تتصاعد وتيرة الدعم الدولي للقضية الصحراوية، حيث باتت في صدارة الاهتمامات الحقوقية والسياسية على المستوى العالمي، وسط تزايد الجرائم والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال المغربي ضد الشعب الصحراوي. وبينما تتعالى الأصوات المنادية بحق تقرير المصير، يواصل الاحتلال انتهاكاته من اعتقالات تعسفية، وحصار خانق، وتجسس إلكتروني، في محاولة يائسة لإخماد صوت المقاومة الصحراوية. ورغم القمع الممنهج، يظل الصحراويون صامدين في نضالهم المشروع، مستندين إلى دعم متزايد من دول ومنظمات دولية تدعو إلى إنهاء آخر مظاهر الاستعمار في إفريقيا. ومع كل قرار أممي داعم ومع كل موقف دولي مساند، يتأكد أن الاحتلال المغربي بات في عزلة متزايدة، وأن حق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال مسألة وقت لا أكثر.
تحوّلت الانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها الصحراويون إلى محور اهتمام متزايد لدى المنظمات الحقوقية الدولية، حيث تواصل التقارير كشف حملات القمع الممنهجة التي تستهدف النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة. وتشمل هذه الانتهاكات الاعتقالات التعسفية، والتضييق على حرية التعبير، والمراقبة الرقمية، مما دفع العديد من الجهات الدولية إلى المطالبة بإجراءات صارمة لحماية الحقوق الأساسية للشعب الصحراوي، في ظل استمرار الاحتلال المغربي في انتهاج سياسة القمع والتضييق. ورغم هذه التحديات، يواصل الصحراويون نضالهم السلمي، مستفيدين من دعم متزايد من الحلفاء الدوليين، الذين يدعون إلى تعزيز آليات الرقابة على الوضع الحقوقي في الإقليم.
في هذا السياق، أدانت المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان، الغالية عبد الله ادجيمي، الاستعمال الممنهج من طرف الاحتلال المغربي لبرنامج التجسس “بيغاسوس” لمراقبة الصحفيين والنشطاء وترهيبهم في الصحراء الغربية المحتلة. وأكدت خلال مداخلتها في مجلس حقوق الإنسان أن السلطات المغربية تستغل هذه التقنية القمعية لانتهاك الحقوق الأساسية وتقييد الحريات، لا سيما بحق النساء اللواتي يتعرضن لحملات ممنهجة من التشهير والترهيب. كما شدّدت على أن هذه الممارسات ليست مجرد تجاوزات فردية، بل هي جزء من سياسة قمعية شاملة تعتمدها سلطات الاحتلال لإسكات الأصوات الحرة داخل الأراضي المحتلة.
ودعت الناشطة الصحراوية المقرر الخاص المعني بالحق في الخصوصية إلى فتح تحقيق دولي شامل حول استخدام الاحتلال المغربي لبرنامج “بيغاسوس” في الصحراء الغربية ومناطق أخرى، مؤكدةً أن اللجوء إلى برامج التجسس لمراقبة المعارضين يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتهديدًا خطيرًا لحقوق الإنسان. كما ناشدت المجتمع الدولي، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني في أوروبا وأمريكا والاتحاد الإفريقي، بضرورة التحرك العاجل لحماية الحق في الخصوصية وحرية التعبير، ووضع حد للممارسات القمعية التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة.
ومع هذا، يشهد الدعم الدولي للقضية الصحراوية زخمًا متزايدًا، حيث تتوالى المبادرات الدبلوماسية والبرلمانية التي تؤكد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، في مواجهة الانتهاكات المستمرة التي يرتكبها الاحتلال المغربي بدعم فرنسي.
في هذا السياق، كثفت جبهة البوليساريو تحركاتها في الساحة الدولية، مستندة إلى دعم متزايد من دول ومنظمات تسعى لإنهاء معاناة الشعب الصحراوي، وإرساء حل عادل للنزاع القائم في الصحراء الغربية.
تعزيز الدعم الروسي للقضية الصحراوية
في خطوة تعكس تزايد اهتمام موسكو بالقضية الصحراوية، شارك ممثل جبهة البوليساريوفي روسيا، الدكتور أعلي سالم محمد فاضل، في اجتماع موسع عُقد في مؤسسة “شجرة عائلتي” بمبنى مجلس الاتحاد الروسي، بحضور شخصيات روسية بارزة، من بينها أعضاء في الحزب الشيوعي الروسي، وممثلون عن مؤسسات تجارية وأكاديمية.
