“ترامب سيحاول الحفاظ على التوازن النسبي عوض المواجهة المباشرة”

يرى الباحث الدكتور أمير حسين زائري محمود أبادي محلل القضايا السياسية الإيرانية والأمن القومي أن “دونالد ترامب أكثر من مجرد سياسي غير أخلاقي، إنه رجل أعمال ذكي ولكنه ناجح وسينفذ نفس نموذج القيادة والأعمال في مجال السياسة والتعامل مع إيران”.

بالطبع، يضيف الباحث “يجب أن يوضع في الاعتبار أن ادارة ترامب 2025 ستختلف كثيرًا عن ادارة 2017، لأنه في هذه الجولة من رئاسته، لم يعد بحاجة إلى أصوات الشعب الأمريكي لإعادة انتخابه لولاية أخرى، ومجلس الشيوخ والكونغرس أيضًا في أيدي اصدقائه الجمهوريين”. ولذلك، “فإن إدارته ستعمل، في سعيها إلى تحقيق أهدافها، على نحو أكثر تطرفا وبشكل أسرع”. لهذا السبب، يرى الباحث أنه “يجب أن تتجه إيران لتحسين ظروفها الاقتصادية وأن تساير ادارة ترامب على طاولة المفاوضات، من أجل الاستقرار والأمن في المنطقة”.

ويحلل الدكتور محمود أبادي بالقول ” التوترات العسكرية والأمنية في أهم بقعة جغرافية على كوكب الأرض، وهي الطريق السريع للطاقة العالمية وتقاطع القارات الثلاث في آسيا وأفريقيا وأوروبا، ليست مفيدة لأي من الجانبين” ويضيف «إذا لم تؤت المفاوضات الأولية ثمارها، فمن المحتمل أن يأمر ترامب بشن هجوم محدود على أجزاء من إيران”، وبدون شك، من أجل أن تكون أمريكا في مأمن من رد إيران، ستقبل “إسرائيل” بتحمل المسؤولية عن هذا الهجوم”، غير أنه يعود للقول “يجب أن ننتظر المفاوضات الثنائية من إيران. وربما رغبة أمريكا في تحسين العلاقات”، ومع ذلك، مع المواقف الأخيرة لكلا الجانبين، “فمن المرجح أن كلاهما يميل إلى استراتيجية التحرك في المنطقة الرمادية” وأن “ترامب يسعى إلى تدمير محور المقاومة الذي تدعمه إيران بالكامل بدلاً من السعي إلى المفاوضات من موقف متساوٍ مع طهران”.

بالنسبة للمختص في القضايا الأمنية “لقد اتخذ ترامب إجراءات عدائية ضد إيران من قبل، وكان أحد أكثر الرؤساء الأمريكيين تطرفاً ضد هذا البلد، لكنه يعلم جيداً أن الشرق الأوسط يمر اليوم بظروف جيوسياسية مختلفة، وإذا تصاعد التوتر العسكري والأمني مع إيران، فستكون آثار ذلك واضحة”.

ويرى الباحث أن هذا “سيؤدي إلى أضرار جسيمة لاقتصاد المنطقة والعالم”. ومن ناحية أخرى،يواصل الدكتور محمود أبادي “لا يمكن للولايات المتحدة أن تدمر سيادة الجمهورية الإسلامية، لذلك يعتبر ترامب  أن الحل الأفضل لاحتواء إيران في المرحلة الأولى هو إحياء المفاوضات، حتى يتمكن من تأطير الرأي العام العالمي فيما يتعلق بالتوترات بين الولايات المتحدة وإيران”، وللوصول لهذا الغرض، “سيستخدم استراتيجية حافة الهاوية”، وعلى الرغم من أن هذه الاستراتيجية بالغة الخطورة والهشاشة، على أي حال، يواصل الباحث “لن يكون ترامب مسؤولاً عن نجاح أو فشل هذه السياسة، وسيدفع شركاء أمريكا الإقليميون أو حتى خارج المنطقة ثمنها”. لذلك، يعتقد الباحث “قد نشهد لفترة وجيزة صراعات متقطعة في المنطقة، ولكن الحرب الشاملة أمر غير وارد”، إذ يحاول الجانبان استخدام وسائل الضغط للحفاظ على الاستقرار الإقليمي بطريقة متداخلة والتحول إلى استراتيجية التحرك في المنطقة الرمادية من أجل عدم الإخلال باستقرار المنطقة”.

