تشويش على نجاح عملية الجيش الجزائري في سكيكدة.. من يحرك فزّاعة الإرهاب شمال مالي؟

قلبت العملية النوعية التي نفذها الجيش الجزائري بالمرتفعات الجبلية لمحافظة سكيكدة الواقعة شرقي الجزائر، المعطيات الأمنية حول مكافحة الإرهاب عقب وضع حد لـ”آخر” مجموعة إرهابية شمالي البلاد، إلا أن مقتل عسكريين جزائريين خلال اشتباك مع مجموعة مسلحة في منطقة تيمياوين على الحدود بين الجزائر وشمالي مالي يعيد النظر في هذه المعطيات.

العملية النوعية العسكرية في سكيكدة جاءت عقب “معلومات استخباراتية دقيقة جدا”، حيث أشارت مصادر إلى أن هذه المجموعة الإرهابية “هي آخر ما تبقى من فلول الجماعات الإرهابية التي كانت تنشط على طول المناطق الساحلية الجزائرية لأكثر من 20 سنة كاملة”، ما يعني بحسب المصادر دائما “القضاء بشكل كامل على الجماعات الإرهابية بالمناطق الساحلية من الجزائر من شرقها إلى غربها”، وذلك للمرة الأولى منذ نحو 3 عقود كاملة.

ووفقاً للمصادر الأمنية الجزائرية، فإن الضربة العسكرية جاءت في سياق عملية عسكرية واسعة قادها الجيش الجزائري منذ فترة في مرتفعات محافظتي جيجل وسكيكدة، والتي كانت معروفة بنشاط الجماعات الإرهابية المنضوية تحت لواء ما يسمى “القاعدة ببلاد المغرب”.

وكانت مرتفعات محافظتي جيجل وسكيكدة شرقي الجزائر من أكثر المناطق التي كانت معقلا للجماعات الإرهابية منذ تسعينيات القرن الماضي والتي عرفت بـ”العشرية السوداء”، قبل أن تتفرخ تلك الجماعات الإرهابية، وتعلن معظمها مبايعتها لـ”تنظيم القاعدة” الإرهابي، حيث كانت أكبر جماعة إرهابية تنشط بالمنطقة هي “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” التي تحولت فيما بعد إلى ما يسمى “القاعدة ببلاد المغرب”.

لكن الجماعات الإرهابية لم تنتظر كثيرا للرد على الضربة التي وجهها له الجيش الجزائري في الشمال، فقامت باغتيال ثلاثة عسكريين في اشتباك على الشريط الحدودي الجنوبي مع مالي، في ثاني عملية يشهدها الشريط الحدودي في أقل من شهرين.

وكان اشتباك مسلح قد وقع بين قوات الجيش الجزائري ومجموعة مسلحة في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، في منطقة حاسي تيريرين بولاية “إن قزام” على الشريط الحدودي مع دولة مالي، حيث قضى الجيش الجزائري على عدد من المسلحين، واسترجع أسلحة وسيارة رباعية الدفع وكمية من الذخيرة كانت بحوزتهم، فيما استشهد عسكريان من الجيش.

ومن شأن العملية الأخيرة التي وقعت في منطقة تيمياوين، وهي نفسها التي كانت قد شهدت في فبراير/ شباط 2020 عملية انتحارية فاشلة لتفجير ثكنة عسكرية في المدينة، من شأنها أن تدفع قوات الجيش الجزائري إلى اتخاذ جملة من التدابير الأمنية المشددة وزيادة التمركزات العسكرية في المنطقة، لمنع حدوث أية اختراقات أمنية للمجموعات المسلحة على الحدود مستقبلا.

هذه المخاطر والتحديات غير المسبوقة خلقت واقعاً أمنياً جديداً يحيط بحدود الجزائر الشاسعة، استدعى التحرك على مختلف الجبهات والمستويات لاحتواء أزمات المنطقة ومحاصرة الجماعات الإرهابية، لكن يبدو أن استمرار الهجمات الإرهابية بوحشية ودموية يوحي بأن الانفلات أصبح سيد المشهد بشكل يهدد منطقة الساحل بفوضى خططت لها جهات.

