منذ البداية، كانت الجزائر، وستبقى إلى الأبد، أبرز بلد عربي وإسلامي يؤيّد القضية الفلسطينية دون أدنى تحفّظ أو شرط، ويعلن عداءَه الصريحَ للكيان الصهيوني، باعتباره أخبث ورم خلّفته القوى الاستعمارية في الوطن العربي. إلا أن الجزائر، بلد الشهداء وقبلة الثوار، ورغم هذا الموقف الواضح الصريح والمعلن، بقيت تتعامل مع كل الدول العربية، حتى تلك التي تربطها علاقات مع الكيان، بما تقتضيه روابط الدم والمصير المشترك. لكنها – بالمقابل – ترفض أن تظل مستهدفة بسبب موقفها هذا، وهو بالضبط، ما جعلها تقطع علاقاتها مع المغرب لمجرد أن نظام المخزن زايد في عدائه للجزائر بأن سمح لنفسه بأن يكون أداة يستخدمها الكيان الصهيوني ضدّها، وهو بالضبط ما يبدو أن دولة الإمارات تفعله اليوم، فكل الدلائل تشير إلى أن أبو ظبي تسير على درب المغرب ما يجعلها مرشحة لكي تلقى المصير ذاته!
=== أعدّ الملف: منير بن دادي وسهام سعدية سوماتي ===
وقبل أن تقطع الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب – أوت 2021 – كانت قد وجهت تحذيرات واضحة لنظام المخزن، حين أكدت ـ على لسان وزارة الخارجية ـ أن لدى الرباط “الرغبة المكتومة” لجر الكيان الصهيوني إلى “مغامرة خطيرة” موجهة ضد الجزائر.
لكن الرباط – وقتذاك – لم تستجب للتحذيرات، وهكذا صدر قرار جزائري بمعاقبتها، بأن تم قطع العلاقات معها، وما يحدث اليوم مع الإمارات أن الكثير من الأصوات الجزائرية – إعلامية وسياسية وثقافية – توجّه تحذيراتها، إلى أبوظبي التي تتبنى “الرغبة المكتومة” ذاتها لجر الكيان الصهيوني إلى “مغامرة خطيرة” موجهة ضد الجزائر.
والمعروف أن ما يجمع المغرب مع الكيان الصهيوني والإمارات هو العداء الكامل للجزائر بسبب موقفها تجاه فلسطين، إذ يحاول – هذا الثلاثي الشيطاني – في السر والعلن التآمر ضد الجزائر لعلها تتراجع عن دعم القضية الأم، القضية الفلسطينية، وهو ما لم ولن يحدث أبدا.
وفي أوت الماضي، تداول الإعلام الجزائري معلومات عن تحركات مشبوهة لملحق الدفاع بسفارة الإمارات العربية بالجزائر، والذي نقلت مصادر عن حديث تفوه به لأحد الدبلوماسيين، حين قال إنه “في حال نشوب حرب بين الجزائر والمغرب، فإن بلاده ستقف بكل إمكاناتها مع المملكة”.
وفي ذلك الوقت، تزايدت التقارير التي تفيد بوجود ممارسات عدائية يشنها مسؤولون إماراتيون ضد الجزائر إلى جانب ضغوط تعرضت لها موريتانيا وكذلك تونس، في محاولة لجرهما إلى قافلة المطبعين مع الكيان الغاشم، بتحريض من شخصيات إماراتية.
وقبل أيام قليلة، قال المحلل السياسي المغربي المقيم بإسبانيا، بدر العيدودي، إن الجزائر توجد حاليا في دائرة الاستهداف ضمن مشروع عدائي تقوده دولة الإمارات العربية المتحدة تمويلا وتخطيطا، بالتنسيق العلني والمباشر مع الكيان الصهيوني ونظام المخزن المغربي.
وأوضح العيدودي، في مقابلة مع إذاعة الجزائر الدولية ضمن برنامج “ضيف الدولية”، يوم الأربعاء الفارط، أن الزيارة المفتوحة التي قام بها العاهل المغربي إلى إمارة “دبي” ولقاء القمة مع محمد بن زايد، رئيس هذه الدولة هناك، تناول عديد الملفات، ومنها إعداد مخطط من أجل ضرب الدور الجزائري التقليدي في منطقة الساحل الإفريقي، عبر تمويل حملات إعلامية لتشويه هذا الدور والإيقاع بينها وبين شعوب وقادة هذه المنطقة.
ولاحظ المحلل السياسي المغربي المقيم بإسبانيا أن المخابرات الصهيونية حضرت عديد هذه اللقاءات، بالإضافة إلى الزيارة السرية التي قام بها محمد السادس إلى الكيان الصهيوني، من أجل تقديم الدعم السياسي له بالنظر إلى تآكل رصيده المعنوي في أنحاء الدنيا، بسبب جرائمه في قطاع غزة والضفة الغربية.
وبرأي العيدودي، فإن الإمارات تقوم بتمويل “العديد من المنصات الإعلامية المعادية للجزائر، ومن بينها الصحيفة المغربية الإلكترونية واسعة الانتشار “هيسبرس”، والتي دأبت على شن حملات تشويه وتضليل ضد الجزائر، مؤكدا أن رصد ميزانية جديدة للتحريض على الجزائر في منطقة الساحل الإفريقي يدخل ضمن هذه الحرب المعلنة عليها، جراء مواقفها المعادية للتطبيع مع الكيان الصهيوني على حساب القضية الفلسطينية، وكذلك لموقفها الثابت من القضية الصحراوية”.
ويضيف العيدودي قائلا: إن “زيارة محمد السادس إلى الإمارات لم تكن فقط من أجل جلب المزيد من الاستثمارات الإماراتية لفائدة الاقتصاد المغربي، لأنها موجودة ولم تقدم الإضافة المرجوة إلى حد اليوم، ولكن، لها علاقة مباشرة بالتنافس مع الجزائر حول المشروع الاقتصادي الإستراتيجي، والمتعلق بأنبوب الغاز النيجيري العابر إلى أوروبا عبر النيجر، وتحاول الرباط تحويل مساره عبر عدد من دول منطقة الساحل على حساب الجزائر بدعم سياسي ومالي من الإمارات”.
واستطرد المتحدث قائلا: “ما يجري، اليوم، يدخل في سياق التسابق من أجل ملء الفراغ الناجم عن انحسار النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل، ومنها مالي وبوركينا فاسو وتلتهما النيجر، حين نجحت الجزائر في تجنيب هذا البلد المجاور لها أخطار التدخل العسكري الأجنبي بعد الإطاحة بحكومة الرئيس المنتخب بازوم، وهو ما أقلق كثيرا فرنسا”.
واسترسل ضيف الإذاعة أن “الإمارات تقود معركة الصراع مع الجزائر في منطقة الساحل الإفريقي، وهي متواجدة في ليبيا وتشاد والسودان، واليوم تريد تسليم المنطقة للشركات الأمريكية والصهيونية تحديدا، لأن الأمر يتعلق أساسا بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي والقارة الإفريقية، والمعركة الحاسمة تدور حول من سيفوز بأنبوب الغاز النيجيري العابر لأوروبا، لأهميته الإستراتيجية بالنسبة إلى كل من الجزائر ونظام المخزن، الذي يعتبر الأنبوب مسألة حياة أو موت، ويراهن على المال الإماراتي والدسائس والمؤامرات للفوز بهذا المشروع”.
وإذا كانت هذه القراءة التي قدمها العيدودي تنطلق من أن المؤامرة ـ من وجهة نظر المغرب ـ سببها المشروع المذكور، فإن المنطق يشير إلى أن الإمارات والكيان الصهيوني لديهما أسباب أخرى، كلها تتمحور حول موقف الجزائر من القضية الفلسطينية، خاصة في ظل العدوان الصهيوني المتواصل ضد قطاع غزة.
الأولى مشحونة بالكراهية والثانية عماها حب الانتقام..
“أبوظبي – الرباط”.. وضع أخلّ بالشّرف العربي!
