كلّ شيء قابلٌ للاستثمار في بورصة السّياسة العالمية، في إطار لعبة التضاغط بين الدّول، فتسقط كل الاعتبارات الإنسانية والقيم الأخلاقية، عندما يتعلّق الأمر بتحقيق المصالح أو خلق أجواء من الاضطراب والتشويش والتصادم الإعلامي، كأنما الأمر هو حروبٌ غير مُعلنة بين الدّول.
في الوقت الذي تُجري فيه روسيا وأمريكا مُفاوضات حول تبادل السُّجناء، قامت واشطن بإحداث ضجّة على المستوى الإعلامي، وهو ما رآه “إيفان نيتشايف” نائب مدير إدارة الإعلام والمطبوعات بالخارجية الروسية، مُتاجرة أمريكية بقضية التفاوض، ومحاولة لإعاقتها وعرقلتها. فقد أكّد “إيفان” بأن الهيئات المختصة في روسيا والولايات المتحدة، تُجري مفاوضات بشأن تبادل السجناء، وقال: “بالفعل، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم 5 أوت الماضي، استعداد بلادنا لبحث هذه المشكلة في إطار القناة التي اتّفق عليها رئيسا روسيا والولايات المتحدة. وقد تم الإيعاز إلى الهيئات ذات العلاقة بإجراء المفاوضات حول الموضوع”.
وأبدى “إيفان نيتشايف” أسفه من الطريقة التي اتّبعتها أمريكا في التعامل مع موضوع السّجناء بإحداث ضجّة حولها، لا تفيد في معالجة القضية بقدر ما تُعرقلها، حيث قال: “نأسف لأن الولايات المتحدة تتبع هذا المسار، بدلا من الحوار المهني الهادئ وغير العلني. ويجب على الجمهور الأمريكي، المُهتمّ جدا بمصير مواطنيه، أن يفهم ذلك. فكُلما زاد عدد الأشخاص الذين يظهرون أمام الميكروفونات في واشنطن للتحدث عن هذا الموضوع بشكل علني، كُلّما تقلصت النتيجة الحقيقية لذلك”.
ثم وجّه “إيفان نيتشايف” دعوة إلى السلطات الأمريكية بأن تتخلّى عن “استثمار” هذه القضية بعيدا عن قناتها الديبلوماسية، وقال: “ندعو السلطات الأمريكية إلى عدم استغلال الأمور الحسّاسة التي تُؤثّر على مصير أشخاص محددين، وكذلك أن تتخلى في الوقت نفسه عن المحاولات غير المجدية للضغط علينا، ونحثها بأن تركّز على العمل الفعّال من خلال القنوات القائمة”.
ولم يكشف “إيفان نيتشايف” أيّ معلومات عن السّجناء وشخصياتهم وأعدادهم، بينما كشفت وسائل الإعلام الأمريكية، بأن واشنطن اقترحت على موسكو مبادلة مواطنين أمريكيين مسجونين في روسيا وهما ريتني جرينير وبول ويلان، بالمواطن الروسي فيكتور بوت، لكن روسيا طالبت بالإفراج عن مواطن آخر.