قبل استشهاد الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وبعد استشهاده، واصل مقاتلو الحزب -الذي يمثل المقاومة الإسلامية في لبنان- قصف مواقع الاحتلال الصهيوني. وأمس الأحد، استهدفوا معسكر «أوفيك» بصواريخ «فادي 1»، مؤكدين في بيانهم أن هذه العملية جاءت دعماً للشعب الفلسطيني في غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة، ودفاعاً عن لبنان وشعبه في مواجهة الهجمات الصهيونية الوحشية على المدن والمدنيين، وهو ما يعني أن حزب الله مستمر في تنفيذ خطته الهجومية بدقة وتأنٍ، دون الانجرار إلى ردود فعل غير محسوبة، فاغتيال نصر الله لم ولن يؤثر على استراتيجية الحزب، بل يعزز تصميمه على مواصلة المعركة وفق ما يراه مناسباً، وكأن نصر الله لم يستشهد.
وسائل الإعلام الإسرائيلية –غير المسموح لها أن تنقل ما يجري لدى الكيان- ذكرت أنّ صفّارات الإنذار تدوّي في الجليل الأسفل وطبريا، مشيرةً إلى انفجارات ضخمة في طبريا بعد سقوط صواريخ، وذكرت مئات الصفحات الالكترونية لدى الكيان أنّه طُلب من مستوطني «كتسرين» وصفد ومحيطها البقاء قرب الأماكن المحصّنة.، وقد أتى ذلك بعدما تعرّض كيان الاحتلال لـ”هجوم من لبنان، واليمن والعراق”، يوم السبت، أي خلال اليوم الذي تم فيه إعلان استشهاد قائد الحزب.
لقد أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق عن استهداف “هدف حيوي في أم الرشراش المحتلة – إيلات” باستخدام الطائرات المسيّرة، في الوقت الذي أفادت فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية باندلاع “أربعة حرائق كبيرة في مستوطنات شرقي القدس” نتيجة إطلاق صواريخ من لبنان، إلى جانب دوي “صفارات الإنذار في نهاريا ومحيطها” خوفاً من تسلل طائرات مسيّرة. تأتي هذه العمليات من المقاومة في لبنان، العراق، واليمن وسط تصاعد الجرائم الصهيونية في المنطقة، حيث تستمر المقاومة في ضرب أهدافها رغم الاستنفار الصهيوني والاعتداءات الجوية المتواصلة، خاصة على لبنان.
شبكة «سي أن أن» قالت إنه في أعقاب اغتيال نصر الله، والهجوم على أجهزة النداء واللاسلكي، من المرجح أن يقيّم قادة حزب الله المتبقون كيفية الالتقاء والتواصل والرد، ويقول المحللون إنّ النكسات التي واجهها حزب الله من غير المرجح أن تجعله ضعيفاً. وأضافت الشبكة: “لا تزال المجموعة تحتفظ بقادة مهرة، فضلاً عن العديد من أصولها الأكثر قوة بما في ذلك الصواريخ الموجهة بدقة والصواريخ بعيدة المدى التي يمكن أن تلحق أضراراً كبيرة بالبنية التحتية العسكرية والمدنية الصهيونية”.
وفي أعقاب اغتيال نصر الله، لم يقم حزب الله بشن رد انتقامي كبير، ولكن التطورات الأخيرة تثير احتمالات التحوّل، ولكن وفق ما يراه قادة الحزب مناسباً، وليس بناءً على توقعات أو رغبات «إسرائيل»، وفي هذا الشأن قال جوناثان بانيكوف، وهو مسؤول استخباراتي كبير سابق متخصص في المنطقة، لشبكة «سي أن أن»: “من المرجح أن يكون الرد كبيراً”.
من جهة أخرى، وفي تعليق من السفارة الإيرانية في لبنان عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وُصف اغتيال نصر الله بأنه “تصعيد خطير يغيّر قواعد اللعبة”، مؤكدين أن الجناة “سيُعاقبون بشكل مناسب”. وأشارت «سي إن إن» إلى أن فرص الحلول الدبلوماسية تبدو ضئيلة، خاصة مع استمرار الجمود في مفاوضات وقف إطلاق النار المتعلقة بالحرب في غزة.
