شهد القطاع السياحي في تونس بعد سنتين متتالين من الركود بسبب فيروس كوفيد 19 انتعاشة طفيفة منذ الإعلان الرسمي عن انطلاق الموسم السياحي في آذار / مارس الماضي برسو أول باخرة بميناء حلق الوادي بتونس العاصمة تقلّ سياحا من جنسيات مختلفة.
بداية محتشمة
بدأ عديد السياح الجزائريين بالتوافد على الأراضي التونسية عبر المعابر البرية منذ منتصف شهر يوليو / جويلية الماضي، وذلك بعد إعلان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن إعادة فتح الحدود مع تونس، عقب إغلاق دام أكثر من سنتين بسبب جائحة كورونا، وقد جاء قرار فتح الحدود بعد زيارة الرئيس التونسي قيس سعيّد، إلى الجزائر، بمناسبة الاحتفالات بستينية استقلال الجزائر.
ورغم ذلك، فإن الانتعاشة السياحية لم ترق بعد إلى مستوى تطلعات تونس، وذلك بحسب ما أكده الخبير الدولي في السياحة فؤاد بن سلامة الذي قال: “رغم الانتعاشة الملحوظة في القطاع، لكن لا يمكن تقييم الموسم قبل شهر أيلول / سبتمبر المقبل، مضيفا أن توافد السياح الجزائريين لم يكن في مستوى توقعاتنا”.
وأرجع بن سلامة في حديثه لموقع “الأيام نيوز” ذلك إلى تأخر فتح الحدود بين البلدين وإعطاء السائح الوقت الكافي للحجز، بالإضافة إلى فرض قيود صحية في البداية كإجراء فحص كورونا، الذي يكلّف العائلات التي تقصد تونس كوجهة سياحية تكاليف باهضة، قبل أن يقرّر الرئيس قيس سعيد رفعه في ما بعد.
وعبّر الخبير الدولي عن أمله في عودة وضع السياحة إلى سالف عهده بعد التراجع الملفت للانتباه خلال السنتين الماضيتين خاصة وأن تونس تصنّف كوجهة سياحية هامة في دول حوض البحر الأبيض المتوسط، مذكرا بأن بارومتر الوجهات الذي أعدّه الموقع الفرنسي المختص في السياحة والرحلات والترفيه L’Echo Touristique، كشف أن تونس هي أفضل وجهة سياحية في قارة إفريقيا والعالم العربي، ورابع أفضل وجهة في العالم بالنسبة للفرنسيين.
ويدعم هذا التصنيف السياحي، المبيعات على الوجهة التونسية التي تم تسجيلها خلال شهر أبريل الماضي، حيث سجّلت ارتفاعا بنسبة 22% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019، وهو ما تم اعتباره مؤشرا إيجابيا يعكس الانتعاشة المنتظرة للقطاع السياحي في تونس في الفترة القادمة.
واعتبر بن سلامة أن تونس لم تفقد بريقها كوجهة سياحية رغم منافسة عديد الدول خاصة في أصناف أخرى من السياحة، مضيفا أن تونس يجب أن تأخذ بعين الاعتبار واقع أن الليبيين مثلا أصبحوا يتوجهون نحو السياحة الاستشفائية في الأردن وغيرها، إضافة إلى منافسة دول أخرى مثل المغرب وتركيا.
وقال الخبير الدولي في القطاع السياحي أن تونس خسرت 730 ألف سائح روسي غيّروا وجهتهم نحو تركيا، متوقعا توافد نحو مليوني جزائري خلال الموسم السياحي الحالي خاصة وأنه منذ ثلاث سنوات لم يغادروا بلدهم بسبب كوفيد.
الفرصة الأخيرة
ويرجح بن سلامة ارتفاعا في تدفق الجزائريين نحو تونس في أغسطس / أوت الحالي مع توقّع تسجيل ارتفاع في نسبة الحجوزات في الفنادق، التي يصل عددها في تونس إلى 840 بطاقة استيعاب تصل إلى 220 ألف سرير.
وأكد بن سلامة على ضرورة تحسين جودة الخدمات التي تُعنى بالقطاع السياحي من فنادق ووكالات أسفار ومطاعم سياحية.
وأوضح بن سلامة أنه باستثناء الأشقاء الجزائريين، فإنه لم يتم تسجيل سوى توافد ضئيل جدا للسياح من بقية الدول العربية وخصوصا الخليجية.
من جهة أخرى، كشف وزير السياحة التونسي، محمد المعز بلحسن، أنه منذ الإعلان عن فتح الحدود البرية بين البلدين في الـ 15 في جويلية الماضي، دخل نحو 60 ألف جزائري إلى تونس عبر معبرَي ملولة وحزوة.
كما توقّع الوزير التونسي أن يرتفع هذا العدد خلال الشهر الحالي، باعتبار أن العديد من الجزائريين يدخلون في عطلة في أغسطس / أوت، مضيفا بأنه يأمل في حال توفرت الظروف الملائمة أن تستقبل تونس نحو مليون سائح جزائري.
وللتذكير، فقد استقطبت تونس خلال 2019، 2.9 مليون سائح جزائري، من ضمن 9.5 مليون سائح، وهو ما جعل من ذلك العام، “عاما مرجعيا” بالنسبة للمؤشرات السياحية في تونس.
وتعتمد تونس على القطاع السياحي كأول مصدر مباشر للعملات، وقد وفّر 5.6 مليار دينار (1.9 مليار دولار) سنة 2019، بينما لم تتجاوز مداخيله 2.2 مليار دينار (733 مليون دولار) سنة 2021.