إن الدعم الإماراتي التاريخي لأطروحة المغرب الاحتلاليّة في الصحراء يبدو مفهوما بحكم التأثير الجوهري لحاكم أبو ظبي، محمد بن زايد، فقد عاش الأخير بالمغرب مع بداية سبعينيات القرن الماضي، حين انتسب إلى المدرسة المولوية الموجودة داخل القصر الملكي في الرباط، وعمره 14 عاما، كعقاب من والده، بل إنه شارك خلالها في المسيرة الخضراء المزعومة سنة 1975.
لكن أبو ظبي المشحونة بكراهية غير معلنة ضد مصالح الجزائر تمادت بعدما تم توريطها بالوكالة عن الكيان الصهيوني لصرف المال دون حساب بهدف التشويش على مساعي الجزائر حيث تكون، فقد سبق أن فتحت أبوظبي قنصلية لها في العيون المحتلّة، تاركة إياها مجرد يافطة فوق بناية مهجورة كنوع من الاستفزاز، الذي لا مبرر له سوى أن الإمارات مغتاظة من قدرة الجزائر على الالتزام بمواقفها دون أي تأثير من أي جهة مهما كان شأنها.
ويشير هذا التآمر الإماراتي ضد الجزائر إلى قلة اهتمام قادة الكيان الوظيفي في أبوظبي بعواقب هذه الأفعال العدائية، تجاه بلد ذي أهمية كبرى في القارة الإفريقية والمنطقة العربية، غير أن الجزائريين ـ على المستوى الرسمي ـ يظلون ملتزمين بروح الأخوة حتى اللحظة الأخيرة. ومع ذلك، فإنهم لن يتسامحوا أبدًا مع التجاوزات الجريئة ضدهم، وسيتصرفون بحزم مثلما فعلوا مع نظام المخزن.
فزيادة على دورها التدميري في الجغرافيا العربية والإفريقية، من ليبيا إلى سوريا مرورا باليمن والساحل، وتحولها إلى رأس حربة في التطبيع مع الكيان ومحاصرة المقاومة وضرب الفلسطينيين في الظهر، فقد صارت الإمارات “العربية” خلال السنوات الأخيرة تعادي كل من يقف إلى جانب الفلسطينيين ضد المشروع الصهيوني الخطير المندفع بكل وحشية لإزالة الشعب الفلسطيني من الوجود.
لكن الإمارات تدرك بأنها لن تستطيع مواجهة الجزائر إلا من خلال استخدام المخزن المغربي الذي بات موقفه تجاه التطبيع ـ بحسب وصف الموقع الأمريكي “وورد بوليتيكس ريفيو” المتخصص في الشؤون السياسية العالمية ــ “غير مقبول على الإطلاق” من قبل الشعب المغربي، خاصة بعد العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة منذ 7 اكتوبر الماضي.
ورأى الموقع المتخصص أن المغرب منذ أن قام بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني أواخر عام 2020، اضطر إلى الانخراط في “عملية توازن غريبة”، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي عزز فيه نظام المخزن العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية مع الكيان الصهيوني، كان عليه أن يصور الموقف الرسمي للرباط في الوقت ذاته على أنه يظل مؤيدا للفلسطينيين.
وبسبب هذه الوضعية المغربية المخلّة بالشرف، أصبحت الرباط سهلة المنال لأي نظام مهما كان مستواه، وهكذا تم استخدامها للتشويش على الجزائر، ظنا من نظام محمد السادس أن هذا يعد نوعا من تصفية الحساب بسبب ملف الصحراء الغربية، لكن الأمر غير ذلك، فكل ما يؤديه هذا النظام الفاشل ليس إلا جريمة تواطؤ صريحة مع الكيان الصهيوني المدعوم من الإمارات.
وأضاف الموقع الأمريكي أنه بعد الحرب الوحشية والمتصاعدة التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة منذ 7 اكتوبر الماضي، أصبح موقف المغرب من التطبيع “غير مقبول على الإطلاق”، منبها إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه نظام المخزن هو أن الشعب المغربي يدعم تقليديا القضية الفلسطينية، وأنه “بالفعل لم يكن كثيرون يؤيدون التطبيع” مع الكيان الصهيوني في المقام الأول.
كما أشار الموقع إلى أن التطبيع مع الصهاينة كان بالنسبة إلى السلطات المغربية بمثابة “مغامرة تستحق المخاطرة”، وأن الهدف منه هو “محاولة إضفاء (الشرعية)” على احتلال الصحراء الغربية، لافتا إلى أن الملك محمد السادس كان يعلم دائما أن التطبيع مع الكيان الصهيوني “سيقابل بالرفض المجتمعي”.
وأبرز الموقع المتخصص بأن الأزمة الإنسانية الحالية في قطاع غزة والعدوان المتواصل يجعلان الشعب المغربي لا يحتمل تطبيع نظامه مع الكيان الصهيوني، مستدلا بالمظاهرات العارمة في عدة مدن مغربية تأييدا لفلسطين.
وأشار، في السياق ذاته، إلى أنه وفي بعض المرات قام المتظاهرون بالدوس على الأعلام الصهيونية، كما رفع المتظاهرون شعارات ضد عملية التطبيع، معتبرا أن خيارات السلطات المغربية بدأت تتقلص، وليس أمامها سوى الأمل في أن ينتهي هذا العدوان قريبا.
وخلص الموقع الأمريكي إلى أن الهجمات الصهيونية المستمرة في قطاع غزة ستترك “أثرا أعمق بكثير”، متوقعا بأن الصراع الطويل والرد الضعيف للرباط “قد يعرضان الرابط بين الدولة المغربية وشعبها للتآكل”.
أبو ظبي ساندت “إسرائيل” علنا في عدوانها على قطاع غزة
200 ألف صهيوني احتموا بدولة الإمارات هربا من “طوفان الأقصى“
بالتزامن مع ممارسات قادة أبوظبي أفعالهم العدائية ضد الجزائر المؤيدة – شعبا وحكومة – للقضية الفلسطينية ـ كشفت وسائل إعلام عبرية عن سفر ما يزيد عن مائتي ألف صهيوني إلى دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة الماضية هربا من تداعيات “حرب” غزة.
وبحسب وسائل الإعلام العبرية، فإن دولة الإمارات، لاسيما إمارة دبي، برزت كوجهة مفضلة للإسرائيليين للسفر إلى الخارج هربا من حرب غزة وخشية على حياتهم، وشهدت مكاتب السياحة والسفر إقبالا واسعا من هؤلاء الهاربين من صواريخ المقاومة، للحجز من أجل السفر إلى الإمارات بما في ذلك طلب حجوزات في فنادق دبي لفترات طويلة.
يأتي ذلك فيما يواصل الإسرائيليون البحث عن ملجأ في الخارج، وتحديدا في الإمارات وأوروبا، خاصة مع إقبالهم على شراء العقارات في دبي ودول أوروبية، وأظهرت معطيات سلطة الهجرة والسكان أن نحو 370 ألف إسرائيلي غادروا الكيان منذ بدء هجوم”طوفان الأقصى” حتى نهاية نوفمبر الماضي.
وسلط تقرير لصحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية الضوء على ظاهرة اهتمام العائلات الإسرائيلية بشراء العقارات والمنازل في دبي وأوروبا، وهو الاهتمام الذي اتسع مع استمرار العدوان على قطاع غزة.
وهاجر نحو 230 ألفا و309 إسرائيليا منذ بداية العدوان حتى نهاية أكتوبر الماضي، في حين غادر نحو 139 ألفا و839 خلال نوفمبر الماضي، حسب معطيات سلطة الهجرة والسكان التابعة لوزارة الداخلية لدى الكيان.
وتشير تقديرات الموقع الإلكتروني “زمان يسرائيل”، إلى أن أكثر من 500 ألف إسرائيلي غادروا الكيان خلال الحرب المتواصل على غزة، وهو أكبر من عدد العائدين والمهاجرين الجدد.
ورجّح الموقع أن أعداد المغادرين مرشحة للارتفاع، خصوصا أن هناك العديد من الإسرائيليين الذين عاشوا في الخارج قبل الحرب، أو سافروا إلى الخارج خلال عطلات الأعياد اليهودية في سبتمبر الماضي.
وظهرت دولة الإمارات بمثابة الحصن الأخير للكيان في وجه موجة غضب عربي وإسلامي واسعة النطاق على خلفية ما يرتكبه من مجازر مروعة في قطاع غزة، إلى جانب مواقف صريحة أعلنتها الجزائر ضد الكيان الصهيوني ومن يؤيده.
وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن سلطة الكيان أخلت سفاراتها ومكاتبها التمثيلية في الشرق الأوسط، ومنها البحرين والأردن والمغرب ومصر وتركيا على خلفية تصاعد الغضب ضد الكيان بسبب حرب غزة.
وهذا يعني أن إعلان إخلاء السفارات في الدول المطبعة مع الكيان في الشرق الأوسط استثنى دولة واحدة هي الإمارات، وهو ما يبرره مواقف أبوظبي المشينة والخائنة.
والمعلوم أن الإمارات ساندت ـ بشكل مفتوح ـ الاحتلال الصهيوني في عدوانه على قطاع غزة لاسيما في القنوات الدبلوماسية والإعلامية، وذهبت إلى حد إصدار بيان غير مسبوق يدين المقاومة الفلسطينية صراحة.
في إطار لعبة التضليل الحكومي، كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن إقدام شركة أمريكية متخصصة في العلاقات العامة على الترويج للنظام التطبيعي في الإمارات، وقالت الصحيفة إنه غالبًا ما يخشى الناس في هذه الدول القول بأنهم لا يثقون بقادتهم، لكن شركة علاقات عامة أمريكية تدفع لها الإمارات تروج لذلك على أنه ثقة.
وسلطت الصحيفة الضوء على شركة «إيدلمان» الأمريكية للعلاقات العامة بشأن استخدامها “مقياس الثقة” للترويج للحكام المطبعين في الإمارات ودول أخرى مماثلة لها على رأسها المغرب.
لكن من ناحية الجزائر ـ وهذا ما يغيظ أبوظبي والرباط وسلطة الاحتلال ـ ينوه الفلسطينيون بموقف بلد الشهداء. وفي هذا السياق، أشاد سفير دولة فلسطين بالجزائر، فايز أبوعيطة، بدور الإعلام الجزائري في دحض ومواجهة الدعاية الإعلامية الصهيونية والغربية حول حقيقة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، لاسيما بقطاع غزة من عدوان غاشم وإبادة جماعية.
ويوم الخميس الفارط، تلقى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الخميس، رسالة خطية من رئيس دولة فلسطين، محمود عباس، تتعلق بالأوضاع الراهنة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والعدوان السافر الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني من قبل قوات الاحتلال”.
وتم ذلك “خلال استقبال خص به الوزير الأول، نذير العرباوي، أمين سرّ اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية، جبريل الرجوب، حيث أعرب المسؤول الفلسطيني عن عظيم الشكر وبالغ تقدير الدولة الفلسطينية، قيادة وحكومة وشعبا، لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وللشعب الجزائري على موقف الجزائر الثابت والأصيل في دعم القضية الفلسطينية”. كما “ثمّن عاليا الرؤية الإستراتيجية المنتهجة من قبل رئيس الجمهورية ووجاهة جهوده ومساعيه من أجل تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، السبيل الوحيد لمواجهة الاحتلال وممارساته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق”.
أبوظبي تنتصر للكيان ضد “حماس” المقاوِمة!
كشف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، منذ ما يزيد عن شهرين متتاليين، عن آخر مخططات الكيان المحتل المتعلقة بتوسيع مستوطناته وبؤره الاستيطانية الجاثمة على الأراضي الفلسطينية، معتمدا في ذلك على سياسة التهجير القسري للشعب الفلسطيني، بدعم من الغرب وكيانات التطبيع في مقدمتهم المغرب والإمارات.
واستغل الكيان الصهيوني انشغال الرأي العام العالمي بالدمار الذي ألحقه بغزة، ليقوم ببناء مستوطنات جديدة بالقدس ويوسع أخرى بالضفة الغربية، بوتيرة متسارعة تضاهي سرعة آلة الموت التي ما فتئت تحصد عشرات بل مئات الشهداء الفلسطينيين كل يوم. ومن غير المستبعد أن هذه المستوطنات يتم بناؤها بأموال عرب التّطبيع.
وإضافة إلى عمليات التهجير القسري التي يمارسها جنود الاحتلال منذ السابع من أكتوبر الماضي على الفلسطينيين، خاصة من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، يقوم المستوطنون بطرد المدنيين من القرى المجاورة لبؤرهم الاستيطانية، وتكثيف اعتداءاتهم بحق الفلسطينيين، والتي وصلت إلى حد القتل، للاستيلاء على المزيد من أراضيهم وممتلكاتهم.
كما يسعى الكيان الصهيوني، من خلال إقامة المزيد من المستوطنات على الأراضي الفلسطينية وتوسيعها، إلى تفتيت الطابع الجغرافي لدولة فلسطين وتهويد القدس، وهو ما يتسبب بشكل أو بآخر في نسف كل مقترحات حل الدولتين.
وفي هذا الصدد، أوضح مسؤول ملف الاستيطان شمالي الضفة الغربية، غسان دغلس، في حديث صحفي، أن عملية التهجير القسري التي تجري في حق الفلسطينيين من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، هي نابعة من آخر مخطط للكيان الصهيوني “لضغط وتجميع أكبر عدد من السكان الفلسطينيين في منطقتي رفح وخانيونس، وإرغام الجانب المصري على السماح لهم بالخروج من غزة”.
وأضاف أن هذه الممارسات تعد بمثابة المخطط الأخير للكيان الصهيوني “لإخراج نصف سكان قطاع غزة إلى منطقة سيناء ليسهل له استباحة القطاع أكثر فأكثر”، مشيرا إلى أن “كل سيناريوهات المحتل المتمثلة في إخلاء مدارس الإيواء والمستشفيات وإرغام السكان على النزوح إلى الجنوب تدل على رغبته الملحة في استباحة المزيد من أراضي الفلسطينيين وتجزئة الدولة الفلسطينية وفصل المدن ببناء المستوطنات بين بعضها البعض”.
وأكد دغلس أن التوسّع الاستيطاني وبناء المزيد من المستوطنات يهدفان إلى “تقطيع أوصال الضفة الغربية وجعلها عبارة عن محافظات (كانتونات)، بين كل مدينة ومدينة وبين كل قرية وقرية يتم بناء بؤرة استيطانية لجعل التواصل الجغرافي مستحيلا ويسهم في دفن فكرة أو مشروع حل الدولتين”.
من جهته، كشف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مؤيد شعبان، أن فكرة التهجير القسري ليست وليدة اليوم، بل هي متجذرة في الوعي الصهيوني، مشيرا إلى أن “المشروع الاستيطاني يقوم على فكرة الاستيطان الإحلالي، وهو أخطر أشكال الاستعمار، لأن المراد منه هو محو شعب بأكمله عن طريق التهجير وإحلال شعب آخر مكانه”.
الاستيطان الإحلالي.. أكبر تهديد لمشروع الدولة الفلسطينية
واعتبر شعبان مؤيد أن نماذج الكيان الصهيوني في ممارسة التهجير القسري والنزوح الإجباري “تنوعت واختلفت لكنها تحمل في جوهرها فكرة واحدة وهي إبعاد الفلسطينيين عن أراضيهم وإحلال المستوطنين مكانهم”.
وأفاد المتحدّث بأن الكيان الصهيوني “يحاول منذ سنوات فرض وقائع جديدة تحول دون إمكانية إقامة دولة فلسطينية، إذ أن المرتكزات الأساسية لإقامة الدولة الفلسطينية تقوم على فكرة التواصل الجغرافي”، هذا الأخير عمل الاحتلال الصهيوني على تفتيته وتمزيقه عن طريق بناء المستوطنات وتوسيعها وكذا تهويد القدس.
وأضاف أن المشروع الاستيطاني “مستمر ومتواصل وازداد حدة” مع بداية العدوان على غزة في أكتوبر الماضي. وفيما يتعلق بعدد المستوطنات، أوضح غسان دغلس أنه يبلغ 184 في الضفة الغربية، بالإضافة إلى 242 بؤرة استيطانية يسكنها أكثر من 735 ألف مستوطن.
