يتعمّد الاحتلال الصهيوني استهداف البنية التحتية للنظام المالي والمصرفي في قطاع غزة والضفة الغربية؛ إذ غالبا ما يظهر جنوده – خلال تنفيذ هذه الإستراتيجية العدائية ضد الفلسطينيين – وهم يقتحمون شركات ومكاتب الصرافة وينهبون محتوياتها، على طريقة العصابات المتجذّرة في تاريخ الكيان. ولا يقتصر النهب والسطو على المحلات التجارية فحسب، بل تشير التقارير إلى أن جنود الاحتلال الصهيوني أقدموا على سرقة كميات هائلة من المتعلّقات الشخصيّة والمقتنيات الثمينة خلال اقتحامهم منازل المدنيين الفلسطينيين، في مشهد يؤكد أن السّلب والنّهب لا تمثله أعمال فردية، بل يظهران كجزء من عقيدة (الجيش) الصهيوني، الذي بتصرفاته أصبح أقرب إلى سلوك العصابات منه إلى جيش نظامي تحكمه ضوابط تتحلى بها باقي جيوش العالم.
=== أعدّ الملف: حميد سعدون – م. ب – س. س ===
فجر الخميس المنقضي، شهدت الضفة الغربية مداهمات مروعة نفّذتها قوات الاحتلال الصهيوني، حين استهدفت عدة محلات صرافة، واعتقلت عددا من العاملين فيها. ولتكتمل الصورة الصادمة، استولت تلك القوات على أموال تُقدر بحوالي 10 ملايين شيكل، وهو ما يعادل 2.8 مليون دولار أمريكي.
هذه المداهمات – التي تندرج ضمن العدوان الشامل الذي ينفذه الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين – جاءت بعد قرار صادر عن وزير الدفاع الصهيوني، يوآف غالانت، الذي قام بتصنيف خمس شركات صرافة وفروعها في الضفة الغربية ضمن قوائم الإرهاب، وهو إجراء يمنح القوات الصهيونية كل الصلاحيات للتحرك ضدّها دون أدنى التزام بأي إجراءات قانونية.
فخلال التنفيذ، قام جنود الاحتلال باعتقال عدد من العاملين في شركات الصرافة، ثم سارعوا إلى نهب وسلب كل ما وجدوه أمامهم، على اعتبار أنها غنائم حرب؛ فبموجب التصنيف، يكون الوزير الصهيوني، غالانت، قد شجع على أن تكون أموال تلك الشركات هدفًا للاستيلاء عليها، ما يعرض الاقتصاد الفلسطيني لخنق كامل وتفكيك متواصل للنظام المالي في غزة والضفة.
وشملت مداهمات فجر الخميس محلات صرافة في جنين شمالي الضفة الغربية، حيث استولت قوات الاحتلال على أموالها، وادّعى (الجيش) الصهيوني أن المداهمات جاءت عقب تحقيق مشترك أجراه مع جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) ووزارة الداخلية وسلطة الضرائب، للاشتباه في أن تلك الشركات تموّل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي. ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤول أمني صهيوني قوله إن قرار إغلاق محلات الصرافة هو جزء من الحملة الأوسع ضد “حماس”.
غير أن سلطة النقد الفلسطينية، المؤسسة القائمة بأعمال البنك المركزي، أكدت أن (الجيش) الصهيوني أقدم فجر الخميس على اقتحام مقار 6 شركات صرافة ومداهمتها في عدد من محافظات الضفة الغربية، وجميع تلك الشركات خاضعة لرقابة وإشراف سلطة النقد الفلسطينية، التي أكدت أيضا قيام الاحتلال باعتقال عدد من أصحاب تلك الشركات، والاستيلاء على مبالغ مالية من خزناتها، بعد تفجيرها.
وقالت سلطة النقد: “نعتبر أن الاعتداء ومداهمة وتدمير المقرات التابعة لكيانات خاضعة لرقابتها مخالفة لكلّ الأعراف والقوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية، وهي تهدف إلى زعزعة الثقة بالقطاع المصرفي والصيرفي الفلسطيني. وأكدت السلطة أنها “تطبق أحدث النظم الرقابية على القطاع الصيرفي، بهدف الحفاظ على سلامة هذا القطاع وتطوير أعماله والارتقاء بالخدمات التي يقدمها للفلسطينيين بما يتوافق مع المتطلبات الدولية”.
ومنذ إعادة اجتياح الضفة الغربية، لم يتوقف الاحتلال عن مداهمة واقتحام مَحالّ الصرافة بذريعة استخدامها من قبل الفصائل الفلسطينية – وتحديدا حركة “حماس” – لتلقي أموال من الخارج، وهو ما ينفيه أصحاب المَحالّ، الذين يقولون إنهم يخضعون لنظام مالي صارم.
وطالت المداهمات مَحالّ صرافة عدة في محافظة رام الله والبيرة والخليل وجنين وطولكرم، ورافق الاقتحام مصادرة ملايين الشواكل (الدولار يساوي 3.62 شواكل)، واعتقال 21 من مالكي تلك الشركات والعاملين فيها، وفق بيان أصدره (الجيش) الصهيوني، فيما تحدثت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادرة 10 ملايين شيكل.
نهب وسطو على ممتلكات الفلسطينيين بعلم سلطات الاحتلال..
الجنود الصهاينة يوثّقون سرقاتهم وينشرونها عبر مواقع التواصل استعراضا للقوة!
“وحدة الغنائم” بـ (الجيش) الصهيوني أقرّت بمصادرتها أموالا وعملات أجنبية
في آخر ساعات العام 2023، قال “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” إن (الجيش) الصهيوني يطلق العنان لجنوده في قطاع غزة للإقدام على “ممارسات غير أخلاقية” في حق المدنيين الفلسطينيين خلال مداهمة منازلهم، تشمل سرقة الممتلكات ونهبها. ونشر المرصد على موقعه الإلكتروني، يوم الجمعة الماضي، تقريرًا بعنوان “سرقات ممنهجة وأعمال نهب لمنازل مدنيين فلسطينيين من (الجيش) الصهيوني في غزة”.
ووثّق المرصد، في تقريره، سلسلة حالات تكشف تورّط جنود صهاينة في سرقات ممنهجة مست أموالا ومتعلقات تعود إلى فلسطينيين، وتشمل الذهب وهواتف نقالة وحواسيب محمولة، وتُظهر شهادات جمعها المرصد أن “مداهمات (الجيش) الصهيوني تتجاوز الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والإعدام الميداني إلى تخريب متعمد للممتلكات الشخصية، ومن ثمّة حرق المنازل”.
