في خطوة هامة نحو تعزيز البنية التحتية للنقل وتطوير قطاع السكك الحديدية في الجزائر، يتم الاستعداد لتشغيل خط السكة الحديدية بشار-غارا جبيلات (تندوف) بمعدل 10 قطارات يوميًا، مخصصًا لنقل المواد المنجمية، البضائع، والمسافرين. ويأتي هذا المشروع ضمن الجهود الوطنية لتوسيع شبكة السكك الحديدية وتحقيق التكامل الاقتصادي بين المناطق، بما يعكس التزام الدولة بتطوير القطاعات الحيوية وتعزيز التنمية المستدامة. في هذا المقال، سنتناول تفاصيل المشروع وأهميته، بالإضافة إلى التحديات التقنية التي تم تجاوزها لضمان نجاحه.
تنفيذا لمشروع تعزيز البنية التحتية لقطاع النقل وتطوير شبكة السكك الحديدية في الجزائر، سيتم قريبًا تشغيل خط السكة الحديدية الذي يربط بين بشار-غارا جبيلات (تندوف) بمعدل يومي يبلغ 10 قطارات. هذا المشروع الضخم الذي تشرف عليه الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية “أنسريف”، يهدف إلى تحسين نقل المواد المنجمية، البضائع، والمسافرين بشكل متكامل.
كشف عبد القادر مزار، المدير المكلف بالإعلام بـ “أنسريف”، في تصريح صحفي عن أن المخطط اليومي لاستغلال الخط المنجمي الغربي، الذي يمتد لمسافة 950 كيلومترًا، يتضمن تشغيل ثمانية قطارات مخصصة لنقل المواد المنجمية، بالإضافة إلى قطار واحد مخصص للمسافرين وآخر للبضائع في كل اتجاه. ولضمان تحقيق هذا الهدف، سيتم تجهيز الخط بست محطات مخصصة للمسافرين والبضائع في كل من العبادلة، حماقير، حاسي خبي، أم العسل، تندوف، وغارا جبيلات، إلى جانب محطتين للشحن والتفريغ في كل من غارا جبيلات والمنطقة الصناعية التوميات في بشار.
وأشار مزار إلى أن الخط الجديد سيشمل تجهيزات تقنية متطورة لتحسين كفاءته واستيعابه. سيتم إنشاء 30 محطة للتقاطع، منها محطتان للتفرع، ما يسهم في تسهيل حركة القطارات وزيادة انسيابيتها. ومن أبرز التجهيزات التقنية استخدام عوارض خرسانية أحادية الكتلة بطول 2.6 متر مخصصة لتحمل الحمولات الثقيلة، وهي تقنية تُستخدم لأول مرة في الجزائر. تتيح هذه العوارض قدرة تحمل تصل إلى 32.5 طن على المحور الواحد، مما يجعلها مثالية للقطارات المستخدمة في نقل المواد المنجمية الثقيلة. ويُتوقع أن يصل طول القطارات المخصصة لهذا الخط إلى 2135 مترًا، مجهزة بأربع قاطرات قوية قادرة على جر 170 عربة، ما يسمح بنقل حمولة صافية تصل إلى 22,100 طن في الرحلة الواحدة.
فيما يتعلق بمرحلة التنفيذ، أوضح مزار أن الجزء الأول من المشروع، الذي يربط بين بشار والعبادلة على مسافة 98 كيلومترًا، سيكون جاهزًا للتشغيل خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وأضاف أن الأعمال الفنية لهذا المقطع قد أُنجزت بالكامل، مع تسريع وتيرة العمل لوضع السكة الحديدية واستكمال محطة العبادلة.
مراحل الإنجاز على مستوى المقاطع الثلاثة
أشار مزار إلى أن المشروع يشهد تقدمًا ملحوظًا في كافة مراحله، حيث يجري العمل بوتيرة سريعة على المقاطع الثلاثة للخط المنجمي الغربي. ففي المقطع الأول الذي يمتد بين بشار وحماقير بطول 200 كيلومتر، تم تحقيق تقدم كبير في عمليات التسطيح وبناء المنشآت الفنية. أما المقطع الثاني بين تندوف وأم العسل بطول 175 كيلومترًا، فقد وصلت الأشغال إلى مراحل متقدمة، خاصة في بناء المحطات ووضع السكة. وفيما يتعلق بالمقطع الثالث، الذي يمتد بين حماقير وأم العسل وغارا جبيلات بطول 575 كيلومترًا، فإن الجزء الأول منه (حماقير – أم العسل بطول 440 كيلومترًا) يشهد نشاطًا مكثفًا لإنجاز الأعمال الفنية، بينما ينتظر استلام شحنات قضبان السكة لاستكمال الجزء الأخير.
