تَعتبِر الجزائر الأمن المائي أحد أولوياتها الكبرى بالفترة المقبلة، ما جعلها تتجه نحو ترقية مواردها المائية وتنويع مصادرها، استعداداً لحروب مستقبلية يُتوقَع أن يكون الماء محورها.
وتحتوي الجزائر على احتياطي ضخم من المياه الجوفية هو الأكبر في العالم، حيث تحوز على أكثر من 70 بالمائة من طبقة المياه الجوفية الألبية التي تغطي الصحراء الجزائرية والتونسية وتمتد إلى ليبيا.
وحسب خبراء، فإن هذه الطبقة تغطي أكثر من 50 ألف مليار متر مكعب من المياه العذبة.
لكن سياسة الجزائر تتجنب استنزاف هذا الاحتياطي، وتودُّ تنويع مصادر مياهها بالاتجاه إلى إقامة محطات لتحلية مياه البحر.
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بأنه “لابدَّ من وقف كل عمليات حفر الآبار حفاظا على المخزون الاستراتيجي لمنسوب المياه الجوفية، إضافة إلى التسيير الأمثل لمياه السدود بشكل يحافظ على التوازن في التوزيع بين المحافظات”.
وأضاف في اجتماع سابق لمجلس الوزراء الجزائري، نهاية شهر مارس آذار الماضي، “الأمن المائي للبلاد لا يمرُّ إلا عبر تقنية تحلية مياه البحر”.
وتابع: “يجب على وجه الاستعجال الأقصى، تسريع عملية إدخال خمس محطات للتحلية قيد الاستغلال”.
وتطلُّ الجزائر على البحر الأبيض المتوسط بشريط ساحلي يمتد على أكثر من 1200 كلم.
ومن المقرر الانطلاق في إنجاز خمسة محطات لتحلية مياه البحر خلال السداسي الثاني من سنة 2022 الجارية، على أن تدخل حيز الاستغلال سنة 2024.
وتبلغ القدرة الإنتاجية لكل محطة منها 3000 متر مكعب يوميا، ما سيرفع قدرات الجزائر المائية القادمة من تحلية مياه البحر من 17 إلى 42 بالمائة.
وتتوزع هذه المحطات على مستوى محافظات الطارف وبجاية شرقا ووهران غربا وتيبازة وبومرداس في الوسط.
وستتكفل الشركة الجزائرية للطاقة، وهي أحد فروع المجمع الجزائري سوناطراك، في إنجاز هذه المحطات الخمس.
وتمتلك الجزائر حاليا 14 محطة لتحلية مياه البحر، بعد دخول محطة بواسماعيل حيز الخدمة بداية شهر ماي أيار المنقضي.
وقال الخبير الاقتصادي أحمد سواهلية، بأن: “المياه القادمة من تحلية مياه البحر مهمة للجزائر، سواء للاستغلال الفردي للمواطن أو الاستغلال الاقتصادي فلاحيا وصناعيا”.
وأضاف في تصريح لموقع “الأيام نيوز”، بأن: “التوجه نحو إنشاء محطات لتحلية مياه البحر في الجزائر يهدف إلى تنويع المصادر المائية، لاسيما وأن الجزائر لها اتكال كبير على المياه الجوفية في استهلاكها، والتي ستنضب يوماً ما في كل الأحوال”.
وتابع: “يحدث هذا في وقت لا تواكب القدرة الإنتاجية لسدود الجزائر نظيراتها في دول أخرى، وهي لا تتجاوز 2 مليار متر مكعب”.
وأشار سواهلية إلى أن: “ارتفاع تكلفة اللتر الواحد من الماء القادم من تحلية مياه البحر ليس مهماً، وسط بوادر حروب حول الماء بين الدول مستقبلا، ما يجعل التوازن في المصادر المائية استراتيجي لأي بلد”.