بدأت العقوبات الجزائرية على إسبانيا، بسبب انقلاب موقفها من القضية الصحراوية، تحدث الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية في إسبانيا، ملقية بثقلها على مستقبل رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، الذي بات رأسه قاب قوسين أو أدنى من المقصلة السياسية.
فبعد قرار شركة سوناطراك مراجعة أسعار الغاز المصدر إلى إسبانيا، وتوجيه علاقاتها نحو الشريك التاريخي، إيطاليا بتوقيعها اتفاقية استراتيجية في مجال الطاقة خلال زيارة رئيس وزرائها، ماريو دراغي، إلى الجزائر، جاء الدور هذه المرة على ملف آخر وهو لحوم الأبقار.
من النادر جدا هذه الأيام أن تخلو الصحافة الإسبانية من مقال حول تأثيرات الموقف الذي اختاره بيدرو سانشيز بشأن قضية الصحراء الغربية على العلاقات بين الجزائر ومدريد ، والانتقادات لرئيس الحكومة لم تتوقف بسبب موقفه غير المدروس، الذي ألقى بتداعياته على مصالح إسبانيا والشعب الإسباني.
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة “لاراثون” الإسبانية عن أزمة العلاقات الثنائية: “شيئًا فشيئًا، تظهر الأضرار الجانبية الناجمة عن تغيير موقف حكومة بيدرو سانشيز بشأن الصحراء الغربية والإطار الجديد للعلاقات مع المغرب.. فقد بدأت السلطات الجزائرية بوضع عقبات بيروقراطية أمام دخول الماشية الحية من إسبانيا. مع مرور الأيام، زادت هذه “العوائق” وسرعان ما أدت إلى إغلاق فعلي للسوق الجزائرية أمام المزارعين والمشغلين التجاريين الإسبان”.
وتضيف الصحيفة: “قد يبدو الأمر ثانويًا في السياق العالمي للعلاقات التجارية بين إسبانيا والجزائر، إذا تمت مقارنة الحجم الاقتصادي لمبيعات الماشية لدينا مع واردات الغاز من هذا البلد، لكنها حقيقة مهمة. حكومة الجزائر قررت رفع سعر الغاز، الذي دائمًا ما يكون ذا طبيعة استراتيجية، وخاصة في ظل الظروف الراهنة المشحونة بالسباق على الطاقة وارتفاع أسعارها. بل والأكثر من ذلك أن الجزائر وجهت أنظارها إلى إيطاليا كشريك مفضل في البحر الأبيض المتوسط.. إنها علامات لا لبس فيها على أن شيئًا ما قد تغير”.
ليس هذا فحسب، فالضغوط السياسية من نوع آخر، تتعاظم على رئيس الحكومة الإسبانية، آخر فضل في هذه الضغوط، هي مطالبته من قبل القوى السياسية الممثلة في البرلمان بحتمية الكشف عن نتائج الزيارة التي قادته إلى مملكة المخزن المغربي، ولا سيما ما تعلق بقضية سبتة ومليلية المحتلتين من قبل إسبانيا، اللتين تحوم حولهما الشكوك.
ولم يجد المسؤول الإسباني من مخرج للهروب من هذا المأزق، سوى الاحتماء بما يعرف بـ “قانون الأسرار الرسمية”، رافضا التجاوب مع هذا السؤال الذي وجهه إليه “حزب فوكس”، الذي يعتبر ثالث قوة سياسية في البرلمان الإسباني، وقال في الرد: “في الوقت الحالي من غير المنتظر أن يتم نشرها”.
وتتحدث الصحافة الإسبانية عن أن سانشيز أدخل قضايا أخرى مرتبطة بالمغرب في نطاق “أسرار الدولة”، ما يرجح فرضية أن إخفاء هذه الأسرار إنما الهدف منها التستر على النظام المغربي خوفا من وقوعه في أزمة سياسية داخلية، في حال ما إذا تناهى إلى الرأي العام أن المخزن فرّط في المدينتين المحتلتين مقابل الحصول من مدريد على موقف يدعم أطروحة الحكم الذاتي التي يروج لها نظام المخزن.
ما هو مؤكد هو أن الحكومة الإسبانية توجد في ورطة حقيقية منذ تحول موقفها من القضية الصحراوية، وزادتها العقوبات الجزائرية في مجال الغاز واللحوم وقد يصل الأمر إلى قطاعات اقتصادية أخرى، على غرار صناعة الخزف التي تعتبر إسبانيا رائدة فيها وتصدر منها كميات كبيرة إلى الجزائر.. فهل ستنجو حكومة مدريد من السقوط؟