ويرى الخبيران في مناهضة الاستيطان أن هذا الأخير يشكل أكبر تهديد لمشروع الدولة الفلسطينية، حيث يسعى الاحتلال لكسر حاجز التفوق الديمغرافي الفلسطيني في الضفة الغربية لصالح الصهاينة، فبات يقدم لهم شتى أصناف التسهيلات والامتيازات الاقتصادية لتشجيعهم على الانتقال إلى السكن في تلك المستوطنات، حيث يسعى الكيان الصهيوني لتغيير واقع الصراع “من استعمار عسكري إحلالي منذ عام 1948 إلى نزاع بين شعبين يختلفان على العيش على أرض الضفة الغربية”.
وأكد غسان دغلس أن الكيان الصهيوني “سمح لمستوطنيه باستباحة الضفة الغربية بشكل متزايد ومتسارع منذ السابع أكتوبر الماضي، حيث إن غالبية المستوطنات يجري بها توسع استيطاني لربطها ببعض، بالإضافة إلى بناء مستوطنة جديدة في القدس”.
واعتبر أن كل هذه الممارسات لها “تداعيات خطيرة على المستقبل السياسي للقدس، يتجلى ذلك في تطويقها من الجهات الأربع بالمستوطنات وعزلها عن الضفة الغربية بالمستوطنات وجدار الفصل العنصري”.
ويرى مؤيد شعبان أن كل المستوطنات الموجودة على الأراضي الفلسطينية “لها طابع توسعي لا يتوقف عند حد معين، بمعنى أنها دائمة التوسع ولا تتوقف عن التهام الأرض الفلسطينية”، مضيفا أن الاحتلال الصهيوني لجأ إلى تشييد جدار عازل يحيط بكل مستوطنة لتصبح مناطق عازلة يمنع على الفلسطينيين الدخول إليها، “مما يعني تقليص الجغرافية الفلسطينية لصالح المستوطنين والمشروع الاستيطاني”.
ويعد التّوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس والعدوان الجائر على قطاع غزة وجهين لعملة واحدة يستخدمها الكيان الصهيوني للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، بعد تقتيل سكانها بأبشع الطرق وتهجير ما تبقى منهم بصفة قسرية وإجبارية، لينسف مشروع قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وسبق أن شنت الحكومة الإماراتية هجوما عنيفا على حركة “حماس”، بسبب عملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان، إنها “تدعو إلى حماية المدنيين، وأن الأولوية العاجلة إنهاء العنف وحماية المدنيين”.
وأضافت أن “الهجمات التي تشنها حركة حماس ضد ـ ما وصفتها ـ (المدن والقرى الإسرائيلية) القريبة من قطاع غزة، بما في ذلك إطلاق آلاف الصواريخ على التجمعات السكانية، تشكل تصعيدا خطيرا وجسيما”، ولم يذكر البيان الإماراتي أي إدانة للاحتلال الصهيوني!
تماديا في نسج التّحالفات المشبوهة لضرب استقرار الدّول..
تحرّكات المغرب والإمارات هدفها زعزعة أمن السّاحل وشمال القارّة الإفريقيّة!
بقلم: محمد لمين حمدي – إعلامي صحراوي
المتتبّع للأحداث وتاريخ الشّعوب سيجد أنّ الجزائر مثّلت النّموذج الفريد في المقاومة والمواقف التّاريخية المشرّفة تُجاه القضايا العادلة وفي مقدّمتها فلسطين والصّحراء الغربية المحتلّتين من قبل قوى الشرّ والظّلم؛ الكيان المحتل والاحتلال المغربي.
والقارئ للتّاريخ سيجد أيضا أنّ جزائر الشّهداء كان لها الفضل في احتضان الإعلان عن تأسيس الدّولة الفلسطينية في الخامس عشر نوفمبر 1988 بالجزائر العاصمة، رغم الضّغوط التي واجهتها الجزائر وأعقبتها العشرية السّوداء وحصار غير مسبوق لتدفع الجزائر ثمنا وضريبة لمواقفها الثّابتة والتّاريخية تجاه فلسطين وكلّ قضايا التّحرّر العادلة.
وليس ببعيد عن الجزائر، نجد محور الشرّ وجارة السوء؛ الاحتلال المغربي يُناور ويتآمر على كلّ قضيّة عادلة وموقف مُشرف فبعد احتلاله الصّحراء الغربية في نوفمبر 1975 وتآمره على العرب قبل ذلك في قمّة مراكش 1965 بشهادة الرّئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية للكيان الصّهيوني شلومو غازيت، إذ قال: إنّ “المغرب مكّنهم من تسجيل مجريات قمّة عربية استضافها عام 1965، ممّا هيّأ لـ “إسرائيل” سبل الانتصار في حرب 1967″، حسب قوله.
وكما يقال: “إن لم تستحِ فأصنع ما شئت”، صال وجال الاحتلال المغربي عقب كلّ تحرّك جزائري من أجل حلحلة القضيّة الفلسطينية والدّفع بها إلى الأمام عبر مؤامراته ودسائسه ليختمها بتطبيع معلن سنة 2020 مع الكيان المحتل لتظهر حقيقته للقاصي والدّاني في محاولة لتصفية القضيّة الفلسطينيّة والقضاء عليها نهائيا من خلال اتفاقيات التّطبيع ضمن ما يسمى بصفقة القرن.
ومن خلال هذا المسعى الخبيث، عملَ الاحتلال المغربي على تأسيس محور شرّ بينه وبين عرّابة التّطبيع؛ دويلة الإمارات من خلال تشجيع باقي الدّول العربية على التّطبيع وتشويه كلّ من يعارض ذلك عبر وسائل الإعلام التّابعة لهما، بالإضافة إلى ذبابه الإلكتروني لتنتهي مسرحيتهما بفتح ما يسمّى قنصلية لدويلة الشرّ بعاصمة الصّحراء الغربية العيون المحتلّة في خرق سافر للأعراف والمواثيق الدّولية وانتهاك لسيادة دولة كاملة العضوية في الاتحاد الإفريقي.
إنّ تحرّكات محور الشرّ (المغرب والإمارات) في المنطقة، خاصّة في شمال أفريقيا والسّاحل الأفريقي، هدفها واضح وهو زعزعة أمن المنطقة، فما نشاهده في السّودان خير دليل خاصّة بعد تصريحات عضو مجلس السّيادة السّوداني ياسر العطا، الذي وجّه انتقادات لاذعة لدولة الإمارات متّهما إيّاها بتوفير الإمداد العسكري لقوّات الدّعم السّريع التي تقود حربا ضدّ الجيش السّوداني منذ أكثر من سبعة أشهر واصفا إيّاها بدولة المافيا.
وأمام تمادي الإمارات والمغرب في نسج التّحالفات المشبوهة لضرب استقرار الدّول العربية والإسلامية، والمضي في تنفيذ مخطّطات الصّهيونية العالمية وجبت اليقظة الشّعبية والرّسمية على دول الممانعة لمواجهة محور الشّر في عالمنا العربي.
المخطّط دبّر في “تل أبيب” والتمويل من الإمارات والمخزن للتّنفيذ..
الجزائر في الدّائرة الحمراء للكيان المهزوم في غزّة!
بقلم: حمدي يحظيه – كاتب صحفي صحراوي
من يضع أمامه خريطة العالم العربي والإسلامي اليوم، ويبدأ يؤشّر على الدّول التي لازالت على مواقفها ومبادئها من القضيّة الفلسطينية وكلّ القضايا العادلة وقضايا تقرير المصير في العالم، يجد أنّ الجزائر لازالت هي الوحيدة، تقريبا، في العالم المذكور التي تقف تحت الشّمس وتنزع اللّثام عن رأسِها ووجهها، وتقول إنّها مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وترفض التّطبيع وترفض دخول الكيان الصّهيوني إلى الاتحاد الأفريقي.
هذا الموقف “العنيد” الصّلب، الذي لم تنفع معه الإغراءات ولا المؤامرات ولا المناورات ولا الإملاءات، أصبح مزعجا ويزداد إزعاجا للّذين يريدون تدوير الكرة الأرضية بأصابعهم مثلما يحلو لهم. لا يجب أن نرهق ذاكرتنا كثيرا أو نعصر أذهاننا حتّى نذهب بعيدا في دهاليز التّاريخ، لنتذكّر بعض الأحداث المفصلية..