وقال المرصد ذاته إن تقديراته الأولية، بناءً على ما وثقه من إفادات، تشير إلى أعمال نهب واسعة تتجاوز حصيلتها عشرات الملايين من الدولارات”، ونقل المرصد عن الفلسطيني ثابت سليم (40 عامًا) قوله إن قوات (الجيش) الصهيوني عمدت إلى نهب كل ما يتوفر من أموال وذهب لدى اعتقاله واثنين من أبنائه من داخل منزلهم في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة، وأوضح سليم أنه تم إطلاق سراحه وحده قبل يومين، في حين لا يعلم شيئًا عن مصير أبنائه. وذكر أن قيمة ما أخذه الجنود من مبالغ مالية في منزلي تتجاوز 10 آلاف دولار أمريكي، يضاف إليها مبلغ مماثل تقريبًا وهو عبارة عن ذهب لزوجته وزوجة نجله البكر، حسب التقرير.
وحدة الغنائم
أما أم محمد غربية من سكان حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، فأبلغت فريق المرصد أن قوات (الجيش) الصهيوني انتزعت بالقوة حُليّها الذهبية التي كانت ترتديها خلال دهم منزلهم واعتقال زوجها ونجلها البكر منتصف ديسمبر الجاري. ودعا المرصد إلى تحقيق دولي شامل ومحايد في انتهاكات قوات (الجيش) الصهيوني الجسيمة بحق السكان في قطاع غزة وممتلكاتهم.
صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية سبق وأن اعترفت بما أسمته “السرقة الممنهجة لأموال الغزيين”، حين أكدت أنه منذ بداية الاجتياح البري للقطاع، استولى (الجيش) الصهيوني على 5 ملايين شيكل، تم تحويلها إلى القسم المالي بوزارة الدفاع، وأوضحت الصحيفة أن “وحدة الغنائم” في شعبة التكنولوجيا واللوجستيات بالجيش صادرت الأموال التي تم ضبطها، من بين أمور أخرى، مشيرة إلى أن الأموال المصادرة تشمل أيضا عملات أمريكية وأردنية وعراقية وغيرها.
ولم يكتف جنود الاحتلال بسرقة أموال الفلسطينيين فحسب، بل دأبوا على اقتحام منازلهم والعبث بها والاستيلاء على ما يمكنهم الاستيلاء عليه من ممتلكاتهم وحاجياتهم، كما أظهرت ذلك مقاطع فيديو تم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي لحسابات إسرائيليين نشروها وتفاخروا بها. وانتشر على منصات التواصل – في وقت سابق – مقطع فيديو لجندي صهيوني يعزف على آلة غيتار ويغني فوق ركام أنقاض المنازل التي تم تدميرها في غزة بعد تشريد أهاليها، وهذا الجندي يدعى متان كوهين، ونشر بنفسه الفيديو الذي يظهر فيه يعزف وسط دمار هائل من حوله.
لكن المفاجأة، كانت فيما كشفه عازف موسيقي فلسطيني يدعى حمادة، من خلال منشور له على منصة إنستغرام، حين أكد أن الآلة الموسيقية تعود له وأنها “الذكرى الأخيرة” من والده المتوفى عام 2014، الأمر الذي دعا الجندي إلى حذف المقطع من حسابه. وتساءل حمادة مستنكرا “ألا يكفي أنهم يأخذون أحبابنا وبيوتنا وعائلاتنا وحتى موسيقانا وذكرياتنا؟ أين يتوقف الظلم؟!”.
كما أظهر مقطع فيديو آخر تداوله ناشطون على منصات التواصل جندياً صهيونيا يتباهى بحصوله على قلادة من فضة قام بنهبها من غزة ليهديها لصديقته. ولا يقتصر الأمر على غزة، حيث نشر جنود الاحتلال مشاهد تظهرهم يركبون دراجات نارية سرقوها من السكان في مخيم جنين للاجئين، ضمن الاعتداءات اليومية التي تشنها قوات الاحتلال على مدن ومخيمات بالضفة الغربية.
ويلاحظ أن هذه المقاطع التي يقوم بنشرها جنود إسرائيليون متباهين فيها بنهبهم وسطوهم على ممتلكات الفلسطينيين يقومون بحذفها لاحقًا لأنها تثير الجدل، حتى في أوساط الكيان الرسمية التي سرعان ما تعلن تبرؤها من هذه الأفعال زاعمة أنها – مستخدمة لغة النفاق – “لا تمثل القيم والأخلاق في (الجيش) الصهيوني”!
في الكيان الصهيوني.. “حاميها حراميها”..
مستوطنو غلاف غزة يتّهمون الجنود الصهاينة بالسّطو على منازلهم!
الشكاوى الموجّهة إلى السلطات الإسرائيلية علّقت بحجّة أن غلاف غزة منطقة عسكرية
لا يكتفي جنود الاحتلال بنهب أموال الفلسطينيين فحسب، بل وصل به الأمر إلى نهب وسلب مقتنيات ثمينة ومبالغ مالية، من منازل في مستوطنات “غلاف غزة” كانت عائلات إسرائيلية قد أخلتها، وهو ما أثبتته – في نوفمبر المنقضي – تلك العائلات المتضررة من خلال توجيه تهمة النهب والسلب ل- (الجيش) الصهيوني.
هذه الاتهامات دحضت أكاذيب حكومة سلطة الاحتلال التي اتهمت عناصر من “كتائب القسام” بسرقة منازل العائلات في غلاف غزة خلال عملية “طوفان الأقصى” في السابع من الشهر الماضي، وكذلك استعمال بطاقات بنكية لتلك العائلات للشراء عبر الإنترنت.
وتهدف هذه الأكاذيب إلى تشويه المقاومة الفلسطينية، وتسويق الكيان صورةً عن ذاته بأنه ضحية، وللتغطية أيضا على ممارسات (جيش) الاحتلال. غير أن تعالي بعض الأصوات الإسرائيلية التي اتهمت جنود من جيش الاحتلال بالسرقة والنهب، أظهرت الحقيقة وفيما بعد حاول الاحتلال الضغط على العائلات لإسكاتها بغية حصول الكيان على استعطاف الرأي العام العالمي.
لكنّ كتائب القسام قد بثت عدة مقاطع مصورة تظهر تعامل مقاتليها مع النساء والأطفال وكبار السن في غلاف غزة، بعد أن سيطرت عليها المقاومة الفلسطينية. وفي المقابل فإنه – مع نهاية الأسبوع الرابع من العدوان على قطاع غزة – سلط تقرير لصحيفة “دي ماركر” الاقتصادية الضوء على حقيقة نهب وسرقة منازل العائلات اليهودية في غلاف غزة.
