كشفت شبكة «أن بي سي» الأمريكية ـ قبل يومين ـ نقلا عن صحيفة الواشنطن بوست أن وثائق جديدة ـ من جملة الوثائق التي سربها عضو الحرس الوطني الجوي لولاية ماساتشوستس «جاك تيكسيرا» ـ تتحدّث عن وجود أربع بالونات صينية إضافة إلى تلبالون الذي اخترق الأجواء الأمريكية في الفاتح فيفري الماضي، والذي أظهرت الوثائق أنه حمل هوائيات ومجسّمات لم تستطع الولايات المتحدة التعرّف عليها لأكثر من أسبوع بعد أن تم إسقاطه.
هذا وتضمنت الاكتشافات الجديدة أيضا تقيما للوضع في تايوان من قبل البانتغون الذي تحدث عن ضعف هذه الأخيرة أمام أي هجوم صيني محتمل، وأشار إلى أن الصين وفي حال غزوها ستتمكن من التفوق الجوي عليها بشكل سريع/ وتم نشر العديد من المعلومات بعد تسريب حوالي 100 وثيقة سرية على منصات الإنترنت في الأشهر الأخيرة، تضمنت تفاصيل بالغة الأهمية والخطورة حول الحرب في أوكرانيا، وكشفت لجوء واشنطن إلى التجسس على حلفائها وخصومها وأماطت اللثام عن معلومات استخبارتية تتعلق بعدة ملفات دولية راهنة.
ماذا عن علاقة الولايات المتحدة بحلفائها عقب التسريبات؟
في ردّ على أسئلة وسائل الإعلام المرافقة له ـ في زيارته إلى فيتنام ـ وخلال ندوة صحفية عُقدت السبت بمقر السفارة الأمريكية، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن التعاون بين الولايات المتحدة وحلفائها لم يتأثر بالوثائق المسربة مؤخرا، وأكد الوزير بلينكن أن حكومة بلاده تواصلت وعلى أعلى المستويات مع حلفاءها وشركائها في أعقاب التسريبات لتوضيح التزامها بـ”حماية المعلومات الاستخباراتية” و”الشراكة الأمنية” معهم، مشيرا إلى أن المشتبه به «جاك تيكسيرا» ـ ذي الـ21 ربيعا ـ عضو في الحرس الوطني الجوي لولاية ماساتشوستس ـ محتجز، وأن الجهات المعنية قد اتخذت تدابير لضمان أمن المعلومات السرية وحمايتها من مزيد من التسريبات.
وبعد حلوله بفيتنام، توجّه وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى كارويزاوا باليابان لحضور اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، على أن يمتد الاجتماع من الـ16 إلى الـ18 أفريل، بحسب ما قالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان سابق.
ومن المنتظر أن يكون الاجتماع الذي يأتي في خضمّ توترات مع الصين بشأن تايوان، والذي يجمع وزير خارجية الولايات المتحدة بوزراء خارجية مجموعة السبع- تضم الولايات المتحدة، كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان والمملكة المتحدة – أول اختبار لعلاقة الولايات المتحدة بالحلفاء بعد التسريبات الأخيرة.
تسريب “مُخجل”
يعتقد المحلّل السياسي والسفير السابق للولايات المتحدة الأمريكية جون سايمون، أن التسريبات التي قام بها عضو الحرس الجوي من شأنها التأثير على علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بحلفائها على مستوى تبادل المعلومات الاستخباراتية، وقال سايمون في مقابلة مع «الأيام نيوز» إن الوثائق السرية التي سرّبها عضو الحرس الوطني الجوي «جاك تيكسيرا» والمتعلقة منها بتجسّس الولايات المتحدة على حلفائها ليست بالمفاجئة، فواشنطن تجمع معلومات عن الحلفاء والأعداء، وتتوقّع الشيء ذاته منهم على حد تعبيره.
لكنّ ذلك ـ يضيف المتحدث ـ لا يقلّل من شأن الحادثة التي اعتبرها أمرا مخجلا ومسيئا وينمّ عن وجود مشكل حقيقي وعميق يتعلّق بنظام حماية المعلومات المصنفة سرية، واستنكر المحلّل السياسي والدبلوماسي السابق جون سايمون، في معرض حديثه، تهاون المسؤولين الأمريكيين في تأمين الحماية اللازمة لمعلومات استخبارتية، من شأن تسريبها الإضرار بالعلاقات الخارجية والتعاون الأمني مع الدول الحليفة ومن شأنه ـ يقول ـ تهديد الأمن القومي الأمريكي.
وأشار جون سايمون إلى التحدي الكبير الذي سيواجه الولايات المتحدة بعد حادية التسريبات، قائلا إن تكرار تسريب الوثائق سيجعل الدول الحليفة تتخوف من تبادل المعلومات الاستخبارتية مع بلد يبدو أن لديه مشكلا حقيقيا في الحفاظ على سريتها، لذا فالولايات المتحدة اليوم ـ يقول ـ بحاجة أكثر من أي وقت مضى، إلى إصلاح نظام حماية المعلومات السرية، بهدف ضمان استمرار تلقي المعلومات من أجهزة استخبارات الدول الحليفة، لأن بفضلها يقول جون سايمون، نستطيع تشكيل صورة أكثر وضوحا عن ما يحدث في العالم.
وقال المحلّل السياسي والسفير السابق للولايات المتحدة الأمريكية جون سايمون، إن حادثة التسريبات الأخيرة تختلف عن سابقاتها من حيث هوية القائم بها، فقضية ووترغيت التي عصفت بالرئيس ريتشارد نيكسون في نهاية ستينات القرن الماضي، وتسريبات سجن أبو غريب في العراق التي كان بطلها الصحفي الاستقصائي الأمريكي سيمور هيرش عام 2004، وكذلك تسريبات ويكيليكس عام 2010، والتي تعدّ من أكثر الاختراقات خطورة بالنسبة لوزارة الدفاع الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وتسريبات محلّل نظم وعميل استخبارات أمريكي سابق إدوارد سنودن عام 2013.
هذه كلها تسريبات قام بها أشخاص معروفون أو ذوو رتب عالية، لكن «جاك تيكسيرا» بطل التسريبات الأخيرة لا يعدو كونه عضوا في الحرس الوطني الجوي، والمنصب الذي يشغله لا يتطلّب سوى شهادة تعليم ثانوي، رخصة سياقة وتدريب لا تصل مدّته إلى الستة أشهر، وهنا ـ يقول محدثنا ـ تبرز الحاجة الملحة لإعادة النظر في نظام تأمين المعلومات السرية، وضمان عدم إقدام شخص آخر من الذين تسمح مناصب عملهم بالوصول إلى المعلومات الاستخبارتية والبالغ عددهم 1.3 مليون أمريكي.