أكد مسؤول الأبحاث والاستراتيجية في “ساكسو بنك”، كريستوفر دمبيك، الجمعة، أن تأثيرات العقوبات الاقتصادية التي فرضت حتى الآن على روسيا هي “على الأرجح هامشية جدا” بالنسبة إلى موسكو.
ورأى كريستوفر دمبيك، أن موسكو “استبقت بالتأكيد فرضية تشديد العقوبات الغربية”، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه “لا يزال ممكنا توجيه ضربات قاسية لها”، عبر مزيد من الإجراءات، لكن تأثيرها قد يكون “هائلا” على الاقتصادات الأوروبية، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
وعن تأثير العقوبات الغربية الراهنة على الاقتصاد الروسي، قال: “على الأرجح هامشي جدا لسببين، فنحن أمام اقتصاد يتمتع بمستوى قياسي من الاحتياطات النقدية، وهذا يشكل صمام أمان بالغ الأهمية، والنقطة الثانية هي أننا شهدنا في الأعوام الأخيرة، على صعيد الميزان التجاري، فائضا ملحوظا جدا”.
وتابع: “الاقتصاد الروسي لا يحتاج، بالنسبة إلى الكيانات الحكومية على الأقل، إلى اللجوء للأسواق المالية العالمية (…) منذ عام 2014، نحن إزاء اقتصاد بات مقاوما جدا”.
واستطرد: “السبب الثاني هو أننا شهدنا تكثيفا بالغ الأهمية للعلاقات التجارية مع الصين عبر عقود لتصدير الغاز وقعت لمدة 25 عاما، وإذا نظرنا إلى احتياطات المصرف المركزي الروسي، نلاحظ حصول عملية تنويع فعلية مع اليوان، إضافة لكميات كبيرة من الذهب، مما يجعل الاقتصاد الروسي أقل ارتهانا إلى حد بعيد لنظام الدولار. وأعتقد أن السبب هو استباق روسيا لفرضية تشديد العقوبات”.
وعما إذا كان ذلك سيؤدي إلى جعل سلاح العقوبات “غير عملي”، قال دمبيك: “بالنسبة إلى نظام سويفت المصرفي، أعتقد أن التأثير سيكون محدودا بسبب الاحتياطات النقدية. في المقابل، إذا فرضت بعدها عقوبات موجعة على صعيد المحروقات والمواد الأولية الزراعية – على شكل حظر- يمكن أن يكون الثمن باهظا جدا”.
ونوه المسؤول إلى أنه “لا يوجد تفاهم إلى حد كبير على مستوى الأوروبيين”، مضيفا: “التأثير على الاقتصادات الأوروبية سيكون هائلا أيضا، وثمة مثال واضح جدا هو واردات ألمانيا من الغاز الطبيعي الروسي، التي تشكل نحو 46 في المئة من حاجات برلين”.
وأشار إلى أنه “في عام 2012، كانت هذه الحاجة أدنى بـ12 نقطة، ومذاك ازداد الارتهان في مجال الطاقة. وإذا تم تقليص الإمدادات الروسية بشكل مفاجئ، أين يمكن إيجاد بدائل؟”، لافتا إلى أنه يمكن على المدى البعيد الطلب من دول عربية، إلا أن ذلك “يستغرق وقتا ويتطلب بنى تحتية متكافئة”.
واستطرد: “على المدى القريب، فإن الحل الوحيد هو الطلب من الأميركيين أن يصدروا مزيدا من الغاز الطبيعي المسال، لكن هنا أيضا، لا توجد قدرات لا محدودة”.
ولدى سؤاله عن تأثير هذه الأحداث على الاقتصاد الفرنسي، والتأكيدات الرسمية أنه “ليس معرضا لخطر كبير”، قال دمبيك: “حتى الآن، أنا على الموجة نفسها مع وزير المال الفرنسي برونو لومير. ما دامت روسيا لم تتخذ إجراءات انتقامية فلا خطر كبيرا، لكن لروسيا أدوات هجوم (ضمن هذه الفرضية)”.
واعتبر أن إحدى هذه الأدوات، هي الأسعار المرتفعة للمواد الأولية، قائلا: “تستطيع موسكو أن توجه صادراتها نحو جنوب شرق آسيا، علما بأنها بدأت القيام بهذا الأمر. تم حتى الآن احترام العقود الموقعة مع أوروبا، ولكن خارج إطار العقود، عمد الروس إلى بيع الجهات التي قدمت أفضل عروض، وكانت هذه الجهات دولا في جنوب شرق آسيا”.