سكان كيبوتسات (مستوطنات زراعية) بالنقب الغربي تم إجلاؤهم من منازلهم، قالوا إن “المنازل بقيت مفتوحة وبلا حراسة، حيث ظهر أنه تم اقتحامها وتخريبها وسرقتها، ونهب الأشياء الثمينة منها من قبل جنود (جيش) الدفاع الصهيوني، الذين يقيمون في المنطقة لأغراض عملياتية”. ووفقا للسكان الذين تحدثوا عن منازلهم المنهوبة، فإنهم عندما اتصلوا بالشرطة الصهيونية بغرض تقديم شكوى بشأن السرقة، قيل لهم إنه لا توجد طريقة للتعامل مع شكواهم، لأنه تم إعلان غلاف غزة والجنوب منطقةً عسكرية مغلقة.
وإزاء ذلك، دعتهم الشرطة للاتصال ب- (الجيش) الصهيوني، الذي قالوا إنه “لم يتعامل مع شكاواهم”، وذلك وفق ما سردت الصحفية “كيم لجزيائيل”، التي وثقت إفادات العائلات وأعدت التقرير. هذا، وأقر المجلس الإقليمي في مستوطنة “أشكول” بوجود شكاوى من هذا القبيل قدمتها عدة عائلات، وقال إنه قبل أسبوعين وردت شكوى بشأن السطو على منزل في “حوليت” تم تحويلها إلى (الجيش) وفتح تحقيق في الشرطة العسكرية. ووفق المجلس، فقد وصلت شكوى أخرى من كيبوتس “نير يتسحاق”، وتم عرضها على (الجيش).
نجله أسير ومنزله نهبه جنود!
زوهر حايمي، واحد من سكان مستوطنة “نير إسحاق” في غلاف غزة، والذي أُسِر ابنه، تل حايمي، خلال عملية “طوفان الأقصى” والذي ما يزال محتجزا في قطاع غزة، جرى اقتحام منزله بينما كان يقيم في فندق في إيلات، وهو خائف على ممتلكاته. وسرد حايمي للصحيفة روايته قائلا: “تركنا المنازل كما هي، وقد عاد بعض الناس بالفعل مرة أو مرتين لأخذ المعدات.. وضع (الجيش) أقفالا على الأبواب التي اقتحمها المسلحون، لكن هذه الأقفال تحطّمت”، وتحدث سكان “الكيبوتس” عن سرقة أجهزة الكمبيوتر ومعدات كهربائية.
ولتعزيز التهم بأن من قام بعمليات السرقة والنهب هم من الجنود، استعرض حايمي صورة لباب منزله، الذي أطلق المسلحون من حماس النار عليه واقتحموه ثم أغلقه (الجيش) الصهيوني. ولكن في وقت لاحق تم كسر القفل وتحطمت نوافذ المنزل الذي تعرض للسطو. وأضاف حايمي يقول: “يبدو أنهم اقتحموا المنزل باستعمال قضيب حديدي. نحن محبطون للغاية. وأبلغنا (الجيش) بذلك على أعلى المستويات، لكنه لا يسيطر على الأمر وهناك عمليات نهب للمنازل. كل هذا وابني رهينة في خان يونس، حيا أو ميتا، لا أعرف”.
ووفق حايمي، ليس من الصعب دخول الكيبوتس، حتى اليوم، وقال “كل من أراد أتى إلى الكيبوتس ليأخذ أشياء من المنازل. (الجيش) عند البوابة، لكن هذا ليس كافيا “.
مجوهرات ومبالغ نقدية
“لقد حدث نهب، هذا أمر مؤكد، لكن كم نُهب؟ هذا سؤال آخر”، هكذا علق إيلي هيرشكوفيتش أحد سكان مستوطنة “حوليت” ومصور صحيفة “هآرتس” في الجنوب، والذي يعيش الآن في منطقة “أوفاكيم” في النقب بعد إجلائه من منزله، حيث كان محاصرا يوم عملية “طوفان الأقصى”.
عندما عاد هيرشكوفيتش لتفقد الكيبوتس، اكتشف أن منزله قد تعرض للنهب، حيث قال: “اتضح أنه كان هناك جنود مجهولون تجولوا في المنازل وداهموها بحثا عن المجوهرات والذهب، هؤلاء أشخاص يرتدون الزي العسكري، ليسوا متسللين قفزوا فوق السياج، لأنه من المستحيل دخول الكيبوتس. هناك مواقع للجنود حول جميع السياج”.
وتابع مؤكدا: “أعلم أنه تم تقديم شكاوى إلى الشرطة، لكنهم يزعمون أنها منطقة عسكرية، ولهذا السبب ليسوا مسؤولين عنها ولا يتعاملون معها، لقد اتصلنا بفرقة غزة والشرطة العسكرية”.
عاد هيرشكوفيتش إلى الكيبوتس بعد 5 أيام من اندلاع الحرب لإنقاذ الكلاب والقطط، فدخل منزله، في هذه المرحلة كان المنزل سليما، ولكن عندما عاد بعد أسبوع اكتشف أنه قد تعرض للنهب؛ معلقا بالقول: “لقد سرقوا آلاف الشواكل، وأخذوا قلائد مطلية بالذهب وحتى عملات معدنية مطلية بالذهب، لقد فتشوا كل درج في المنزل، وفتحوا الخزانة وبحثوا عن أشياء بداخلها، لدي سكين عسكري قديم، لقد سرقوه، لقد سرقوا أشياء لها قيمة شخصية، حدث هذا في 6 منازل في حوليت”.
مسلحو حماس رتّبوا المنازل
أحد سكان “نير إسحاق”، الذي طلب عدم ذكر اسمه، قال “بعد أن توجهنا إلى إيلات، جاء الجنود إلى منزلنا من أجل أن يناموا فيه.. ليس لدي مشكلة في ذلك، لكنهم تركوا المنزل ملوثا وخرّبوه.. تم إخراج طاولة تناول الطعام للحديقة وتركوا الطعام متناثرا عليها.. وكذلك لحافات النوم الخاصة بنا بقيت بالخارج للرمال والكلاب والعفن”.
وأضاف المتحدث يقول: “لقد استخدموا غسالتنا، وأخرجوا ملابسنا النظيفة وتركوا ملابسهم وراءهم. حمام أطفالي مملوء بأغراضهم.. من المستحيل العودة إلى المنزل في هذه الحالة.. إنه عدم احترام كامل”، وتابع يقول: “أنا لا أناقش إذا كان لدى (جيش) الدفاع الصهيوني حاجة تلزمه استخدام منزلي، ولكن الحد الأدنى هو أن تعيد المنزل إلى حالته ولا تحدث أي أضرار فيه!”.
وذكر أن “المسلحين من حماس عندما تواجدوا في منازلنا رتّبوا الفوضى التي حدثت خلال الهجوم، كما أزالوا الزجاج الذي تكسّر خلال إطلاق النار، لقد أصلحوا الفوضى ليتمكنوا من المكوث بالمنازل”.
