عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اجتماعا علنيا طارئا، الثلاثاء، لمناقشة قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف باستقلال منطقتي دونيستك ولوغانسك الانفصاليتين عن أوكرانيا.
ووصفت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إعلان الرئيس بوتين بأن قواته التي أمرها بالتوجه إلى شرق أوكرانيا هي لحفظ السلام بأنه مجرد “هراء”.
وقالت السفيرة خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن لبحث أزمة أوكرانيا “نعرف ما حقيقتهم”، وجاءت تعليقاتها بعدما أعربت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وحفظ السلام روزماري ديكارلو عن “أسفها” لنشر جنود روس في الجمهوريتين الانفصاليتين.
أما السفيرة البريطانية باربرا وودوارد فقالت إن المجلس يجب أن يكون متحدا في حض روسيا على “خفض التصعيد واحترام التزاماتها”.
وأضافت “لقد جرتنا روسيا إلى حافة الهاوية.. نحض روسيا على التراجع الى الوراء”، بينما اعتبر سفير كينيا مارتن كيماني إن الخطوة الروسية “انتهاك لوحدة أراضي أوكرانيا”.
وأعلن بوتين -مساء أمس الاثنين- اعتراف بلاده باستقلال المنطقتين الانفصاليتين دونيتسك ولوغانسك، ووقع على مرسومين باعتراف روسيا بالجمهوريتين، طالبا من البرلمان الروسي الاعتراف الفوري بهذا القرار.
ودخلت قافلات عسكرية روسية الليلة الماضية إلى منطقتي دونيتسك ولوغانسك وذلك بعد ساعات من قرار بوتين الاعتراف بهما جمهوريتين منفصلتين عن أوكرانيا.
من جهة أخرى، قال مندوب روسيا في مجلس الأمن إن المواقف الدولية توحي بأن اعتراف روسيا بدونيتسك ولوغانسك خطوة مفاجئة، ولكن هذا غير صحيح.
وأضاف المندوب الروسي أن جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك أعلنتا استقلالهما عام 2015، لكننا اعترفنا بهما اليوم فقط.
وقال إن الوضع في شرقي أوكرانيا تفاقم، وشهدنا قصفا للمناطق السكنية في دونيتسك ولوغانسك، مشيرا إلى أن نحو 60 ألف شخص فروا من دونباس إلى داخل روسيا بسبب القصف الأوكراني.
وأكد أنه من واجب روسيا حماية المدنيين الروس في أوكرانيا، وذلك أهم من تهديدات الدول الغربية.
من جهته، قال المندوب الأوكراني في مجلس الأمن إنهم طالبوا بهذا الاجتماع الطارئ للفت الانتباه إلى القرار غير المشروع للرئيس الروسي.
وأضاف أن حدود أوكرانيا كانت وستبقى دون أي تغيير بصرف النظر عن الخطوات التي أعلنتها روسيا.
وقال المندوب الأوكراني “اليوم، قام الكرملين بنسخ ولصق مرسوم جورجيا لعام 2008 كلمة بكلمة”.
وأضاف ساخرا “لا يوجد إبداع على الإطلاق، آلة النسخ في الكرملين تعمل بشكل جيد للغاية”.
وكانت روسيا التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن منذ بداية فبراير/شباط الجاري، تريد عقد جلسة مغلقة لكن الولايات المتحدة عارضت ذلك.
اعتراف بالاستقلال
وأعلن بوتين – مساء أمس الإثنين – اعتراف بلاده باستقلال المنطقتين الانفصاليتين دونيتسك ولوغانسك، ووقع على مرسومين باعتراف روسيا بالجمهوريتين، طالبا من البرلمان الروسي الاعتراف الفوري بهذا القرار.
في المقابل، قال المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن إرسال بوتين قوات حفظ سلام إلى دونيتسك ولوغانسك اعتداء صريح على أوكرانيا، وانتهاك لوحدة أراضيها وسيادتها.
وقال بوريل إن على مجلس الأمن الدولي أن يجتمع في أسرع وقت ممكن لمواجهة تداعيات التطورات الأخيرة في أوكرانيا.
وقد كشفت صحيفة “نيويورك تايمز”، أن جنودا روسيين دون شارات ورتب عسكرية وعشرات الآليات العسكرية على بعد 60 كيلومترا من الحدود الأوكرانية.
كما نقلت صحيفة “غارديان البريطانية عن مسؤول أوروبي رفيع أن بوتين يريد كامل أوكرانيا، وقد يكون الاعتراف مجرد نقطة بداية لتصعيد أكبر.
كما قال موقع “أكسيوس” (Axios) إن اعتراف بوتين بدونيتسك ولوغانسك هو على الأرجح خطوة أولى لعملية عسكرية واسعة.
انتهاك للسيادة
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إن اعتراف روسيا بمن وصفهم “بالمتمردين” انتهاك لسيادة بلاده.
وقال زيلينسكي في خطاب متلفز إلى الشعب الأوكراني إن كييف تنتظر خطوات دعم حاسمة وواضحة من قبل شركائها. وأضاف أن بلاده تؤيد التسوية السلمية والدبلوماسية مشددا على أن حدود أوكرانيا الدولية ستبقى كما هي.
كما دعا زيلينسكي إلى قمة طارئة لأعضاء صيغة نورماندي لبحث الإجراءات الروسية الأخيرة.
تحسبات للغزو
وأعلنت الولايات المتحدة -أمس الاثنين- نقل جميع دبلوماسييها المتبقين في أوكرانيا إلى بولندا لدواع أمنية، وذلك بعد ساعات من اعتراف بوتين بالجمهوريتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا وإعطاء قواته أوامر بدخولهما.
وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن -في بيان- “لأسباب أمنية سيقضي موظفو وزارة الخارجية الموجودون حاليا في لفيف هذه الليلة في بولندا”.
وتأتي هذه الخطوة بعد نحو أسبوع من نقل السفارة الأمريكية من كييف إلى لفيف جراء تصاعد التوتر بشكل متسارع، مع حشد الجيش الروسي قواته عند الحدود مع أوكرانيا.
كما ذكرت شبكة “إيه بي سي” (ABC) أن واشنطن تحث الرئيس الأوكراني على التوجه نحو مدينة لفيف (غربي أوكرانيا) حفاظا على سلامته.
كما نقلت الشبكة عن مسؤول في الإدارة الأمريكية أن موسكو ما زالت تستعد لغزو أوكرانيا في الساعات أو الأيام المقبلة.
كما ذكرت شبكة “إن بي سي” (NBC) عن مصادر قولها إن الحكومة الأوكرانية نقلت تقنيات أمنية مهمة والقيادة العسكرية خارج كييف تحسبا لهجوم روسي.
ونقلت شبكة “سي إن إن” (CNN) عن جون فاينر نائب مستشار الأمن القومي أنه استنادا إلى أحدث المعلومات الاستخباراتية فإن الإدارة الأمريكية ما زالت تعتقد أن روسيا قد تقوم بعمل عسكري في أوكرانيا في أي وقت.
وأكد فاينر أن كل الإشارات التي نراها على الأرض -بما في ذلك ما كشف عنه الكرملين- تدل على أن روسيا ماضية في عملها العسكري وليس اتباع الدبلوماسية، مشددا على أن واشنطن مستعدة للرد على الخطوة التي أعلنت عنها موسكو. كما نقلت “سي إن إن” عن مسؤول أمريكي قوله إنه ليس من المرجح عقد قمة بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين.