تحركات عربية ودولية لمواجهة تهجير الفلسطينيين.. “إسرائيل” أصبحت أضحوكة العالم

بينما تعلو أصداء القضية الفلسطينية بشأن القضية الفلسطينية، برزت تحركات إقليمية ودولية لمواجهة المخططات الصهيونية والأمريكية الرامية لتهجير الفلسطينيين وفرض السيطرة على قطاع غزة. فقد أعلنت مصر عن استضافة قمة عربية طارئة في 27 فيفري الحالي لمناقشة التطورات الخطيرة المرتبطة بالقضية، وسط رفض عربي ودولي لهذه المخططات. وعلى صعيد آخر، أكدت حركة حماس، أن صمود الشعب الفلسطيني أفشل محاولات الاحتلال لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية، بينما أظهرت استطلاعات أمريكية رفض غالبية الأمريكيين للسياسات المقترحة تجاه غزة. وفي موقف عربي صارم، شددت السعودية على رفضها القاطع لتصريحات رئيس وزراء سلطة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو بشأن تهجير الفلسطينيين، ووصفت هذه السياسات بأنها امتداد لعقلية الاحتلال القائمة على التطهير العرقي والإرهاب.

تتوالى ردود الفعل العربية والدولية تجاه المخططات الصهيونية التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وفرض السيطرة على قطاع غزة. ويمثل هذا الزخم المتصاعد اختبارًا حقيقيًا للإرادة السياسية العربية والدولية في التصدي لهذه السياسات، حيث جاءت ردود الأفعال عبر بيانات وتصريحات رسمية وتحركات دبلوماسية على مستويات مختلفة.

وأعلنت حركة حماس رفضها القاطع للخطط الأمريكية والصهيونية التي تستهدف قطاع غزة. وفي بيان رسمي، أكدت الحركة أن “ما لم يحققه الاحتلال عبر سنوات من الإبادة والتدمير لن يحققه ترامب بالصفقات العقارية”. وشددت حماس على أن غزة ستظل “أرضًا محررة بسواعد أبنائها”، مشيرة إلى أن صمود الشعب الفلسطيني والمقاومة حالا دون تحقيق أهداف الاحتلال، بما في ذلك خطط تقسيم القطاع أو السيطرة عليه عسكريًا.

وأضافت حماس أن الانسحاب الصهيوني من محور نتساريم كان بمثابة اعتراف بفشل سياسات الاحتلال، مؤكدة أن استمرار المقاومة هو الضمان الوحيد لحقوق الشعب الفلسطيني. يأتي هذا في وقت أظهر فيه استطلاع أمريكي لشبكة “سي بي إس” أنّ 47% من الأمريكيين يعتبرون خطط ترامب بشأن غزة غير مقبولة، مما يعكس التباين في الرؤى حتى داخل الولايات المتحدة.

من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية المصرية استضافة قمة عربية طارئة في 27 فيفري بالقاهرة لبحث التطورات الخطيرة المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وجاء ذلك بالتنسيق مع مملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وأوضحت مصر أن القمة جاءت بطلب من دولة فلسطين لمناقشة المستجدات، بما في ذلك خطط تهجير الفلسطينيين التي طرحتها الإدارة الأمريكية ومجرم الحرب نتنياهو.

وأكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي أن التحركات العربية تهدف إلى مواجهة المزاعم الصهيونية، وتعزيز مبدأ حل الدولتين باعتباره الطريق الأمثل للسلام. كما أشار إلى رفض عربي واضح لمخططات التهجير، التي اعتبرتها الدول العربية محاولة لاستمرار الاحتلال بسياسات التطهير العرقي.

السعودية بأعلى صوت: لا

في موقف قوي، أعلنت السعودية رفضها القاطع لتصريحات رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني –مجرم الحرب- بنيامين نتنياهو التي دعت إلى تهجير الفلسطينيين. وأكدت المملكة أن مثل هذه التصريحات تهدف إلى صرف الانتباه عن الجرائم الصهيونية المستمرة في غزة. ووصفت وزارة الخارجية السعودية سياسات الاحتلال بأنها تعكس عقلية التطهير العرقي التي يمارسها الاحتلال منذ أكثر من 75 عامًا.

وأكد البيان السعودي أن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق التاريخي والقانوني في أرضه، مشددًا على أن السلام لن يتحقق إلا من خلال العودة إلى مبدأ حل الدولتين. كما ذكرت أن الممارسات الصهيونية، بما فيها تدمير قطاع غزة وقتل آلاف المدنيين، تعكس انعدام الشعور بالمسؤولية الأخلاقية لدى الاحتلال.

المجرم “بن غفير” يعترف بفشل الاحتلال

من الداخل الصهيوني، انتقد وزير “الأمن القومي” المستقيل إيتمار بن غفير سياسات نتنياهو، مصرّحا -في مقابلة مع إذاعة “كول باراما”- بأن “(إسرائيل) أصبحت أضحوكة الشرق الأوسط”، داعيًا نتنياهو إلى مواجهة الضغوط الأمريكية بواقعية وعدم التلاعب بالحقائق.

