يضغط أعضاء في الكونغرس الأمريكي على الرئيس جو بايدن للحصول على مزيد من المعلومات حول دعم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وأعرب المشرّعون الديمقراطيون عن مخاوفهم المتزايدة بشأن عدم كفاية المعلومات المقدمة لهم من قبل الإدارة الأمريكية، كما طالبوا بمزيد من الصلاحيات التي تسمح بإشراف أوسع للسلطة التشريعية على الدعم الأمريكي المقدم للكيان الصهيوني في حربه المستمرة على غزة.
واجه الرئيس الأمريكي جو بايدن ضغوطا متزايدة من الكونغرس خلال الأسابيع الأخيرة، حيث وقفت إدارته بحزم إلى جانب أقرب حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ما دفع بعض المشرّعين المنتمين إلى حزبه للمطالبة بفرض شروط على المساعدات الأمريكية الموجهة للكيان الإسرائيلي، بهدف الضغط على هذا الأخير لتغيير مساره أو الدفع به لوقف إطلاق النار، وتجنب إزهاق المزيد من أرواح المدنيين الفلسطينيين.
هل استخدم الصهاينة معلومات استخباراتية أمريكية؟
وقال المشرّعون الديمقراطيون، في مجلسي النواب والشيوخ، إن المعلومات اللازمة لتوجيه القرارات السياسية المتعلقة بصب المزيد من المساعدات لحساب الكيان الإسرائيلي غير متوفرة. وبادر النائب جيسون كرو، وهو ديمقراطي من كولورادو، الأربعاء الماضي، بتقديم التماس إلى الإدارة الأمريكية للحصول على معلومات قال إنها ضرورية بالنسبة إليه للوفاء “بالتزاماته الإشرافية كعضو في اللجنة المختارة الدائمة للاستخبارات بمجلس النواب”.
ووفق ما نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، كتب كرو، وهو عضو في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب أيضا، في رسالة موجّهة إلى أبريل هاينز، مديرة المخابرات الوطنية، وغيرها من كبار مسؤولي المخابرات، قائلا إنه يسعى إلى الحصول على “شفافية ومعلومات إضافية” حول مدى التدخلات الأمريكية، تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الكيان الإسرائيلي، والسياسة التي توجهها، وحول “أي قيود” وضعتها الإدارة الأمريكية وعلى رأسها الرئيس جو بايدن لضمان عدم استخدام الكيان الاستخبارات الأمريكيةَ بهدف إيذاء المدنيين أو البنية التحتية المدنية في قطاع غزة المحاصر.
وكتب كرو، الذي كان جنديا سابقا في الجيش الأمريكي، وخدم بلاده في حربي العراق وأفغانستان: “إنني أشعر بالقلق من أن الاستخدام واسع النطاق للمدفعية والقوة الجوية في غزة – وما ينجم عن ذلك من عدد الضحايا المدنيين – يعد خطأ إستراتيجيا وأخلاقيا”.
وبينما يواصل الكيان الإسرائيلي قصفه لقطاع غزة المكتظ بالسكان، يندّد كبار مسؤولي الأمم المتحدة ومراقبو حقوق الإنسان بالسياسة المنتهجة من قبل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وخلال أقل من ثلاثة أشهر، أدى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة إلى استشهاد ما يزيد عن20 ألف فلسطيني، بما في ذلك آلاف الأطفال والرضع، وفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، وتدمير المباني السكنية المسطحة والبنية التحتية الحيوية، وكذا تأخير أو منع وصول الفلسطينيين إلى المواد الغذائية والماء والأدوية وغيرها من الإمدادات الحيوية.
وفي الأسابيع الأخيرة، سلّطت جماعات حقوق الإنسان الضوء على التهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين من قطاع غزة، وعمليات القتل خارج نطاق القضاء والاعتقالات التعسفية من قبل القوات البرية الإسرائيلية، كما وثّقت استخدام الجيش الإسرائيلي قنابل ضخمة في مناطق ذات كثافة سكلنية عالية، بما في ذلك استهداف المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين التي من المعروف أن المدنيين يلجأون إليها هروبا من القصف والإستهذاف العشوائي الممارس من قبل جيش الاحتلال.
ومنذ هجومه، الذي بدأ في أعقاب الهجوم المُنسق الذي شنته كتائب القسام التابعة لحركة حماس الفلسطينية، في الـ 7 أكتوبر داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، اعتمدالكيان الإسرائيلي بشكل كبير على دعم الولايات المتحدة، التي زودته منذ فترة طويلة بأسلحة متطورة ووفرت له التعاون الأمني والاستخباراتي.