القرصنة واللصوصية تمارسان على المستوى الرّسمي..
الحكومة الإسرائيلية تقتطع من عائدات الضرائب بحجة معاقبة “حماس”
بتسلئيل يلوّح بالاستقالة إذا ما سلّمت المقاصة كاملةً إلى السّلطة الفلسطينية
لا تزال وزارة المالية الفلسطينية ترفض استلام أموال عائدات الضرائب، أو ما يصطلح على تسميته بالمقاصة، التي حوّلتها سلطة الكيان، بعدما استقطعت جزءاً منها، كنوع من أعمال القرصنة واللصوصية التي يمارسها الكيان الصهيوني على المستوى الرسمي.
وكانت الوزارة الفلسطينية قد ذكرت، في بيان، أن وزارة المالية الصهيونية “اقتطعت وخصمت مبلغ 600 مليون شيكل (نحو 156 مليون دولار من أموال المقاصة الشهرية بذريعة أن جزءا من هذا المبلغ يشمل رواتب ومخصصات موظفين ومصاريف لقطاع غزة”.
وأضافت: “بناء على هذه الخطوة العدوانية غير القانونية واللاإنسانية، اتخذت القيادة والحكومة الفلسطينية القرار بعدم استلام الحوالة المنقوصة وردها، وهو ما تم فعلا”. وأشار البيان إلى أن صرف رواتب أكتوبر سيتأخر نظرا إلى أن أموال المقاصة تشكل مصدرا أساسيا لسداد رواتب موظفي القطاع العام.
وكان مجلس وزراء حكومة سلطة الحرب الصهيونية قد قرر تحويل أموال الضرائب المجمدة إلى السلطة الفلسطينية، على أن تخصم منها الأموال المخصصة لقطاع غزة. والمعروف أن إدارة الكيان – التي تسيطر على المعابر والمنافذ البحرية والبرية – تجبي الضرائب الفلسطينية نيابة عن السلطة وتحوّلها لها مقابل عمولة يحصل عليها الكيان.
غير أن الرئاسة الفلسطينية نددت بحجز أموال المقاصة، واصفة ذلك بأنه “قرصنة وعقاب جماعي للشعب الفلسطيني بأكمله”. وتعتمد السلطة الفلسطينية على أموال المقاصة من أجل دفع رواتب موظفيها، علما أن دفع رواتب نوفمبر الماضي تأخر. وقد تم دفع نصف الراتب للموظفين بموجب اتفاق مع البنوك المحلية، وكانت وسائل إعلام عبرية أشارت في الأيام الماضية إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية طلبت من الكيان إعادة استقدام عمال من الضفة الغربية وتحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية.
لكن وزير المالية الصهيوني، بتسلئيل سموتريتش جدد – يوم الجمعة – رفضه مطالب أمريكية بتحويل أموال المقاصة كاملة إلى السلطة الفلسطينية. وقال سموتريتش – الذي يتزعم حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف- “نكن احتراما كبيرا للولايات المتحدة أفضل حليف لنا في العالم وللرئيس جو بايدن وهو صديق حقيقي لـ (إسرائيل)، لكننا لن نترك مصيرنا أبدا في أيدي الأجانب”.
وجاء تعليق سموتريتش بعد أن نقل “موقع والا” العبري، يوم الخميس، أن بايدن أجرى محادثة صعبة نهاية الأسبوع الماضي مع رئيس سلطة الكيان الوزراء بنيامين نتنياهو، بشأن قرار الكيان حجب جزء من عائدات الضرائب التي تجمعها للسلطة الفلسطينية”. وقد أعربت إدارة بايدن عن مخاوفها من أن يؤدي الانهيار الاقتصادي للسلطة إلى تصعيد عنيف في الضفة الغربية، نتيجة عدم قدرتها على دفع رواتب قواتها الأمنية.
لكن سموتريتش شدد على أنه ما دام وزيرا للمالية “فلن يذهب شيكل واحد إلى غزة”، ومنذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر الماضي، أعلن سموتريتش رفضه تحويل أموال المقاصة كاملة إلى السلطة الفلسطينية.
آلية الجمع والتّوزيع
وتقوم سلطة الكيان بجمع الضرائب نيابة عن السلطة مقابل واردات الفلسطينيين على السلع المستوردة، وتُحوّل الأموال إليها شهريا بمتوسط يتراوح من 750 إلى 800 مليون شيكل (نحو 190 مليون دولار)، يحول منها لقطاع غزة في الأحوال الطبيعية 270 مليون شيكل (نحو 75 مليون دولار).
وتوزّع الأموال المخصصة لغزة بنحو 170 مليون شيكل توجه لرواتب موظفي السلطة الفلسطينية بالقطاع، و100 مليون شيكل لسداد فاتورة الوقود الخاصة بمحطة كهرباء غزة، وتعتمد السلطة الفلسطينية بشكل كبير على هذه الأموال التي تسمى المقاصة في دفع رواتب موظفي القطاع العام.
وفي نوفمبر الماضي، اشترط سموتريتش تحويل المقاصة بخصم حصة قطاع غزة منها، وهو ما رفضته السلطة الفلسطينية، فأعلنت قرارها رفض تلقي الأموال منقوصة، ولم تتمكن السلطة خلال الشهرين الأخيرين من دفع رواتب موظفي القطاع العام إلا جزئيا، وبالاقتراض من المصارف المحلية.
الوزير الصهيوني سموتريش تعهد، ديسمبر الماضي، بعدم السماح بتحويل أموال الضرائب الفلسطينية إلى غزة، ملمّحا إلى أنه سيستقيل من الحكومة بدلا من تمرير التحويل، وأعلن رفضه تحويل “حتى شيكل واحد” من الأموال إلى “حماس” وقال، إنه أبلغ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بأنه “على استعداد لدفع الثمن إذا أذعنت الحكومة لهذا الضغط”.
من جانبه، أيّد وزير الأمن القومي الصهيوني، إيتمار بن غفير، رئيس حزب “عوتسما يهوديت” القومي اليميني، موقف زميله في الحكومة بشأن حجب أموال الضرائب في اجتماع حزبه، منتقدا سياسة حكومته المتمثلة في السماح بدخول الوقود والمساعدات الإنسانية الأخرى إلى غزة خلال الحرب. واحتجت عائلات الأسرى المحتجزين في غزة ضد بن غفير، بسبب تركيزه على هذه القضية، قائلين إنه يعرّض “أحباءهم للخطر من خلال خطابه وممارساته”.
