حقّق رئيس السابق الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، فوزا ساحقا، في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بولاية “أيوا”، بفارق واسع عن باقي المترشحين الجمهوريين، في سيناريو لم يحدث منذ أكثر من 30 سنة، ورغم أن المنافسة على الفوز بترشيح الحزب الجمهوري أظهرت أن السباق سيكون محصورا بين الرئيس السابق دونالد ترامب وحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، بفارق واسع لصالح ترامب، فإن الوقت لا يزال مُبكرا للجزم بأن الفوز بأيوا يعني أن هذا الأخير سيتمكن من هزيمة الرئيس الحالي، جو بايدن، واستعادة البيت الأبيض في الـ 5 نوفمبر المقبل.
أظهر الاختبار الأول لقدرة المترشحين الجمهوريين على الفوز بأصوات الأمريكيين المحافظين تقدّما كبيرا للرئيس السابق دونالد ترامب، الذي تحصّل على 50.9℅ من الأصوات، مقابل تعثّر لحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، الذي رغم تحصيله المرتبة الثانية بحصوله على 21.3℅، إلا أن الفارق الواسع بينه وبين ترامب، يُثبت أن الأموال التي أنفقتها حملته الانتخابية، والدعم الذي حصل عليه من قبل وسائل الإعلام المحافظة، وحاكم الولاية، وكذا بعض الشخصيات القيادية البارزة في أيوا، لم تكن كافية للتأثير على شعبية الرئيس السابق.
الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بولاية أيوا أثبتت، كذلك، أن السفيرة السابقة للولايات المتحدة بهيئة الأمم المتحدة، نيكي هيلي، التي جاءت في المرتبة الثالثة بـ 19.1℅، وعلى عكس ما سوقت له حملتها، غير قادرة على منافسة الرئيس السابق دونالد ترامب، أما رجل الأعمال الشاب ذو الأصول الهندية، فيفيك رامسوامي، فقد حل في المركز الرابع بـ 7.7℅ من الأصوات، متخلفا بشكل كبير عن منافسيه دونالد ترامب وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس، وسفيرة الأمم المتحدة السابقة، نيكي هيلي.
وقال راماسوامي، الذي أعلن انسحابه من السباق الرئاسي ودعمه للرئيس السابق دونالد ترامب، إنه اتصل بهذا الأخير لتهنئته على الفوزه وأكد أنه سيحضر تجمعه في ولاية نيو هامبشاير، الثلاثاء المقبل، قبل الانتخابات التمهيدية بهذه الولاية، والتي تقام الأسبوع المقبل.
عززت نتائج الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بولاية أيوا مكانة الرئيس السابق دونالد ترامب، باعتباره المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري، والمشاركة في الانتخابات العامة في الـ 5 نوفمبر المقابل، ومنافسة الرئيس الحالي الديمقراطي جو بايدن المترشح لعهدة ثانية، لكن التاريخ أظهر – أكثر من مرة – أن الفوز في ولاية أيوا لا يضمن النجاح في السباق ببقية الولايات، ولا الفوز في الاقتراع العام في نوفمبر.
من “جيمي كاتر” إلى “جو بايدن”.. من فاز بـ”أيوا” ومن خسرها؟
تاريخيا ومنذ عام 1972، كانت المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا، والتي تقرر عقدها هذا العام يوم الإثنين، بمثابة اختبار للمرشحين الرئاسيين، وفرصة للراغبين في الفوز بالبيت الأبيض، لتشجيع حملاتهم الانتخابية في ولايات أخرى. ومع ذلك، وخلال العقود الخمسة التي تلت بداية تطبيق النظام الحديث للانتخابات التمهيدية، لم يتمكن المترشحون الرئاسيون الذين فازوا في المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا من الوصول إلى منصب الرئيس الأمريكي، على مدار 16 مرة، حسب تحليل نشرته مؤخرا شبكة “أي بي سي” الأمريكية.
وفاز ثلاثة رؤساء فقط منذ عام 1972 في الانتخابات التمهيدية الحزبية في ولاية أيوا، ويتعلق الأمر بالديمقراطيين جيمي كارتر في عام 1976 وباراك أوباما في عام 2008، والمترشح الجمهوري جورج دبليو بوش في عام 2000. وفي المقابل، كان هناك عدد قليل من الخاسرين في ولاية أيوا الذين فازوا في الانتخابات العامة، وهم رونالد ريغان في عام 1980، وجورج إتش. بوش في عام 1988، والرئيس السابق دونالد ترامب في رئاسيات عام 2016، التي تنافس فيها مع وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
ذكرت شبكة “أي بي سي” بعض الأمثلة الأكثر شهرة في العقد الماضي، وتشمل فوز المرشح الجمهوري مايك هاكابي في المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا عام 2008، حيث فاز هوكابي في المؤتمرات الحزبية أو الانتخابات التمهيدية بنسبة 34℅، متقدما بفارق كبير عن مرشح الحزب الجمهوري النهائي، السيناتور جون ماكين، الذي جاء في المركز الرابع بنسبة 13℅.
وخلال المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا لعام 2012، تمكن الجمهوري ريك سانتوروم من التغلب بصعوبة على المرشح النهائي ميت رومني، حيث فاز سانتوروم بفارق 34 صوتا فقط. وبعد أربع سنوات، فاز السيناتور الجمهوري، ممثل ولاية تكساس تيد كروز، في المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا، على الرئيس السابق دونالد ترامب بنحو 3℅. لكن ترامب، أصبح فيما بعد مرشح الحزب ثم تم انتخابه رئيسا في وقت لاحق من عام 2016، بعد هزيمة المترشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
بالنسبة إلى الحزب الديمقراطي، ففي عام 1992، تغلب توم هاركين على مرشح الحزب والرئيس النهائي بيل كلينتون بنسبة 76℅ مقابل 3℅. وفي الرئاسيات الماضية عام 2020، فاز المترشح بيت بوتيجيج، الذي يشغل حاليا منصب وزير النقل في إدارة بايدن، بفارق ضئيل للغاية في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ولاية أيوا بنسبة 26℅، وجاء مرشح الحزب والفائز النهائي في الانتخابات العامة، الرئيس الحالي جو بايدن في المركز الرابع بنسبة 16℅ فقط.
حتى وإن أثبت التاريخ أن النتائج المُحققة في الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا لا تعني الكثير بالنسبة للفوز برئاسة الولايات المتحدة في الانتخابات العامة، فإن الزخم الناتج عن الأداء الجيد فيها من شأنه أن يساعد المرشحين على المنافسة في الانتخابات التمهيدية في ولاية نيو هامبشاير، المقرر إجراؤها في الـ 23 جانفي الجاري من هذا العام، وما يليها من الولايات الامريكية الأخرى، التي ستشهد انتخابات تمهيدية للحزب الجمهوري، لاختيار من سينافس المترشح الديمقراطي، الرئيس الحالي جو بايدن، في الاقتراع العام المزمع إجراؤه في الـ 5 نوفمبر المقبل.