تُسابق مختلف القطاعات المعنية بتحضيرات شهر رمضان، الزمن من أجل إنهاء كل التفاصيل الدقيقة الخاصة بهذه الأخيرة، سواء المتعلقة بالشق التجاري وتوفير كل المواد الاستهلاكية، أو الخاصة بالجانب الاجتماعي المتعلق بمنح المعوزين المعتمدة خلال الشهر الفضيل، أو حتى فيما يخص توفير السيولة المالية، تفاديا لأي تعقيد أو طارئ قد يُعكّر صفو المواطن في حياته اليومية خلال شهر العبادة.
إعداد: وهيبة حمداني
وبما أن الدولة تتمسك بطابعها الاجتماعي المتعلق بحقوق يُكرّسها الدستور، فيما يخص الخدمات الصحية والتعليمية المجانية والسكن، وكذا تقديم مساعدات ومنح للعائلات المعوزة في مختلف المناسبات، فإن حلول الشهر الفضيل فرصة للحكومة للبرهنة على مدى التحكم والتسيير العقلاني لشؤون المواطن على أكثر من صعيد، بداية بإقرار وزارة الداخلية لمنح خاصة بالعائلات المعوزة، حيث أحصت الدائرة الوزارية أزيد من 2.7 مليون معني بالاستفادة من منحة رمضان عبر جميع الولايات منذ انطلاق عملية التحضير لتوزيع المنحة التضامنية الخاصة برمضان، حسبما كشفه مدير الميزانية المحلية بالوزارة مرزوقي عمار، الذي أبرز أن الاعتمادات المالية المرصودة للعملية لحد الآن تفوق الاحتياجات وهي في حدود 27.7 مليار دينار.
خزينة الدولة ومساهمات الشركات العمومية لتمويل منح رمضان
مرزوقي، تحدث في تصريحات للإذاعة، عن مصادر التمويل المُقتطعة من ميزانية الدولة، حيث كشف عن تخصيص 16.5 مليار دينار من ميزانية الدولة لتغطية العجز المسجّل عبر البلديات و8.35 مليار دينار من ميزانية الجماعات المحلية، وكذا 1.44 مليار دينار من وزارة التضامن الوطني، بالإضافة إلى مساهمة مؤسسات عمومية كسوناطراك، نفطال، سونلغاز، وبريد الجزائر وغيرها من أجل تغطية العملية.
إلى جانب ذلك، تركّز وزارة الداخلية على الصحة المالية للبلديات في ظل عجز 900 بلدية عن تغطية نفقاتها الإجبارية لاسيما الأجور خلال هذه السنة، حيث أوضح المتحدث أن الحديث عنها يتم وفق مرحلين، الحالة المالية قبل بداية السنة المالية وأثناء انطلاق السنة المالية، مشيرا إلى أن الدولة تقوم بتغطية هذا العجز من خلال صندوق الضمان والتضامن الخاص بالجماعات المحلية الذي يشرف عليه وزير الداخلية، حيث يتم تخصيص 360 مليار دينار لتمويل ميزانية التسيير بالإضافة إلى غلاف مالي يقدر بـ 110 مليار دينار لدعم برامج التنمية المحلي ، مرجعا أسباب هذا العجز المالي للبلديات إلى ضعف العائدات المالية الناجمة عن الممتلكات والمرافق العمومية وتلك المحصّلة من الجباية والعقود.
1284 فضاء تجاري على مستوى 700 بلدية
كما يفرض توفير مختلف السلع والمواد واسعة الاستهلاك تنسيقا بين وزارتي التجارة والفلاحة، اللتان اتخذتا إجراءات خلال شهر رمضان، حيث أسدى وزير الداخلية تعليمات للولاة لتخصيص فضاءات تجارية مهيئة وتوفير كل ما من شأنه أن يسمح بممارسة التجارة على مستوى هذه الفضاءات، يقول المسؤول ذاته، الذي أعلن عن توفير لحد الآن أكثر من 1284 فضاء تجاري بين سوق جواري ومساحات تجارية على مستوى 700 بلدية، إضافة إلى الأسواق اليومية الموجودة على مستوى أغلب البلديات عبر الوطن.
وتصب هذه الإجراءات، يضيف المتحدث، في إطار توفير المواد الغذائية والمواد ذات الاستهلاك الواسع تحسبا لشهر رمضان الذي يعرف زيادة في الاستهلاك، كما تم إعطاء تعليمات للولاة فيما يخص تكثيف عمليات جمع القمامة وزيادة عدد الدوريات وتدعيم الامكانيات المادية لتفادي تراكم القمامة على مستوى الأحياء خلال رمضان.
