يُرتقب أن يشرع المجلس الشعبي الوطني في مناقشة ودراسة مشروع قانون البلدية والولاية، بعد عيد الفطر، للمصادقة على أحكامه لاحقا، قصد تمكين المنتخبين المحليين من صلاحيات أوسع للمساهمة بقوة في التنمية المحلية والارتقاء بالخدمات لفائدة المواطن.
مشروع قانون البلدية والولاية الذي يكتسي أهمية كبرى لدى السلطات العليا، والموجود حاليا على مستوى الأمانة العامة للحكومة، سينزل في غضون الأسابيع القليلة القادمة إلى البرلمان، بعد مروره على مجلس الوزراء وموافقة هذا الأخير على مسودته التي نبّه الرئيس بشأنها ـ خلال اجتماع سابق (27 نوفمبر الفارط) ـ بضرورة مواصلة إصلاح قطاع الجماعات المحلية، وفق نظرة شاملة وعميقة، تتماشى وبرنامجه الرئاسي، خاصة وأن المنظومة القانونية التي تسير بها، لم تعد تواكب التّحولات الكبرى التي تعرفها البلاد.
كما ركز عبد المجيد تبون، آنذاك على التحضير لمقترحات مجديّة وعصرية بخصوص قانوني البلدية والولاية باعتبارهما المؤسستين الدستوريتين المؤهلتين لتسيير الجماعات المحلية والإقليمية، لافتا الانتباه إلى ضرورة مراعاة خصوصية كل بلدية، من حيث الإمكانات ومصادر الدخل.
وفي الموضوع، كشف، البرلماني عن حركة البناء رابح جدو، أن المشروع سالف الذكر، هو حاليا على مستوى الأمانة العامة للحكومة التي تنظر فيه قبل برمجته ضمن رزنامة اجتماع مجلس الوزراء، مشيرا أن الهيئة الحكومية من صلاحياتها التدقيق في مشاريع القوانين التي تجب المداولة بشأنها في اجتماع الحكومة ثم مجلس الوزراء قبل إيداعها لدى المجلس الشعبي الوطني.
وأوضح جدو ـ الذي سبق وأن كُلّف بصفته عضو ضمن أحد ورشات وزارة الداخلية بمراجعة مشروع قانون البلدية والولاية ـ في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أن النواب ينتظرون نزول المشروع الجديد من أجل مناقشته بعد عيد الفطر، بما أن مشاريع القوانين ـ قيد الدراسة ولمناقشة ـ حاليا على مستوى المجلس سيُصادق عليها خلال الأيام المقبلة.
وبشأن تمرير هذا المشروع بشكل استعجالي شأنه شأن مشروع قانون الاستثمار المُصادق عليه خلال الدورة البرلمانية الفارطة، قال البرلماني، إن مشروع قانون البلدية والولاية لا يحمل صفة الاستعجال، لذلك فسيأخذ الوقت الكافي من أجل مناقشة مواده وإثراء تعديلاته، قبل المصادقة عليه، لاسيما وأنه يكتسي أهمية بالغة تمسّ بشكل مباشر الحياة المعيشية للمواطن، وكذا المسائل التنموية على المستوى المحلي ومساهمتها في التنمية الوطنية والدفع بعجلة الاقتصاد.
وكما هو معلوم فإن تعديلات المشروع الجديد والتي تأتي لمواكبة التّحولات السياسية والاقتصادية التي تعرفها الجزائر، لطالما كانت أهمّ مطلب لمختلف المنتخبين والمختصين والمهتمين بالشأن المحلي، لما لها من أثر بالغ يتعدّى حدود إقليم معين، لاسيما ما تعلّق بالجباية وضعف الواردات، ما يستدعي تشجيع رؤساء البلديات على روح المبادرة واستحداث نشاطات ومشاريع اقتصادية مصغّرة، استنادا لأحكام جديدة سيشملها النص الجديد.
ومن المنتظر أن تكشف التعديلات الجيدة لمشروع قانون البلدية والولاية عن رزمة من المقترحات الجديدة تهدف إلى معالجة كل الاختلالات الحاصلة، لاسيما فيما يخصّ المجالس المحلية المنتخبة، وصلاحياتها في التسيير وإشراك المواطن والدفع بالمشاريع التنموية، ناهيك عن التعاون والتضامن بين البلديات.
أهم محاور تعديلات المشروع الجديد
وتحدّث ممثّل الشعب، عن أهم المحاور المعنية بالتعديل، والتي تتعلق بـ”مسائل هامة موجودة على مستوى كل بلديات دول العالم، لاسيما الجباية المحلية التي تمول خزينة البلدية، وبدرجة ثانية الاستثمارات المحلية، وأيضا محور ممتلكات البلدية، وأخيرا الشراكة مع القطاع الخاص، هذه الأخيرة التي تعتبر الجانب الجديد في مشروع القانون خلافا لما كان يُكرّس سابقا، حيث يُجيز النص القانوني دخول البلديات في استثمارات لمشاريع بالشراكة مع مؤسسات متوسطة ومصغّرة خاصة على مستوى محيطها وفق قاعدة “رابح ـ رابح”.
كما القانون يتيح للبلديات وفي إطار التعاون، عقد شراكات مع بلديات بدول أجنبيه للاستفادة من التكنولوجيا وخلق مشاريع استثمارية مشتركة مربحة تعود بالفائدة على الطرفين وفق عقود ودفاتر شروط، مثل الاستفادة من خبرة بلديات ناجحة في مجال تدوير النفايات، أو الطاقات المتجدّدة، يقول محدثنا الذي أشار إلى نقطة هامة يتطرّق إليها التعديل المقبل، تتعلق بالعقار على مستوى البلديات، حيث من المرتقب أن يُجيز القانون للمجلس البلدي تسيير العقار على مستوى الجماعة المحلية، خلافا لما كان سابقا، حين كانت الوكالة العقارية تتكفّل بالعقار منذ التسعينيات، ويسمح هذا الجديد بتذليل الكثير من الصعوبات الخاصة بالملكية.
كما من المنتظر أن يقترح مشروع القانون إنشاء جهاز شرطة البلدية من صلاحياته مساعدة “الأميار” في تنفيذ صلاحياته في مجال الضبط الإداري، وضبط النظام العام، حيث ستحدد تفاصيل مهام وآليات تنفيذها في مرسوم تنظيمي يُصدر لاحقا، يضيف جدو.