كانت السينما الجزائريّة سلاحًا قويًّا وفعّالاً خلال ثورة التحرير الوطني، وعلاقتُها بالأدب تجلّتْ منذ العَقْدين الأوّلين للاستقلال من خلال أفلام مثل “العصى والأفيون” المُقتَبس من رواية، بالعنوان نفسه، للكاتب “مولود معمري”، وكان السيناريو والإخراج لـ “أحمد راشدي” سنة 1969. وفيلم “ريح الجنوب” للمخرج “سليم رياض” سنة 1975، والمُقتبس عن رواية بالعنوان نفسه للأديب “عبد الحميد بن هدّوقة”. وفيلم “نوّة” المُقتبس عن قصة للأديب “الطّاهر وطّار”، وأخرجه “عبد العزيز طولبي” سنة 1972. وقد أحصى المُخرج والناقد السينمائي الأردني “عدنان مدانات” خمسَ روايات تمّ تحويلها إلى أفلام سينمائية خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
لقد استطاعت هذه الأفلام أن تُثِير مواضيعَ هامّة من خلال أدواتها الخاصة لأن تآلفها مع اللقطات المُتنوّعة، وحركات الكاميرا، ونمط المونتاج.. يجعلنا ندرك، بشكل واضح، المَلَكات البصرية في الرواية.
وما يميز الرواية التي يمكن تحويلها إلى فيلم، أنها تجمع بين الأدب والأنثروبولوجيا وفيها قصة متكاملة وشخصيات متعددة.. وهذا يكون مَصدرًا غنيًّا بالأفكار والقصص التي يمكن أن تصبح مادة درامية، وتُقدم عملاً سينمائيا مُتميّزا.
حاليًا، يُقال أنه يوجد عزوف من كُتّاب السيناريو للاقتباس من الرواية وتحويلها إلى فيلم، ولكن هذا العزوف راجعٌ إلى عدة أسباب أهمّها أن كاتب السيناريو ليس هو المسؤول عن شراء الحقوق والتّعاقد مع الكاتب وباقي الإجراءات الأخرى لا سيما في جانبها الماديّ.. من أجل تحويل الرواية إلى فيلم.
المُنتج “المُثقف” يشارك السيناريست في اختيار العمل الأدبي الرّوائي الذي يُمكنه تقديم إضافة إلى المجال السينمائي. والكاتب المُتمكّن يجب أن يفكر بمنطق: ماذا نكتب في الوقت الراهن؟ كما يجب أن يتوافر الوعي العميق من أجل تحويل السينما إلى مُساهِم فعّال في التنمية الوطنية.. لأن السينما هي قوةٌ ناعمة في زمن “حرب الصورة”، ويمكن استخدمها في تصدير الثقافة والتراث الجزائري إلى الخارج، إضافة إلى المُساهمة في دعم الاقتصاد الوطني.
ومن المؤكد أن توظيف الأدب في السنيما سيكون له تأثير إيجابي متبادلٌ بين المجالين، وينعكسُ عليهما على حدّ السّواء، وسيزداد الطلب على الرّوايات، وبالتالي يزداد الاهتمام بالأدب، وينمو بشكل أكبر، كما أن السينما ستجد رافدًا كبيرًا يُثريها بأفكار جديدة من منظور آخر.