تحتلّ الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة الأولى عالميا من حيث امتلاك المدنيين للسلاح، وتشير إحصائيات نشرها موقع “Statista” أن 45℅ من الأسر الأمريكية أكدت امتلاكها لسلاح ناري واحد على الأقل في العام الماضي 2022.
النسبة الكبيرة للمدنين الأمريكيين المسلحين يقابلها ارتفاع مخيف في عدد ضحايا العنف المسلح، فطبقا لأحدث الإحصاءات المتاحة من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها “CDC”، فإن عام 2021 ـ آخر عام توفرت عنه بيانات كاملة ـ قد شهد مقتل 48830 شخصا بأسلحة نارية، وحسب مركز السيطرة على الأمراض، فإن هذا الرقم يشمل جرائم القتل بالأسلحة النارية وحالات الانتحار باستعمالها.
لماذا يحب الأمريكيون امتلاك سلاح ؟
تتمتّع الأسلحة النارية بدرجة كبيرة من الأهمية في ثقافة الأمريكيين الذين يفتخرون بامتلاكها، فمنذ إدراج الحق في حمل السلاح في التعديل الثاني لدستور الولايات المتحدة في الـ15 ديسمبر من عام 1791، احتفظت الأسلحة بقوة رمزية تتجاوز قوتها المادية، وأصبحت مصدر فخر لكثير من الأمريكيين، سواء كان امتلاكها لغرض الصيد أو رياضة الرماية أو الحماية الشخصية، فإن معظم مالكي الأسلحة يعتبرون الحق في حمل السلاح شرطا أساسيا لحريتهم، ووسيلة لحماية أنفسهم وممتلكاتهم من المعتدين ومن تغول الحكومة الفدرالية.
وحسب تقرير صدر عن “Small Arms Survey” ـ منظمة غير بحية مقرها جونيف ـ عام 2018، يمتلك المواطنون الأمريكيون أكثر من 393 مليون قطعة سلاح، وتجدر الإشارة هنا، إلى أن عدد المواطنين الأمريكيين في السنة ذاتها، قد بلغ 327 مليونا و96 ألف و265 نسمة.
ما هي الأسلحة النارية الأكثر استخداما في جرائم القتل ؟
استنادا لآخر بيانات نشرها مكتب التحقيقات الفدرالي عن جرائم العنف المسلح، استخدمت المسدسات “Guns” في 59℅ من جرائم القتل بالسلاح التي بلغ عددها 13.620 جريمة قتل ـ متعمد وغير متعمد ـ واستخدمت “Rifles” البنادق كما يُطلق عليها في الولايات المتحدة الأمريكية تسمية “assault weapons” أو “الأسلحة الهجومية” – في 3℅ من جرائم القتل بالأسلحة النارية، واستعملت بنادق الصيد “Shotguns” في 1℅ من الجرائم.
هذا وأشارت بيانات مكتب التحقيقات الفدرالي إلى تسجيل 36℅ من جرائم القتل المتعمد والقتل الخطأ، التي استخدمت فيها أنواع أخرى من الأسلحة النارية، مصنفة على أنها “غير مذكورة”.
الشروط القانونية
تختلف قوانين اقتناء سلاح ناري في الولايات المتحدة الأمريكية من ولاية لأخرى، لكن القانون الفدرالي يشترط في من يرغب في شراء بندقية صيد من بائع أسلحة مرخّص، أن يكون عمره 18 عاما فما فوق، أما من يرغب في اقتناء مسدس يدوي، فيُشترط عليه القانون تجاوز الـ21 سنة.
في ولاية فرجينيا على سبيل المثال، يجب على الراغب في امتلاك سلاح تقديم هوية شخصية صادرة عن السلطات المحلية للولاية، تحمل صورة الشخص، اسمه وتاريخ ميلاده، وفي حال تقديم رخصة السياقة كإثبات للهوية، يشترط قانون ولاية فرجينيا أن تكون قد مرت ثلاثين يوما عن تاريخ إصدارها.
وتضع فرجينيا المحاذية للعاصمة واشنطن شروطا أخرى على الراغبين في امتلاك السلاح من غير سكانها، تتمثّل في عقد إيجار ساري المفعول، دليل على ضريبة الممتلكات الشخصية المدفوعة أو ضريبة العقارات، فاتورة هاتف أو كهرباء، بطاقة ناخب، شيك مصرفي صالح للاستعمال، وثيقة تسجيل السيارة في حال كان الشخص يملك سيارة، وجواز سفر يتضمن عنوان المسكن.
البندقية بسعر هاتف !
أما فيما يتعلق بالأسعار فإنها وإن اختلفت حسب نوع السلاح تبقى في متناول الكثير من الأمريكيين، وحتى المراهق الذي يأخذ مصروف يومه من أهله بإمكانه اقتناء مسدس على موقع أمازون من نوع Colt Defender Semi Automatic Metal Frame.177 Caliber BB Gun Air Pistol الذي لا يتعدى سعره الـ54 دولار.
ويمكنك شراء بندقية صيد نوع Viridian X5L RS Gen 3 for Rifle من موقع أمازون، على أن تستلمها في غضون 6 أيام، مقابل 384 دولارا، أما الـAR-15 Rifle ـ المستعمل بقوّة في جرائم القتل الجماعي ـ فيتراوح سعره على موقع Guns.com المخصّص لبيع الأسلحة، ما بين 939 دولارا و1234 دولارا، وعلى سبيل المقارنة، يبلغ سعر هاتف Apple iphone 13 pro, 512 GB على موقع أمازون 1299 دولارا.
إطلاق نار جماعي
ويعد الحق في امتلاك السلاح، موضوع استقطاب سياسي بامتياز، إذ يطالب معارضوه الديمقراطيون بسن مزيد من القوانين لتقييد الوصول إليه، كما يرفعون مطلب منع بيع AR-15 Rifle أو كما يسمى السلاح الهجومي، الذي استعمل منذ بداية العام الجاري 2023، في ما لا يقل عن 160 عملية إطلاق نار جماعي، وحسب إحصائيات “Gun Violence Archive” أو أرشيف العنف المسلح – وهي قاعدة بيانات بحثية غير ربحية – فإن عدد عمليات إطلاق النار الجماعية قد ارتفع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، فقد كانت تحدث أكثر من 600 عملية إطلاق نار جماعي سنويا، أي بمعدل يقارب عملية كل يومين.
أما الجمهوريون الداعمون لحق امتلاكه، فيرون أن سن المزيد من القوانين اعتداء على حق دستوري، مرجعين سبب جرائم القتل لمشاكل منفذيها النفسية، وتهاون نظرائهم الديمقراطيين في التعامل مع الأشخاص ذوي الميول الإجرامية وأولئك الذين تم إخراجهم من السجون، وبسبب هذا التباين الواضح بين الحزبين الحاكمين، فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في وضع حد لجرائم العنف التي تتسبب سنويا في مقتل ما يزيد عن الـ40 ألف أمريكي.