يُعد مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية The Council on American-Islamic Relations أو كما يُرمز له بـCAIR، أكبر منظمة غير حكومية تُدافع عن حقوق وحريات المسلمين، الذين يبلغ عددهم في الولايات المتحدة طبقا لآخر إحصاء أُجري عام 2017 ما مجموعه 3.45 مليون مسلم، ويُتابع المجلس الذي تتوزع مكاتبه عبر 35 ولاية، ومنذ عام 1995، شؤون المسلمين الذين بدورهم يقدمون للمنظمة غير الربحية شكاوى عن التجاوزات التي يتعرضون لها.
للحديث عن حالة المسلمين الأمريكيين التي نقل تفاصيلها آخر تقرير لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية – الصادر في الـ 11 أفريل الجاري – ونقاط أخرى تتعلق بحياة المسلمين في الولايات المتحدة أجرينا مقابلة خاصة مع رئيس المجلس نهاد عوض، وكان لنا معه الحديث التالي:
الأيام نيوز: مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية أصدر مؤخرا تقريره السنوي المتعلق بوضع حقوق المسلمين الأمريكيين وحرياتهم، وأبرز ما حمله انخفاض في العدد الإجمالي للشكاوى بنسبة 23℅ وارتفاع كبير – 63℅ – في نسبة الشكاوى المتعلقة بحوادث المدارس، ما تعليقكم على هذه النتائج؟
نهاد عوض: أولا، التقرير وثّق 5156 شكوى قدمت على مستوى مكاتب مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتراوحت هذه الشكاوى بين التمييز من قبل شركات الطيران، التمييز المصرفي أو البنكي، التنمر بشتى أنواعه، الحرمان من التوظيف، التمييز في أماكن العمل، والاستجواب من قبل عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي، إضافة إلى التمييز في المدارس وانتهاكات الحق في حرية التعبير التي يضمنها التعديل الأول للدستور الأمريكي لجميع المواطنين، علاوة على جرائم الكراهية، وقضايا الهجرة واللجوء، وحقوق السجناء، وحتى في المجال الرياضي أيضا وصلنا عدد من شكاوى التمييز.
ثانيا وفيما يتعلق بسؤالك حول سبب انخفاض الشكاوى بشكل عام مقارنة بسنة 2021، فإن ذلك يعود حسب اعتقادي إلى غياب الخطاب الرسمي العدائي مع هزيمة الرئيس السابق دونالد ترامب في رئاسيات 2020، ترامب حين فاز بانتخابات 2016، كان قرار منع دخول المواطنين من بعض الدول ذات الغالبية الإسلامية من أولى القرارات التي وقّع عليها حين دخل البيت الأبيض، وخطابه السياسي في فترته الرئاسية اتسم بعدائية كبيرة ضد المسلمين، وانعكس ذلك حتى في تغريداته عبر تويتر، مشجعا الطبقة السياسية والأمريكيين العاديين على العدائية ضدنا، ولأن الخطاب السياسي للرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن خال من تلك العدائية، فإن الشكاوى انخفضت، خاصة تلك المتعلقة بإنفاذ القانون والتجاوز الحكومي التي انخفضت بنسبة 38 في المائة.
الأيام نيوز: بحديثكم عن إدارة بايدن، هل قام هذا الأخير بتغيير السياسات التي انتهجها ترامب ضد المسلمين، خاصة المهاجرين وطالبي اللجوء ؟
نهاد عوض: في الواقع لم يتغير الكثير، ولاحظنا بوضوح أن ممارسات دونالد ترامب ضد طالبي اللجوء والمهاجرين المسلمين استمرت مع جو بايدن، وبشكل خاص بعد انسحاب أمريكا من أفغانستان وتدفق الكثير من المسلمين الأفغانيين، وربما الفريق الوحيد بين الإدارتين أن إدارة بايدن سمحت للسياسيين الذين يريدون اللجوء إلى الولايات المتحدة من أفغانستان بالقدوم، لكن لم تكن هناك جاهزية لنقلهم ولم توفر بنية تحتية قوية لاستقبالهم.
وهنا اضطر الكثير من المسلمين الأمريكيين للمساعدة في استقبال إخوانهم من أفغانستان، ولكن عند بداية الاستقبال اكتشفوا أن المساعدات التي رصدتها الحكومة الأمريكية في هذا الصدد ضئيلة جدا، وحتى طلبات اللجوء اعترضتها الكثير من المشاكل، والكثير من الشكاوى التي تلقيناها في هذا الإطار، كان ضمنها العديد من الحالات التي يتضح فيها العداء للإسلام.