في سنة 1988م، أعلن الفِلسطينيون رغبتهم في إعلان دولتهم، واتّصلوا بالدّول العربية التي تنفخ نفسها بالأموال والتّاريخ المزوّر، وطلبوا مِنها أن تحتضن مؤتمر إعلان الدّولة الفتية، لكن كلّ تلك الدّول خافت، وملأت أفواهها بماء البحر وسكتت خوفا وجبنا. حين وجد الفِلسطينيون أنفسهم يتامى، في العراء، وتبرّأ منهم “الإخوة والكِبار” والصّديق والشّقيق، لجأوا إلى الجزائر فقبلت بدون تردّد ودون شروط، وتمّ عقد المؤتمر وتأسيس الدّولة الفِلسطينية. دفعت الجزائر ثمن تلك الخطوة الشّجاعة حينما تكالب عليها الكيان الصّهيوني والمخزن المغربي بإشعال نار الإرهاب فيها عشر سنوات متواصلة، أعادت الجزائر إلى ما قبل استقلالها.
الآن، يكرّر التّاريخ عزف سمفونيته نفسها ، لكن في وقت أصبحت سوريا جريحة، العراق غارق في دمائه، ليبيا ممزّقة، اليمن عاد قرنا من الزّمن إلى الوراء، والوحيدة المتبقّية التي تؤازر فلسطين، وتتحدّى قوى الشّر هي الجزائر. المشهد واضح على الخريطة المؤشَر عليها بالأحمر. الكيان الصّهيوني مهزوم في غزّة، ونجدته تتطلّب إشعال النّار بسرعة في مكان بعيد حتّى يستطيع -الكيان- إنقاذ نفسه من الفناء.
الدّولة المؤشَر عليها بالأحمر في الخريطة التي يجب صبّ البنزين عليها ورمي عود الثّقاب المشتعل نحوها وحرقها هي الجزائر. إذا كنّا سنة 1989م شاهدنا تعاون المخزن المغربي والكيان الصّهيوني على حرق الجزائر بالإرهاب، فإنّه في سنة 2023م أضيف ركن وزاوية ليكتمل مثلّث الشّر: المغرب، الكيان الصّهيوني والإمارات العربية.
مخطّط محاولة إشعال النّار في الجزائر وحدودها الجنوبية والغربية تمّ تخطيطه في “تل أبيب” ويتمّ تمويله من طرف الإمارات ويقوم بتنفيذه المخزن. محاولة إشعال الجزائر وإشعال محيطها الجغرافي في مالي، النيجر وجنوب ليبيا هو نوع من الحلم الذي سيتحوّل إلى كابوس بالنّسبة إلى مثلث الشّر المذكور. مخطّط إشعال النّار في الجزائر ومحيطها هو مخطّط استعجالي للتّخفيف عن الكيان الصّهيوني الغارق في أنفاق غزّة، وتنفيذه يجب أن يتمّ اليوم وليس غدا.
أبرز نقاط مخطّط مثلّث الشّر المجرم ضدّ الجزائر:
- محاولة الانفراد بموريتانيا وإغرائها بالأموال لتطبّع، وتكون لاعبا جديدا في السّاحة.
- تنشيط ونشر الجماعات الإرهابية على الحدود الجزائرية مع مالي والنّيجر.
- محاولة إدخال السّلاح عبر الحدود الجنوبية للجزائر، وإدخال المخدّرات من الحدود المغربية لإنهاك الجيش الجزائري.
- رصد أموال إماراتية كبيرة لتمويل خطّ أنبوب غاز نيجيريا أوروبا المار بالمغرب وضرب العلاقة بين الجزائر ونيجيريا.
هذا المخطّط الخبيث المستعجل يعيدنا إلى ما كتبناه في بداية هذا المقال؛ وهو أنّ الجزائر، بسبب موقفها التّاريخي من قضية فلسطين، ستظلّ تتعرّض للهجمات والمناوشات إلى أن يفنى الكيان الصّهيوني ومعه النّظام المخزني في المغرب.
تاريخ حافل بالمتاجرة والمقايضة السّياسية المشبوهة..
ماذا تخفي زيارة محمد السّادس إلى الإمارات؟
بقلم: محمد مغاديلو – كاتب صحراوي
تتقاسم الإمارات العربيّة والمملكة المغربية مبدأ المتاجرة بالسّياسة أو المقايضة السّياسية فيما يتعلّق بالاعترافات المتبادلة بالسّيادة المزعومة على حساب أراضي الغير وممتلكات الجيران، إذ يؤكّد المغرب على دعمه الثّابت والدّائم لسيادة الإمارات العربية المتّحدة على جزر طنب الكبرى وطنب الصّغرى وأبو موسى، وفي المقابل، عبّرت الإمارات العربية المتّحدة عن دعمها للسّيادة المغربية على أراضي الصّحراء الغربية المحتلّة عبر فتحها لقنصلية عامة بمدينة العيون المحتلة في 4 نوفمبر 2020.
ومن المرجّح أن يعمل الطّرفان على تسهيل عمليات التّوريد الاقتصادي والغذائي والتّزويد بالغاز والنّفط، إضافة إلى كلّ المهام الخبيثة للاحتلال اليهودي الذي يعيش أزمة خانقة بسبب الحرب، خاصّة أنّ هذين البلدين يعتبران من الأطراف العربية الموقّعة على اتفاقيات أبراهام مع الجانب الإسرائيلي والتي تلزمهما حِملا ثقيلا يتعدّى مستواهما الطّبيعي في التّحمل الأمني، السّياسي والاقتصادي بما يجعلهما ذليلين تحت الجناح الصّهيوني كطرف رئيس والأمريكي كوسيط في عمليّة التّطبيع العربي المشين.
وفي إطار التّموقعات الجديدة التي تنسج خيوطها في حدود خارطة دول العالم على خلفية الصّراعات القطبية بين الشّرق والغرب للظّفر بالزّعامة، فمن المؤكّد أنّ تتقارب وجهات النّظر بين الدّولتين في رسم إستراتيجيات كلّ شرّ سيلحق بالدّول العربية التي تخلّفت عن ركب المطبّعين مع الاحتلال الصّهيوني، في إطار نسغ المؤامرات السّرية التي تحاك في الغرف المظلمة بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة كالدّول العربية المطبّعة و”إسرائيل” نموذجا.
وكانت المهلكة المغربية ترى أنّ لها الأولوية في زعامة دول شمال أفريقيا بلعب دور الشّرطي المتسلّط حين كانت فرنسا تهيمن على السّياسة الأفريقية في الشّمال والسّاحل والصحراء، ولكن بعد انسحابها من اللّعبة السّياسية مع بداية عشرينيات هذا القرن بقوّة ضغط الزعماء الأفارقة الجدد الرّافضين للتّواجد الأجنبي في شمال القارة الأفريقية، صار من الملحّ جدّا للمغرب البحث عن مفترس جديد (الإمارات العربية) ليحتمي بظلّه لفكّ العزلة السّياسية التي تقسم ظهره على مستوى أروقة الاتحاد الأفريقي خاصّة، والتّكتلات الأفريقية الأمنية، السّياسية والاقتصادية.
المغرب الذي أنهكته ثلاث سنوات من الحرب المتواصل مع جبهة البوليساريو، يلهث خلف الدّول المستثمرة في الحروب كبعض دول الخليج لضمان تمويل حرب جائرة في الصّحراء الغربية مقابل مناطق نفوذ وطرق تجارية ومناجم وثروات برية وجوية وبحرية عذراء في مناطقها المحتلّة. والإمارات التي تسيطر على مجمل الموانئ والطّرق البحرية في العالم، تبحث عن مسارات وممرّات بحرية آمنة لحماية وارداتها وصادرتها من وإلى دول الشّمال كالمحيط الأطلسي ومضيق جبل طارق، في ظلّ عدم توفر الأمان في طرق الملاحة البحرية المعتادة، والتي أصبح يسيطر عليها اليمنيون والدّولة الإيرانية، بحيث تمّ تهديد كلّ البواخر التي تحمل الإسناد أو الدّعم للاحتلال الصّهيوني منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة.