صحيفة «وول ستريت جورنال» أشارت إلى أن «حزب الله» لا يزال يحتفظ بآلاف المقاتلين المتمرسين وترسانة كبيرة من الأسلحة، رغم اغتيال نصر الله، فالحزب يركد دائما أن هدف «إسرائيل» المتمثّل في عودة مستوطني الشمال إلى المنطقة لن يتحقق دون وقف الحرب في غزة، كما شدد على الجهوزية الكاملة لمواجهة أي اجتياح بري للبنان والحرب الشاملة ضد «إسرائيل».
وقال متحدث باسم سلطة الاحتلال الصهيوني إن حزب الله “أطلق 6800 صاروخ منذ بدء التصعيد عبر الحدود”، ومن جانبها ذكرت الباحثة في مركز «كونترول ريسكس»، دينا عرقجي، أنه كان لدى الحزب في عام 2006، قرابة «15 ألف صاروخ»، وهو عدد “تضاعف نحو 10 مرات” على الأقل.
يقول موقع الجيش الصهيوني إن حزب الله، تحت قيادة حسن نصر الله، تفاخر بقوة عسكرية تتراوح بين 20 ألف و25 ألف مقاتل، بالإضافة إلى عشرات الآلاف في الاحتياط، وتُعتبر وحدة «الرضوان» الأبرز في صفوف حزب الله، وهي معروفة بشكل خاص بكفاءتها القتالية وأهميتها الاستراتيجية في الصراعات التي شهدتها المنطقة. تضم الوحدة عدة آلاف من العناصر المدربة تدريباً عالياً، وبعضهم لديهم خبرة عملياتية من الحرب السورية.
إلى ذلك تُعتبر قدرات حزب الله التسليحية ملحوظة، وتُشبه بشكل أكبر جيش دولة متوسطة الحجم، حيث يمتلك الحزب أكثر من 150 ألف صاروخ وقذيفة، بما في ذلك صواريخ فجر-5 وزلزال-2 المصنوعة في إيران. وتُبرز هذه الأسلحة التهديد الذي يشكله حزب الله على أمن «إسرائيل»، وفق الموقع ذاته، حيث إن ترسانته قادرة على الوصول إلى أعماق الأراضي الفلسطينية.
الجيش اللبناني:
«إسرائيل» تسعى إلى بث الانقسام بعد اغتيال نصر الله
قال الجيش اللبناني، أمس الأحد إن «إسرائيل» تعمل على تنفيذ مخططات تخريبية وبث الانقسام بين اللبنانيين، في أعقاب اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية. ودعا الجيش اللبناني “المواطنين إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم الانجرار وراء أفعال قد تمس بالسلم الأهلي”. ووصفت قيادة الجيش المرحلة الحالية بـ”الخطيرة والدقيقة من تاريخ وطننا، حيث يعمل العدو الصهيوني على تنفيذ مخططاته التخريبية وبث الانقسام بين اللبنانيين”.
وقالت قيادة الجيش إنها مستمرة “في اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة (لم تحددها)، والقيام بواجبها الوطني للحفاظ على السلم الأهلي”، كما دعت “المواطنين للتجاوب مع هذه التدابير، والعمل بمقتضى الوحدة الوطنية التي تبقى الضمانة الوحيدة للبنان”. وجاء البيان بعد يوم من اغتيال نصر الله في غارة صهيونية يوم الجمعة أسفرت أيضا عن مقتل قيادات بارزة في الحزب وقائد في الحرس الثوري الإيراني.
