تجاوزت قيمتها الـ5 مليارات دولار عام 2022.. الجزائر تقتحم الأسواق العربية وترفع حجم مبادلاتها التجارية

تَحظى الدُول العربية بمكانةٍ هامّة في برنامج الجزائر الرامي إلى تعزيزِ حجم مُبادلاتها التجارية مع مختلف دول العالم، خاصةً وأنها تمتلك كافة المقوّمات والإمكانات التي تُؤهلها لتجسيد ذلك، مستفيدة من انضمامها ـ منذ 2009 ـ إلى منطقة التجارة الحرّة العربية الكبرى التي تهدف أساسًا إلى تحريرِ المبادلات التجارية بين مختلف البلدان العربية، وكذا تسهيلِ الخدمات المتعلّقة بالتجارة البينية في المنطقة.

وحسب بيانات نشرتها وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية مؤخرًا، فإن حجم التبادل التجاري بين الجزائر والبلدان العربية، ارتفع بنسبة 11 بالمائة مقارنةً بالبيانات الواردة عام 2021، حين حقّق حجم التبادل، بعد عام واحد ـ أي خلال 2022 ـ ما قيمته 05 مليارات دولار أمريكي. وجاءت تونس كأكبر شريك تجاري مع الجزائر خلال الفترة ذاتها، وبلغت قيمة التجارة بين البلدين الشقيقين 1.124 مليار دولار أمريكي، أي، بارتفاع بنسبة 12 بالمائة مقارنة بعام 2021.

وجاءت السعودية في المرتبة الثانية عربياً، تليها مصر التي سجلت التجارة البينية معها نسبة نموّ معتبرة، مقدرة بـ42 في المائة، لتبلغ في عام 2022 ما قيمته 952 مليون دولار أمريكي. فيما جاءت الإمارات العربية المتحدة، في المرتبة الرابعة، فيما تراجع حجم التجارة البينية بين الجزائر والمغرب، نتيجة توتّر العلاقات بين البلدين بسبب تطبيع نظام المخزن مع الكيان الصهيوني وقيام الرباط بأعمال عدائية متكرّرة ضد الجزائر.

أما الأردن، فقد حلّ سادس أكبر شريك تجاري عربي مع الجزائر، وبلغت التجارة البينة معه 283 مليون دولار، بارتفاع ناهز نسبة 30 بالمائة مقارنة بأرقام عام 2021، كما جاءت البحرين سابعاً بـ279 مليون دولار أمريكي، بارتفاع هو الأكبر عربياً، بنسبة تخطت عتبة 53 بالمائة، مقارنة بالأرقام السابقة.

تعميق التبادل العربي – عربي

وفي هذا الشأن، أكدّ الخبير الاقتصادي الدكتور جلول سلامة، أن النتائج التي أشار إليها تقرير وكالة «بلومبرغ»، مؤشر قوي على مدى التقارب التجاري الحاصل بين الشركات الموجودة بهذه الدول والسوق الجزائرية التي أصبحت قادرة على توفير عددٍ هام من المنتجات والسلع المطلوبة في السوق العربية، وفي مقدّمتها المواد الطاقوية، الأسمدة، الحديد، مواد البناء، مواد زراعية وبعض المواد الأولية التصنيعية.

وأوضح الدكتور سلامة في تصريح لـ«الأيام نيوز»، أن الميزان التجاري الجزائري يبقى ـ إجمالاً ـ متكافئا في هذا الإطار، حتى وإن تخللته بعض الاستثناءات، فيما تبقى مؤشراته في صالح الصادرات الجزائرية بشكلٍ عام.

في السياق ذاته، أشار الخبير في الاقتصاد إلى أن ما ورد في التقرير الصادر عن وكالة بلومبرغ يؤكد الوجهة والمنحنى الذي يتماشى مع إرادة السلطات العمومية في بلادنا والتي تسعى جاهدةً إلى تعميق التبادل العربي-عربي، وتعزيز قيمته المالية بهدف تهيئة الاقتصاد الوطني لتحقيق الاندماج الاقتصادي في وطننا العربي كما هو الحال في إفريقيا، وذلك ضمن قراءةٍ مستقبلية لدورٍ ريادي تتأهب له بلادنا، بعيدًا عن الهيمنة الغربية على مجال التجارة الخارجية في المنطقة العربية.

تعزيز محفظة الصادرات بمنتجات جديدة

من جهته، يرى المستشار في التنمية الاقتصادية عبد الرحمان هادف، أن الجزائر وباعتبارها عضو في اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، تعمل على تعزيز هذه الآلية في إطار الرؤية الجديدة التي تنتهجها البلاد من خلال مشروع تحوّل اقتصادي شامل يرتكز أساسًا على تنويع الإنتاج المحلي، وكذا ترقية الصادرات بهدف تحقيق الاندماج في سلسلة القيم العالمية عن طريق رفع مستوى مبادلاتها التجارية البينية في المنطقة العربية.

وأوضح هادف في تصريح لـ«الأيام نيوز»، أن ارتفاع معدّل المبادلات التجارية بين الجزائر والدول العربية كان أمرًا منتظرًا ومُتوقّعًا، بالموازاة مع التوجّه الجديد الذي تبنته بلادنا في هذا الإطار، ويبقى الرقم مرشّحًا إلى بلوغ مستويات أكبر خلال الأعوام القليلة المقبلة، بالنظر إلى وُجود عمل قاعدي تقوم به الجهات الوصية بُغية تعزيز هذا المسعى.

