يعدّ مشروب “القهوة”، أكثر المشروبات الساخنة شعبية واستهلاكاً في العالم، إذ يتم استهلاك أكثر من 400 مليار كوب قهوة سنوياً، وهذا الرقم يعتبر ضخماً مقارنة بغيره من المشروبات، حيث تستهلك الولايات المتحدة الأميركية وحدها أكثر من 450 مليون كوب قهوة يومياً، ورغم هذا الحجم من الاستهلاك، وانتشار مقهى “ستاربكس” وغيره من المقاهي الأمريكية الشهيرة في جميع أنحاء العالم إلا أن الولايات المتحدة الأميركية لا تأتي في المركز الأول أو حتى بين المراكز العشرة الأولى في قائمة أكثر الدول استهلاكا للقهوة.
من الناحية التاريخية بدأ تقليد شرب القهوة لأول مرة في الشرق الأوسط، حيث نشأ شرب هذا المشروب الساحر في اليمن في القرن الخامس عشر، كما باتت المقاهي منتشرة في تركيا وسوريا وشبه الجزيرة العربية في ذات الفترة، بينما انتشرت القهوة في أوروبا والأمريكتين بعد ذلك بفترة طويلة.
وتُعدّ القهوة الآن، ثاني أكثر السلع استيراداً في العالم بعد النفط اعتباراً من 2022، وفي هذا السياق نستعرض أكثر 10 دول استهلاكاً للقهوة لهذا العام:
1.فنلندا
تعدّ فنلندا أكثر دول العالم استهلاكاً للقهوة من حيث نصيب الفرد الواحد، إذ يبلغ استهلاك الفرد الفنلندي نحو 11.7 لتر سنوياً.
ويستهلك الفنلنديون في المتوسط أربعة أكواب من القهوة يومياً تقريباً، لكن هذا بشكل عام فقط، إذ يشرب مستهلك القهوة العادي في فنلندا ما بين ثمانية إلى تسعة أكواب قهوة يومياً في المتوسط، ويشرب بعض عشاق القهوة هناك نحو 30 كوب قهوة يومياً.
أشهر أنواع القهوة في فنلندا هي المحمّصة بشكلٍ خفيف جدًا، وهي أخف بكثير من أي مكان آخر في العالم، والطريقة الفنلندية التقليدية لتخمير القهوة هي نوع مختلف عن القهوة التركية حيث يتم غلي الماء والقهوة بالكاد عدة مرات.
2.النرويج
تأتي النرويج في المركز الثاني، حيث يُشرب المواطن هناك ثلاثة أكواب قهوة يومياً في المتوسط، ويبلغ استهلاك الفرد هناك لمشروب القهوة نحو 10 لترات سنوياً، ويأخذ النرويجيون استراحات عمل عديدة من أجل تناول القهوة، وتحظى القهوة بشعبية كبيرة هناك لبرودة الجو.
ومثل معظم البلدان الأوروبية، انتشرت القهوة في النرويج لأول مرة بين الأثرياء في أوائل القرن الثامن عشر، على الرغم من أن النرويج كانت دولة نامية نسبيًا، إلاّ أن حكمها كان من قبل الدنمارك في ذلك الوقت.
وعادة ما يتم تقديم الكافيين باللون الأسود على الإفطار ومع الحلوى بعد العشاء على طاولة العائلات الترويجية، كما يقوم النرويجيون أيضًا بدعوة الناس خصيصًا لتناول القهوة، والتي يتم تقديمها مع الكعك والمعجنات.
ويشرب 80٪ من سكان البلاد البالغ عددهم 5 ملايين نسمة، القهوة بمعدل أربعة إلى خمسة أشخاص يوميًا.
- آيسلندا
لا تختلف آيسلندا عن باقي الدول السابقة في القائمة، فهذه الدولة التي تنخفض فيها درجات الحرارة كثيراً تحظى القهوة بها بشعبية كبيرة بين مواطنيها، وجميع المقاهي في الدولة مملوكة للقطاع الخاص، ولا تنتشر المقاهي الشهيرة في آيسلندا، فمقهى “ستاربكس” ليس له فروع في العاصمة الآيسلندية، ويبلغ مقدار الاستهلاك السنوي للفرد لمشروب القهوة نحو 9 لترات.
في العاصمة ريكيافيك، لن تجد عمالقة قهوة مثل “ستاربكس” أو “سكند كب”، ومع ذلك، لا يوجد نقص في المقاهي الصغيرة المستقلة المنتشرة في جميع أنحاء المدينة، والعديد منها على مقربة من بعضها البعض.
