خرج رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، مرة أخرى في محاولة إصلاح ما أفسدته تصريحاته السابقة التي ورطت بلاده في أزمة دبلوماسية مع الجزائر بعد تغيير مدريد لموقفها من قضية الصحراء الغربية.
وقال رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، الإثنين، في حوار نقلته وكالة “أوروب برس”، عن توتر العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر ومدريد، إنه يأمل أن يتمّ حلّ هذه القضية الدبلوماسية في فترة قصيرة.
وعبّر سانشيز عن أمله في عودة السفير الجزائري سعيد موسي، الذي استدعته السلطات الجزائرية للتشاور.
في السياق ذاته، أوضح المسؤول الإسباني، أن “بلاده بإمكانها المحافظة على علاقات إيجابية وإستراتيجية مع كلّ من الجزائر والمملكة المغربية على حدّ سواء”.
وأبرز المتحدث، أن “إسبانيا تمتلك تعاونا استثنائيا مع الحكومة الجزائرية وعلاقات تتعدى مجالات الطاقة لتشمل المجال الأمني ومكافحة الهجرة غير الشرعية”.
غير أن سانشيز جدّد تمسّك حكومته بالموقف الجديد الذي اتخذه بشأن قضية الصحراء الغربية، وهو الموقف الذي انتقدته الطبقة السياسية الإسبانية وطالبته بالعدول عنه.
ونقلت صحيفة “الكونفيدونسيال”، الأحد الماضي، عن مصادر دبلوماسية إسبانية، أن الجزائر ستطيل الأزمة مع مدريد، إلى أن يعيد رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز مراجعة قراره بخصوص قضية الصحراء الغربية ويعود إلى الحياد.
ومن المرتقب أن ترفع الجزائر أسعار الغاز الذي تصدّره إلى إسبانيا، فيما ستبقي على نفس الأسعار لباقي الشركاء.
أما صحيفة “أوكي داريو” الإسبانية، فذكرت أن الجزائر وبعد أن هددت برفع سعر الغاز الموجه لإسبانيا، وتوقيع اتفاقية تعزيز إمدادات الغاز لإيطاليا، بدأت تتحدث عن “مشاكل تقنية” تعيق عملية تدفق الغاز إلى إسبانيا.
وأضاف المصدر ذاته، أن كميات الغاز الجزائري الذي يصل إلى إسبانيا عبر “ميدغاز” شهدت تراجعا واضحا في فبراير الماضي، رغم الجهود المتواصلة التي تبذلها حكومة بيدرو سانشيز مع السلطة التنفيذية للجزائر لضمان الإمداد وتجنب انقطاع التيار الكهربائي بعد إغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي منذ بداية نوفمبر وبداية الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأبدت مدريد تخوفاتها إثر الاتفاق الجزائري الإيطالي بخصوص رفع إمدادات الغاز التي تُصدّرها الجزائر إلى هذا البلد.
وكشفت وكالة “بلومبرغ”، إجراء دبلوماسيين إيطاليين وإسبانيين محادثات في هذا الخصوص، حيث ناقش مسؤولون كبار من الدولتين الاتفاقية الموقعة بين روما ومدريد، فيما يعتزم الطرفان الاجتماع مرّة أخرى خلال الشهر الجاري لاستكمال المحادثات.
واجتمع الطرفان الإسباني والإيطالي، بسبب مخاوف مدريد من أن يقوي الاتفاق الإيطالي الجزائري، موقف الجزائر في مفاوضات رفع سعر الغاز التي تُصدّره إلى مدريد.
كما تتخوّف إسبانيا من أن يحدّ الاتفاق الجديد من قدرات الجزائر في توفير الغاز إلى إسبانيا.
وبإعلان إسبانيا تأييدها لمقترح “الحكم الذاتي” المغربي في الصحراء الغربية، توترت العلاقات الجزائرية الإسبانية، حيث أعربت الجزائر عن استغرابها من “الانقلاب المفاجئ” في الموقف الإسباني، واستدعت سفيرها بمدريد في 19 مارس الماضي.
وفي وقت سابق، طالب وزير الطاقة الجزائري السابق، عبد المجيد عطار، الحكومة ببيع الكميات الإضافية من الغاز في السوق الحرة، وفق مبدأ “السعر الفوري”، بدل الالتزام بعقود متوسطة المدى.
وأوضح عطار، في تصريح صحفي أن بيع الغاز في السوق الحرة، بأسعار يومية أو أسبوعية أو شهرية على الأكثر، أي السعر الفوري، وهو ما سيمكن الجزائر، حسبه، من تحقيق أرباح أعلى في هذه الفترة.
ويرى عطار، أن الجزائر بإمكانها رفع إنتاجها من الغاز بين مليار إلى ملياري متر مكعب سنويا كأقصى شيء، في حال استعجال تطوير الحقول الجديدة المكتشفة بحوض بركين، والجهة الغربية لعين صالح وجانت، لتحقيق إنتاج إضافي بما يتراوح بين مليار وملياري متر مكعب سنويا، وبلوغ 6 ملايير متر مكعب في ظرف 5 سنوات، ومن ثمة بيعها في السوق الحرة.
وأكد المتحدث أن إمكانية تموين الجزائر لأوروبا بالغاز لسد العجز المسجل نتيجة وقف التموين الروسي مستبعدة جدا، وغير قابلة للتجسيد ميدانيا في الظرف الراهن، معللا ذلك بأن روسيا تزوّد زبائنها بـ155 مليار متر مكعب من الغاز سنويا.
وقال الخبير الطاقوي: “لن تتمكن لا الجزائر ولا حتى عدة دول مجتمعة من سد هذا العجز، إلا في ظرف 4 إلى 5 سنوات”.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تعتمد الأسعار الأقل في العالم، يناهز اليوم المتر المكعب من الغاز لديها 7 دولار مقارنة مع 2.5 دولار قبل سنوات، وفي أوروبا يعادل 30 دولارا للمتر المكعب أي تضاعف بـ3 مرات.
ورد الوزير السابق عن سؤال يتعلق بإمكانية تعديل سعر الغاز في العقود متوسطة الأجل التي تربط الجزائر بزبائنها، لافتا إلى أن هذه الفرضية متاحة، خاصة أن الجزائر جمدت قبل فترة العقود طويلة المدى، وتكتفي اليوم بعقود متوسطة المدى تناهز 8 سنوات، وفق صيغة “غاز تو غاز”، يرتبط فيها سعر المتر المكعب بمؤشر البرميل أو الكهرباء، حسب الدولة الزبونة.