أجرى الرئيس الجزائري عبد المحيد تبون، حركة واسعة في السلك الدبلوماسي، شملت ممثليات الجزائر في عواصم القوى العظمى، مثل واشنطن وباريس وبروكسل، وكان اللافت فيها تحويل السفير سعيد موسي، الذي استدعيُ في مارس المنصرم من إسبانيا في أعقاب الخلاف بين الجزائر ومدريد بسبب موقف هذه الأخيرة من القضية الصحراوية.
وبموجب هذه الحركة، عيّن السفير الأسبق في كل من مدريد وبروكسل، محمد حناش سفيرا في واشنطن، وسعيد موسي السفير المُستدعى من مدريد، سفيرا في العاصمة الفرنسية باريس، وعين الدبلوماسي علي مقراني سفيرا في بروكسل، وقواوي نسيم سفيرا وممثلا دائما بالنيابة لدى هيئة الأمم المتحدة.
التعيينات كما جاء في وثيقة موقعة من قبل أمين عام وزارة الخارجية، شكيب رشيد قايد، اطلعت عليها “الأيام نيوز”، شملت أيضا عواصم مهمة بالنسبة للسياسة الخارجية للجزائر، على غرار نيامي عاصمة النيجر، التي عين فيها بخدة مهدي سفيرا، وكينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، التي عين بها محمد يزيد بوزيد، ومكسيكو عاصمة المكسيك التي عين بها بلقاسم بلقايد، والعاصمة الإيفوارية أبيدجان التي عين بها السفير ادريس بوعسيلة.
كما طالت التعيينات أيضا، طشقند عاصمة أوزباكستان، وقد عُيّن بها السفير بومدين جناد، وعُيّن كمال رطيب سفيرا في ليما عاصمة البيرو، وعُيّن نور الدين بن فريحة سفيرا للجزائر في العاصمة الأسترالية كانبيرا. وشملت التعيينات مراكز قنصلية في فرنسا وإسبانيا.
الملاحظة الأولية التي يمكن تسجيلها على هذه التعيينات، هي تلك المتعلقة بنقل السفير سعيد موسي من مدريد إلى باريس، خلفا للسفير السابق، محمد عنتر داوود، وهو القرار الذي يعتبر رسالة من الجزائر إلى حكام إسبانيا وعلى رأسهم رئيس حكومتها بيدرو سانشيز، الذي يعتبر المسؤول الأول في نظر النخب الدبلوماسية والسياسية والإعلامية في البلدين على تدهور العلاقات الثنائية، رسالة مفادها أن عودة التيار إلى سابق عهده، لن يكون قبل مغادرة الحكومة الحالية قصر مونكلوا في مدريد.
وكان بيان للخارجية الجزائرية قد رهن تطبيع العلاقات بين الجزائر ومدريد، بذهاب الحكومة الحالية، ردّا على زعم حكومة سانشيز بوقوف روسيا وراء التصعيد الجزائري ضد إسبانيا.
أمّا تغيير سفراء الجزائر في كل من باريس وواشنطن وبروكسل، وتعزيز بعثة الجزائر لدى الأمم المتحدة، في نيويورك، فلا يُخفي رغبة جزائرية في ضخ دماء جديدة في الممثليات الدبلوماسية التي سبقت الإشارة إليها، والتي لها أهمية كبرى بالنسبة للجزائر.
فالعلاقات الجزائرية الفرنسية وعلى الرغم من حالة التوتر التي عانت منها على مدار الأشهر الأخيرة، فهي بحاجة إلى دفعة جديدة، تماشيا ورغبة رئيسي البلدين في تحسينها، كما تم التعبير عنها في التواصلين الأخيرين بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون.
وجاء تعيين السفير علي مقراني في بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي، في وقت تحاول فيه إسبانيا توظيف هذا التكتل القاري للضغط على الجزائر من أجل تخفيف عقوباتها على مدريد، وذلك بعدما فشلت المحاولة الأولى الشهر المنصرم، في أعقاب تعليق معاهدة الصداقة وحسن الحوار والتعاون.
أما بقية التعيينات فمنها ما فرضته الإجراءات التنظيمية المعمول بها، ومنها التي جاءت في سياق معطيات اقليمية، كما هو الحال في بعض الدول الإفريقية.