وفي حالة ما إذا كان المرء يتساءل عمّا إذا كانت آيسلندا تأخذ شرب القهوة على محمل الجد أم لا؟ فإن البلاد تُقيم مسابقات تتنافس فيها “باريستا” ضد محمصات القهوة، بهدف العثور على أعلى جودة في البلاد.
- الدنمارك
إذا كانت دول الشمال هي ملوك القهوة، فإن هذه الدولة تستحق لقب “الأمير الدنماركي” لهذا المشروب البني الساخن، ويشرب الناس في الدنمارك حوالي 1.46 فنجان قهوة يوميًا.
وتحظى القهوة بشعبية كبيرة بين الدنماركيين، فهم يشربونها أثناء استراحات العمل، ومع الوجبات، ولا تنتشر شركات البن الكبيرة هناك بكثرة، وإنما تنتشر المحامص الصغيرة، ويبلغ حجم استهلاك الفرد السنوي لمشروب القهوة هناك نحو 9 لترات.
ومثل غيرها من الدول الاسكندنافية، يتم تقديم القهوة في الدنمارك بشكل تقليدي مع كل وجبة وتصبح مركز الاهتمام في المناسبات الخاصة، وتقدم مع البسكويت والكعك والسندويشات الصغيرة.
ويحتل الدنماركيون مرتبة أفضل قليلاً في إحصائيات أخرى، حيث احتلت القهوة الدنماركية سادس أغلى نوع قهوة في العالم، لذا فإن كل نوع من هذه القهوة يُكلفهم تاجًا جميلًا.
- هولندا
تأتي هولندا في المركز الخامس، ويشرب الهولنديون 2.4 كوب قهوة في المتوسط يومياً، ولا يفضل الهولنديون المقاهي غالية الثمن، وإنما يفضلون مشروب القهوة البسيط غير المكلف في تجمعاتهم، ويبلغ مقدار استهلاك الفرد الواحد لمشروب القهوة هناك نحو 8 لترات سنوياً.
وفي عام 1616، كان الهولنديون أول أوروبيين يحصلون على أشجار البن الحية، التي جلبها “بيتر فان دن بروك” من اليمن، ثم تم استخدام بذور أشجار البن هذه لبدء زراعة البن الهولندي، حيث أصبحت مستعمرات جاوة وسورينام في النهاية من الموردين المهمين للقهوة إلى أوروبا.
ويتم تقديم القهوة في المنزل عادةً مع البسكويت والكعك، ومن المثير للاهتمام أن ثقافة القهوة مقسمة إلى حد ما بين الشمال والجنوب وعلى أسس دينية، حيث كان يسكن الشمال تقليديًا البروتستانت الذين يفضلون تقديم القهوة مع ملف تعريف ارتباط واحد، يُنظر إليه على أنه بادرة للتواضع، أما في الجنوب، التي يسكنها عمومًا الروم الكاثوليك، يشتمل وقت القهوة “كـوفيتجد” عادةً على “الفلاي”، وهي فطيرة كبيرة حلوة ولذيذة.
- السويد
يعرف تقليد شرب القهوة مع الحلوى في السويد باسم “فيكا”، فشرب القهوة هناك له طقوس خاصة، ويمكن وصف مجموعة متنوعة من المواقف بأنها “fika”، سواءً كانت استراحة أثناء يوم العمل أو لقاء اجتماعي، المهم أن القاسم المشترك الوحيد هو وجود القهوة.
وتنتشر المقاهي في جميع أنحاء الدولة، ويشرب المواطن السويدي 1.8 كوب قهوة يومياً في المتوسط، ويبلغ مقدار استهلاك الفرد الواحد لمشروب القهوة هناك نحو 8 لترات سنوياً.
يأخذ العديد من السويديين قهوتهم على محمل الجد، لدرجة أنها ليست مجرد مشروب في البلد، ولكنها طريقة حياة.
- سويسرا
لا تعد سويسرا التي تأتي في المركز السابع في القائمة من الدول الأكثر استهلاكاً لمشروب القهوة فحسب، وإنما أيضاً من الدول الرائدة في ابتكار طرق جديدة لشربها، فهي موطن شركة”Nespresso”، التي تعد واحدة من أشهر شركات القهوة في العالم، ويبلغ مقدار استهلاك الفرد الواحد لمشروب القهوة هناك نحو 7.7 لتر سنوياً.
