قال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون إن بلاده لن تتخلى عن إمداد اسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف، رغم الخلاف بين البلدين بشأن قضية الصحراء الغربية.
جاء ذلك خلال مقابلة للرئيس عبد المجيد تبون مع وسائل إعلام محلية بثها التلفزيون الرسمي.
وأشار تبون، إلى أن “علاقات بلاده مع الدولة الإسبانية جيدة بل متينة جدا.”
وأضاف: “ما قام به رئيس الحكومة الإسبانية غير مقبول أخلاقيا وتاريخيا”، في إشارة لدعم مقترح الحكم الذاتي الذي طرحته الرباط قبل سنوات كحل للنزاع في الصحراء.
وتابع تبون أن “إسبانيا يجب أن لا تنسى أن مسؤوليتها التاريخية ما زالت قائمة في الصحراء، بالنظر لكونها هي القوة المستعمرة سابقا للمنطقة”.
وأكد تبون أن الجزائر “لها علاقات طيّبة مع إسبانيا”، لكنّ الموقف الأخير لرئيس الحكومة الإسبانيّة بيدرو سانشيز من القضيّة الصحراويّة “غيّرَ كل شيء”.
وأضاف: “لن نتدخّل في الأمور الداخليّة لإسبانيا، ولكنّ الجزائر كدولة ملاحظة في ملفّ الصحراء الغربيّة، وكذا الأمم المتحدة، تعتبر أنّ إسبانيا القوّة المديرة للإقليم طالما لم يتمّ التوصّل لحلّ” لهذا النزاع.
وتابع تبون: “نطالب بتطبيق القانون الدولي حتّى تعود العلاقات إلى طبيعتها مع إسبانيا التي يجب ألا تتخلّى عن مسؤوليتها التاريخيّة، فهي مطالبة بمراجعة نفسها”.
وشدد على أن الجزائر ورغم الخلاف الدبلوماسي مع مدريد، تطمئن “إسبانيا والشعب الإسباني أن الجزائر لن تتخلى أبدا عن إمدادها بالغاز”.
وبخصوص سؤال عن موعد عودة السفير الجزائري إلى مدريد بعد استدعائه على خلفية الأزمة الدبلوماسية، رد تبون بالقول “السفير في وضع جيد في بلاده (الجزائر)”.
وفي 19 مارس/ آذار الماضي، أعلنت الجزائر، استدعاء سفيرها لدى مدريد للتشاور؛ احتجاجا على ما اعتبرته “الانقلاب المفاجئ” في موقف الحكومة الإسبانية إزاء ملف الصحراء.
وجاءت الخطوة الجزائرية حينها، بعد أن وصفت الحكومة الإسبانية، في رسالة بعث بها رئيسها بيدرو سانشيث، إلى العاهل المغربي محمد السادس، مبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، بـ “الأكثر جدية” للتسوية في الإقليم المتنازع عليه، بحسب بيان للديوان الملكي المغربي.
واعتبر مراقبون ذلك “تحولا تاريخيا” في موقف مدريد من القضية باعتبارها المستعمر السابق للإقليم، لاسيما وأنها كانت تتبنى موقفا محايدا في السابق.
مدريد تطلب من الإتحاد الأوروبي التوسط لدى الجزائر
وعلّق مسؤول جزائري على المعلومات المتداولة بشأن لجوء حكومة إسبانيا، إلى المفوضية الأوروبية للعب دور وسيط مع الجزائر، بأن الأزمة الحالية هي حصرية بين الجزائر وإسبانيا وليس مع الاتحاد الأوروبي، وأن المتسببين فيها هم من يساهمون في حلها.
وذكرت صحيفة “آل كوفيدونسيال” الإسبانية، أن وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس، طلب مساعدة ممثل السياسة الخارجية والدفاع في المفوضية الأوروبية جوسيب بوريل للوساطة مع الجزائر لتجاوز الأزمة الراهنة.
وحسب الصحيفة، فالجزائر ترفض منذ إعلان الموقف الجديد لرئيس الحكومة الاسبانية من نزاع الصحراء الغربية، الرد على اتصالات وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس، الذي يعد إلى جانب سانشيز أحد مهندسي القرار الجديد لمدريد.