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين محمد الدويكات:
“جيش الاحتلال امتداد لعصابات الإجرام الصهيونية منذ 75 سنة”
أبرز عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين (نابلس)، محمد دويكات، أن هذا الذي يُسمي نفسه جيشًا هو في حقيقة الأمر مجرد مجموعة من المرتزقة والعصابات التي تُمارس كل أشكال وأنواع الإجرام والسرقة في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، وإذا ما دققنا وتمعّنا قليلا في بنية هذا(الجيش) منذ تأسيسه، سنجد أنه امتداد لعصابات الإجرام الصهيونية التي تشكّلت في فلسطين ومارست كل أشكال الإرهاب المنظم بحق الشعب الفلسطيني، على مدار 75 عامًا وما قبلها.
وفي هذا الصدد، أوضح دويكات، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أن بنية هذا(الجيش) تتشكل أساسًا من مجموعة من العصابات الخارجة عن القوانين الأممية والإنسانية، والتي تمارس كل أشكال النهب والسرقة الممنهجة لأموال الفلسطينيين وممتلكاتهم، ضاربةً بكل القوانين والأنظمة المتعارف عليها ما بين جيوش العالم عرض الحائط.
في السياق ذاته، أشار المتحدث إلى أن إقدام الاحتلال الصهيوني على سرقة أموال الفلسطينيين، واقتحام جنوده منازل المواطنين والاستيلاء على ما يمكنهم الاستيلاء عليه من ممتلكاتهم وحاجياتهم، حقيقةً هو سمة متلازمة في عصابات (جيش) الاحتلال الإسرائيلي، حتى إن هذا الكيان في الأصل قائم على سرقة ونهب الأراضي الفلسطينية وممارسة الإرهاب بحق الشعب الفلسطيني وسرقة أمواله وكل ما يملكه على مدار سنوات طويلة وتحت حجج واهية، من بينها أن هذه الأموال غير مشروعة، وكأن وجود الاحتلال وهذا الكيان شيء مشروع، في حين إنه في حقيقة الأمر مجرد كيان محتل لشعب أعزل.
في سياق متصل، أبرز عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين (نابلس) أن الاحتلال الصهيوني المستبد يتعامل مع كل ما هو فلسطيني وكأنه شيء مُتاح له وبالإمكان الوصول إليه وسرقته، بما في ذلك أموال الفلسطينيين التي يسرقونها من محال الصرافة والمصارف الفلسطينية بحجج أن هذه الأموال تذهب لدعم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وكل هذه المُمارسات غير الأخلاقية يتمادى الاحتلال الإسرائيلي في ارتكابها على مرأى ومسمع كل المؤسسات الدولية، كما يأخذ الضوء الأخضر في ارتكابها من الإدارة الأمريكية التي تدعمه بكل والسبل غير المشروعة، وبالتالي نجد أن هذا الاحتلال الجائر ينظر إلى نفسه على أنه فوق الجميع وفوق المحاسبة.
وأردف المتحدث قائلا: “إن الاحتلال الصهيوني لم يكتف بقصف البيوت على رؤوس أصحابها وارتكاب جرائم حرب مكتملة الأركان بحق الأبرياء والمدنيين العزل في قطاع غزة، إنما تمادى في حربه الشعواء وهمجيته، ودأب (جيش) الاحتلال على ارتكاب سرقات ممنهجة وأعمال نهب طالت منازل أبناء الشعب الفلسطيني، والاستيلاء على مقتنياتهم وممتلكاتهم بغير وجه حق، حيث أشارت تقارير إلى أن مداهمات (الجيش) الإسرائيلي تتجاوز الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والإعدام الميداني إلى تخريب متعمد للممتلكات وسرقة المقتنيات الشخصية وأموال الفلسطينيين”.
في سياق متصل، أوضح الأستاذ دويكات أنه بشكل يومي يجري تسجيل عشرات بل مئات حالات السرقة التي تكشف عن تورط جنود إسرائيليين في سرقات ممنهجة لأموال ومتعلقات الفلسطينيين، بما يشمل الذهب ومبالغ مالية وهواتف نقالة وأجهزة كمبيوتر محمولة وغيرها من المقتنيات الثمينة التي يتقاسمها جنود الاحتلال فيما بينهم، في تعدّ صارخ على كل الشرائع والقوانين الدولية.
حجج واهية وادعاءات كاذبة
وأضاف محدث “الأيام نيوز” أن جنود الاحتلال يتعمدون توقيف المواطنين عبر الحواجز العسكرية الإسرائيلية، من أجل سرقة أموالهم ومصادرتها، كما تم قبل يومين فقط استهداف مكاتب الصرافة في الضفة الغربية واستهداف البنوك وتدمير القطاع المصرفي ومصادرة حوالي 10 ملايين شيكل بحجة أنها تذهب إلى دعم المقاومة الفلسطينية، وهذا الأمر لا أساس له من الصحة، في دليل آخر على أن الاحتلال الصهيوني يمارس كل أشكال السادية على الشعب الفلسطيني تحت غطاء حجج واهية وادعاءات عارية تماما من الصحة.
في السياق ذاته، أشار الأستاذ دويكات إلى أن هذه الممارسات اللاإنسانية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي على مرأى ومسمع كل العالم وبدعم وإسناد أمريكي غير مشروط ومنقطع النظير، تأتي كلها في إطار مساعي الاحتلال ومحاولاته البائسة واليائسة لتركيع الشعب الفلسطيني، وإجباره على رفع الراية البيضاء، وهذا الأمر بطبيعة الحال لن يتحقق في ظل إصرار وصمود الفلسطينيين، والتفافهم حول خيار المقاومة وحول خيار الصمود والثبات أمام هذا العدوان الجائر وهذه المجازر الدامية والسرقات الممنهجة، التي يتمادى ويتمايع الاحتلال الصهيوني في ارتكابها كلما أُتيحت له الفرصة.
وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أبرز عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين (نابلس)، محمد دويكات، أن سلوك جنود الاحتلال الهمجي هذا تجاه الفلسطينيين يستدعي تحقيقا دوليا شاملا ومحايدا في الانتهاكات الجسيمة بحق السكان في قطاع غزة وممتلكاتهم وفي عدة مدن فلسطينية أخرى، واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تضمن المساءلة والمحاسبة القانونية لهذا الاحتلال المستبد والبعيد كل البعد عن معاني الإنسانية.
الخبير الاقتصادي مراد كواشي لـ “الأيام نيوز”:
“الكيان يتبنّى سياسة ممنهجة لإنهاك الاقتصاد الفلسطيني”
يرى الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، مراد كواشي، أن الكيان الصهيوني يتبنى سياسة ممنهجة من أجل زرع التهويل وزعزعة الأمن وترويع الفلسطينيين، سواء تعلق الأمر بقطاع غزة أو الضفة الغربية أو مدن فلسطينية أخرى، الأمر الذي كانت له تأثيراته السلبية البالغة على الاقتصاد الفلسطيني، حيث لم تقتصر انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي على القتل والتدمير وحرب الإبادة الجماعية، إنما تجاوزت وتعدت ذلك إلى عمليات السرقة والنهب التي تطال أموال الغزيين، حيث استولى جيش الاحتلال الصهيوني على ما يقارب 5 ملايين شيكل من أموال المواطنين في غزة بعد عمليات الاجتياح البري للقطاع.