من جهته، أعلن وزير النقل، سعيد سعيود، خلال زيارته لولاية معسكر في الرابع من فيفري، أن خط السكة الحديدية الذي يربط بين منطقة العبادلة ومدينة بشار، على مسافة 100 كيلومتر، سيدخل حيز الخدمة أواخر شهر فيفري الجاري. وأكد الوزير أن هذا المشروع سيتيح للمسافرين التنقل من منطقة العبادلة مرورًا ببشار وصولًا إلى ولاية وهران في ظروف مريحة وآمنة. وأشاد الوزير بجهود الإطارات الجزائرية في إنجاز هذا المشروع، معتبرًا إياه نموذجًا للتحدي والإصرار على تحقيق التطور في قطاع النقل.
يعد خط السكة الحديدية بشار – غارا جبيلات أحد أبرز المشاريع التي تهدف إلى تعزيز شبكة النقل بالسكك الحديدية في الجزائر، بما يساهم في ربط المناطق الجنوبية بالمراكز الاقتصادية الكبرى. كما يسهم هذا المشروع في تعزيز الحركة التجارية ونقل الموارد الطبيعية بكفاءة عالية. وتؤكد الدولة التزامها بتوفير الموارد اللازمة لضمان إنجاز المشروع في الآجال المحددة، مما يعكس رؤية وطنية طموحة لتطوير قطاع النقل ودعم الاقتصاد الوطني.
نقلة نوعية للبنية التحتية والتنمية الاقتصادية
ويمثل هذا المشروع خطوة هامة نحو تحقيق التنمية المستدامة من خلال تطوير البنية التحتية للنقل، فالمشروع -الممتد على طول 950 كيلومتراً- يتضمن تشييد ما لا يقل عن 1,431 منشأة فنية، وفقاً لما أعلنت عنه الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية. يُعد هذا المشروع واحداً من أكبر مشاريع البنية التحتية في الجزائر، ويهدف إلى استغلال منجم الحديد في غارا جبيلات بولاية تندوف، والذي يُعتبر من بين أكبر المناجم في العالم.
المنشآت الفنية والهندسية
يشمل المشروع عدة منشآت هندسية ضخمة تسهم في تعزيز البنية التحتية على طول الخط، منها:
- 45 جسراً للسكة الحديدية.
- 48 جسراً طرقياً.
- 1,338 منشأة مائية لضمان التصريف الفعّال للمياه.
كما تتضمن الأعمال الإنشائية الأخرى:
- 13 مليون متر مكعب من الحفر.
- 54 مليون متر مكعب من الردم.
- 2 مليون متر مكعب من أعمال التسوية.
الأهداف التنموية للمشروع
يهدف المشروع إلى تطوير قطاع المناجم عبر إنشاء وحدات صناعية لتحويل خام الحديد، منها مركب الحديد والصلب بمنطقة التوميات (شمال بشار)، باستثمارات تُقدّر بـمليار دولار أمريكي، والذي يُتوقع استلامه في عام 2026.
المحطات والخدمات
على طول مسار السكة الحديدية، يتم العمل على إنجاز:
- 8 محطات برية لنقل المسافرين والبضائع، أبرزها محطة العبادلة التي يُرتقب استلامها قبل نهاية الربع الأول من عام 2025.
- 27 محطة عبور قيد الإنجاز لخدمة قطارات المناجم والمسافرين.
مراحل المشروع والمؤسسات المنفذة
ينقسم المشروع إلى ثلاث مراحل رئيسية:
- بشار-حماقير (200 كيلومتر): يُنفذ بواسطة شركات وطنية، منها كوسيدار للأشغال العمومية.
- تندوف-أم العسل (175 كيلومتر): تتولى إنجازه مؤسسات وطنية مثل الشركة الوطنية للأشغال العمومية.
- حماقير-أم العسل-غارا جبيلات (575 كيلومتر): يُنجز بالشراكة مع شركات صينية إلى جانب كوسيدار للأشغال العمومية.
الفوائد الاجتماعية والاقتصادية
يساهم المشروع في:
- فك العزلة عن المناطق النائية بولايات الجنوب الغربي.
- تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال توفير فرص عمل ودعم الصناعة.
- تطوير قطاع النقل وتيسير نقل المسافرين والبضائع.
الجدول الزمني
انطلقت أشغال المشروع في أكتوبر 2023، ومن المتوقع استلامه بالكامل بحلول مطلع عام 2026، ما يعكس الالتزام بالآجال المحددة لتنفيذه، وفي المجمل يمثل مشروع خط السكة الحديدية بشار- غارا جبيلات خطوةً استراتيجية نحو تعزيز الاقتصاد الوطني وتطوير البنية التحتية لقطاع المناجم في الجزائر، مما يجعله أحد المشاريع التنموية الطموحة في البلاد.