وقدّم محمد فاضل خلال اللقاء عرضًا شاملًا حول آخر تطورات القضية الصحراوية، مسلطًا الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الشعب الصحراوي في ظل الاحتلال المغربي. كما ناقش الاجتماع سبل تعزيز التعاون بين روسيا وجبهة البوليساريو، بما يشمل تنظيم زيارات إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين، والمشاركة في المنتديات الدولية الداعمة للقضية، إلى جانب توسيع نطاق التحسيس بالقضية الصحراوية داخل الأوساط الروسية.
وتُوج الاجتماع بدعوة رسمية لممثل البوليساريو لحضور المنتدى الدولي المزمع تنظيمه في موسكو يوم 19 مارس 2025 تحت شعار: “روسيا والهند وأفريقيا: دروس الماضي وآفاق المستقبل”، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد من قبل روسيا بالقضايا العادلة لشعوب الجنوب العالمي.
تيمور الشرقية تؤكد التزامها بدعم الصحراويين
في خطوة مهمة أخرى، صادق البرلمان الوطني لتيمور الشرقية، يوم 10 مارس 2025، على قرار إنشاء لجنة برلمانية خاصة لمتابعة قضية الصحراء الغربية. وتضم اللجنة ممثلين عن جميع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، في مؤشر واضح على الإجماع الوطني في تيمور الشرقية على دعم القضية الصحراوية.
وفي تعليقه على هذه الخطوة، أكد سفير الجمهورية الصحراوية لدى تيمور الشرقية، أب ملعينين، أن هذا القرار يمثل “موقفًا صريحًا للتضامن، ويجسد التزام البرلمان والأحزاب السياسية والشعب التيموري بشكل عام تجاه نضال الشعب الصحراوي من أجل الاستقلال“.
ويُذكر أن اللجنة البرلمانية السابقة في تيمور الشرقية كانت قد شاركت في ديسمبر 2022 في المؤتمر 46 للتنسيقية الأوروبية للدعم والتضامن مع الشعب الصحراوي (EUCOCO) المنعقد في برلين، ما يؤكد استمرار هذا البلد الآسيوي في دعمه الثابت للقضية الصحراوية.
دعم متواصل من أمريكا اللاتينية
على الجانب الآخر من العالم، جدد السيناتور البوليفي وعضو برلمان دول الأنديز، فاوستينو أوليسكو، التأكيد على أن دعم القضية الصحراوية يظل مبدأً ثابتًا في توجهات حكومة بوليفيا وأحزابها السياسية. جاء ذلك خلال لقائه مع القائم بأعمال السفارة الصحراوية في لاباث، خطري محمد مولود، حيث ناقش الطرفان مستجدات الوضع في الصحراء الغربية في ظل تصاعد العدوان المغربي.
وأكد أوليسكو على ضرورة توحيد موقف دول أمريكا اللاتينية لدعم الشرعية الدولية في قضية الصحراء الغربية، وحماية الحقوق المشروعة للشعب الصحراوي.
من جهته، أطلع ممثل جبهة البوليساريوفي بوليفيا عضو برلمان الأنديز على آخر تطورات النزاع، محذرًا من الأساليب التي ينتهجها المغرب للتأثير على مواقف بعض دول المنطقة، عبر حملات تضليل وشراء المواقف السياسية.
وأشار إلى أن هذه المحاولات لم تفلح في تغيير موقف البرلمانات اللاتينية، التي لطالما دعمت حق الشعوب في تقرير المصير، ورفضت كافة أشكال الاستعمار والاحتلال.
تعكس هذه التحركات الدبلوماسية المتزايدة إدراكًا دوليًا متناميًا بضرورة إنهاء الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، وتأكيدًا على أن القضية الصحراوية لا تزال تحظى بتأييد متزايد على الصعيد العالمي.
ومن خلال تصاعد الإدانات لانتهاكات حقوق الإنسان، وتعزيز العلاقات الدبلوماسية، وقرارات البرلمانات الوطنية، تتجه الجهود الدولية نحو تكثيف الضغط على المغرب لتحقيق العدالة وتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير والاستقلال.