الأيام نيوز: القائمة الفدرالية لمراقبة السياح أو ما يُعرف بـ ” Federal Terrorism Watchlist” تعتبر مصدر إزعاج للكثير من المسلمين الأمريكيين أو المسلمين القادمين للولايات المتحدة منذ أحداث الـ 11 سبتمبر 2001، هل هناك أي تغيير بالنسبة لتأثير هذه القائمة على المسلمين اليوم وفق تقاريركم ودراساتكم؟
نهاد عوض: القائمة الفدرالية للسياح هي عبارة عن نظام اُستحدث في 2003 بعد أحداث الـ 11 سبتمبر 2001، بهدف التنسيق بين وزارة الأمن القومي ووزارة العدل، بتوجيه من إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش بهدف توحيد الجهود لجمع المعلومات حول الإرهاب، ومنذ ذلك الحين أصبحت المضايقات في المطارات الأمريكية، عقيدة أمنية وعقلية متجذرة لم تتغير إلى يومنا هذا.
والمؤسف أن الأمر ازداد سوءا مع وصول الرئيس السابق دونالد ترامب للحكم، فقد فعّل هذه الأجهزة أكثر باتجاه العداء ضد المسلمين، والنتيجة أن الولايات المتحدة اليوم تمتلك قائمة للمشتبه بهم تحتوي على أكثر من مليون وثلاث مائة اسم، نحن في “كير” لدينا نسخة عن هذه القائمة، التي وبعد قراءتنا وتحليلنا لها اكتشفنا أن معظم الأسماء المدونة بها هي أسماء عربية أو مسلمة وأن أكثر اسم متداول هو اسم “محمد”، بناء على هذه النتيجة ومختلف الشكاوى المقدمة لنا، فإن الخطاب السياسي المنمق الذي نسمعه من الإدارة الأمريكية والسياسيين لن يثنينا عن مجهودنا للدفاع عن حقوق وحريات المسلمين الأمريكيين لأننا نريد تحولا جذريا وحقيقيا.
الأيام نيوز: الولايات المتحدة الأمريكية مقبلة على رئاسيات في 2024، والرئيس السابق دونالد ترامب قد أعلن ترشحه لهذه الاستحقاقات، هل ليكم أية معلومات عن الجماعات المناهضة للإسلام التي أعلنت دعمها له لحد الآن؟
نهاد عوض: نحن في مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية نصدر تقارير دورية عن شبكات الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وكلها – تقريبا – تدعم الرئيس السابق دونالد ترامب، وهذا الأخير كذلك قام بتوظيف العديد من الشخصيات المناهضة للإسلام خلال فترته الرئاسية – 11 شخصية – أبرزها كبيير مستشاريه ستيف بانون، مذيعة الأخبار السابقة بقناة فوكس نيوز هيذر نويرت، التي منحها منصب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ومايك بومبيو الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية، وكذلك جون بولتون الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي.
طبعا اليوم وقد أعلن ترشحه لرئاسيات 2024، سيلقى دعما من قبل الكثير من الجماعات والشخصيات المناهضة للإسلام، وهناك من أعلن دعمه له بالفعل، مثل منظمة ” Act For America ” التي تعتبر أكبر جماعة مناهضة للإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية، أسستها سيدة لبنانية الأصل تُدعى حنان قهوجي، التي انتقلت من لبنان إلى الكيان الإسرائيلي وحوّلت اسمها إلى نور سمعان، ثم هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية الثمانينات لتغيّر اسمها مرة أخرى بعد حصولها على الجنسية الأمريكية وتصبح بريجيت غابرييل، ثم أسّست منظمتها المناهضة للإسلام. هذه السيدة دعمت الرئيس السابق دونالد ترامب في حملته الانتخابية عام 2016، وكانت أول المطالبين بترشحه مرة أخرى لرئاسيات 2024، وحين أعلن الترشح سارعت لدعمه.
الأيام نيوز: سؤالي الأخير سيكون حول مشاركة المسلمين الأمريكيين في الحياة السياسية، كيف تابعتم نجاح العديد من الشباب المسلمين في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022؟
نهاد عوض: بعد حالة ترامب واستهدافه للمسلمين بدأنا ندرب المسلمين الأمريكيين على المشاركة السياسية ونقنعهم بأنه لا يمكن أن يدافع أو يعبر عنا أحد كما ندافع ونعبر عن أنفسنا، ولا يمكن أن ندع الآخرين يمثلونا أو يمثلون علينا، وأنه على المسلمين التقدم إلى الأمام، وإبراز دورهم القيادي ومساهماتهم بغض النظر عن الخلفيات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، فالمسلمون في أمريكا يعتبرون من أكثر الأقليات ثقافة وعلما وتقنية وبإمكانهم أن يكونوا في مقدمة من يخدم المجتمع من خلال المناصب السياسية، والحمد لله الكثير من المسلمين الأمريكيين الذين ترشحوا لانتخابات التجديد النصفي نجحوا – 71 ناجح في انتخابات التجديد النصفي – وحوالي 55℅ منهم نجحوا في الانتخابات من أول مرة والعديد منهم كانوا قياديين أو موظفين أو تدربوا في محاضن “كير” السياسية وهذا يعني أن بصمتنا في تطوير المسلمين واضحة، ويعني كذلك أن المسلمين يسيرون في اتجاه واحد وواضح وهو تمثيل أنفسهم وإظهار قدراتهم في القيادة والمشاركة في الحكم.