نساء فلسطينيات ممن عانين – مع عائلاتهن ويلات العدوان الصهيوني المتواصل منذ 7 أكتوبر 2023 على قطاع غزة – وقفن وجها لوجه أمام صانعي القرار في العالم بمجلس الأمن الدولي، وروين قصصهن الأليمة في ظلّ حرب الإبادة التي قضت على مظاهر الحياة في مناطقهن، وقد تمّ ذلك بمبادرة نظّمها الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة بنيويورك، السفير عمار بن جامع، بمقر الأمم المتحدة، ضمن لقاء غير رسمي اكتشف من خلاله المندوبون الدائمون للدول الأعضاء بمجلس الأمن أنّ مآسي سكان غزة ليست مجرّد أرقام وتقارير وإحصائيات، إنّها حقائق صادمة جديرة بأن تشقّ قلوب العالم.
ونظّم الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة بنيويورك، السفير عمار بن جامع، بمقر الأمم المتحدة، لقاءً غير رسمي جمع المندوبين الدائمين للدول الأعضاء بمجلس الأمن ومجموعة من أفراد العائلات الفلسطينية الذين عانوا وعائلاتهم من همجية قوات الاحتلال وجرائمه الفظيعة التي ما يزال يرتكبها ضدّ المدنيين العزل بقطاع غزة.
وشكّل اللقاء فرصة للعائلات المشاركة لمخاطبة صانعي القرار بمجلس الأمن، وجها لوجه، ليحكوا مرارة تجاربهم الأليمة وقساوة الأحداث المروعة التي مروا بها منذ الـ7 أكتوبر 2023، وأعطيت بالمناسبة الكلمة لأفراد العائلات المشاركة، الواحد تلو الآخر، ليرووا على مسامع الحاضرين تفاصيل الأحداث التي تعرّضوا لها هم أو أفراد عائلاتهم، وهو ما جلب تعاطف كلّ المشاركين دون استثناء.
وروت إحدى المشاركات، بحسرة بالغة، قصّة قصف منزل عائلتها الذي راح ضحيته قريباها عزيز وحاتم، وهما طفلان لم يتجاوزا الخامسة عشر، إضافة إلى أحد عشر فردا آخرين من أفراد عائلتها، في حين نجا حمزة من القصف، لينقل إلى المستشفى، حيث عاش هناك، عاش ألما لا يطاق لمدة أسبوع قبل أن يرتقي هو الآخر شهيدا متأثرا بجروحه في ظلّ غياب الدواء والمعدات الطبية اللازمة لعلاجه.
وبذات الأسى، قصت مشاركة أخرى على أعضاء مجلس الأمن ما حدث لأختها إيمان، التي قتل زوجها في قصف لقوات الاحتلال وهي حامل بابنها الذي أنجبته، مطلع هذه السنة، ليس فقط في غياب الرعاية الصحية اللازمة بل وفي ظلّ غياب الكهرباء أيضا.
وقد ولد الابن وأعطته أمه إيمان اسم والده المغدور به، صبري، إلا أنّ عوضها هذا لم يدم طويلا إذ توفي الطفل بعد 20 يوما من ولادته، ذلك أنّ جسم صبري البريء لم يصمد أمام قساوة البرد ونقص الحليب.
وفي حسرة أخت كُسر ظهرها بخسارة من كانت تتّخذهما سندا لها، راحت أخرى تروي وهي تغالب دموعها قساوة قصف منزل عائلتها الذي راح ضحيته أخواها أحمد ومحمد، لتنتقل بعدها إلى بيت جدّتها الذي لم يعد ملجأ فقط للعائلة بل أضحى مقبرة أيضا ضمّت جثتي أخويها.
كما ضاق البيت على أختها سارة التي احترق معظم جسمها وكابدت ألما لا يطاق قبل أن تنجح، بعد شهرين من المعاناة وغياب التكفل اللازم، في أن تنتقل إلى مصر ثم إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج، إلا أنّ فريق الأطباء لم يستطع معالجة الطفلة سارة كلية حيث اضطر إلى بتر أربع من أناملها لأنّ خروجها من جحيم غزة جاء متأخرا جدا.
وعقب تدخلات أفراد عائلات الضحايا، عبّر العديد من ممثلي أعضاء مجلس الأمن الدولي، في لحظة تفيض إنسانية، وفي تجرّد من ثقل وظائفهم الدبلوماسية عن تعاطفهم مع المآسي والفظائع التي تعرّض لها الفلسطينيون.
كما أعربوا عن عميق امتنانهم للسفير الجزائري عمار بن جامع على هذه المبادرة الحسنة التي مكّنتهم من سماع قصص ما كانوا ليطلعوا على تفاصيلها لولا هكذا لقاء، كما جدّد كافة المتدخلين عزمهم على مضاعفة الجهود للتوصّل إلى حل نهائي يضمن حقوق الفلسطينيين في الأمن والعيش الكريم.