في سياق اخر يرى الباحث أن أهم مشكلة بين إيران والولايات المتحدة “هي تخصيب اليورانيوم وإنتاج إيران للأسلحة النووية”، ويرى أن “الاستراتيجية الرئيسية والنهائية للولايات المتحدة هي كبح تقدم إيران في إنتاج الأسلحة النووية”. لكن بالنسبة له “ما قد يتسبب في احتكاك وتوتر إقليمي بين أمريكا وإيران هو توسيع القوة العسكرية الإيرانية في المنطقة في شكل محور المقاومة”. “لأن الإيرانيين حققوا تكنولوجيا صنع الأسلحة النووية قبل سنوات عديدة، ولكن لأسباب أيديولوجية، كما يرى، فإن صنع هذا السلاح لم يكن ذا أولوية في عقيدة إيران العسكرية والأمنية، ومع ذلك، في رأي الباحث، “سيكون سلوك الولايات المتحدة حاسمًا في استمرار استراتيجية إيران في دعم وإرساء محور المقاومة (وليس بناء الأسلحة النووية). ويضيف ساخرا “لأكثر من 20 عامًا، كانت أمريكا تدعي أن إيران على بعد شهر أو عام أو أسبوعين من بناء سلاح نووي، وهو أمر لم يحدث بعد ما يقرب من ثلاثة عقود”. لذلك، يواصل بالقول “كانت استراتيجية ترامب ولا تزال هي احتواء القوة الإقليمية الإيرانية وحصر محور المقاومة”. في هذا الصدد، يصرح الدكتور محمود أبادي قائلا ” إذا انتبهنا بعناية إلى تطورات العام الماضي، فسنجد أن محور المقاومة اليوم قد تحول بشكل كبير عما كان عليه في الماضي، واتخذ شكلاً جديدًا، بحيث تولى زمام الأمور قادة جدد ولم يعد المحور إياه يعمل بشكل علني، ومن خلال هذه التحولات يرى الباحث أنه «من الواضح أن كلا الجانبين قد أعدا نفسيهما لمفاوضات صعبة ولكنها مثمرة مع بعضهما البعض”.

في نفس السياق يؤكد الباحث أن “قبل انتخاب دونالد ترامب، الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، أعد الجانبان الاستعدادات لهذه المواجهة”، ويمكن حسب الباحث، التنبه لبداية هذه الاستعدادات مع انفجار حرب غزة. لأن هذه الحرب تسببت على ما يبدو، في إضعاف أجزاء من محور المقاومة واستشهاد العديد من القادة المهمين والحاسمين”. لكن ما هو مؤكد حسبه، هو “أن هذه الأحداث كان لها تأثير واضح وعلني” ويضيف «لا يمكن القول إن تسلسل الأحداث لمحور الولايات المتحدة و “إسرائيل”، الذي بدأ بحرب غزة، كان خارج حسابات إيران وقدراتها الجيوسياسية. لذلك، يعود بالقول «لا يمكن التعامل مع الظروف السياسية المحيطة بلغة الشعارات بل يجب أن يكون المرء واقعيًا، لأنه في مثل هذه الحالة، أمريكا في وضع أقوى من إيران، ومن المرجح جدا أن تعمل إيران على كبح اندفاع محور المقاومة تكتيكيا، في المنطقة من أجل الحد من التوتر إلى مستوى ما”. وإحدى العلامات الواضحة على ذلك كما يراها الباحث “هي المساعدة في انتخاب رئيس لبنان الجديد الموالي للغرب، ومع ذلك، يواصل “يجب أن أؤكد أن ترامب 2025 لا يمكن التنبؤ بسياساته وقراراته أكثر بكثير من ترامب 2017 لأن لديه أشخاصًا أذكياء ومتطرفين جدد إلى جانبه”.