مراقبة مشدّدة على المخازن والمستودعات لضمان التموين
وفي الشق التجاري، كشف مدير تنظيم الأسواق والنشاطات التجارية والمهن المقننة بوزارة التجارة أحمد مقراني، عن إجراءات مراقبة مشدّدة على كل المخازن والمستودعات خلال شهر رمضان، مع تفعيل مراقبة مشددة لكل المخازن والمستودعات خاصة فيما يخص البصل، الزيت، السميد وكل المواد الاستهلاكية.
وقال ذات المسؤول، إنه تمت برمجة أكثر من 450 سوق جواري بنسبة تغطية تقدر بـ 85 بالمائة وذلك ابتداء من 15 مارس الجاري، كما سخرت وزارة التجارة، 9 آلاف عون رقابة على مستوى كل الأسواق التجارية للمراقبة ومحاربة الغش خلال شهر رمضان. وأضاف مقراني في سياق حديثه، أنه لأول مرة تم تخصيص رخصة استثنائية للمتعاملين والتجار في الأسواق للبيع بالتخفيض إلى جانب مراقبة كل غرف التبريد خاصة المخصّصة لمادة البصل لمحاربة الندرة في الأسواق. هذا وسيتم تنصيب خلية يقظة على مستوى الوزارة خلال شهر رمضان لتتبع عملية التموين والتدخل لضمان الاستقرار في السوق، يؤكد ذات الإطار.
وبما أن الجانب المالية مهم جدا، فقد شرع قطاع البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية ابتداء من شهر جانفي الماضي، في اتخاذ جملة من التدابير والإجراءات الرامية إلى تقديم خدمات بريدية ومالية تتماشى وتطلعات المواطنين في شهر رمضان الكريم، بداية بتوفير السيولة المالية على مستوى كافة المكاتب البريدية، في ظل ارتفاع الطلب المتزايد على السيولة المالية، بالنظر إلى الزيادات المسجلة في الأجور والمخلفات التي شرع في صبها بداية من شهر مارس الجاري، بالإضافة إلى عملية صب منحة رمضان، وتقديم صب معاشات ومنح المتقاعدين وذوي الحقوق بزيادة ومخلفات وفقا لرزنامة استثنائية قبل حلول شهر رمضان.
وعليه، فإنه أنه تم رصد التقديرات المالية اللازمة لتلبية احتياجات المكاتب البريدية من السيولة النقدية المتوقع سحبها خلال شهري مارس وأفريل، مع الأخذ بعين الاعتبار الزيادات الأخيرة التي أقرّها رئيس الجمهورية، والمخلفات المتعلقة بها منحة رمضان ومعاشات منح المتقاعدين، بالتنسيق مع المصالح المعنية لوزارة المالية والصندوق الوطني للتقاعد، وكذا تعزيز التنسيق بين مصالح القطاع ومصالح بنك الجزائر على المستوى المركزي والمحلي. من أجل ضمان السيولة المالية اللازمة للسير الحسن للمؤسسات البريدية.
كما تم تجنيد الموارد البشرية لضمان جاهزية وعمل الشبابيك على مستوى المكاتب البريدية، بالإضافة إلى الاستغلال الأمثل للمكاتب البريدية المتنقلة خلال شهر رمضان، من خلال برمجة تنقلها وتقديمها للخدمات في الأماكن التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف المواطنين على الخدمات البريدية، على غرار المواقع التي ستشهد تنظيم أسواق جوارية خاصة بشهر رمضان.
وكذا الحرص على العمل بأنظمة تسيير خط الانتظار لضمان السير الحسن لتقديم الخدمات وتجنب كل أشكال الانتظار، وإيلاء أهمية بالغة لنظافة المحيط الداخلي والخارجي للمكاتب البريدية بصورة دائمة ومستمرة، والحرص على التكفل الأمثل بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين من خلال تشغيل الشباك المخصص لهذه الفئات وتقديم يد المساعدة لهم، إلى جانب تزويد المكاتب البريدية بالكمية الكافية من المطبوعات ذات الاستعمال الواسع في الخدمات المالية والبريدية وضمان السير الحسن للشبكة المعلوماتية للخدمات المالية.