وفي هذا الشأن، أبرز البروفيسور كواشي، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أن عمليات السرقة طالت كذلك مدن فلسطينية أخرى على غرار رام الله، حيث إن هناك محاولات حثيثة لتدمير الاقتصاد الفلسطيني ماليا وتجاريا ونقديا، في انتهاك واضح للسلطة والسيادة الفلسطينيّتين، الأمر الذي يعدّ تعديا على القوانين الدولية المتعارف عليها والمعمول بها في هذا الإطار.
في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أن جنود الاحتلال الإسرائيلي لا يكتفون فقط بسرقة أموال الفلسطينيين، بل يقومون كذلك بالاستيلاء على ممتلكاتهم ومقتنياتهم الثمينة التي يعثرون عليها بعد اقتحام المنازل ومداهمتها. والأدهى والأمر من ذلك أن جنود الاحتلال وبعد القيام بسرقة ممتلكات الفلسطينيين ونهبها من منازلهم يقومون بنشر مقاطع فيديو عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي يتفاخرون من خلالها بما يقترفونه من ممارسات لاأخلاقية واعتداءات يومية تشنها قوات الاحتلال على مدن ومخيمات بالضفة الغربية، بالإضافة إلى قطاع غزة، في خرق واضح لكل الأعراف والقوانين الدولية.
ويلاحظ أن هذه المقاطع التي يقوم ينشرها جنود إسرائيليون متباهين فيها بنهبهم وسطوهم على ممتلكات الفلسطينيين يقومون بحذفها لاحقًا لأنها تثير الجدل، حتى في أوساط “إسرائيل” الرسمية التي سرعان ما تعلن تبرؤها من هذه الأفعال زاعمة أنها “لا تمثل “قيم” و”أخلاق” (الجيش) الإسرائيلي”.
هذا، وتنتشر العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر تدمير مقتنيات الغزيين أو الاستيلاء عليها، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً تطبيق “تيك توك” الذي بات يعتمد الاحتلال الإسرائيلي عليه كونه المنصة الأكثر انتشاراً في دول عدة، ومن بينها متعلقات النساء الخاصة، والحلي الذهبية والفضية وغيرها من المقتنيات الثمينة.
استولى على أموال الفلسطينيين وسرق جثامين الشّهداء..
هل يمكن لـ”جيش” أسّسه إرهابيو “البالماخ” و”شتيرن” و”أرغون” أن يكون متخلّقا؟
بقلم: الدّكتور صالح نصيرات – خبير تربوي أردني
دأب المحتلّ والمستعمر على سرقة خيرات الشّعوب ونهب مصادر الثّروة فيها، وهذه الأفعال هي الهدف الأول لكلّ مستعمر، ولذلك لا نُفاجَأ بقيام العدو الصّهيوني بغارات على بيوت الآمنين والدّخول إليها عنوة في مناطق الضفّة الغربيّة وقيامه بسرقة مصوغات ومشغولات ذهبية للنّساء، فضلا عن سرقة الأموال، ولا يعدم العدو الغاصب أن يبرّر سلوكه اللاأخلاقي هذا.
فكيف يبرّر هذا العدو مثل هذا السّلوك وقد سرق وطنا كاملا، وسرق موارده ومصادر الحياة فيه، وسرق جثامين الشّهداء وأخذ جلودهم وأنشأ بنكا للجلود البشريّة. كما سرق الصهاينة تراث أهل فلسطين وزعموه لأنفسهم، وسرقوا مياه نهر اليرموك حتّى بعد اتفاقيات الصّلح معم، فهم منذ تحويل مياه نهر اليرموك في منتصف ستينيات القرن الماضي وهم يسرقون مياه العرب، وحتّى بعد اتفاقية وادي عربة المشؤومة مع الأردن، فهم يسرقون 700 مليون متر مكعب من الماء سنويا، كما تسرق “إسرائيل” أكثر من ثلثي المياه الجوفيّة في المناطق التي تخضع للسّلطة الفلسطينية، وتمنع الفلسطينيين من الاستفادة من ماء الأمطار، كما سرق المحتل الصهيوني الغاز الفلسطيني من خلال الحفر واستخراج الغاز من قبالة غزّة.
فاليهود – كما جاء في كتاب الله سبحانه – “أحرص النّاس على حياة”، وهم جشعون طمّاعون يحبّون الدّنيا وزخارفها، وهم من عبدة العجل المصنوع من الذّهب “فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار، فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي”، وقد كتب شكسبير روايته المشهور “تاجر البندقية” وقدّم صورة حقيقية لطبيعة هؤلاء.
والمفاجئ هو أن يثق بعض النّاس من العرب والمسلمين بهذا العدو، فيمدّوا أيديهم لهم من أجل مصالحهم الخاصّة ومنافع عاجلة، وهذا يعني أنّ من يثق بالصّهاينة القتلة واللّصوص لا يدرك حقيقتهم، ولا يتدبّر ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى عن أخلاقهم. وقد روّج الإعلام الذي امتلكوا ناصيته والمرتبط بهم منذ عقود طويلة كذبات كثيرة، منها القول بأنّ (جيش) الاحتلال أرفع جيوش العالم أخلاقيا، وفي هذا الصّدد صدر كتاب بهذا العنوان عن جامعة كمبردج البريطانية.
ولنا الحق أن نتساءل عن أخلاقيات هذا (الجيش)، وما يفعله في فلسطين وفعله من قبل مؤسسوه الإرهابيون، فهل من المعقول أن يكون (الجيش) الإرهابي الأول في العالم على مستوى من الأخلاق كما يزعم الإعلام الغربي؟
إنّ (الجيش) الصّهيوني قد تمّ تأسيسه على أيدي الإرهابيين التّاريخيين أمثال بن غوريون وإيغال آلون ورابين وبيغن وشترن، وهم من أسّسوا المنظّمات الإرهابية كالبالماخ وإرغون وشتيرن، وهذه المنظّمات الإرهابية قادت عمليّات القتل والتّهجير والتّرويع ضد الفلسطينيين، وسجّل التّاريخ لهذه العصابات أيضا جرائم قتل الدّبلوماسيين كالسويدي برنادوت، ودمّروا فندق الملك داود وقتلوا فيه عشرات المسؤولين والجنود البريطانيين.