وتعهدت إدارة بايدن، إلى جانب معظم أعضاء الكونغرس الأمريكي، بدعم ما تصطلح عليه بـ “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، رغم التظاهرات المناهضة لتعاطي الإدارة الأمريكية مع “الصراع” الفلسطيني – الإسرائيلي، التي شهدتها كبرى المدن الأمريكية، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في الـ 8 أكتوبر الماضي.
لكن الانتقادات المتزايدة لانتهاكات حقوق الإنسان، إلى جانب تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين الرامية إلى محو غزة “من على وجه الأرض”، ودعواتهم الصريحة إلى “تهجير” سكان غزة إلى البلدان العربية المجاورة، وعلى رأسها مصر، أثارت قلق المشرعين الأمريكيين وحتى بايدن، الذي وصف – مؤخرا – عمليات القصف الإسرائيلية في المنطقة بـ “عشوائية”.
وبعثت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، هذا الشهر، برسالة إلى بايدن يطلبون من خلالها بمعرفة الإجراءات التي تتخذها الإدارة للتخفيف من الأضرار التي لحقت بالمدنيين أثناء تزويدها الكيان الصهيوني بالأسلحة، وما إذا كان الكيان يتخذ أية إجراءات لتجنّب قتل المدنيين.
“هل السياسة الحالية للجيش الإسرائيلي، المتمثلة في منع إلحاق الضرر بالمدنيين متوافقة مع القانون الدولي؟” هو السؤال الذي تضمنت الرسالة التي بعثها كل من السيناتور إليزابيث وارن، وهي ديمقراطية من ولاية ماساشوستس، وجيف ميركلي، وهو ديمقراطي من ولاية أوريغون، والسيناتور المستقل الذي يصوت مع الديمقراطيين، بيرني ساندرز، وكذا تيم كين، وهو ديمقراطي من ولاية فرجينيا، ومارتن هاينريش، وهو ديمقراطي من ولاية نيو مكسيكو.
وطلب أعضاء مجلس الشيوخ الإطلاع على قائمة “بجميع أنواع الذخائر التي يتم توفيرها للكيان، ونطاق استخدامها”، وقال العديد من المشرّعين في لجان العلاقات الخارجية بمجلسي الشيوخ والنواب، الذين يشرفون على مبيعات الأسلحة للدول الأجنبية ونقلها، لصحيفة واشنطن بوست إنهم لم يروا بعد قائمة بالدعم المادي الذي تم تقديمه للكيان الإسرائيلي، وقال المشرّعون إن الإدارة لم تجب على العديد من أسئلتهم المتعلقة بعمق التعاون الأمريكي مع حكومة نتنياهو.
وأثار جيسون كرو، في رسالته المذكورة سابقا، مخاوف بشأن ما أسماه “الانتهاكات الإسرائيلية المحتملة للقانون الدولي على وجه التحديد”. وبموجب اتفاقيات جنيف، فإن الهجمات العشوائية كما وصفها الرئيس الأمريكي جو بايدن، مثل تلك “التي تستخدم أسلوب أو وسيلة قتالية لا يمكن توجيهها إلى هدف عسكري محدد تعتبر انتهاكا للقانون الدولي.
وقد بدأ بعض الخبراء القانونيين المستقلين في فحص وتدقيق ما إذا كانت الولايات المتحدة تنتهك قوانينها، وكذلك معاهدات الأمم المتحدة، عندما تقدم القنابل التي استخدمها الكيان الإسرائيلي في المناطق المكتظة بالمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وتساءل كرو في رسالته عما إذا كانت الإدارة تدرس احتمال أن يكون لتبادل المعلومات الاستخبارية الأمريكية مع الحكومة الإسرائيلية عواقب قانونية أيضا، وطلب معرفة ما هو “التحليل” الذي أجراه محامو الحكومة الأمريكية لتقييم “مدى تعرض الموظفين الأمريكيين للمسؤولية في المحاكم الأجنبية أو الدولية بسبب تقديم الدّعم الاستخباراتي”، وأشار كرو، الذي أدرج مرفقا سريا لرسالته يعرض بالتفصيل النطاق الكامل للمعلومات التي كان يسعى للإطلاع عليها، إلى أنه طلب معلومات مماثلة منذ أكثر من شهر لكنه لم يتلق إجابات من الإدارة.