وقد دلّت المغرب كل أطرافها اللّينة لدولة الإمارات من أجل توفير السّيولة المالية لتنفيذ المشاريع “التّنموية” خارج الحدود المغربية – رغم عدم جدواها – لمزاحمة الجزائر في إنجاز أنبوب الغاز العابر للقارات “نيجيريا-الجزائر” في الوقت الذي يبحث فيه الأوروبيون عن البديل للغاز الرّوسي ، على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. في المقابل، تستأثر الإمارات بأسهم في استغلال منجم فوسبوكراع للفوسفات الصحراوي.
فبعدما نجحت الجزائر في تهيئة وتأثيث المعبر البرّي “مصطفى بن بولعيد” في الحدود الجنوبية الغربية للجزائر، ووضع حجر الأساس لاستغلال منجم غارا جبيلات ووضع الطّريق المعبّد الرّابط بين تندوف الجزائرية بمنطقة ازويرات الموريتانية حيّز الإنجاز – بما سيضمن انتعاش اقتصادي وتبادل تجاري حر وولوج سلس للسّلع الجزائرية إلى معظم الدّول الأفريقية-؛ سارع النّظام المغربي إلى توقيع جملة من مذكّرات التّفاهم مع الجانب الإماراتي بخصوص تسيير المطارات، الموانئ والطّرق البرية، بحيث أنّ ميناء الدّاخلة المحتلّة يعتبر من بين الاهتمامات الإستراتيجية الاستثمارية الإماراتية غير المعلن عنها للسّيطرة على كل الموانئ ذات الموقع الإستراتيجي في مختلف دول العالم، خاصّة أنّه يتعلّق بمنفذ الحلم إلى القارة الأفريقية وبتسهيلات وفاتورة صفرية من لدن المغرب.
وبذريعة توفير الحماية لكلّ هذه المصالح، شرّعت المملكة المغربية لنظيرتها الإماراتية ببناء قاعدة عسكرية (طائرات مسيّرة، آليات عسكرية ثقيلة وجنود مرتزقة من كلّ العالم) على التّخوم الجزائرية لردع الهجمات الشّرسة لبواسل جيش التّحرير الشّعبي الصّحراوي من جهة، ولزعزعة الأمن والاستقرار الدّاخلي للدّولة الجزائرية.
رغم ذلك، أثبتت الجزائر علو كعبها في التّقدم الملحوظ على أكثر من صعيد عسكريا، دبلوماسيا واقتصاديا، كقوّة ذات وزن في شمال أفريقيا بشهادة كلّ الخبراء من خلال المبادرات الاقتصادية النّاجحة ومسودات الحلول للأزمات التي تعيشها المنطقة وقدرتها الباهرة على إنجاح وتنظيم الملتقيات الدّولية في السّياسة، الاقتصاد والرّياضة، إضافة إلى وقوفها المستميت مع الحقّ في كلّ الظّروف والأحوال.
فتمسّك الجزائر بمبادئ الشّرعية الدّولية في القضايا العالمية، كالوقوف السّرمدي مع الحقوق المشروعة للبلدان التي تقبع تحت نير الاحتلال في نيل الحرية والاستقلال، كحقّ قيام الدّولة الفلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة وحقّ تقرير مصير الشّعب الصّحراوي، ورفضها كلّ أشكال التّطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي ونأيها عن الدّخول في التّحالفات المشبوهة على حساب المستضعفين، كلّ هذا جعل الجزائر مستهدفة بشكل مباشر من قبل هوّاة الاستعمار بالوكالة للنيل من الشّعوب العربية المغلوب على أمرها.
تعي الجزائر جيدا كُنْه كلّ مؤامرة، فتسارع إلى إفشالها في مهدها وتتعامل مع كلّ دسيسة بحنكة سياسية عبر “ردّ الصاع صاعين”، من خلال دبلوماسية رزينة، عتيدة ومحترمة على مستوى السّاحة العربية، الأفريقية والدّولية.
فالجزائر التي تطبّق في معاملاتها الخارجية معنى المثل العربي القديم “ما حكّ جلدك مثل ظفرك” في الاعتماد على الذّات، تثير حفيظة وغيرة بعض الدّول العربية وخاصة الجارة الغربيّة التي دأبت على التّنفس بهواء الآخرين والتّعويل عليهم في أبسط الشّؤون.
ذراعا الصهيونية في المنطقة العربية..
المخزن وأبوظبي أداتان لتخريب الأمم وزرع الفتن!
بقلم: الدكتور حنافي حاج – أكاديمي وخبير قانوني
الحقيقة أنّ الجزائر بحقّ تمثّل تلك الدّولة القطرية الوحيدة في العالم العربي والإسلامي والأفريقي التي تشكّل، رغم الأجندة الإسرائيلية، في إطار الرّبيع العبري، ذلك الجبل العصي عن طوفان العبثيّة والاختراق الغربي – الصّهيوني.
أولا، وكما هو معلوم، فإنّ مبدأ الأمر متعلّق بمحاولة إزاحتها عن كونها تمثّل حاضنة حقيقية وفعلية لمبدأ تحرّر الشّعوب في العالم، فما يميز النّهج السّياسي للجزائر أنّه نهج لا يتاجر بمبدأ عظيم أنشأت لأجله منظّمة الأمم المتّحدة وهو مبدأ كلّي لا يتجزأ، نرى ذلك التقهقر الذي عانت منه دول عربية وإسلامية تحت ضغط دولي كالسعودية مثلا بعد 11 سبتمبر 2001 حيث نجد أنّها انتقصت من نهجها الكلّي في تبنّي المبدأ وقبلت بمبدأ “الأرض مقابل السّلام” في مبادرتها الدّولية في مؤتمر 2002 ، الذي دعت إليه، والذي قوبل بالتّوسع الصّهيوني الاستيطاني المحتل للأراضي العربية الفلسطينية.
إذن، هذا واقع عام؛ ومن واقع قريب مشهود اليوم، فإنّ الإفلاس العسكري والسّياسي الصّهيوني في الحرب القائمة رحاها في قطاع غزّة يظهر انتصار الفكر الثّوري الذي كانت الثّورة الجزائرية تشكّل عقيدة له لدى المقاومة الفلسطينية، فالجزائر هي حاضنة الفكر الثّوري التحرّري في العالم، وهي الوسيط الأممي اليوم والمرافع الأول عن القضايا العادلة عربيا وأفريقيا لما لها من نهج سياسي يقف على أساس ثوري ثم توجّه إقتصادي عصري وجغرافي هائل وعظيم.
إنّ انتصار لغة التّضحيات الجمّة للدّول الأفريقية وتبنّيها للنّهج السّيادي في مواجهة الإمبريالية الغربية، مثل مالي والنيجر، ضدّ النّفوذ الفرنسي في القارة السّمراء وقيام الجزائر كدولة أفريقية ذات بعد إقليمي كحجر عثرة في وجه التّوغّل الإسرائيلي ضمن الاتحاد الأفريقي يصاغ من جديد؛ أولا: من خلال التّطبيع المغربي الذي كان موجودا وسبق الإعلان عنه قبل سنوات فما كان الإعلان عنه إلاّ تبريرا عن وجوده ولأجل مقابلة الرّأي العام المغربي المسلم على أنّه تمّ لأجل صفقة مقايضة بين القضيتين الشّرعيتين القضيّة الفلسطينية بالقضيّة الصّحراوية.
اليوم يأتي في إطار مسعى ثلاثي “صهيوني – إماراتي – مغربي”، وما الزّيارة الأخيرة لمحمد السادس إلى الإمارات إلاّ محاولة للقفز على هذا المسار، إذ إنّ زيارته كانت لأجل البحث عن السّياقات الممكنة لأجل تخريب العلاقات المتّزنة بين الجزائر ودول السّاحل الأفريقي، ليتاح له هذا الاختراق، الذي لطالما أراد المخزن اللّعب على حبل الطّائفية ونشر لغة وصف القرار الجزائري على أن يأتي ممزّقا ومجزأ ومشتّتا في أقاليمنا الجنوبية وبالذّات لدى قبائل منطقة الأزواد والتّوارق، مرّة بمحاولة اختراق مخزني لهذا التّكوين المجتمعي المهم في مجتمعنا، ومرّة من خلال استقطاب بعض النّخب الجزائرية في الأوساط الفكرية والفنّية كأمثال الشّاب خالد وغيره غير المعلنين.