بالنسبة للدكتور محمود أبادي “يعرف ترامب جيدًا أن أمريكا في وضع اقتصادي وسياسي وأمني صعب للغاية”. فمن ناحية، هي تواجه تكاليف باهظة للغاية لحرب الناتو ضد روسيا في أوكرانيا، ومن ناحية أخرى، كلفت الحرب في غزة أمريكا مليارات الدولارات. هذا بينما أدى عدم الاستقرار الناجم في مضيق باب المندب وجزيرة تايوان في شرق آسيا إلى تأجيج هذه الأزمات، لذلك يقول الباحث “ستبذل الولايات المتحدة قصارى جهدها لتحقيق السلام والاستقرار النسبي في منطقة غرب آسيا. وترامب يعلم جيدًا أن هذا التوجه غير ممكن بدون دعم إيران كفاعل في المنطقة”.

في اعتقاد الباحث «ميزان القوى في الشرق الأوسط كما هو بشكله الحالي لا يمكن أن يزعج إدارة ترامب بأي شكل من الأشكال وسيحاول الرئيس الامريكي الحفاظ على التوازن النسبي الحالي والهش، قدر الإمكان”.

ويعود الباحث للتأكيد ان الولايات المتحدة في مسعاها للحفاظ على استقرار المنطقة «مجبرة على الاعتماد على التفاوض مع إيران، لأن جغرافيا غرب آسيا هي أخطر منطقة جيوسياسية في العالم”، ولهذا السبب، “فإن تهديد الأمن في هذه البقعة، سيؤثر بلا شك على العالم بأسره والبلدان المحيطة”. لذلك، يخلص الباحث إلى القول  “سينهي ترامب هذه التوترات والحروب في المرحلة الأولى، ليس بسبب إيران، ولكن من أجل الأمن العالمي، الذي تستفيد منه الولايات المتحدة أولا، وسيكون راضيا عن التفاوض مع إيران، بالإضافة إلى ذلك فإن إدارته ستوجه اهتمامها  أكثر نحو المشاكل الداخلية للولايات المتحدة، مثل الحرائق الأخيرة في كاليفورنيا التي كلفت حتى الآن 150 مليار دولار كتعويض، أو زيادة تدفق المهاجرين، والانسحاب من الاتفاقات العالمية، وتكاليف الأمن في القواعد الأوروبية وحلف شمال الأطلسي، والمواجهة التجارية مع الصين”.

طاهر مولود - الجزائر

طاهر مولود - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
جامعة الدول العربية: تجويع الفلسطينيين جريمة حرب وإبادة جماعية وثائق سرية تفضح تورط جنرالات فرنسا في تعذيب الجزائريين خلال الثورة التحريرية مشروع استراتيجي لتعزيز تصدير الكهرباء الجزائرية نحو تونس وليبيا عرقاب في بشار لإطلاق مشاريع طاقوية استراتيجية هيئة اللجان الأولمبية الإفريقية تُكرّم الرئيس تبون بالوسام الذهبي استحداث "بكالوريا مهنية" لتعزيز التكوين المتخصص وتلبية احتياجات سوق العمل الجزائر تُطلق أوّل مصحف رقمي موجّه للمكفوفين احتكار الذكاء الاصطناعي.. كيف تعيد القوى الكبرى رسم خرائط السيطرة؟ وكالة الأنباء الجزائرية: "كفى نفاقًا.. فرنسا هي المستفيد الأكبر من علاقاتها مع الجزائر" إنجاز مركز بيانات مرفق بمركز حوسبة للذكاء الاصطناعي بوهران "برج إيفل" يرتدي الحجاب.. ما القصة؟ في سابقة وطنية.. "صيدال" توفر أقلام أنسولين جزائرية للسوق المحلي التحويلات المالية بين الأفراد عبر الهاتف النقال ترتفع بأكثر من الضعف في 2024 الشيخ موسى عزوني يكسر الصمت: "هذا ما قصدته بحديثي عن السكن والزواج" بلعريبي يأمر بتسريع إنجاز مستشفى 500 سرير بتيزي وزو بلاغ هام لفائدة الحجاج قيود صهيونية جديدة على نشاط منظمات الإغاثة.. الاحتلال يقطع شريان الحياة الأخير عن غزّة حجز 34 حاوية من مادة الموز بميناء عنابة باحثتان جزائريتان تقودان ثورة علمية في مجالي الطب والبيئة.. ما القصة؟ وزارة الصحة تشدد على ضرورة إجراء التحاليل الطبية قبل الختان