وهذه الحقائق دونت في كتب وسجّلتها وثائق الجيش البريطاني، وما تزال موجودة في المتحف البريطاني. كما أنّ روايات الشّهود من الفلسطينيين الذين نجوا من مجازر الصّهاينة هي أكبر دليل على أنّ هذا (الجيش) الصّهيوني هو (جيش) القتل والتّدمير، وإذا كان الصّهاينة يحاولون رسم صورة وردية لجيشهم، فإنّ غزّة اليوم والمحرقة التي يرتكبونها بحق الأطفال والنّساء والرّجال، وتدمير كل أسباب الحياة أكبر دليل رآه العالم عن حقيقة هذا (الجيش).
إنّ سرقة الأموال من المصارف ومحلّات الصرّافة بدعوى أنّها أموال للمقاومة الفلسطينية دليل على إفلاس حقيقي لهذا العدو، فهو لم يستطع حتى بعد83 يوما أن يكسر شوكة المقاومة، ولا أن يخضع إرادة شعب فلسطين عامّة وغزّة خاصّة لإرادته، والمطلوب ممّن يثق بهذا العدو أن يتدبّر في مآلات هذه الثّقة والصّلح معه، فهو عدو لا يعترف باتفاقيات ولا يحترم عهدا ولا وعدا.
جيش الاحتلال يستولي على 2.76 مليون دولار..
القرصنة المالية لضرب عصب الاقتصاد الفلسطيني!
بقلم: الدكتور محمـد حيمران – أكاديمي وخبير اقتصادي
بعد اتّهام السّلطات المحليّة في غزّة “إسرائيلَ” بسرقة أعضاء من جثث فلسطينيين، ودعت إلى إجراء تحقيق دولي في الأمر بعد أن أظهر فحص الجثث أن أشكالها تغيّرت بشكل كبير بسبب سرقة الأعضاء الحيوية، واصل العدو سلسلة جرائمه ليستهدف هذه المرّة الجانب المالي؛ ساعيا إلى تعويض ملايير الدّولارات التي يتكبّدها جراء اعتدائه اليومي على تراب فلسطين كاملا.
خلافات داخلية حول سدّ عجز الميزانية
نشبت خلافات داخل “إسرائيل” بشأن كيفيّة سدّ العجز في الميزانية العامة، وهو ما يعرقل إقرار ميزانية العام المقبل 2024. في حقيقة الأمر، فإن معركة حكومة الاحتلال فيما يخصّ الجانب المالي مستعرة ويدفع ثمنها الشّركات الفلسطينية، وتداعياتها تنعكس على المواطن الفلسطيني؛ فعدّة جهات إعلامية رصدت أخبار السّرقة من طرف قوّات الاحتلال الإسرائيلي لأموال نقدية من الضفّة الغربية تقدّر بنحو 2.76 مليون دولار، خلال مداهمة واسعة النّطاق استهدفت عدة مدن في وقت واحد.
فقد سُجّل يوم الخميس الماضي تعدّي الصّهاينة على عدد من المنازل ومحلّات الصرافة والمجوهرات، وتم إجبار مالكي المحلّات على فتح محلّاتهم وتمّ تفتيشها والاستيلاء على بعض محتوياتها. فحسب شبكة “قدس الإخبارية”، فإنّ قوّات الاحتلال الإسرائيلي داهمت عدّة مدن في الضفّة الغربيّة دفعة واحدة، واقتحمت البنوك ومحال الصرافة، وصادرت منها مبالغ نقدية كبيرة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، كشفت شبكة (QNN) أنّ الاحتلال الإ.، أمّا حسب وكالة “الأناضول”، فأنّ قوات الاحتلال صادرت خلال العملية ملايين الشّواكل، بينما قدّرتها القناة الـ 12 العبرية بنحو 10 ملايين شيكل.
وقد تداول العديد من روّاد الشّبكات الاجتماعية جانبا من الدّمار الذي لحق بمحلّات صرافة في جنين بعد أن اقتحمته قوّات الاحتلال. وفي رام الله، وطولكرم، وحلحول، استهدفت القوّات الصّهيونية محلّات الصرّافة. مع الإشارة إلى أنّ موظفي المحلات تم اختطافهم أيضا، وتم اعتقال 21 من مالكي تلك الشّركات والعاملين فيها.
جيش الاحتلال يستولي على 2.76 مليون دولار
وحسب الرّواية الإسرائيلية، ووفقًا لتقارير موقع (Ynet) الإخباري الإسرائيلي، فقد سرقت قوات الاحتلال الصهيوني حوالي 10 ملايين شيكل (2.76 مليون دولار) من جميع أنحاء الضفّة الغربيّة في ليلة واحدة، وتمّ اعتقال حوالي 20 من أصحاب المتاجر.
إنّ إقدام جنود الاحتلال على اقتحام ممتلكات المواطنين الفلسطينيين الخاصّة وسرقتها، عبر عدد من المدن، يعتبر انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان، فالاحتلال أيضا زاد من فجوره عبر قيامه بمصادرة سيّارات الفلسطينيين وسرقة الحوّالات البريدية، والأخطر من هذا هو حرمان شركات الصرّافة التي تكبّدت خسائر بملايين الدّولارات من تعويض للأضرار عن طريق شركات التّأمين.
واضح جدّا أنّ أهداف العدوان على المصادر المالية هو تجفيف ينابيع المال الذي يعد عصب اقتصاد الفلسطينيين، فهذا الاستنتاج يعرج بنا على نقطة مهمّة والتي يجدر التّذكير بها؛ ألا وهي أنّ الحرب المعلنة على الفلسطينيين كان لها بعدا اقتصاديا مباشرا منذ اللّحظة الأولى، لأنّ واحدا من أهم المجالات التي تجسّد توتّرات اقتصادية منذ خمسة عشر عامًا في شرق البحر الأبيض المتوسط، هو مجال الغاز.
ففي 18 جوان 2023، وافقت حكومة بنيامين نتنياهو على تطوير الغاز الطّبيعي البحري في المنطقة البحرية قبالة غزّة، وتقع عدّة حقول غاز كبيرة قبالة سواحل قطاع غزّة، ونعرف أنّ الحكومة الفلسطينية في غزّة رفضت هذا القرار، وحقلا غزة 1 و2، اللّذان تمّ اكتشافهما عام 1999، يتربّعان على احتياطيات تقدّر بحوالي 35 مليار متر مكعّب وسعة إنتاجية سنويّة تبلغ 1.5 مليار متر مكعّب لمدّة استغلال تصل إلى 12 سنة، والاحتياطيات الغازية يمكن أن تكون مفيدة لإعادة الإعمار بعد الحرب والتي تثير أيضًا مصالح القوى الإقليمية.
إنّ الهدف النّهائي للعدو هو القضاء على كلّ مقوّمات الحياة البشرية في فلسطين، والذي يمثّل المال أحد شريانها، هذا المال بالرّغم من بساطته ومراقبته سوّلت نفس “إسرائيل” البغيضة بالاستيلاء عليه بدون أي وجه حق، لتؤكّد هذه الحرب مرّة أخرى أنّ الحروب ليست عسكرية فقط.