إذن، أرى وهذا حسب إعمال فكري واقعي، أنّ استثمار الجزائر المنجمي سيجعل الجزائر في نهج غلق الزّاوية على المخزن الصّهيوني باعتبار أنّه نهج يضاهي سياسة النّهج البراغماتي الذي يسلكه المخزن بتبنّيه للشّراكات والأحلاف والتّكتلات مقايضة للمواقف، فالمخزن الصّهيوني لا يراعي في الجزائر “إلاّ ولا ذمّة” نظير مواقفها الدّولية العادلة ونظير دعمها المستميت، ونظير استشرافها للأوضاع من حولها إقليميا ودوليا، فالمخزن الصّهيوني وجد أنّ شعاراته التي يسوّقها لأجل تقسيم الدّاخل الجزائري قد جوبهت بأكبر استثمار في القارة بل وعلى المستوى الدّولي أيضاَ ، وهو منجم غارا جبيلات الذي سيضع المفاوضات في ميزان أنجع وأصلح لأيّ طرف دولي بالنّسبة لأيّة مصلحة اقتصادية مطروقة، كونها ستكون مرجّحة للكفّة الوطنية الجزائرية إقليميا وهذا ما يجعل مسعى سياستها المقايضاتية في مهبّ الرّيح ومن ثمّ خسران نهجها.
إنّ المخزن الصّهيوني لا يفتأ ينصّب للجزائر العداء المعلن وغير المعلن، فالحرب غير المعلنة هي مجسّدة بأسلوب لعين في إطار إغراق الجزائر، وبالخصوص في المناطق المحاذية لإقليم المغرب كتندوف وبشار ومغنية، بالمخدّرات والمؤثّرات العقلية لأجل النّيل من الجاهزية القتالية لجيشنا الأبي.
إذن، كلّ التّحليلات الإستراتيجية تظهر أنّ المهلكة المغربية والإمارات العبرية المتحدة أصبحتا تشكلان ذراعا للكيان الصهيوني وأداته في تخريب وتمزيق الأمم وتقسيم الأقاليم وخلق الأزمات والفتن، بتخطيط صهيوني وبأموال خليجية.
المحلّل السّياسي المغربي المقيم بإسبانيا بدر العيدودي:
“الجزائر في دائرة الاستهداف الإماراتي بالتنسيق مع الكيان والمخزن”
أفاد المحلّل السياسي المغربي المقيم بإسبانيا، بدر العيدودي، بأنّ “الجزائر توجد حاليا في دائرة الاستهداف من قبل دولة الإمارات العربية المتّحدة تمويلا وتخطيطا، بالتّنسيق العلني والمباشر مع الكيان الصّهيوني ونظام المخزن المغربي”.
وأوضح العيدودي أنّ “الزّيارة المفتوحة التي قام بها العاهل المغربي لمدينة دبي ولقاء القمّة مع محمد بن زايد، رئيس هذه الدّولة، تناولت عديد الملفات، ومنها إعداد الخطط والمؤامرات من أجل ضرب الدّور الجزائري التقليدي في منطقة السّاحل الأفريقي، عبر تمويل حملات إعلامية لتشويه هذا الدّور والإيقاع بينها وبين شعوب وقادة هذه المنطقة”.
ولاحظ المحلّل السّياسي المغربي المقيم بإسبانيا، في تصريح لـ “الإذاعة الجزائرية”، أنّ “المخابرات الصّهيونية حضرت العديد من هذه اللّقاءات، وكذلك خلال الزّيارة السّرية التي قام بها محمد السّادس إلى الكيان الصّهيوني، من أجل تقديم الدّعم السّياسي والمعنوي له بالنّظر إلى تآكل رصيده المعنوي في أنحاء الدّنيا، بسبب جرائمه في قطاع غزّة والضّفة الغربية”.
وبرأي العيدودي، فإنّ “الإمارات تقوم بتمويل العديد من المنصّات الإعلامية المعادية للجزائر، ومن بينها الصحيفة المغربية الإلكترونية واسعة الانتشار “هيسبرس”، والتي دأبت على شنّ حملات تشويه وتضليل ضدّ الجزائر”، مشيرا إلى أنّ “رصد ميزانية جديدة للتحريض على الجزائر في منطقة الساحل الأفريقي يدخل ضمن هذه الحرب المعلنة عليها، جراء مواقفها المعادية للتطبيع مع الكيان الصهيوني على حساب القضية الفلسطينية، وكذلك لموقفها الثابت من القضية الصحراوية”.
وأردف العيدودي قائلا: “زيارة محمد السّادس للإمارات لم تكن فقط من أجل جلب المزيد من الاستثمارات الإماراتية لفائدة الاقتصاد المغربي، لأنّها موجودة ولم تقدّم الإضافة المرجوة لحدّ اليوم، ولكن لها علاقة مباشرة بالتّنافس مع الجزائر حول المشروع الاقتصادي الإستراتيجي والمتعلّق بأنبوب الغاز النيجيري العابر لأوروبا عبر النيجر، وتحاول الرباط تحويل مساره عبر عدد من دول منطقة السّاحل على حساب الجزائر بدعم سياسي ومالي من الإمارات”.
وحسبه، فإنّ “ما يجري اليوم يدخل في سياق السّباق من أجل ملء الفراغ النّاجم عن انحسار النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل، ومنها مالي وبوركينا فاسو وتلتهما النيجر، بعد أن نجحت الجزائر في تجنيب هذا البلد المجاور لها أخطار التدخل العسكري الأجنبي بعد الإطاحة بحكومة الرئيس المنتخب بازوم، وهو ما أقلق كثيرا النّظام الفرنسي”.
واسترسل المتحدّث بأنّ “الإمارات تقود معركة الصراع مع الجزائر في منطقة الساحل الأفريقي، وهي متواجدة في ليبيا وتشاد والسودان، واليوم تريد تسليم المنطقة للشركات الأمريكية والإسرائيلية تحديدا، لأنّ الأمر يتعلّق أساسا بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي والقارة الأفريقية، والمعركة الحاسمة تدور حول من سيفوز بأنبوب الغاز النيجيري العابر لأوروبا، لأهميته الإستراتيجية لكلّ من الجزائر ونظام المخزن، الذي يعتبره مسألة حياة أو موت، ويراهن على المال الإماراتي والدسائس والمؤامرات لإنجاز هذا المشروع”.
الباحث في الشؤون الدولية عبد الرحمان بوثلجة لـ “الأيام نيوز”:
“مخططات ضرب الجزائر ليست جديدة وهي لن تتوقف”
صمود المقاومة الفلسطينيّة انتصار لموقف الجزائر الدّاعم لحركات التّحرر
أكّد الأستاذ والباحث في الشؤون الدولية، عبد الرحمان بوثلجة، أن مواقف الجزائر الثابتة في دعم الشعوب المُضطهدة التي تُكافح من أجل التّحرر واسترجاع سيادتها، ومساندة القضايا العادلة وعلى رأسها القضيتان الفلسطينية والصحراوية، هي مواقف مبنية على مبادئ وأُسس قامت عليها الدولة الجزائرية المستقلة بعد باعٍ طويل من الكفاح المسلح والتضحيات الجِسّام، التي فاقت مليونا ونصفَ مليون شهيد في ثورة نوفمبر المظفرة، ثمنًا لاسترداد الحرية وتحقيق الاستقلال. ومن هنا، نجد أن الجزائر دائمًا ما كانت سبّاقة في الوقوف إلى جانب الشعوب المضطهدة، ودعم حقها في تقرير المصير، من مُنطلق أن بلادنا تعي جيّدًا ثمن انتزاع الحرية، وتجلى ذلك من خلال إصرار الشعب الجزائري المُقاوم بفطرته على دحر المستعمر والمستدمر الفرنسي وطرده من أرضه.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ بوثلجة في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أن المُلاحظ هو أن موقف الجزائرمن العدوان الصهيوني الجائر والمتواصل على قطاع غزة منذ أزيد من شهرين، كان موقفًا مُعبرًا عن تمسك الجزائر المُطلق بدعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والتضامن اللامحدود واللامشروط معه في هذه الظروف الخاصة، حيث رفضت بلادنا – وبصفة قطعية – المساواة بين الجلاد والضحية في ظل محاولات البعض، لاسيما الإمارات والمغرب، تمرير بيان يدين عملية “طوفان الأقصى” التي تعتبرها بلادنا نقطةً فارقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية. كما قامت هذه الجهات المغرضة والحليفة للكيان الصهيوني برفض جملة من الاقتراحات التي كانت قد قدمتها الجزائر في وقتٍ سابق من أجل دعم الشعب الفلسطيني وحقه.