ومثل العديد من البلدان في هذه القائمة، يعد شرب القهوة نشاطًا اجتماعيًا في سويسرا، وتحظى مشروبات الإسبريسو بشعبية خاصة في دول أوروبا الوسطى، بما في ذلك “كافيه كريما”، وهو نوع من المشروبات التي تعتمد على الإسبريسو يشبه مشروب أمريكانو الذي يُعتقد أنه نشأ في سويسرا بالقرب من الحدود الإيطالية. على عكس العديد من نظيراتها الاسكندنافية، فإن القهوة المصفاة أقل شعبية بين السويسريين.
بالنسبة للسويسري العادي الذي يشرب ما معدله ثلاثة أكواب في اليوم، يمكن أن تكون القهوة هواية مكلفة وباهظة الثمن، حيث يمكن أن يصل سعر فنجان القهوة في المقهى إلى 4.64 دولار.
- بلجيكا
تأتي بلجيكا في المركز الثامن، وهناك تقليد شائع في الدولة لمزج القهوة بالشوكولاتة، وتنتشر المقاهي هناك على نطاق واسع في كل مدن بلجيكا، ويتناول البلجيكيون مشروب القهوة عادة مع قطع من “الوافل”، ويبلغ مقدار استهلاك الفرد الواحد لمشروب القهوة هناك نحو 6.8 لتر سنوياً.
وكدولة استعمارية سابقة في إفريقيا، تمكنت بلجيكا من تلبية طلبها على البن من خلال زراعة النبات في الكونغو ورواندا.
واليوم، مع وجود المقاهي في كل مدينة، من السهل الحصول على فنجان سريع لتتماشى مع الفطائر العالمية الشهيرة التي تعد الحل الوطني للدونات.
9.لوكسمبورغ
رغم أن لوكسمبورغ من أصغر الدول في العالم، إلاّ أنها من بين أكثر الدول استهلاكاً للقهوة، إذ يستهلك الفرد الواحد نحو 6 لترات قهوة سنوياً، وتنتشر المقاهي بجميع أنواعها في لوكسمبورغ.
ويشرب هذا البلد الصغير الذي يحب شعبه للقهوة بشكلٍ كبير، حوالي 14.33 رطلاً (6.5 كجم) للفرد سنويًا في المتوسط، وفي عاصمة مدينة لوكسمبورغ، تكثر المقاهي التي تقدم القهوة النقية المصفاة والمشروبات المصنوعة يدويًا.
وتتضمن بعض مشروبات الإسبريسو الفريدة من نوعها في لوكسمبورغ “الحليب الروسي” أو “الحليب الروسي”، وهو في الأساس مشروب لاتيه، أو “قهوة الذواقة”، وهو نوع من مشروب الإسبريسو نشأ في فرنسا ويقصد تقديمه مع الحلوى.
- كندا
كندا هي الدولة الوحيدة غير الأوروبية التي تدخل في قائمة أكبر عشرة مستهلكين للقهوة في العالم.، ويستهلك الفرد هناك نحو 6 لترات قهوة سنوياً، وربما يرجع ذلك إلى انخفاض درجات الحرارة لفترات طويلة في كندا، وفي حين تنتشر المقاهي الشهيرة هناك، إلاّ أن محبي القهوة يقبلون أكثر على المقاهي الصغيرة والمحامص المستقلة.
ويحظى هذا المشروب السحري، بشعبية كبيرة في هذا البلد، الذي يبلغ عدد سكانه 37 مليون شخص لدرجة أن جمعية القهوة الكندية تسميه المشروب الأكثر استهلاكًا بين البالغين في البلاد.
وعلى الرغم من انتشار المقاهي في كندا، يفضل العديد من الكنديين شرب قهوتهم في المنزل، ويعتبر الإعلان عن الطقس البارد والشتاء الطويل، عامل جذب وإغراء، فهو كفيل بجذب السكان للإقبال على هذا المشروب البني الساخن.
اليوم العالمي للقهوة
وللإشارة، يعد الأول من أكتوبر/تشرين الأول، «اليوم العالمي للقهوة” (International Coffee Day)، والذي يحتفل فيه 77 دولة أعضاء في “منظمة القهوة العالمية” (International Coffee Organization)، وعشرات من جمعيات القهوة من جميع أنحاء العالم.
وتقول المنظمة، إنّ اليوم العالمي للقهوة هو احتفال بتنوع قطاع القهوة وجودته وشغفه، كما أنه فرصة لمحبي القهوة لمشاركة حبهم لهذا المشروب السحري، ودعم ملايين المزارعين الذين مصدر دخلهم وعيشهم يعتمد عليها.