مداهمة محلّات الصرافة
اعتبر البنك المركزي لفلسطين، أو كما يطلق عليه بسلطة النّقد الفلسطينية، أنّ إقدام جنود الاحتلال على اقتحام شركات صرافة بالضفّة الغربية ومداهمتها، وجميعها خاضعة لرقابتها وإشرافها، واعتقال عدد من مالكيها، والاستيلاء على مبالغ مالية من خزناتها، بعد تفجيرها، سيضرّ بالنظام المصرفي الفلسطيني، ويمثل عملا مخالفا لكلّ الأعراف والقوانين والمواثيق والاتّفاقيات الدولية. وكالعادة، سارع إعلام العدو من خلال تقارير أمنية مشتركة إلى الزّعم بأنّ الأموال المصادرة من محلّات الصرّافة في الضفّة الغربيّة تعود لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، فما كان على السّلطة النّقدية إلاّ أنّها بيّنت تدابير العمل التي ترتكز على تطبيق أحدث النّظم الرّقابية على القطاع الصيرفي بهدف الحفاظ على سلامة هذا القطاع وتطوير أعماله، والارتقاء بالخدمات التي يقدّمها إلى الزّبائن بما يتوافق مع المتطلّبات الدّولية، مؤكدة أنّ حركة حماس ليس لها أيّ صلة – لا من قريب ولا من بعيد – بتسيير محلّات الصيرفة.
إضافة إلى مَحالّ الصرافة، داهم جيش الاحتلال مطابع وشركات دعاية منذ 7 أكتوبر بحجّة طباعة مواد وملصقات “تحريضية”، كما ظلّت الجمعيات الخيرية بالضفّة – وخاصة تلك القائمة على رعاية الأيتام- هدفا للاقتحام ومصادرة الممتلكات بالذّريعة ذاتها.
إجراءات عدوانية لمحاربة السّلطة الفلسطينية
وفي السّابق ذاته، رفضت السّلطة الفلسطينية استلام أموال الضّرائب غير كاملة من الجانب الإسرائيلي، بعد إعلان “تل أبيب” عن خصم الجزء المرسل من هذه الأموال إلى قطاع غزّة. ونعلم أنه بموجب الاتفاقات الموقعة تُحوّل أموال الضّرائب كاملة من طرف الجانب الإسرائيلي لصالح السّلطة الفلسطينية، وجاء قرار الحكومة الفلسطينية بعد إعلان وزير الدّفاع الإسرائيلي تحويل أموال التّعويضات لكن يرافقه قطع المبالغ المخصّصة شهريا لقطاع غزة، وهو الأمر الذي قوبل بالرّفض من الفلسطينيين.
إنّ تحصيل عائدات الضّرائب – المعروفة باسم المقاصة- يتمّ من قبل الحكومة الإسرائيلية نيابة عن السّلطة الفلسطينية على الواردات والصّادرات الفلسطينية، بينما تحصل “إسرائيل” على عمولة بنسبة 3 بالمائة في مقابل ذلك، وتقدّر الإيرادات بنحو 188 مليون دولار شهريا، وتمثّل مصدر الدّخل الرّئيسي للسّلطة الفلسطينية وتستخدم لدفع رواتب الموظّفين والمتقاعدين.
الاعتداء على أموال الغزّيين
تعتبر الأمور في غزّة أكثر فظاعة، فالاحتلال الإسرائيلي يواصل تدمير مقوّمات الاقتصاد الفلسطيني، الذي هو بالأساس اقتصاد خدمات يدور في فلك الاقتصاد الإسرائيلي، حيث قال “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” إنّ الجيش الإسرائيلي يطلق العنان لجنوده في قطاع غزّة للإقدام على “ممارسات غير أخلاقية” بحقّ المدنيين الفلسطينيين خلال مداهمة منازلهم، لتشمل سرقة الممتلكات ونهبها. ووثّق المرصد في تقريره سلسلة حالات تكشف تورّط جنود إسرائيليين في سرقات ممنهجة طالت أموال وممتلكات الفلسطينيين، بما يشمل الذّهب ومبالغ مالية وهواتف نقّالة وحواسيب محمولة. وأضاف المرصد أنّ تقديراته الأوّلية بناء على ما وثّقه تشير إلى “سرقة ممتلكات شخصيّة لمدنيين فلسطينيين وأعمال نهب واسعة طالت ممتلكات ثمينة قد تتجاوز حصيلتها عشرات الملايين من الدّولارات”.
أمّا حالات الاعتداءات التي طالت المال والنّقد في غزّة، فقد بدأت مع السّاعات الأولى من الحرب وتوجيه ضربات إلى مؤسّسات الحكومة في غزّة، عبر استهداف مباشر للبنك المركزي بغزّة وجميع البنوك والخزينة العمومية وغيرها من المؤسّسات المالية.
إنّ الهجمة ضد محلّات الصرّافة التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي متصاعدة ولم تتوقّف، ففي السّنوات الأخيرة أدرج الاحتلال شركتي صرّافة في قطاع غزّة ضمن “لائحة الإرهاب”، بداعي نقل أموال إلى حركة “حماس”، كما صادر عدّة مرّات عملات رقمية قال إنّها مخصّصة لدعم “حماس”، وسبق مقاضاة البنك العربي الأردني في الولايات المتّحدة بتهمة تسهيل نقل أموال لقادة حماس.
ومن خلال الأفعال الإجرامية الإسرائيلية، يتّضح – وهو ليس بجديد – أنّ العدو يزاوج في حروبه الهمجية بين استخدام سلاح العسكر لقتل النّفس البشرية وسلاح الاقتصاد بصفة عامة أو المال بصفة خاصّة، وهو يستهدف أكبر مؤسّسة مالية في فلسطين وهي البنك المركزي الفلسطيني، الذي يعبّر عن السّيادة والاستقلال لأنّه المسؤول عن العملة الوطنية، وعن جميع البنوك التّجارية وعن الخزينة العمومية وهو المسؤول عن القروض ومعدّلاتها، والمنظّم للسّوق النّقدية داخل التّراب الفلسطيني.
لهذا، وجب على الأمّة أن تستيقظ من سباتها ولا تقلّل من تداعيات الأدوات الاقتصادية التي تمتلكها من مواد ومنتجات هامّة وإستراتيجية، فوجب استخدامها عبر منع تزويد الغرب و”إسرائيل” بكل المواد الإستراتيجية التي نمتلكها، والكف عن شراء منتجاتهم وإعلان مقاطعة اقتصادية علنية إلى حين إرجاع حقّ المظلومين.