دعا بن غفير إلى تسريع تنفيذ جرائم ما يسمى (برامج “الهجرة الطوعية” للفلسطينيين)، وقدم حزبه “عوتسما يهوديت” مشروع قانون لتشجيع الفلسطينيين على مغادرة قطاع غزة. كما اقترح استحداث وزارة مختصة بتهجير الفلسطينيين، وهو ما يعكس طبيعة السياسات الصهيونية المتطرفة تجاه الشعب الفلسطيني.

ومن جانبه، قال محلل الشؤون العسكرية في القناة الـ14 الإسرائيلية نوعام أمير إن انسحاب “الجيش” من محور نتساريم يعني سيطرة حركة حماس مجددا على شمالي قطاع غزة وخسارة “تل أبيب” إنجازات الحرب بشكل نهائي. وذكر أمير أن هذا المحور يشكل في الواقع “منطقة عازلة بين شمال القطاع وجنوبه، وهو نقطة استراتيجية بالغة الأهمية في الحرب” ضد الفصائل الفلسطينية بغزة.

وقال إن تسليم المحور إلى حماس يمنح عناصرها حرية الحركة في شمال قطاع غزة، معتبرا أن الانسحاب من محور نتساريم يعني “إعادة السيطرة إلى حماس”، وأشار إلى أن ذلك يعني “خسارة نهائية لإنجاز الحرب في تطهير شمال قطاع غزة، مما يتيح لحماس حرية الحركة مجددا بأي وسيلة تختارها”، وفقا للمحلل.

وبحسب المحلل الإسرائيلي، فإن “الجيش” سيحاصر قطاع غزة بعد الانسحاب من نتساريم من نقطة تل السلطان البحرية على الحدود المصرية حتى معبر رفح، ومن معبر رفح على طول محيط المنطقة المحاذية لغزة حتى النقطة البحرية الثانية قرب عسقلان، مضيفا أن “البحرية ستوفر نوعا من الحصار البحري”.

وصباح أمس الأحد، قالت إذاعة “الجيش” الصهيوني إن (الجيش) انسحب -ليلة السبت إلى الأحد- بالكامل من محور نتساريم ضمن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. وقالت القناة الـ13 الإسرائيلية الخاصة إنه بعد الانسحاب من نتساريم سيبقى “الجيش” الصهيوني على محور فيلادلفيا (يفترض الانسحاب منه في اليوم الـ50 للاتفاق) على الحدود بين غزة ومصر والمنطقة العازلة (أقامها على طول الحدود مع قطاع غزة) حتى نهاية المرحلة الأولى من الصفقة.

اكتشاف جثامين شهداء بين أنقاض نتساريم

ومن جانبها، أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة – أمس الأحد- ارتفاع حصيلة ضحايا حرب الإبادة الصهيونية إلى 48 ألفا و189 شهيدا، و111 ألفا و640 مصابا منذ 7 أكتوبر 2023، في الوقت الذي عُثر فيه على جثث وهياكل عظمية لفلسطينيين بعد انسحاب الاحتلال من محور نتساريم وسط القطاع. وذكرت الوزارة -في تقريرها الإحصائي اليومي- أن 8 شهداء وصلوا إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة، بينهم 7 انتشلت جثامينهم من تحت الركام، وشهيد متأثر بجراحه خلال الإبادة الصهيونية، بالإضافة إلى إصابتين.

وأضحت أنه ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم. وإضافة إلى الشهداء والجرحى، أسفرت الإبادة -التي ارتكبتها (إسرائيل) بدعم أميركي مطلق- عن أكثر من 14 ألف مفقود، وسط دمار هائل.

وفي السياق، أفادت مصادر فلسطينية بالعثور على جثث وهياكل عظمية لعدد من المواطنين بعد انسحاب الاحتلال الصهيوني من محور نتساريم وسط قطاع غزة. ونشرت وكالة شهاب للأنباء -على حسابها بمنصة إكس اليوم- مقطع فيديو يكشف عن حجم الدمار الواسع الذي خلّفه الاحتلال في منطقة نتساريم ومنطقة المغراقة وجحر الديك وسط القطاع.

وأكمل “الجيش” الصهيوني في وقت سابق سحب قواته من ممر نتساريم -الذي يُقسّم قطاع غزة- كجزء من إطار اتفاق وقف إطلاق النار. وأعلنت وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة أن “آلية التنقل عبر شارعي صلاح الدين والرشيد ما زالت كما هي دون أي تغيير، حيث تخضع المركبات للفحص والتفتيش قبل السماح لها بالمرور عبر شارع صلاح الدين، أما شارع الرشيد فما زال مخصصا لحركة المشاة فقط وغير مسموح بحركة المركبات”.

