّة. الإمدادات العسكرية والمستشارون والقادة والرؤساء كلّهم يشاركون اليهود من أجل مواجهة المقاومة في قطاع غزّة. كلّ هذا الحشد والإمدادات والمساعدات من أجل مواجهة المقاومة المحاصرة في غزّة. والله ثمّ والله ما كنت أعلم أنّ أهل غزّة بهذا البأس وبهذه القوّة وبهذه المنعة فأنا أفتخر أنّني من غزّة وأرفع رأسي عاليًا أنّني غزّاوي”.
أيّها الغزّاوي اِعلم أنّه لا يْرمى بالحجارة إلّا الشّجر المثمر واعلم أنّك إذا تعرّضت إلى أذى فاعلم أنّك شخص مميّز مثمر ناجح ويكفيك فخرًا صمودك أمام قوى الشّر مجتمعة مع مجموعة ساقطة من المنافقين المطبّعين الموالين لليهود لمدّة سبعة أشهر لم ينالوا من صمودك ورباطة جأشك وقوّة شكيمتك شيئًا ولم يتحقّق لليهود غاية ولم ترفع لهم راية فأنت أنت يكفيك أن يكون اسمك غزّاويًا اسم شرف وفخر وعزّة وأنفة وتاجًا على رؤوس الجميع.