أحصت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مقتل 27 مهاجرا إفريقيا وفقدان 64 اخرين، وجرح العشرات على يد قوات الأمن المغربية، خلال صدها محاولة قرابة 2000 منهم اجتياز السياج الحدودي بين الناظور المغربية ومدينة مليلية بالجيب الاسباني يوم 24 يونيو الفارط، مُحمّلة الدولة المخزنية مسؤولية المجزرة بحق هؤلاء المهاجرين.
وأكدت الجمعية في ندوة صحفية، الأربعاء، عرضت خلالها تقريرا تضمن نتائج أبحاثها حول فاجعة “الجمعة الأسود”، أن السبب الرئيس وراء نزوح المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة على السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا هو “التضييق والحصار الذي تعرضوا له على مدى الأسابيع التي سبقت الأحداث على يد الأمن المغربي”.
وأوضحت في هذا الإطار أن “المهاجرين تعرضوا للمنع من الحصول على الطعام، وتم الهجوم على مخيماتهم من طرف السلطات المغربية، وأمروا بإخلائها، ما خلّف مواجهات عنيفة بين السلطات والمهاجرين في الغابات، استخدمت فيها الغازات المسيلة للدموع، وكان آخرها هجوم يوم 23 يونيو 2022″، أي عشية المجزرة، مشيرة إلى الاستعمال الخطير للغازات ضد المهاجرين، رغم خطر اندلاع حرائق بالغابات.
وذكرت في السياق أن المهاجرين الأفارقة وصلوا ذلك اليوم إلى المعبر الحدودي مع إسبانيا، قادمين من الغابة بعد قرابة ساعة من المشي دون اعتراض سبيلهم، وأبرزت أن قوات الأمن المخزنية كانت تنتظر الحصول على “أفضل تموقع، للاعتداء على المهاجرين”.
وأضاف التقرير أنه بعد سقوط أول المهاجرين، جراء استخدام السلطات المغربية والإسبانية الغازات، بدأ المهاجرون بالقفز والهرب، وهنا وقع تدافع كبير بالممر الحدودي وتساقط المهاجرون من السياج، لتبدأ السلطات المغربية في قمع المهاجرين واستخدام العنف ضدهم.
استغلال المهاجرين في مسائل سياسية ومالية
وأشارت في هذا الإطار إلى أنه جرى تنسيق بين المغرب وإسبانيا لاستخدام الغازات المسيلة للدموع من الجانبين، حيث ظل المهاجرون في الوسط لا يستطيعون إكمال الطريق ولا العودة، ما أدى إلى محاصرتهم في ممر ضيق، “ليسقطوا ويبدأ التعامل القاسي وغير الإنساني معهم، بالضرب المبرح، مع بطء الإسعاف، ونقل الجثث قبل المصابين للتغطية على العدد الحقيقي للوفيات”.
وسجلت الجمعية المغربية، وجود حافلات لترحيل المهاجرين أكثر من عدد سيارات الإسعاف، حيث جرى ترحيل حوالي 500 مهاجر وطالب لجوء، ومن بينهم الجرحى، مبرزة وفاة أحد الجرحى في الحافلة.
وفي السياق، نبهت أكبر جمعية حقوقية مغربية إلى أن محاولات الهجرة الكبيرة التي عرفها السياج الحدودي في شهر مارس الماضي خلال الأزمة بين الرباط ومدريد، لم تعرف تدخلا عنيفا من الأمن المغربي، عكس ما حدث يوم 24 يونيو الماضي، بعد عودة العلاقات بين الجانبين، وهو ما يؤكد -حسبها-“استغلال المهاجرين في مسائل سياسية ومالية”.
محاولات مخزنية لقبر الحقيقة
وقالت في هذا الصدد إن “المغرب يلعب دور الدركي في حماية الحدود الأوروبية حين يرغب، وحين يرغب فإنه يسمح لعمليات القفز، ويغض الطرف عليها”.
كما نبّهت الجمعية الحقوقية إلى أن السلطات المغربية كانت “تخطط للدفن السري لبعض الموتى لقبر الحقيقة”، مشيرة إلى أن “الجثث كانت مرمية في الأرض بمصلحة الموتى، ومليئة بالجروح ومكدسة، وأن عدد الوفيات لا يقل عن 27 وفاة”.
ومن جملة الخروقات التي رصدتها الجمعية المغربية في مأساة مليلية، “خرق قوانين طلب اللجوء، كون عدد كبير من المشاركين قدموا طلبات اللجوء، لكن السلطات المغربية تمزق أوراقهم ويتم اعتقالهم وطردهم نحو الحدود”.
كما سجلت “انتهاك الحق في الحياة، وانتهاك السلامة البدنية عبر التعنيف، والتعامل اللاإنساني وإهانة الجرحى، والترحيل السريع للمهاجرين من طرف السلطات الإسبانية بعد دخولهم إلى مليلية، رغم رؤيتها ما كانوا يتعرضون له من عنف بالجانب المغربي”، ولفتت إلى أن إسبانيا عرضت حوالي 100 مهاجر دخلوا مليلية إلى الخطر بإرجاعهم إلى المغرب.
ونفى تقرير الجمعية الحقوقية المغربية، رواية السلطات المخزنية حول مسار دخول هؤلاء المهاجرين، أو أنهم ضحايا لمافيا الإتجار بالبشر.
وبعد قرابة نحو شهر على مأساة مليلية، تتوالى ردود الافعال المحلية والدولية المنددة بالجريمة النكراء التي ارتكبتها قوات الامن المغربية بحق مهاجرين أفارقة، مطالبة بإجراء تحقيق مستقل ونزيه لمعاقبة المسؤولين، حيث وجهت مؤخرا 74 منظمة غير حكومية، رسالة إلى الامم المتحدة تندد فيها بـ «انتهاكات الحقوق” خلال “الجمعة الأسود”.