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، فإن “الجيش” الصهيوني يواصل استهداف فلسطينيين بالقصف أو إطلاق النار بمسيّراته، ما يسفر عن شهداء وجرحى. وعصر اليوم، قال “جيش” الاحتلال إنه أطلق النار على “عدد من المشتبه فيهم كانوا على بُعد مئات الأمتار من قواتنا في شمال قطاع غزة”.

من جانب آخر، اتهمت حركة حماس -الأحد- (إسرائيل) بمواصلة تعطيل تنفيذ البروتوكول الإنساني من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقال المتحدث باسم الحركة عبد اللطيف القانوع، في بيان، “لا يزال الاحتلال الصهيوني ونحن باليوم 22 من اتفاق وقف إطلاق النار يعطل تنفيذ البروتوكول الإنساني وخاصة دخول الخيام والوقود والمعدات الثقيلة”. وأضاف “نجدد مطالبتنا للوسطاء بممارسة الضغط على الاحتلال وإلزامه بالتنفيذ الدقيق لاتفاق وقف إطلاق النار، بما يشمل إدخال المستلزمات الطبية والإغاثية العاجلة لإنقاذ حياة أبناء شعبنا”.

ويوم الجمعة، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة سلامة معروف إن الأوضاع الإنسانية الكارثية بالقطاع ما زالت تتدهور بشكل خطير بسبب المماطلة الصهيونية. وأوضح معروف -خلال مؤتمر صحفي عقده بمدينة غزة- أن حجم المساعدات التي دخلت القطاع منذ 19 جانفي لم تتجاوز 8 آلاف و500 شاحنة من أصل 12 ألف شاحنة كان يفترض دخولها. وفي 19 جانفي الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين المقاومة وسلطة الاحتلال. وتستمر المرحلة الأولى من الاتفاق 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة الأميركية.

على الصعيد الدولي، ألغى قائد القيادة الوسطى الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا زيارة كانت مقررة لقطاع غزة، مفضلًا إجراء اجتماعات في تل أبيب، في خطوة تعكس الحذر الأمريكي تجاه المخططات الصهيونية. وفي الوقت ذاته، تتواصل انتقادات المجتمع الدولي للخطط الصهيونية، حيث اعتبرت العديد من الدول أن هذه السياسات تعكس استمرارية الاحتلال ورفضه الانصياع لحلول سلمية.

تعكس هذه التطورات المشهد المعقد للقضية الفلسطينية، حيث تتراوح المواقف بين صمود فلسطيني متواصل، دعم شعبي ودولي متزايد، وتحركات دبلوماسية عربية مكثفة. وفي المقابل، تستمر (إسرائيل) بدفع أجنداتها التوسعية بدعم بعض القوى الدولية، مما يضع القضية الفلسطينية مجددًا في قلب المشهد السياسي العالمي. ويبقى التحدي الأبرز هو ترجمة المواقف المؤيدة للفلسطينيين إلى خطوات عملية قادرة على تغيير الواقع، وتعزيز حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.

موسى بن عبد الله

موسى بن عبد الله

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
مصر تُفنّد مزاعم استعدادها لتهجير نصف مليون فلسطيني إلى سيناء شركة "أزان إنيرجي" تصدر أول شحنة من الكوابل الكهربائية نحو الطوغو مؤرخ فرنسي يدعو إلى فتح الأرشيف بخ استخدمت أسلحة كيماوية في الجزائر 7 قتلى في حوادث المرور خلال يوم واحد نسبة جاهزية موزعات البريد الآلية بلغت 96 بالمائة عبر الوطن 10 بالمائة من الأوروبيين فقط يثقون بالولايات المتحدة لضمان أمنهم! سكن.. هذا موعد انطلاق أشغال إنجاز 196 مرفقا عموميا طقس.. هبوب رياح قوية على ولايات عدة أسعار النفط تتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية "جريت وول موتورز" تستعد لإطلاق مركز تقني للتصديق والاعتماد في الجزائر ردًا على مجازر غزة.. المقاومة تستهدف عمق الاحتلال برشقات صاروخية وزير النقل يوجه بتوسعة مطار بجاية وتحسين ظروف استقبال المسافرين إطلاق شبكة 5G في الجزائر.. التحضيرات جارية وزارة التربية.. إجراءات صارمة ضد مقاطعة صب العلامات شركة صينية رائدة تعتزم إطلاق مصنع للسيارات وقطع الغيار في الجزائر انقلاب ناعم في الأفق.. هل وقّع زيلينسكي وثيقة النهاية؟ إطلاق تطبيق "تاكسي سايف" لتحسين خدمات سيارات الأجرة المحرقة قادمة.. آلة الحرب الصهيونية تستعد للانقضاض على غزة النيابة توجه تهمًا خطيرة له.. التماس 10 سنوات سجنًا نافذًا وغرامة مالية ضد صنصال هزة جديدة في المدية.. زلزال بقوة 4 درجات دون خسائر