في السياق ذاته، أبرز المتحدث أن مواقف الجزائر الداعمة للقضايا العادلة لم ترق – بأي شكلٍ من الأشكال – هذه الأطراف، ما دفعها إلى تشكيل محور وتحالف مناوئ للجزائر يتألف من “الكيان الإسرائيلي – الإمارات العربية – المغرب”،وهذا الأمر ليس بالغريب؛ فمخططات ضرب الجزائر “ليست جديدة ولن تتوقف”، بدليل أن هذه الدول متشابهة فيما يخص الرغبة في التوسع على حساب الآخر، فعلى سبيل المثال لا الحصر، الكيان الصهيوني المستبد أقام “دولةً” على أرضٍ ليست بأرضه وعلى حساب شعبٍ آخر، أما المغرب فلطالما كانت لديه أطماع توسعية سواء تعلق الأمر بالصحراء الغربية أو مناطق أخرى على غرار موريتانيا في وقت سابق، حتى أنه لا يزال يتحدث إلى اليوم عن حقه في أراضي أخرى في أماكن أخرى. أما الإمارات، فهي تسعى جاهدةً إلى الحصول على النفوذ غير المستحق وهي الدولة الصغيرة من حيث المساحة وتعداد السكان، وهذا في إطار التنافس غير النزيه بينها وبين دولة قطر من أجل الحصول على النفوذ في العالم.
وأردف متحدّث “الأيام نيوز”، قائلا: “إن إمارات اليوم ليست هي نفسها إمارات الشيخ زايد، فقد تغيرت ملامحها بشكلٍ جذري، وأصبحت لديها الكثير من التصرفات والأفعال المشبوهة التي يمكن وصفها بالأعمال التخريبية، فوقوف الإمارات إلى جانب المغرب في احتلاله الصحراء الغربية أمر ليس مستغربا، ويأتي – بطبيعة الحال – نكاية في الجزائر، بالإضافة إلى ذلك هناك شكوك تحوم حول دور الإمارات في عدم ضم الجزائر إلى مجموعة “البريكس”، خاصةً وأن هناك علاقات قوية تربطها بدول مؤثرة في هذه المجموعة، وفي مقدمتها “الهند”، هذه الدولة التي كانت إلى وقتٍ قريب فقط داعمًا هامًا للقضية الفلسطينية، إلى أنه وخلال الآونة الأخيرة لاحظنا أنها أصبحت أكثر قربا من”إسرائيل”، والدليل على ذلك أنها لم تقم بإدانة ما يرتكبه الاحتلال الصهيوني من مجازر وحرب إبادة جماعية بحق الأبرياء والمدنيين العزل في قطاع غزة.
وفي هذا الشأن، أشار الباحث في الشؤون الدولية، إلى أن تشكيل محور كهذا وقيامه بأعمال مناوئة للجزائر، هو في الحقيقة أمر مُنتظر ومتوقع، لاسيما أن هذه الدول ترى في مواقف الجزائر الداعمة للقضايا العادلة مواقفَ مُعطلًة ومُعرقلةً لأجنداتها المشبوهة والتي تسعى جاهدةً إلى فرضها على أرض الواقع. ومن هنا، نجد أن هذه الأطراف أو ما يمكن أن نصفه بمحور الشر تعمل على إطلاق حملات مغرضة بهدف خلق البلبلة وزرع حالة من عدم الاستقرار خاصةً في منطقة الساحل التي تمثل العمق الإستراتيجي للجزائر، وذلك من خلال إطلاق حملة تستهدف كل من دولتي مالي والنيجر لتسويق لفكرة أنّ الجزائر تمول ضرب استقرارهما.
في السياق ذاته، تحدث الأستاذ بوثلجة عن محاولة الكيان الصهيوني التغلغل في الاتحاد الإفريقي من خلال قمة “أديس بابا” في فيفري الماضي، وكيف تمكنت الجزائر وبكل فخر واعتزاز وبالتنسيق مع جنوب إفريقيا من طرد ممثلي الكيان الصهيوني – الذين تسلّل بمساعدة المغرب- من أشغال اجتماع رسمي للاتحاد الأفريقي، وأشهدت العالم الذي تابع عبر الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي فيديو طرد نائب مدير الشؤون الأفريقية في وزارة خارجية الكيان وأعضاء الوفد المرافق له علنا،وبالتالي لم تتمكن “إسرائيل” من أن تصبح عضوا ملاحظا في الاتحاد الإفريقي كما كانت تُمني نفسها.
“الحرص على تحصين الجزائر من أي مؤامرة ضرورة قصوى”
في سياق ذي صلة، أكّد الأستاذ بوثلجة أن الجزائر تؤدي دورًا محوريًا ورياديًا في استقرار منطقة الساحل من خلال جهودها الحثيثة في مكافحة ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة كتجارة السلاح والبشر والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى تجارة وتهريب المخدرات؛ الأمر الذي لا يصب في مصلحة دول محور الشر وفي مقدمتها المغرب الذي يحتل صدارة الدول الرئيسة فيما يخص منشأ ومغادرة القنب الهندي في العالم، بالإضافة إلى الإمارات التي أصبح اسمها خلال السنوات الأخيرة حاضرًا في كل مشكلة تطال دول المنطقة العربية وتهدد استقرارها مع الأسف الشديد.
أما فيما يتعلق بالكيان الصهيوني، فأبرز محدّثنا أنه كان حاضرًا دائمًا في المؤامرات التي تُحاك ضد المصالح العربية وضد الوحدة والتضامن العربيّين، لكن الأكيد أن هذه الأعمال الاستفزازية وهذه المساعي المشبوهة التي تستهدف استقرار الجزائر، ستكون نتيجتها الحتمية الفشل الذريع، لأن الجزائر بلد كبير يبني مواقفه الدبلوماسية على مبادئ قارة وليس على مصالح آنية، فالجزائر بلد ناشر للسلام ولا يدّخر جهدا في دعم ومساندة القضايا العادلة وحق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها.
في السياق ذاته، أبرز الباحث في الشؤون الدولية أنه من غير المستبعد أن يكون لمحور الشر “الصهيوني – المغربي – الإماراتي”، دور وظيفي، وأن المؤامرة التي تُحاك ضد بلادنا ربما تكون أكبر، وأن تكون هذه الدول التي تمت الإشارة إليها تعمل لصالح جهات أكبر، وبالتالي لابدّ من الحرص الدائم على تحصين الجزائر ضد أي مؤامرة، وأن نكون كجزائريين أكثر يقظة فيما يتعلق بما يدور حولنا، كما يجب أن نواصل إصرارنا وتمسكنا بمواقفنا الثابتة في مساندة ودعم الإخوة الأشقاء في كل من فلسطين والصحراء الغربية.
وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أكّد الأستاذ بوثلجة أن ما تُحققه المقاومة الفلسطينية الباسلة من إنجازات وانتصارات على أرض الميدان، في تصديها لقوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الهمجي على قطاع غزة، في حقيقة الأمر لن تروق أبدا لهذه الدول الداعمة للمشروع الصهيوني، بدايةً بالمغرب الذي يُقال عبثًا بأن ملكه هو رئيس لجنة القدس، وصولاً إلى الإمارات التي كانت قد نددت وبصفة علنية بما قامت به المقاومة الفلسطينية بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي، وهي التي ساوت ما بين الشعب الفلسطيني الأعزل الذين لا يملك السلاح وبين المستوطنين الصهاينة المسلحين، وبالتالي فإن انتصار المقاومة في فلسطين هو انتصار لمواقف الجزائر الثابتة والداعمة لحركات التّحرر في العالم والمساندة للشعوب في تحقيق استقلالها وتقرير مصيرها.