ويقول مراقبون إن الوضع في مالي ينبئ بفجوة أمنية نتيجة الفراغ الذي خلّفه الانسحاب الفرنسي وضعف الدولة المركزية، إذ شهدت المنطقة عمليات إرهابية نوعية وعودة الإرهابيين إلى المشهد بشكل ملحوظ.

ويذهب متابعون إلى طرح فكرة أن “الإرهابيين نشطوا في المنطقة تحت إشراف فرنسا التي تتخذهم أداة وورقة في يدها لإضعاف الدولة المركزية في مالي بعد انسحاب قواتها، وهذا ما تمارسه حالياً جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي يقودها إياد أغ غالي”، وأن “المجموعات الإرهابية في الساحل تهدف في استراتيجيتها المستقبلية إلى أن تكون مصدراً لتصدير الفشل والقلاقل إلى دول الجوار، والجزائر على رأس القائمة”.

وتجد الجزائر نفسها في وضع الفاعل من خلال خطة من رأسين، الأول هو توفير الدعم للمجلس العسكري والسلطة المركزية في مالي كي لا تقع رهينة الفشل، خصوصاً بعد حصار مجموعة غرب أفريقيا الأكواس مع إمكانية انضمام موريتانيا بعد الإضرابات الحدودية مع مالي، ثم من ناحية ثانية التحرك في خط حمائي لتعطيل الجبهة الخلفية للإرهابيين، لا سيما ما يتعلق بالإمدادات والاستقطابات العرقية، وذلك عبر المثلث الحدودي بين الجزائر والنيجر ومالي الذي يشهد فراغاً، وفي شمال المنطقة حيث توجد القبائل.

ولم يعد خافياً أن مالي ساحة معركة بين الجزائر وفرنسا، حيث نقلت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، في وقت سابق عن دبلوماسي جزائري قوله “يعتقد الفرنسيون أننا نفرك أيدينا لأنهم يغادرون مالي وهذا لصالح الروس، لكن ما نحاول قوله هو أنه لا يوجد حل”.

وأشارت الصحيفة إلى تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأن الوضع في مالي “مسألة فقر وتنمية”، وأن جيش بلاده لن ينغمس في المستنقع، وأنه ينظر إلى “أفغانستان الفرنسية” على أنها موضوع سوء تفاهم متكرر بين باريس والجزائر.

أمين بوشايب

أمين بوشايب

صحفي بموقع الأيام نيوز

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
من مزبلة التاريخ إلى مكبّ لنفايات أوروبا.. المخزن.. مملكة برتبة "سلّة قمامة" عام على زلزال الحوز بالمغرب.. المتغطي بدثار "المخزن" عريان غدا الثلاثاء.. صوت الصحراء الغربية وفلسطين يعلو في جنيف «تبّون» رئيسا لعهدة ثانية.. خيار الاستمرارية يفوز الإعلان عن نتائج الرئاسيات.. مديريات الحملة الانتخابية للمترشحين الثلاثة تصدر بيانا مشتركا عملية "معبر الكرامة": من قال إن القضية الفلسطينية شأن الفلسطينيين وحدهم! بعد انتخابه لعهدة ثانية.. زعماء دول العالم يهنّؤون الرئيس تبون بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية.. قوجيل يهنئ الرئيس تبون بنسبة بلغت 94.65 بالمائة.. عبد المجيد تبون رئيسا لعهدة ثانية إعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية الفاف.. بن ناصر يغادر تربص “الخُضر” لهذا السبب! ظاهرة فلكية نادرة في سماء الجزائر هذا الإثنين جراء سيول الأمطار المتساقطة في الولايات.. الحماية المدنية تحذر عمليات حفظ السلام.. اجتماع جديد لمجلس الأمن هذا الإثنين المحكمة الدستورية تتسلم محاضر فرز التصويت لـ 6 ولايات اليمن.. فأر يتسبب بانفجار منزل وقتل طفلين طرق مقطوعة بسبب ارتفاع منسوب المياه شمال قطاع غزة.. استشهاد 5 فلسطينيين جراء قصف الاحتلال لمخيم جباليا أمطار رعدية غزيرة مرفوقة ببرد على أغلب ولايات الوطن اليوم نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية بلغت 48.03 بالمائة