وزير خارجية إيران:
جريمة اغتيال العميد نيلفروشان لن تمر دون رد
شدّد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقتشي، على أن استشهاد العميد في حرس الثورة الإسلامية، عباس نيلفروشان، لن يمر دون ردٍ إيراني أكيد على الجريمة، وقال عراقتشي إنّه “مما لا شك فيه بأن الجريمة النكراء، التي ارتكبها الكيان الصهيوني الغاصب، لن تمر بدون رد أبداً”، مضيفاً أنّ بلاده “ستستخدم كافة قدراتها السياسية، والدبلوماسية، والقانونية والدولية لملاحقة المجرمين وداعميهم وردعهم”.
وفي التعزية الموجهة إلى قائد حرس الثورة الإسلامية، اللواء حسين سلامي، اعتبر وزير الخارجية الإيراني” هذا العمل الآثم والجبان دليلاً واضحاً على الطبيعة الإرهابية والإجرامية للكيان الصهيوني، وداعميه المعروفين”، وقدم عراقتشي التبريك والتعازي في استشهاد من قال إنّه “القائد العظيم، وأحد القادة المحاربين القدامى والجرحى، في فترة الدفاع المقدس في حرس الثورة الإسلامية، المجاهد العميد عباس نيلفروشان، الذي استشهد برفقة سيد المقاومة الأمين العام لحزب الله في لبنان، حسن نصر الله”.
وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقتشي، في وقت سابق، للميادين، أنّ استشهاد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، يمثّل “خسارةً كبيرةً”، مشدداً في الوقت نفسه على أنّ ذلك “لا يعني نهاية المقاومة، بل إنّه يبشّر ببداية فصل جديد، يتميّز بقوة أكبر”، وفي تصريحات أخرى، أدلى بها أمس الأحد، شدّد عراقتشي على أنّ استشهاد نصر الله “لن يمرّ من دون ردّ، وسيزيد من قوة حزب الله، ولن يزعزع المقاومة”.
ميقاتي يناشد المجتمع الدولي..
أكبر عملية نزوح في تاريخ لبنان
أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، أن عدد النازحين بسبب الضربات الصهيونية المستمرة على لبنان قد يصل إلى “مليون شخص”، مشيراً إلى أن هذا النزوح قد يكون “الأكبر” في تاريخ البلاد. خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع لجنة الطوارئ الحكومية في بيروت، أوضح ميقاتي أن هناك 778 مركز إيواء تستوعب حالياً حوالي 118 ألف شخص، إلا أن العدد الفعلي للنازحين قد يكون أكبر بكثير، إذ يُقدَّر بنحو مليون شخص نزحوا في الأيام الأخيرة من مناطق جنوب لبنان، شرق البلاد، وضواحي بيروت الجنوبية. وأضاف ميقاتي أن “هذا قد يكون أكبر نزوح شهده لبنان والمنطقة عبر التاريخ”، في بلد يبلغ تعداد سكانه نحو 6 ملايين نسمة.
وأكد ميقاتي أن الدولة تبذل قصارى جهدها ضمن الإمكانيات المتاحة للتعامل مع أزمة النازحين وتداعيات العدوان الصهيوني. وأشار إلى أن الحكومة ستسهل دخول المساعدات بشرط وضوح الجهة المانحة والجهة المستلمة، مشيراً إلى اجتماع مرتقب مع الهيئات الدولية والدول المانحة لطلب دعم إضافي في هذه الظروف العصيبة.
كما أشار ميقاتي إلى تكثيف القوى الأمنية لإجراءات حماية مراكز الإيواء والنازحين، وضمان الأمن في المناطق والطرق، مع استمرار عمل المرافق البحرية والجوية في البلاد. وأكد تمسك لبنان بتطبيق القرار 1701، مشدداً على أن الجيش اللبناني مستعد لتنفيذه. وذكر أن الحكومة تعمل على وقف العدوان الصهيوني المستمر من خلال القنوات الدبلوماسية، مؤكداً أنه “لا خيار آخر” سوى هذا المسار، لبنان يتعرض منذ أسبوع لعدوان صهيوني واسع النطاق استهدف مناطق متعددة، وأسفر عن مئات القتلى وآلاف الجرحى، بالإضافة إلى تدمير كبير في البنية التحتية والمباني.