إلى جانب ذلك، أشار محدّثنا إلى أن الجزائر عزّزت محفظتها من المواد القابلة للتصدير إلى الدول العربية، لتشمل موادّا جديدة بعيدا عن المواد الطاقوية على غرار النفط والغاز، ونتحدث هنا عن الحديد والصلب، مواد البناء الإسمنت ومشتقاته وعدّة منتجات أخرى. وأضاف الخبير في الاقتصاد قائلا: “اليوم وفي ظل ـ وجود نيةٍ حقيقية لتفعيل كافة المميزات التي تضمنها اتفاقية التبادل الحر على مستوى المنطقة العربية ـ نعتقد أن 5 ملايير دولار كقيمة لحجم التبادل التجاري بين الجزائر والدول العربية تبقى قيمةً ضئيلة مقارنةً بالمقوّمات والإمكانات المتاحة على مستوى الوطن العربي”.

وفي ختام حديثه لـ«الأيام نيوز»، أكدّ المستشار في التنمية الاقتصادية، على ضرورة العمل بجّدية أكثر من أجل الرفع من حجم المبادلات التجارية البينية بين الدول العربية، ذلك أن الأرقام تشير إلى أن معدل التبادلات التجارية بالنسبة إلى الجزائر لا يتعدى الـ10 بالمائة خلال الأعوام الأخيرة.

وعليه ـ يضيف المتحدّث ـ نعتقد أن الأمر متاح اليوم من أجل رفع هذه الأرقام إلى مستوياتٍ أفضل في حال تم توفير الظروف المواتية لذلك، خاصةً ما تعلق برفع العراقيل المرتبطة بمجال اللوجستيك وكل ما هو له علاقة بالمنظومة المالية والبنكية، وكذا وضع إجراءات تخصّ المنظومة الجمركية كلها آليات تسمح بترقية الصادرات البينية بين الدول العربية.

التموقع بفعالية

هذا، وذكر المدير الفرعي لمنطقة التجارة الحرة العربية والاتحاد الإفريقي بوزارة التجارة وترقية الصادرات، عبد العزيز بوشة في تصريح سابق لوكالة الأنباء الجزائرية، أن “استفادة الجزائر من منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى مرهون بمدى قدرتها على استغلال إمكاناتها المتاحة، من خلال العمل على تحسين تنافسية المنتج الجزائري وتعزيز النسيج الصناعي وترسيخ ثقافة الإنتاج الموجّه إلى التصدير لدى المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين” وهو التوجّه الذي سيمكّن الجزائر من “التموقع بفعالية والتواجد بقوّة في الأسواق العربية”.

وحرصًا منها على احترام التزاماتها بما تقتضيه متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى من تبادل للمنتجات بين الدول العربية دون رسوم جمركية، وعملا على تعزيز التعاون العربي المشترك، قامت الجزائر مطلع العام الماضي بإلغاء العمل رسميا بالقائمة السلبية للسلع غير المعفاة من الرسوم الجمركية، والتي كان مُعمولا بها منذ 2010.

يُذكر، أن صادرات الجزائر نحو هذه البلدان، تتمثّل أساسا في مشتقات المحروقات والمطاط والحديد والصلب وأجهزة ومعدات كهربائية، إلى جانب بعض المواد الغذائية والخضر والفواكه. أما عن واردات الجزائر من الدول العربية، فتشمل، الأسمدة ومختلف الأجهزة والآلات الميكانيكية والمواد البلاستيكية والمواد الكيميائية العضوية والفولاذ، إضافة إلى الكتب والمنشورات.

هذا، وبلغت المبادلات التجارية، بين الجزائر والدول العربية، منذ انضمامها إلى منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى عام 2009، إلى غاية 2021، ما مقداره 4.7 مليار دولار سنوياً، بحسب أرقام رسمية.

 

سهام سعدية سوماتي - الجزائر

سهام سعدية سوماتي - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
وزير الداخلية يأمر باستكمال مشاريع الحماية المدنية قبل موسم الاصطياف مشروع التصفية الكبرى في غزة.. هل يسكت العالم على نكبة القرن؟ وكالة "عدل" تُفنّد اتهامات والي وهران محادثات في جدة حول أوكرانيا.. "دبلوماسية الفنادق" تفرض إيقاعها آفاق جديدة للتعاون الجزائري الإثيوبي في قطاعات حيوية نداء أممي لرفع الحصار عن غزة وإدخال المساعدات فورًا ديوان الحج والعمرة يعلن فتح بوابة برمجة رحلات الحج بالتعاون مع اليونسكو.. توثيق رقمي ثلاثي الأبعاد لموقع تيمقاد الأثري نهاية مسلسل الاختراق.. "إسرائيل" تزحف داخل المغرب الحكومة الفرنسية تعتبر إشادة تبون بماكرون خطوة نحو تجاوز الخلافات وزير الثقافة: "السينما الجزائرية تشهد ديناميكية حقيقية" بينما الأمم المتحدة تتفرج.. الاحتلال المغربي يستمر في قمع الصحراويين تحذيرات جوية.. عواصف رعدية وأمطار غزيرة بهذه الولايات في ظل تحديات إقليمية ودولية.. قرارات رئاسية حاسمة العلاقات الجزائرية الفرنسية.. الرئيس تبون يضع النقاط ويحدّد المسار الجوية الجزائرية تعلن عن تخفيضات استثنائية للجالية الوطنية بالخارج بالتنسيق مع وزارة الدفاع.. إجراءات استباقية لمواجهة أسراب الجراد رئيس الجمهورية يوافق على إدماج أكثر من 82 ألف أستاذ متعاقد في قطاع التعليم تحذيرات من خطر تمدّد الاختراق الصهيوني للنسيج الاجتماعي في المغرب "كناص" يُطلق خدمات رقمية جديدة عبر منصة "فضاء الهناء"