وتعليقا على هذه المعلومات، أكد مسؤول جزائري أن “الجزائر ليس لديها مشكل مع الاتحاد الاوروبي بحكم أن الأزمة ثنائية مع إسبانيا وليس معه”.
وأوضح المصدر أنه “يجب عدم السقوط في بعض المغالطات ولا يجب أن نخطئ في الموضوع”.
وحسبه “يتعين على الذين يتحملون بطريقة مباشرة، مسؤولية هذه الأزمة أن يشاركوا ويساهموا في تجاوزها”.
وكان المبعوث الخاص المكلف بقضية الصحراء الغربية ودول المغرب العربي بوزارة الخارجية الجزائرية، عمار بلاني، قد أكد يوم 18 أفريل 2022، أن عودة السفير الجزائري إلى مدريد “ستحسم بشكل سيادي من قبل الجزائريين في إطار إيضاحات مسبقة وصريحة لإعادة بناء الثقة التي تضررت بشدة”.
وأكد بلاني في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أن “عودة السفير الجزائري إلى مدريد ستقرر سياديا من قبل السلطات الجزائرية في إطار إيضاحات مسبقة وصريحة لإعادة بناء الثقة المتضررة بشكل خطير على أساس أسس واضحة ومتوقعة ومطابقة للقانون الدولي”، وفيما يخص الذين يتكهنون بسذاجة على “غضب مؤقت للجزائر، فهم لا ينسجمون مع الواقع”، على حد تعبيره.
وقال المبعوث الخاص، متحدثا في الوقت نفسه عن آخر تصريح لرئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز أن: “هاته الأقوال صيغت بخفة محيرة تتوافق مع إرادة الإعفاء من المسؤولية الشخصية الجسيمة في تبني هذا التغيير المفاجئ في مسألة الصحراء الغربية الذي يشكل خروجا عن الموقف التقليدي المتزن لإسبانيا “.
وأضاف الدبلوماسي بالقول أنه “ومن خلال تبرئة نفسه، بهذه الطريقة الصريحة، أشار ضمنيا إلى أن الموقف الجديد للحكومة الإسبانية بشأن مسألة الصحراء الغربية يتوافق مع قرارات مجلس أمن الأمم المتحدة، وأن ذات الموقف إنما يتوافق أيضا مع موقف الدول الأخرى”.
وبالتالي فقد يبدو أنه نسي أن إسبانيا تتحمل مسؤولية خاصة، أخلاقيا وقانونيا، بصفتها سلطة مديرة (وهو الوضع الذي تم التذكير به سنة 2014 من قبل أعلى هيئة قضائية في إسبانيا) وبصفتها عضوا في مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية لدى الأمين العام للأمم المتحدة”.
وأضاف الدبلوماسي أن المقاربة التي تتمثل في إضفاء النسبية على خطورة هذا التغيير في موقف الحكومة الإسبانية إزاء مسألة الصحراء الغربية من خلال مقارنتها بموقف دول أخرى اتجاه الحكم الذاتي هي مقاربة “تعسفية ولا تعكس الواقع”.
كما ذكر أن الإدارة الأمريكية تتحدث عن “مقاربة محتملة” عندما تشير فرنسا إلى أنها “قاعدة” وأن الحكومة الألمانية عبرت عن هذا الخيار من خلال اعتباره “قاعدة محتملة”.
واستطرد بلاني “نحن بعيدون عن التأكيد القطعي بشأن الحكم الذاتي الذي سيكون أخطر أساس واقعي وموثوق به، وهو ما يعادل الاعتراف غير المبرر بمغربية الصحراء الغربية، وهي إقليم لا يتمتع بالحكم الذاتي بحيث لم يحدد بعد وضعه نهائيا، وهو مؤهل لتقرير مصيره وفقا للشرعية الدولية”.
وحسب نفس المسؤول “الإصرار، على مرتين، على وحدة أراضي الدولتين “تعني التضحية بالصحراء الغربية على مذبح الحفاظ على سبتة ومليلية”.